الثلاثاء، 19 أبريل 2022

رسالة في الرد على الرافضة ( ت النهمي + ت الرشيد ) نسختين المؤلف الشيخ محمد بن عبدالوهاب + محمد عبد الحليم محمد لرد المبين على الشيخ الترابي في ما أنكره من الدين

 




رسالة

في الرد على الرافضة

  تأليف الإمام المجدّد محمد بن عبدالوهاب مع ملحق الآيات المحرّفة عند الرافضة قرأها وعلّق عليها محمد مال الله

إلى العلماء الأجلاء

سماحة الوالد العلامة فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

وفضيلة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

وفضيلة العلامة شيخ المحدثين الشيخ محمد ناصر الدين الألباني

 

راجياً من المولى تبارك وتعالى أن يرحمهم ويجزيهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة وأن يغفر لهم ويحشرهم مع عباده الصالحين 0وأن يجعل ثواب هذا الجهد المتواضع في ميزان حسناتهم 0 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن إقتفى أثره إلى يوم الدين 0

منذ فترة جاوزت العشر سنين حينما كنت ببغداد تفضل بعض الأفاضل بإهدائي صورة من مخطوطة " الرد على الرافضة " للإمام المجدّد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى وجزاه سبحانه وتعالى عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وذلك بغية تحقيقها والتعليق عليها لتتضح الصورة أمام المخدوعين بالشيعة والتشيع فوعدته بالنظر في الموضوع ، ولكن أمام زحمة الأحداث وعدم توفر فرصة ملائمة لهذا الأمر تم تأجيله إلى أن يهيء المولى تبارك وتعالى فرصة أخرى ، وبعد هذه الفترة الطويلة ألح بعض الأخوة بضرورة تحقيق الرسالة والتعليق عليها لاسيما أن كاتبها من الأئمة الأعلام الذين إنتفعت بدعوته المباركة مشارق الأرض ومغاربها ، فاستخرت الله تعالى وقمت بقراءة الرسالة قراءة فاحصة متأنية فوجدت أن الحاجة تستدعي ضرورة الإسراع بالتحقيق والتعليق لا سيما في ظل الدعوات المتهالكة من أجل التقريب بين المسلمين والرافضة ، وقد سلك الإمام رحمه الله تعالى في بحثه عن الرافضة مسلك الباحث الموضوعي الذي إعتمد في كل جزئية تناولها على مراجع الرافضة وذلك شأن المنصفين ، ولا غرو في ذلك فهو رحمه الله تعالى سلك مسلك أئمة السلف في الرد على المخالفين لا سيما وأن الإمام قد تأثر إلى حد كبير بمنهج الإمامين العظيمين : إبن تيمية وتلميذه إبن القيم رحمهما الله تعالى ، فجاءت كتابته عن الرافضة سديدة وموثقة ، وقد شرعت بالتعليق على الرسالة في الخامس عشر من شهر ربيع الأول عام ألف وأربعمائة وواحد عشرين وإنتهيت منها بفضل الله تعالى في العشرين من ذي الحجة من نفس العام فلله تعالى الحمد والمنة ، وعملي ينحصر في التعليق على بعض المواضع المهمة في الرسالة أو المطالب التي أعتقد أنها بحاجة إلى مزيد من الإيضاح ، وإعتمدت على النسخة التي حققها فضيلة الأستاذ الدكتور ناصر بن سعد الرشيد جزاه الله خيراً على إخراج رسالة الإمام رحمه الله تعالى وقد استفدت كثيراً من تعليقاته على الرسالة ، وربما يعترض بعض القراء على إثقال الهوامش بالتعليقات ، والحقيقة أن ذلك مرده ضرورة البيان والتفصيل لا المباهاة وتسويد الصفحات والله تعالى أعلم بالنيات0 ولتمام الفائدة ألحقت بهذه الرسالة ملحقاً ذكرت فيه الآيات المحرّفة عند الرافضة من واقع مراجعهم لئلا يتبجح أحد أن الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى افترى على الرافضة بدعوى تحريف القرآن ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين 0

أبو عبدالرحمن  / محمد مال الله

22/12/1421هـ


 

Folded Corner: لمحات من حياة الإمام محمد بن عبدالوهاب
ودعوته المباركة

 

 

 

 


الدعوة السلفية رائدة الحركات الإسلامية التي ظهرت ابان عهود التخلف والجمود الفكري في العالم الإسلامي تدعو إلى العودة بالعقيدة الإسلامية إلى أصولها الصافية وتلح على تنقية مفهوم التوحيد مما علق به من أنواع الشرك 0

ومن أئمة الدعوة السلفية الإمام المجدّد الشيخ محمد بن عبدالوهاب (1115- 1206هـ ) ولد ببلدة العيينة القريبة من الرياض ، وتلقى علومه على والده دارساً شيئاً من الفقه الحنبلي والتفسير والحديث حافظاً للقرآن الكريم وعمره عشر سنين0

ذهب إلى مكة حاجاً ثم سار إلى المدينة المنورة ليتزود بالعلم الشرعي وفيها التقى بشيخه محمد حياة السندي ( ت 1165هـ ) صاحب الحاشية على صحيح البخاري وكان تأثره به عظيماً 0

عاد إلى العيينة ثم توجه إلى العراق عام 1136هـ ليزور البصرة وبغداد والموصل ، وفي كل مدينة منها كان يتلقى بالمشايخ والعلماء ويأخذ عنهم 0

غادر البصرة إلى الإحساء ثم إلى حريملاء حيث إنتقل اليها والده الذي يعمل قاضياً وفيها بدأ ينشر الدعوة إلى التوحيد جاهراً بها وذلك سنة 1143 هـ ، لكنه ما لبث أن غادرها بسبب تآمر نفر من أهلها عليه لقتله 0

توجه إلى العيينة وعرض دعوته على أميرها " عثمان بن معمر " الذي قام معه بهدم القبور والقباب وأعانه على رجم امرأة زانية جاءته معترفة بذلك 0

توجه إلى الدرعية مقر إمارة آل سعود ونزل ضيفاً على محمد بن سويلم العريني عام 1158هـ حيث أقبل عليه التلاميذ وأكرموه 0

الأمير محمد بن سعود الذي حكم الفترة 1139 - 1179 هـ علم بمقدم الشيخ فجاءه مرحباً به وعاهده على حمايته وتأييده 0

مضى الأمير والشيخ في نشر الدعوة في ربوع نجد ، ولما توفي الأمير خلفه إبنه عبدالعزيز بن محمد ليتابع مناصرة الدعوة مع الشيخ الذي توفاه الله بالدرعية ودفن فيها 0

ويمكننا تلخيص السمات الفكرية والعقائدية لهذه الدعوة المبارة بالآتي :

كان الشيخ المؤسس حنبلي المذهب في دراسته لكنه لم يكن يلتزم ذلك في فتواه إذا ترجّح لديه الدليل فيما يخالفه ، وعليه فإن الدعوة السلفية إتسمت بأنها لا مذهبية في أصولها حنبلية في فروعها 0

دعت إلى فتح الإجتهاد بعد أن ظل مغلقاً منذ سقوط بغداد 656هـ 0

أكدت على ضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة وعدم قبول أي أمر في العقيدة ما لم يستند إلى دليل مباشر 0

إعتمدت منهج أهل السنة والجماعة في فهم الدليل والبناء عليه 0

دعت إلى تنقية مفهوم التوحيد مطالبة المسلمين بالرجوع به إلى ما كان عليه المسلمون في الصدر الأول للإسلام 0

لقد عملت هذه الدعوةعلى إيقاظ الأمة الإسلامية فكرياً بعد أن رانت عليها سجف من التخلف والخمول والتقليد الأعمى 0

العناية بتعليم العامة وتفتيح أذهان المثقفين منهم ولفت أنظارهم إلى البحث والدليل ودعوتهم إلى التنقيب في بطون أمهات الكتب والمراجع قبل قبول أية فكرة فضلاً عن تطبيقها 0

للشيخ مصنفات كثيرة أهمها ( كتب التوحيد فيما يجب من حق الله على العبيد ) ( كتاب الإيمان ) ( كشف الشبهات ) آداب المشي إلى الصلاة ) وقد أحسن القائمون على جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض حينما أهدوا إلى المسلمين عامة " مجموعة مؤلفات الإمام بن عبدالوهاب " ونتمنى على القائمين على الجامعة بأن يعيدوا طباعة مجموعة مؤلفات الإمام مع الإهتمام بالتحقيق اللائق بتلك الأسفار العظيمة 0

لقد ترسم الشيح رحمه الله تعالى في دعوته أعلاماً ثلاثة استن طريقتهم وهم الإمام أحمد وإبن تيمية وإبن قيم الجوزية رحمهم الله تعالى وغفر لهم ، وكانت دعوته صدى لأفكارهم وترجمة لأهدافهم في واقع عملي 0

رحم الله الإمام محمد بن عبدالوهاب وجزاه الله تعالى عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأن يوفق علمائنا المعاصرين بالعمل على نشر دعوته المباركة لينتفع بها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها 0

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي جعلنا من أهل السنة والصلاة والسلام على عبده الذي اكمل علينا به المنة وعلى آله وأصحابه الذين حبهم وإتباع آثارهم أقوى جنّة ، أما بعد :

فهذا مختصر مفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب تغمده الله بالرحمة والرضوان في بعض الرافضة الذين رفضوا سنة حبيب الرحمن ، واتبعوا في غالب أمورهم خطوات الشيطان فضلوا وأضلوا عن كثير من موجبات الإيمان بالله وسعوا في البلاد بالفساد والطغيان يتولون أهل النيران ويعادون أصحاب الجنان ، نسأل الله العفو عن الافتتان من قبائحهم .

 

مطلب الوصية بالخلافة

 

إن مفيدهم قال في كتابه روضة الواعظين : " إن الله أنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد توجهه إلى المدينة في الطريق في حجة الوداع فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك : إنصب علياً للإمامة ونبّه أمتك على خلافته 0 فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أخي جبريل إن الله بغّض أصحابي لعلي ، إني أخاف منهم أن يجتمعوا على إضراري فاستعف لي ربي 0فصعد جبريل وعرض جوابه على الله تعالى 0 فأنزله الله تعالى مرة أخرى 0 وقال النبي صلى الله عليه وسلم مثلما قال أولاً0 فاستعفى النبي صلى الله عليه وسلم كما في المرة الأولى 0 ثم صعد جبريل فكرّر جواب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله تكرير نزوله معاتباً له مشدّداً عليه بقوله : ) يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ( فجمع أصحابه وقال : يا أيها الناس إن علياً أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين ، ليس لأحد أن يكون خليفة بعدي سواه ، من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه 0 انتهى 0

فانظر أيها المؤمن إلى حديث هؤلاء الكذبة الذي يدل على إختلاقه ركاكة ألفاظه وبطلان أغراضه ولا يصح منه إلا من كنت مولاه ، ومن إعتقد منهم صحة هذا فقد هلك ، إذ فيه إتهام المعصوم قطعاً من المخالفة بعدم إمتثال أمر ربه إبتداءاً وهو نقص ، ونقص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كفر () ، وأن الله تعالى اختار لصحبته من يبغض أجلّ أهل بيته ، وفي ذلك ازدراء بالنبي صلى الله عليه وسلم

ومخالفة لما مدح الله به رسوله وأصحابه من أجل المدح، قال الله تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما ) وإعتقاد ما يخالف كتاب الله والحديث المتواتر كفر ، وأنه صلى الله عليه وسلم خاف إضرار الناس وقد قال الله تعالى : ( والله يعصمك من الناس ) قبل ذلك كما هو معلوم بديهة وإعتقد عدم توكله على ربه فيما وعده نقص ، ونقصه كفر وإن فيه كذباً على الله تعالى ) ومن أظلم ممن إفترى على الله كذباً( وكذباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن إستحل ذلك فقد كفر ، ومن يستحل ذلك فقد نفسق، وليس في قوله : من كنت مولاه ، أن النص على خلافته متصله ، ولو كان نصاً لادّعاها علي رضي الله عنه لأنه أعلم بالمراد، ودعوى إدّعائها باطل ضرورة ، ودعوى علمه يكون نصاً على خلافته وترك إدعائها تقية أبطل من أن يبطل 0

وما أقبح ملة قوم يرمون إمامهم بالجُبن والخور والضعف في الدين مع أنه أشجع الناس وأقواهم0

 

مطلب إنكار خلافة الخلفاء

 

ومنها إنكارهم صحة خلافة الصدّيق رضي الله عنه ،وإنكارها يستل تفسيق من بايعه واعتقد خلافته حقاً ، وقد بايعه الصحابة رضي الله عنهم حتى أهل البيت كعلي رضي الله عنه ، وقد اعتقدها حقاً جمهور الأمة ، واعتقاد تفسيقهم يخالف قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أُخرجت للناس ) إذ أي خير في أمة يخالف أصحاب نبيها إياه ويظلمون أهل بيته بغصب أجلّ المناصب ويؤذونه بإيذائهم ويعتقد جمهورها الباطل حقاً ( سبحانك هذا بهتان عظيم )0 ومن إعتقد ما يخالف كتاب الله فقد كفر ، والأحاديث في صحة خلافة الصدّيق وإجماع الصحابة وجمهور الأمة على الحق أكثر من أن تُحصر ، ومن نسب جمهور أصحابه صلى الله عليه وسلم إلى الفسق والظلم ، وجعل إجتماعهم على الباطل فقد إزدرى بالنبي صلى الله عليه وسلم وإزدراؤه كفره ، ما أضيع صنيع قوم يعتقدون في جمهور النبي صلى الله عليه وسلم الفسق والعصيان والطغيان ، مع أن بديهة العقل تدل على أن الله تعالى لا يختار لصحبة صفيّه ونصرة دينه إلا الأصفياء من خلقه ، والنقل المتواتر يؤيد ذلك - فلو كان في هؤلاء القوم خير لما تكلموا في صحب النبي صلى الله عليه وسلم وأنصار دينه إلا بخير ، لكن الله أشقاهم

 

فخذلهم بالتكلم في أنصار الدين كل ميسر لما خلق له 0عن علي رضي الله عنه قال: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله استخلف علينا 0 قال : إن يعلم الله فيكم خيراً يول عليكم خيركم 0 فقال علي رضي الله عنه : فعلم الله فينا خيراً فولّى علينا خيرنا أبا بكر رضي الله عنه 0 رواه الدار قطني 0

وهذا أقوى حجة على من يدّعي موالاة علي رضي الله عنه، وعن جُبير بن مطعم قال : " أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع اليه ، فقالت : إن جئت ولم أجدك - كأنها تقول الموت - ، قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر" رواه البخاري ومسلم 0

وعن إبن عباس رضي الله عنه قال : جاءت إمرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله شيئاً ، فقال : تعودين ، فقالت : يا رسول الله إن عدت فلم أجدك - تعرض بالموت - ، فقال : إن جئت فلم تجديني فأتي أبا بكر فإنه الخليفة بعدي " رواه إبن عساكر 0

وعن إبن عمر رضي الله عنهما قال :" سمعت رسول الله يقول : يكون خلفي إثنا عشر خليفة ، أبو بكر لا يلبث إلا قليلا " رواه البغوي بسند حسن 0

وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما " رواه أحمد والترمذي وحسنه ابن ماجة والحاكم وصححه ورواه الطبراني عن أبي الدرداء والحاكم عن ابن مسعود 0

 

وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لا أدري بقائي فيكم ، فاقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وتمسكوا بهدي عمار وما حدثكم إبن مسعود فصدقوه " رواه أحمد وغيره 0

 

وعن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وإهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد إبن مسعود " رواه إبن عدي 0وعنه: بعثني بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسأله إلى من ندفع صدقاتنا بعدك 0 فقال : إلى أبي بكر 0 رواه الحاكم وصححه 0 وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله إلا أبابكر0 رواه مسلم وأحمد0 وهذا الحديث يُخرج من يأبى

 

خلافة الصديق عن المؤمنين 0 عن علي رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سألت الله أن يقدمك ثلاثاً فأبى الله إلا تقديم أبي بكر " وفي رواية زيادة " ولكني خاتم الأنبياء وأنت خاتم الخلفاء" رواه الدار قطني والخطيب وإبن عساكر 0 وعن سفينة قال : لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وضع في البناء حجراً وقال لأبي بكر : ضع حجرك إلى جنب حجري 0 ثم قال لعمر : ضع حجرك إلى جنب حجر أبي بكر 0 ثم قال : هؤلاء الخلفاء بعدي " رواه إبن حبان ، قال أبو زرعة : إسناده قوي لا بأس به ، والحاكم وصححه والبيهقي 0

روي في تفسير قوله تعالى ( وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه ) الإخبار بخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قيل يشير إلى خلافة الصديق رضي الله عنه قوله تعالى ( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم أصحاب النار هم فيها خالدون ) لأنه هو الذي جاهد أهل الردة 0 قوله تعالى ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أُولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) الآية ، لأنه هو الذي باشر قتال بني حنيفة الذين كانوا من أشد الناس حين إرتدوا ، وقوله تعالى ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ) وقد مكن الإسلام بأبي بكر وعمر فكانا خليفتين حقين لوجود صدق وعد الله وما صح من قوله صلى الله عليه وسلم " الخلافة بعدي ثلاثون " وفي بعض الروايات " خلافة رحمة" ، وفي بعضها " خلافة النبوة " وما صح من أمره صلى الله عليه وسلم أبا بكر في مرض موته بإمامة الناس وهذا التقديم من أقوى إمارات حقيقة خلافة الصديق وبه إستدل أجلاء الصحابة كعمر وأبي عبيدة وعلي رضي الله عنهم أجمعين ، فهذه وما شاكلها تسوّد وجوه الرافضة والفسقة المنكرين خلافة الصديق رضي الله عنه 0

 

مطلب دعواهم إرتداد الصحابة رضي الله عنهم

 

منها أنه روى الكشي منهم وهو عندهم أعرفهم بحال الرجال وأوثقهم في رجاله وغيره عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وحاشاه من ذلك أنه قال : " لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتد الصحابة كلهم إلا أربعة : المقداد و حذيفة وسلمان وأبو ذر رضي الله عنهم 0 فقيل له : كيف حال عمار بن ياسر ؟0 قال : حاص حيصة ثم رجع " هذا العموم المؤكد يقتضي إرتداد علي وأهل البيت

 

، وهم لا يقولون بذلك ، وهذا هدم لأساس الدين لأن أساسه القرآن والحديث ، فإذا فرض إرتداد من أخذ من النبي صلى الله عليه وسلم إلا النفر الذين لا يبلغ خبرهم التواتر وقع الشك في القرآن والأحاديث ، نعوذ بالله من إعتقاد يُوجب هدم الدين 0 وقد إتخذ الملاحدة كلام هؤلاء الرافضة حجة لهم فقالوا : كيف يقول الله تعالى ( كنتم خير أمة أُخرجت للناس ) وقد ارتدوا بعد وفاة نبيهم إلا نحو خمسة أو ستة أنفس منهم لامتناعهم من تقديم أبي بكر على علي وهو الموصى به 0

فانظر إلى كلام هذا الملحد تجده من كلام الرافضة ، فهؤلاء أشد ضرراً على الدين من اليهود والنصارى ، وفي هذه الهفوة الفساد من وجوه: فإنها تُوجب إبطال الدين والشك فيه ، وتجوّز كتمان ما عُورض به القرآن ، وتجوّز تغيير القرآن ، وتخالف قوله تعالى ( رضي الله عن المؤمنين ) وقوله تعالى ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) وقوله في من آمن قبل الفتح وبعده ( وكلاً وعد الله الحسنى ) وقوله في حق المهاجرين والأنصار ( أولئك هم الصادقون ) ، ( وأولئك هم المفلحون ) وقوله ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونا شهداء على الناس ) وقوله ( كنتم خير أمة أُخرجت للناس ) وغير ذلك من الآيات والأحاديث الناصة على أفضلية الصحابة وإستقامتهم على الدين ، ومن إعتقد ما يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد كفر ، ما أشنع مذهب قوم يعتقدون إرتداد من إختاره الله لصحبة رسوله ونصرة دينه 0

 

مطلب دعواهم نقص القرآن

 

ومنها ما ذكروه في كتبهم الحديثية والكلامية أن عثمان رضي الله عنه نقص من القرآن ، فإنه كان في سورة " ألم نشرح " بعد قوله تعالى ( ورفعنا لك ذكرك ) وعلياً صهرك ، فأسقطها بحسد إشتراك الصهرية، قالوا وكانت سورة الأحزاب مقدار سورة الأنعام ، فأسقط عثمان منها ما كان في فضل القربى 0 قيل أظهروا في هذه الأزمنة سورتين يزعمون أنهما من القرآن الذي أخفاه عثمان كل سورة مقدار جزء وألحقوهما بآخر المصحف ، سموا إحداهما سورة النورين وأخرى سورة الولاء 0

يلزم من هذا تكفير الصحابة حتى علي حيث رضوا بذلك فهي كالتي قبلها في المفاسد وتكذيب قوله تعالى : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) وقوله ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ومن اعتقد عدم صحة حفظه من الإسقاط واعتقد ما ليس منه فقد كفر ، ويلزم من هذا رفع الوثوق بالقرآن كله ، وهو يؤدي إلى هدم الدين ، ويلزمهم عدم الإستدلال به والتعبد بتلاوته إحتمال التبدّل ، ما أخبث قول قوم يدهم دينهم ، روى البخارى أنه قال إبن عباس ومحمد بن الحنفية : "ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين " 0

 

مطلب السب

 

ومنها إيجابهم سب الصحابة لاسيما الخلفاء الثلاثة نعوذ بالله ، رووا في كتبهم المعتبرة عندهم عن رجل من أتباع هشام الأحول أنه قال : كنت يوماً عند أبي عبد الله جعفر بن محمد فجاءه رجل خياط من شيعته وبيده قميصان ، فقال : يا ابن رسول الله خطت أحدهما وبكل غرزة إبرة وحدت الله الأكبر وبكل غرزة لعن الأبعد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ثم نذرت لك ما أحببته لكمنهما فما تحبه خذه وما لا تحبه رده 0 فقال الصادق :أحب ما تم بلعن أبي بكر وعمر واردد اليك الذي خيط بذكر الله الأكبر 0

فانظر إلى هؤلاء الكذبة الفسقة ماذا ينسبون إلى أهل البيت من القبائح حاشاهم ، قال الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) فإذا لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً فمن يكون غيرهم ؟ 0

وقال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) فإذا لم يكن أصحابه من خيرهم فمن يكون سواهم ؟ 0 وقال : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين إتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) 0 ومن سب من رضي الله عنه فقد حارب الله ورسوله ، وقال : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) وكيف يسب من رضي عنه مولاه واصطفاه ، وقال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) كيف يجوز سب من يمدحه ربه 0وقال تعالى : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى ) ومن وعده سيده الجنة كيف يسب ؟0 وقال تعالى : ( للفقراء الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ) وقال في الأنصار : (  فأولئك هم المفلحون ) 0 والقرآن مشحون من مدح الصحابة رضي الله عنهم فمن سبهم فقد

 

خالف ما أمر الله من إكرامهم ومن إعتقد السوء فيهم كلهم أو جمهورهم فقد كذّب الله تعالى فيما أخبر من كمالهم وفضائلهم ومكذّبه كافر 0 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النجوم أمنة السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما تُوعد ، وأنا أمنة لأصحابي ، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي ، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يُوعدون " رواه مسلم  0

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خير أمتي قرني ثم الثاني ثم الثالث ، وخير أمتي أولها وآخرها وفي وسطها الكدر" رواه الحاكم والترمذي  ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن الله يفتح على الناس ببركة الصحابة ، وعن أبي سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً ما أدرك مدّ أحدهم أو نصيفه " رواه مسلم وغيره 0وعن عمر رضي الله عنه يقول : " لا تنسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره " رواه ابن ماجة 0وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لعل الله اطلّع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد وجبت لكم الجنة أوقد غفرت لكم " 0وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يدخل النار من حضر الحديبية إن شاء الله  "، وقد روي بطرق إسناد بعضها رجال الصحيح غير واحد وهو ثقة قال : " لا تسبوا أصحابي لعن الله من سب أصحابي " ، وقد روي بأسانيد بعضها حسن عن ابن عباس قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده علي رضي الله عنه " يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلون حب أهل البيت لهم نبز يسمون الرافضة قاتلوهم فإنهم مشركون " وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كمال الصحابة رضي الله عنهم خصوصاً الخلفاء الراشدين ، فإن ما ذكر في مدح كل واحد مشهور بل متواتر لأن نقلة ذلك أقوام يستحيل تواطؤهم على الكذب ويفيد مجموع أخبارهم العلم اليقيني بكمال الصحابة وفضل الخلفاء 0

فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم والأحاديث المتواترة بمجموعها ناصّة على كمالهم فمن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم وإرتدادهم وإرتداد وعظمهم عن الدين أو اعتقد سبهم وإباحته أو سبهم مع إعتقاد حقية سبهم أو حلّيته فقد كفر بالله تعالى ورسوله فيما أخبر من فضائلهم وكمالاتهم المستلزمة لبراءتهم عما يوجب الفسق والإرتداد وحقية السب وإباحته ومن كذبهما فيما ثبت قطعاً صدوره فقد كفر ، والجهل بالمتواتر القاطع ليس بعذر وتأويله وصرفه من غير دليل معتبر غير مفيد كمن أنكر فرضية الصلوات الخمس جهلاً لفرضيتها فإنه بهذا الجهل يصير كافراً وكذا لو

 

أوّلها على غير المعنى الذي نعرفه فقد كفر لأن العلم الحاصل من نصوص القرآن والأحاديث الدالة على فضهلم قطعي ، ومن خصّ بعضهم بالسب فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله كالخلفاء فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر لتكذيبه ما ثبت قطعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكذبه كافر ، وإن سبّه من غير إعتقاد حقية سبه أو إباحته فقد تفسّق لأن سباب المسلم فسوق ، وقد حكم بعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقاً والله أعلم ، وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله فالظاهر أن سابه فاسق إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك كفر ، وغالب هؤلاء الرافضة الذين يسبون الصحابة لا سيما الخلفاء يعتقدون حقية سبهم أو إباحته بل وجوبه لأنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى حيث يرون ذلك من أجلّ أمور دينهم كما نقل عنهم () ما أضل عقول قوم يتقربون إلى الله تعالى بما يوجب لهم خسران الدين والله الحافظ 0

هذا وإني لا أعتقد كفر من كان عند الله مسلماً ولا إسلام من كان عنده كافراً بل أعتقد من كان عنده كافراً كافراً ، وما صح عن العلماء من أنه لا يكفر أهل القبلة فمحمول على من لم يكن بدعته مكفرة لأنهم اتفقت كلمتهم على تكفير من كانت بدعته مكفرة ، ولا شك أن تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه قطعاً كفر ، والجهل في مثل ذلك ليس بعذر والله أعلم 0

 

مطلب التقية

 

ومنها إيجابهم التقية ، ورووا عن الصادق رضي الله عنه : " التقية ديني ودين آبائي" حاشاه من ذلك 0 وفسّر بعضهم قوله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) أكثركم تقية وأشدكم خوفاً من الناس  وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من فسّر القرآن برأيه فقد كفر "  ونقل علماؤهم عن أحد ثقاتهم أنه قال : " إن جعفر الصادق رضي الله عنه نام ليلة عندنا في خلوته الخاصة ، ولم يكن عنده إلا من نشك في تشيعه ، فقام للتهجد فتوضأ ماسحاً أُذنيه غاسلاً رجليه وصلّى ساجداً على اللبد عاقداً يديه ، فكنا نقول لعل الحق ذلك ، حتى سمعنا صيحة ، فرأينا رجلاً ألقى بنفسه يقبلهما ويبكي ويعتذر ، فسئل عن حاله فقال : كان الخليفة وأركان دولته يشكّون فيك وأنا كنت من جملتهم فتهدت بالفحص عن مذهبك وقد انتهزت الفرصة مدة مديدة حتى ظفرت هذه الليلة بأن دخلت الدار واختفيت ولم يطلع علّي أحد ، فالحمد الذي أذهب ذلك عني وحسُن إعتقادي يا إبن بنت رسول

 

الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يبقني على سوء ظني ، قال الشيخ : فعلمنا أن الله لا يُخفي عن المعصوم شيئاً وعلمنا أن هذه كانت تقية منه 00 انتهى 0

والمفهوم من كلامهم أن معنى التقية عندهم كتمان الحق أو ترك اللازم أو إرتكاب المنهي خوفاً من الناس ، والله أعلم 0فانظر إلى جهل هؤلاء الكذبة ، وبنوا على هذه التقية المشئومة كتم علي نص خلافته ومبايعة الخلفاء الثلاثة وعدم تخليص حق فاطمة رضي الله عنها من إرثها على زعمهم وعدم التعرّض لعمر حين إغتصب بنته من فاطمة وغير ذلك ، قالوا فعل ذلك تقية قبحهم الله ، وقد وردت نصوص كثيرة عن علي وأهل بيته دالة على براءتهم عنها وإنما إفتراها عليهم الرافضة لترويج مذهبهم الباطل ، وهذا يقتضي عدم الوثوق بأقوال أئمة أهل البيت وأفعالهم لإحتمال أنهم قالوها أو فعلوها تقية ، وإن أرادوا بقوله " ودين آبائي " النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده ، فقد جوّزوا عليه عدم تبليغ ما أمره الله تبليغه خوفاً من الناس ، ومخالفة أمر الله في أقواله وأفعاله خوفاً منهم ويلزم من هذا عدم الوثوق بنبوته ، حاشاه عن ذلك ، ومن جوّز عليه ذلك فقد نقصه ، ونقص الأنبياء كفر ، ما أشنع قول قوم يلزم منه نقص أئمتهم المبرئين من ذلك 0

 

مطلب سبهم عائشة رضي الله عنها المبرأة

 

ومنها نسبتهم الصديقة الطيبة المبرأة عما يقولون إلى الفاحشة  وقد شاع في هذه الأزمنة بينهم ذلك كما نقل عنهم ، قال تعالى : ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب أليم لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإن لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم 0 يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات

 

الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم ) وقال تعالى : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرأون مما يقولون لهم معفرة ورزق كريم ) 0

وقد روى عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وإبن جرير وإبن المنذر وإبن أبي حاتم وإبن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها أنها المبرأة من هذه الآيات0 وروى سعيد ابن منصور وأحمد والبخاري وابن المنذر وإبن مردويه عن أم رومان رضي الله عنها ما يدل أن عائشة رضي الله عنها هي المبرأة المقصودة بهذه الآيات ، وروى البزار وإبن مردويه بسند حسن عن أبي هريرة ما يوافق ما تقدم ، وروى ابن مردويه والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه مثلما سبق ، وروى الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما ما يطابق السابق ، وروى ابن مردويه والطبراني عن أبي إياس الأنصاري ما يوافق ما تقدم ، وروى ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير ما يوافق ما تقدم ، وروى الطبراني عن الحكم بن عتيبة مثل ذلك ، وروى عن عبد الله بن الزبير ما يوافقه ، وروى عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة ابن وقاص وعبد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود وعمرة بنت عبد الرحمن وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وسلمة بن عبد الرحمن بن عوف والقاسم ابن محمد بن أبي بكر والأسود بن يزيد وعباد بن عبد الله ابن الزبير ومقسم مولى ابن عباس وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها مثله  ، وكونها هي المبرأة المرادة من الآيات مشهور بل متواتر ، فإذا عرفت هذا فاعلم أنه من قذفها بالفاحشة مع إعتقاده أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها بقيت في عصمته بعد هذه الفاحشة فقد جاء بكذب ظاهر واكتسب الإثم واستحق العذاب وظن بالمؤمنين سوءاً وهو كاذب وأتى بأمر ظنه هيناً وهو عند الله عظيم ، وإتهم أهل بيت النبوة بالسوء ومن هذا الإتهام يلزم نقص النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن نقصه فكأنما نقص الله ، ومن نقص الله ورسوله فقد كفر وهو بفعله هذا خارج عن أهل الإيمان ومتبع لخطوات الشيطان وملعون في الدنيا والآخرة ومكذّب الله في قوله تعالى: ( والطيبات للطيبين ) الآية 0 ومن كذّب الله فقد كفر ، ومن قذفها مع زعمه أنها لم تكن زوجته أو لم تبق في عصمته بعد

 

هذه الفاحشة فإن قلنا : إنه ثبت قطعاً أنها هي المرادة بهذه الآيات وهوالظاهر يلزم من قذفها ما تقدم من القبائح ، والحاصل أن قذفها كيفما كان يُوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عما يقول القاذف فيها ، وقد قال بعض المحققين من السادة : " وأما قذفها الآن فهو كفر وإرتداد ولا يكتفي فيه بالجلد لأنه تكذيب لسبع عشرة آية من كتب الله كما مر فيُقتل ردة وإنما اكتفى صلى الله عليه وسلم بجلدهم أي من تحذفها في زمنه مرة أو مرتين لأن القرآن ما كان أنزل في أمرها فلم يكذبوا القرآن وأما الآن فهو تكذيب للقرآن ، أما نتأمل في قوله تعالى : ( يعظكم الله أن تعودوا لمثله ) الآية ، ومكذّب القرآن كافر فليس له إلا السيف وضرب العنق " انتهى 0 ولا يخالف هذا قوله : ( ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا) الآية  لأنه روى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وإبن أبي الدنيا في الصمت وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : ( فخانتاهما ) : أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس إنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل على الضيف فتلك خيانتهما  ، وروى ابن عساكر عن أشرس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما بغت امرأة نبي قط " وروى إبن جرير عن مجاهد :" لا ينبغي لامرأة كانت تحت نبي أن تفجر" ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة كما صح ذلك عنه فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين ولسان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن آذاني في أهلي "  ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما إكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا ) فأين أنصار دينه ليقولوا نحن نعذرك يارسول الله فيقومون بسيوفهم إلى هؤلاء الأشقياء الذين يكذّبون الله ورسوله ويؤذونهما والمؤمنين فيبيدونهم ويتقربون بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستوجبون بذلك شفاعتهم ، اللهم إنا نبرأ اليك من قول هؤلاء المطرودين 0

مطلب تكفير من حارب علياً

 

ومنها تكفير من حارب علياً رضي الله عنه ، مرادهم بذلك عائشة وطلحة والزبير وأصحابهم ومعاوية وأصحابه ، وقد تواتر منه صلى الله عليه وسلم ما يدل على إيمان هؤلاء وكون بعضهم مبشراً بالجنة ، وفي تكفيرهم تكذيب لذلك فإن لم يصيروا كفرة بهذا التكذيب فلا شك أنهم يصيرون فسقة وذلك يكفي في خسارتهم في تجارتهم 0

 

مطلب إستهانتهم بأسماء الصحابة

 

ومنها إستهانتهم بأسماء الصحابة ولاسيما العشرة وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على وجوب تعظيمهم وإكرامهم ، وقد أرشد الله تعالى إلى ذلك في مواضع من كتابه ، ويلزم من إهانة هؤلاء إياهم إستخفافهم لذلك عندهم ، ومن إعتقد منهم ما يُوجب إهانتهم فقد كذّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر من وجوب إكرامهم وتعظيمهم ، ومن كذّبه فيما ثبت عنه قطعاً فقد كفر 0

ومن عجب أنهم يتجنبون التسمية بأسماء الأصحاب ويسمون بأسماء الكلاب فما أبعدهم عن الصواب وأشبههم بأهل الضلال والعقاب 0

 

مطلب إنحصار الخلافة في إثني عشر

 

ومنها دعواهم إنحصار الخلافة في إثني عشر فإنهم كلهم بالنص والابصار عمن قبله  وهذه دعوى بلا دليل مشتملة على كذب فبطلانها أظهر من أن يبين ويتوسلون بها إلى بطلان خلافة من سواهم ، في ذلك تكذيب لنصوص واردة في خلافة الخلفاء الراشدين وخلافة قريش .

 

 

 

مطلب العصمة

 

ومنها إيجابهم العصمة للإثني عشر بناء على أن العصمة عندهم شرط في الإمامة وبطلان هذا أظهر ويلزم من إعتقادهم هذا مشاركة الأئمة الإثني عشر الأنبياء في وصف العصمة ، فإن قلنا : إنها مخصوصة بهم لا يوجد في غيرهم أو لا تلزم لغيرهم فإثباتها للأئمة جرم جسيم ، قال في التجريد :" الإمام لطف فيجب نصبه على الله تحصيلاً للغرض " 0 قال شارحه  " : اختلفوا في أن الإمام هل يجب أن يكون معصوماً أم لا ، فذهبت الإمامية والإسماعيلية إلى وجوبه والباقون بخلافه " ثم قال في المتن وإمتناع التسلسل : " يوجب عصمة الإمام إلى آخر ما ذكر والظاهر أن إيجاب العصمة لأئمتهم من اكذابهم وإفترائهم لم يرد به دليل من الكتاب ولا من السنة ولا من الإجماع ولا من القياس الصحيح ولا من العقل السليم قاتلهم الله أنى يؤفكون " 0

 

مطلب فضل الإمام علي رضي الله عنه

 

ومنها : أنه قال ابن المطهر الحلي : " اجتمعت الإمامية على أن علياً بعد نبينا أفضل من الأنبياء غير أولي العزم وفي تفضيله عليهم خلاف قال وأنا من المتوقفين في ذلك وكذلك الأئمة من آله" 0 وقال الطوسي في تجريده:" وعلي أفضل الصحابة لكثرة جهاده إلى أن قال : وظهور المعجزات عنه وإختصاصه بالقرابة والأخوة ووجوب المحبة والنصرة ومساواة الأنبياء انتهى " وقال الشارح  " ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم :" من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى ابراهيم في حلمه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي بن أبي طالب " فإنه أوجب مساواته الأنبياء في صفاتهم انتهى " 0 وفي صحة هذا نظر ، وبعد فرض صحته لا يوجب المساواة لأن المشاركة في بعض الأوصاف لا تقتضي المساواة كما هو بديهي ، ومن اعتقد في غير الأنبياء كونه أفضل منهم ومساوياً لهم فقد كفر ، وقد نقل على ذلك الإجماع غير واحد من العلماء ، فأي خير في قوم إعتقادهم يوجب كفرهم 0

 

 

مطلب نفي ذرية الحسن رضي الله عنه

 

ومنها : أن الحسن بن علي لم يعقب وأن عقبه انقرض وأنه لم يبق من نسله المذكور أحد ، وهذا القول شائع فيهم وهم مجمعون عليه ولا يحتاج إلى إثباته كذا قيل ، ومنهم من يدعي أن الجاج مثلهم كلهم وتوصلوا بذلك إلى أن يحصروا الإمامة في أولاد الحسين ، ومنهم في إثني عشر وأن يبطلوا إمامة من قام بالدعوة من آل الحسن مع فضلهم وجلالتهم واتفاقهم بشروط الإمامة ومبايعة الناس لهم وصحة نسبتهم ووفور علمهم بحيث أنهم كلهم بلغوا درجة الإجتهاد المطلق فقاتلهم الله أنى يؤفكون ، انظر إلى هؤلاء الأعداء لآل البيت المؤذين رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة بإنكار نسب من يثبت قطعاً أنه من ذرية الحسن رضي الله عنه وثبوت نسب ذريته متواتر لا يخفى على ذي بصيرة ، وقد عدّ صلى الله عليه وسلم الطعن في الأنساب من أفعال الجاهلية ، وقد ورد ما يدل على أن المهدي من ذرية الحسن رضي الله عنه كما رواه أبو داود وغيره 0

 

مطلب خلافهم في خروج غيرهم من النار

 

ومنها أنه قال الحلي في شرح التجريد : " اختلف الأئمة في غير الاثنى عشرية من الفرق الإسلامية هل يخرجون من النار ويدخلون الجنة أم يخلدون فيها بأجمعهم قال : والأكثرون على الثاني ، وقال شرذمة بالأول ، وقال ابن نوبخت  : يخرجون من النار ولا يدخلون الجنة بل هم بالأعراف 0 انتهى 0 وهذا مبني على مذهبهم اعتقادهم أهل الجنة كفاراً أوفساقاً مع إعتقادهم أن الفاسق لا يخرج من النار أبداً ، وهذا يستلزم تكذيب ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من إخراج عصاة الموحدين من النار وما ورد في فضل السواد الأعظم الذين هم أهل السنة ، وقد صح أن الصحابة وأخيار التابعين مذهب أهل السنة مذهبهم وقولهم ، هذا يُشبه قول أهل الكتاب حيث قالوا : ( لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ) وكذلك هؤلاء يقولون بأفواههم لن يدخل الجنة إلا من كان رافضياً انظر كيف يفترون على الكذب بل أفعالهم تقتضي حرمانهم عنها 0

 

 

مطلب مخالفتهم أهل السنة

 

ومنها: أنهم جعلوا مخالفة أهل السنة والجماعة الذين هم على ما ( عليه ) رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصلاً للنجاة ، فصاروا كلما فعل أهل السنة تركوه ، وإن تركوا شيئاً فعلوه  فخرجوا بذلك عن الدين رأساً ، فإن الشيطان سوّل لهم وأملى لهم ، وإدّعوا بأن هذه المخالفة علامة أنهم الفرقة الناجية ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " الفرقة الناجية هي السواد الأعظم وما أنا عليه() وأصحابي () " فلينظر إلى الفرق ومعتقداتهم وأعمالهم ، فما وافقت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هي الفرقة الناجية ، وأهل السنة هم المتبعون لآثاره صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه كما لا يخفى على منصف ينظر بعين الحق ، فهم أحق أن يكونوا الفرقة الناجية ، وآثار النجاة الظاهرة فيهم لإستقامتهم على الدين من غير تحريف وظهور مذهبهم وشوكتهم في غالب البلاد ووجود العلماء المحققين والمحدثين والأولياء والصالحين فيهم ، وقد نزع الولاية عن الرافضة فما سمع فيهم ولي قط 0

 

مطلب الرجعة

 

ومنها : أنه ما قال أضلهم محمد بن بابويه القمي  في عقائده في مبحث الإيمان بالرجعة فإنهم عليهم الصلاة قالوا : من لم يؤمن برجعتنا فليس منا واليه ذهب جميع علمائهم 0 قالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم وعلياً رضي الله عنه والأئمة الإثني عشر يحيون في آخر الزمان ويحشرون بعد خروج المهدي وبعد قتله الدجال ويُحيى كل من الخلفاء الثلاثة وقتلة الأئمة ، فيقتل النبي صلى الله عليه وسلم الخلفاء حداً والقتلة قصاصاً ويصلبون الظالمين ، ويبتدئون بصلب أبي بكر وعمر على شجرة  فمن قائل قائل يقول : إن تلك تكون رطبة فتجف تلك الشجرة بعد أن صلبا عليها فيضل بذلك خلق كبير من أهل الحق ، ويقولون ظلمناهم، ومن قائل يقول : الشجرة تكون يابسة فتخضر بعد الصلب ويهتدي به جم غفير من محبيهما ، قيل ذكروا في كتبهم أن تلك الشجرة نخلة وأنها تطول حتى يراها أهل المشرق والمغرب وأن الدنيا تبقى بعد ذلك خمسين ألف سنة وقيل مائة وعشرين ألف سنة لكل إمام من الإثني عشر ألف سنة ، وقال بعضهم إلا المهدي فإن له ثمانين ألف سنة ثم يرجع

 

آدم ثم شيث ثم إدريس ثم نواح ثم بقية الأنبياء إلى أن ينتهي إلى المهدي وأن الدنيا غير فانية وأن الآخرة غير آتية كذا نقل عنه والله أعلم 0

فانظر أيها المؤمن إلى سخافة رأي هؤلاء الأغبياء يختلقون ما يرده بديهة العقل وصراحة النقل ، وقولهم هذا مستلزم تكذيب ما ثبت قطعاً في الآيات والأحاديث من عدم رجوع الموتى إلى الدنيا ، فالمجادلة مع هؤلاء الحمر تضيع الوقت ، لو كان لهم عقل لما تكلوا أي (شيء) يجعلهم مسخرة للصبيان ويمج كلامهم أسماع أهل الإيقان لكن الله سلب عقولهم وخذلهم في الوقيعة ، في خُلّص أوليائه لشقاوة سبقت لهم 0

 

مطلب زيادتهم في الأذان

 

ومنها : زيادتهم في الآذان والإقامة والتشهد بعد الشهادتين أن علياً ولي الله ، وهذه بدعة مخالفة للدين لم يرد بها كتاب ولا سنة ولم يكن عليها إجماع ولا فيها قياس صحيح ومخالفة لأهل مذهبهم فردها لا يحتاج اليه 0

 

مطلب الجمع بين الصلاتين

 

ومنها : تجويزهم الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاءين غير عذر ، وقد روى الترمذي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جمع بين صلاتين بغير عذر فقد أتى باباً من الكبائر" ، وقد ورد أن من أشراط الساعة تأخير الصلاة عن وقتها ، وما روي عن إبن عباس رضي الله عنه من الجمع بين العصرين والعشاءين فمؤول بتأخير الأولى إلى آخر وقتها وأداء الأخرى في أول وقتها والله أعلم ، قيل إن سبب جمعهم بين الظهرين والمغربين طول الدهر مع إختيار التأخير فيهما هو أنه ينتظرون القائم المختفي في السرداب ليقتدوا به فيؤخرون الظهر إلى العصر إلى قريب غروب الشمس فإذا يئسوا من الإمام واصفرت الشمس وصارت بين قرني شيطان نقروا عند ذلك كنقر الديك فصلوا الصلاتين من غير خشوع ولا طمأنينة فرادى من غير جماعة ورجعوا خائبين خاسرين

 

نسأل الله العفو والعافية ، وقد صاروا بذلك وبوقوفهم بالجبل على ذلك السرداب وصياحهم بأن يخرج اليهم أضحوكة لأولى الألباب ولقد أحسن القائل شعراً :

ما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتوه بجهلكم ما آنا

فعلى عقولكم العفاء فإنكـم ثلثتم العنقاء والغيلانا

 

مطلب العصمة

 

ومنها : إشتراطهم كون الإمام معصوماً وإيجابهم على الله عدم إخلاء الزمان من إمام معصوم وحصر الإمام  المعصومين في إثني عشر  وبطلان هذا وتناقضه وإشتماله على سوء الأدب مع الله أظهر من أن يذكر ، وأبطلوا بهذا القول الباطل الجماعة في الصلاة التي هي من أعلى شعائر الإسلام ، لكنهم ليس لهم نصيب منها فحُرموا هذه الكرامة العلية 0

 

مطلب المتعة

 

ومنها : إباحتهم نكاح المتعة ، بل يجعلونها خيراً من سبعين نكاحاً دائما ، وقد جوّز شيخهم الغالي علي بن العالي أن يتمتع إثنا عشر نفساً في ليلة واحدة بإمرأة واحدة ، وإذا جاءت بولد منهم أقرعوا ، فمن خرجت قرعته كان الولد له ، قلت هذا مثل أنكحة الجاهلية التي أبطلها الشرع كما في الصحيح  وعن علي أنه قال  رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة، رواه البخاري ومسلم وغيرهما 0 وعن سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم أباح نكاح المتعة ثم حرمها ، رواه الشيخان  ، وروى مسلم في صحيحه عن سبرة نحو ذلك وعن إبن عمر : " نهانا عنها ـ يعني المتعة ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه الطبراني بإسناد قوي ، وقد نُقل عن إبن عباس رجوعه عنها  وروى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه : " هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث " وإسناده حسن  وعن إبن عباس رضي الله عنه قال : " كانت المتعة في أول الإسلام حتى نزلت هذه الآية ( حرمت عليكم ) وتصديقها من القرآن ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) وما سوى هذا فهو حرام " رواه الطبراني و البيهقي  والحاصل : أن المتعة كانت حلالاً ثم نسخت وحرمت تحريماً مؤبداً ، فمن فعلها فقد فتح على نفسه باب الزنا 0

 

مطلب النكاح بلا ولي وشهود

 

ومنها : إباحتهم النكاح بلا ولي ولا شهود وهذا هو الزنا بعينه ، فإن الحلّي منهم : " ولا يشترط في نكاح الرشيدة الولي ولا يشترط الشهود في شيء من الأنكحة ولو تآمرا على الكتمان لم يبطل انتهى" 0

عن عمران بن حصين أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " رواه الشافعي والطبراني والدار قطني والبيهقي  وهذا وإن كان منقطعاً فإن أهل العلم يقولون به ، وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا نكاح إلا بولي " رواه أحمد والترمذي وإبن ماجه والحاكم وقال :وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وزينب بنت جحش قال : وفي الباب عن علي أنه قال : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " وابن عباس وغيرهما وسرد تمام ثلاثين صحابياً  وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل " رواه الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأبوعوانة وإبن حبان والحاكم  وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تنكح المرأة المرأة ولا نفسها إنما الزانية التي تنكح نفسها " وفي لفظ :" التي تنكح نفسها هي الزانية " رواه ابن ماجة والدار قطني وعن عكرمة بن خالد قال : " جمعت الطريق ركباً فجعلت امرأة منهن ثيب أمرها بيد رجل غير ولي فأنكحها فبلغ ذلك عمر فجلد الناكح والمنكح " رواه الشافعي والدار قطني  وروى الدار قطني عن الشعبي قال : " ما كان أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد في النكاح من علي بن أبي طالب كان يضرب فيه " رواه الشافعي والدار قطني  قد روى ابن خيثمة مرفوعاً : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " وعن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً: " لا نكاح إلا بأربعة خاطب وولي وشاهدين"  وعن إبن عباس رضي الله عنه قال : " أدنى ما يكون في النكاح أربعة الذي يتزوج والذي يزوّج وشاهدان " رواه ابن أبي شيبة وصححه البيهقي ورواه الدار قطني وعن عائشة رضي الله عنها نحو ذلك ، وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينه " وروى مالك عن أبي الزبير أن عمر أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة قال : " هذا نكاح السر ولا أُجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمته "  وعن عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أعلنوا النكاح " رواه أحمد والحاكم وصححه  ، قال بعض السادة : وإذا طرق سمعك ما سردنا عليك من الأحاديث فقد ظهر لك بطلان مذهبهم في تجويزهم النكاح بغير ولي ولا شهود والله أعلم 0

 

مطلب وطء الجارية بالإباحة

 

ومنها : تجويزهم وطء الجارية للغير بالإباحة ، قال الحلّي : يجوز إباحة الأمة للغير بشرط كون المبيح مالكاً لوقته جائز التصرف وكون الأمة مباحة بالنسبة إلى من أُبيحت له 0 ويكفي في رد هذا الباطل قوله تعالى ) والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ()( ومعلوم قطعاً أن وطأها ليس بالنكاح ولا بملك اليمين ، وقوله تعالى ) ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء()( 0

 

مطلب الجمع بين المرأة وعمتها

 

ومنها : تجويزهم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها  وعلى هذا ما ورد عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها ولا المرأة على خالتها والخالة على بنت أخيها ولا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الكبرى " رواه البزار0

وعن إبن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تنكح المرأة على عمتها " بمثل حديث علي ، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وإبن حبان وزاد عن إبن عباس " إنكم إذا فعلتم فطعتم أرحامكم " وروى إبن ماجه عن أبي سعيد نحوه 0 وروى إبن حبان عن إبن عمر رضي الله عنه نحوه ، وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة نحو ذلك ، وروى أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن جابر نحو ذلك ، وكلها مرفوعة ، ونقل إبن عبد البر الإجماع على حرمة ذلك() وبهذا وأمثاله تعرف أن الرافضة أكثر الناس تركاً لما أمر الله وإتياناً لما حرّمه ، وإن كثيراً منهم ناشئ عن نطفة خبيثة موضوعة في رحم حرام ، ولذا لا ترى منهم إلا الخبيث إعتقاداً وعملاً ، وقد قيل : كل شيء يرجع إلى أصله 0

 

مطلب إباحتهم" أبعدهم الله " إتيان المرأة في دبرها

 

ومنها : إباحتهم إتيان الزوجة والمملوكة في الدبر وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما يدل على أن المراد من قول : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم ) هو الإتيان في القُبُل ، وإليه يرشد لفظ الحرث ، بل هو نص في ذلك 0 وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك في الدبر وإطلاق الكفر عليه ، فهو خليق أن يكون حراماً قطعياً يخاف على مستحله الكفر ، الله الحافظ 0

مطلب مسح الرجلين

 

ومنها : إيجابهم المسح على الرجلين ومنع غسلهما والمسح على الخفين وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيه : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ) برواية علي رضي الله عليه غسلهما والأمر به ،وكذا عنه برواية عثمان وإبن عباس وزيد بن عاصم ومعاوية بن مرة والمقداد بن معد يكرب وأنس وعائشة وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وعمرو بن عنبسة وغيرهم 0 وقد صح عنه :" ويلٌ للأعقاب من النار" فمجموع ما ورد عنه في غسلهما فعلاً وقولاً يفيد العلم الضروري اليقيني ومن أنكر ذلك فقد أنكر المتواتر ، وحال منكره معلوم أقل مراتبه أن يكون فاسقاً بل تكون صلاته باطلة فيُبعث يوم القيامة مصلياً بلا طهارة شرعية والله أعلم 0

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم برواية نحو خمسين من الصحابة أو ثمانين أو أزيد المسح على الخفين فمنكره مبتدع 0 فلا خير في قوم يتركون المتواتر من فعله صلى الله عليه وسلم الذي يجب إتباعه في جميع أموره ، من إتبعه وصل ومن لم يتبعه ضلّ وإنفصل ، أحيانا الله على سنته وأماتنا على ملته وحشرنا في زمرته 0

 

 

مطلب الطلاق بالثلاث في لفظ واحد

 

ومنها : قولهم : إن من طلّق امرأته بالثلاث في لفظٍ واحد لا يقع وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة وإجماع أهل الإسلام ، فإنهم أجمعوا على وقوع الطلاق وإنما إختلافهم في عدد الطلاق ، أهي واحدة أم ثلاث ، روى إبن ماجة عن الشعبي قال : قلت لفاطمة بنت قيس : حدثيني عن طلاقك 0 قالت : طلقني زوجي ثلاثاً وهو خارج إلى اليمن فأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم "0 () وروى البيهقي عن علي رضي الله عنه فيمن طلّق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها قال : لا تحل حتى تنكح زوجاً غيره() 0وروى ابن عدي عنه : " إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس واحد فقد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره " () وروى البيهقي عن مسلمة بن جعفر الأحمس قال: قلت لجعفر بن محمد أن قوماً يزعمون أن من طلّق ثلاثاً بجهالة رد إلى السنة يجعلونها واحدة يروونها عنكم 0 قال : معاذ الله أن يكون هذا من قولنا ، من طلّق ثلاثاً فهو كما قال () 0

وتعرف بهذا وأضرابه إفتراء الرافضة الكذبة على أهل البيت وأن مذهبهم مذهب أهل السنة والجماعة ، وروي غير واحد من الصحابة ما يوافق هذا 0 وروي عن الحسن رضي الله عنه ما يؤيد ذلك 0 فهؤلاء الإمامية خارجون عن السنة بل الملّة ، واقعون في الزنا وما أكثر ما فتحوا على أنفسهم أبواب الزنا في القُبُل والدبر ، فما أحقهم بأن يكونوا أولاد الزنا ، حمانا الله وإياكم معاشر الإخوان من إتباع خطوات الشيطان 0

 

مطلب نفي القدر

 

ومنها : قولهم إن الله لم يقدّر شيئاً في الأزل وأن الله لم يرد شراً ولا يريده ، وقد روى مسلم أن قوله تعالى :" إنا كل شيء خلقناه بقدر " نزلت حين نازل المشركون فيه  ، وقد قال بعض السادة : قد رويت في إثبات القدر وما يتعلق به أحاديث رويت عن أكثر من مائة صحابي رضي الله عنهم ، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم : " لكل أمة مجوس ومجوس هذه الأمة الذين لا يقولون لا قدر " 0

فإذا علمت ذلك فإعلم أن الله علم الأشياء قبل وجودها إجمالاً وتفصيلاً كلية وجزئية وعلم ما يتعلق به وقدّر في الأزل لكل شيء قدراً فلا يزيد ولا ينقص ولا يتقدم ولا يتأخر ، وأنه لا يوجد شيء إلا

بإرادة الله ومشيئته والله بكل شيء عليم ، وما قدّر الله يكون وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وثبت ذلك ببداهة العقل وتواتر النقل وعلم يقيناً ، فمن أنكر هذا البديهي والمتواتر فإن لم يصر كافراً فلا أقل ( من ) أن يصير فاسقاً .

 

مطلب مشابهتهم اليهود

 

ومن قبائحهم تشابههم باليهود ولهم بهم مشابهات منها : أنهم يضاهون اليهود الذين رموا مريم الطاهرة بالفاحشة بقذف زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة المبرأة بالبهتان وسلبوا بسبب ذلك الإيمان ، ويشابهونهم في قولهم إن دينا بنت يعقوب خرجت وهي عذراء فإفترعها مشرك بقولهم إن عمر إغتصب بنت علي رضي الله عنه  ، وبلبس التيجان فإنها من ألبسة اليهود، وبقص اللحى أو حلقها أو إعفاء الشوارب ، هذا دين اليهود وإخوانهم من الكفر ، ومنها أن اليهود مسخوا قردة وخنازير ، وقد نقل أنه وقع ذلك لبعض الرافضة في المدينة المنورة وغيرها بل قد قيل إنهم تمسخ صورهم ووجوههم عند الموت والله أعلم 0

 

مطلب تركهم الجمعة والجماعة

 

ومنها(ترك) الجمعة والجماعة وكذلك اليهود فإنهم لا يصلون إلا فرادى 0 ومنها : تركهم آمين وراء الإمام في الصلاة فإنهم لا يقولون آمين يزعمون أن الصلاة تبطل به  ، ( ومنها : تركهم تحية السلام فيما بينهم وإذا سلموا فعلوا بعكس السنة ) ومنها : خروجهم من الصلاة بالفعل وتركهم السلام في الصلاة فإنهم يخرجون من الصلاة من غير سلام بل يرفعون أيديهم ويضربون بها على ركبهم كأذناب الخيل الشّمّس0

ومنها : شدة عدوانهم للمسلمين وأخبر الله عن اليهود : ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود ) وكذلك هؤلاء أشد الناس عداوة لأهل السنة والجماعة حتى إنهم يعدونهم أنجاساً  فقد شابهوا اليهود في ذلك ومن خالطهم لا يُنكر وجود ذلك فيهم 0

ومنها : أنهم يجمعون بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها يشابهون اليهود فإنهم كانوا يجمعون في شرع يعقوب بين الأختين 0

 

ومنها : قولهم إن من عداهم من الأمة لا يدخلون الجنة بل يُخلدون في النار ، وقد قال اليهود والنصارى : ( لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى )0

ومنها : إتخاذهم الصور الحيوانية كاليهود والنصارى ، وقد ورد الوعيد الشديد في تصوير الصور ذات الأرواح ، في البخاري وغيره أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله المصورين "  وأنه قال :" إن المصوّر يكلف يوم القيامة أن ينفخ الروح فيما صوّره وليس بنافخ ولا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ذات روح  0

ومنها : تخلفهم عن نصر أئمتهم كما خذلوا علياً وحسيناً وزيداً وغيرهم رضي الله عنهم ، قبحهم الله ما أعظم دعواهم في حب أهل البيت وأجنبهم عن نصرهم ، وقد قال اليهود لموسى : ( إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون )0

ومنها : أن اليهود مسخوا ، وقد روي : إن كان خسف ومسخ ففي المكذبين بالقدر  وهؤلاء مكذبون به ،وقد خسف بقرى كثيرة مرات عديدة من بلاد العجم 0

ومنها : أن اليهود ضربت عليهم الذلة والمسكنة أينما كانوا وكذلك هؤلاء ضربت عليهم الذلة حتى أحيوا التقية من شدة خوفهم وذلهم 0

ومنها : أن اليهود يكتبون الكتاب بأيديهم ويقولون : هذا من عند الله ، وكذلك هؤلاء يكتبون الكذب ويقولون هذا من كلام الله ويفترون الكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته رضي الله عنهم 0

 

مطلب مشابهتهم النصارى

 

ومن مشابهتهم النصارى : أنهم عبدوا المسيح كذلك غلاة هؤلاء عبدوا علياً وأهله رضي الله عنهم ، ومنها أن النصارى أطرت عيسى ، كذلك غلاة الرافضة أطروا أهل البيت حتى ساووهم بالأنبياء . ومنها : جماعهم النساء في الأدبار حالة الحيض وكانت النصارى تجامع النساء في المحيض .

ومنها : أن لبس بعضهم يشبه لبس النصارى 0

مشابهتهم المجوس

 

ومن مشابهتهم المجوس : إنهم قالوا بإلهين : النور والظلمة ، وهؤلاء يقولون : الله خالق الخير والشيطان خالق الشر 0 ومنها : أن المجوس ينكحون المحارم كذلك غلاة الشيعة يفعلون ذلك 0 ومنها : المجوس تناسخيون وكذلك في غلاتهم تناسخيون ، ومن قبائح الرافضة أنهم يتخذون يوم موت الحسين مأتماً فيتركون الزينة ويظهرون الحزن ويجمعون النوائح يبكين  ويصورون صورة قبور الحسين رضي الله عنه ويزينونها ويطوفون بها في السكك ويقولن : يا حسين ، ويسرفون في ذلك إسرافاً محرماً وكل ذلك بدعة ، أما ترك الزينة فمن الإحداد الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد ذلك في الصحيح ، وأما النياحة فمن أعظم منكرات الجاهلية  ويترتب على ما يفعلون من المنكرات والمحرمات كما لا يحصى ، وكل ذلك بدعة ومنكر وفاعله والراضي به والمعين عليه والأجير فيه كلهم مشاركون في البدعة ، فاللازم على كل مؤمن منع هؤلاء المبتدعة من هذه البدعة القبيحة ومن سعى في إبطالها مخلصاً لله تعالى يُرجى له الثواب الجزيل 0

قال الشيخ ابن تيمية الحنبلي الحراني رحمه الله  : " اعلم وفقني الله وإياك أن ما أصيب به الحسين رضي الله عنه من الشهادة في يوم عاشوراء إنما كان كرامة من الله عز وجل أكرمه بها ومزيد حظوة  ورفع درجة عند ربه وإلحاقاً له بدرجات أهل بيته الطاهرين وليهينن من ظلمه واعتدى عليه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أشد بلاء ، قال : الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفّف عنه ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة  فالمؤمن إذا حضر عاشوراء وذكر ما أُصيب به الحسين يشتغل بالإسترجاع ليس إلا كما أمره المولى عز وجل عند المصيبة ليحوز الأجر الموعود في قوله : ) أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون( ويلاحظ ثمرة البلوى وما أعدّه الله للصابرين حيث قال : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ويشهد أن ذلك البلاء من المبلي فيغيب برؤية وجدان مرارة البلاء وصعوبته قال تعالى : ( فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ) وقيل لبعض الشطار : متى يهون عليك الضرب والقطع 0 فقال : إذا كنا بعين من نهواه فنعد البلاء رخاء والجفاء وفاء والمحنة منحة ، فالعاقل يستحضر مثل هذا في ذلك الوقت ويستصغر ما يرد عليه من مصائب الدنيا وشدائدها وبلائها ويتسلى ويتعزى بما يصيبه من ذلك

 

ويشتغل يومه ذلك بما استطاع من الطاعات والأعمال الصالحه لحثه صلى الله عليه وسلم على صوم يوم عاشوراء  فبكل ذلك يصرف زمانه في أنواع القربات عسى أن يُكتب من محبي أهل القربى ولا يتخذه للندب والنياحة والحزن كفعل الجهلة ، إذ ليس ذلك من أخلاق أهل البيت النبوي ولا من طريقهم ، ولو كان ذلك من طرائقهم لاتخذت الأمة يوم وفاة نبيهم صلى الله عليه وسلم مأتماً في كل عام ، فما هذا إلا من تزيين الشيطان وإغوائه 0

قال الشيخ عقب ذكر ذلك  : وهذا كما زين لقوم آخرين معارضة هؤلاء في فعلهم فاتخذوا هذا اليوم عيداً وأخذوا في إظهار الفرح والسرور إما لكونهم من النواصب المتعصبين على الحسين رضي الله عنه وأهل بيته وإما من الجهال المقابلين للفساد بالفساد والشر بالشر والبدعة فأظهروا الزينة كالخضاب ولبس الجديد من الثياب والإكتحال وتوزيع النفقات وطبخ الأطعمة والحبوب الخارجة عن العادات ويفعلون فيه ما يفعل في الأعياد ويزعمون أن ذلك من السنة والمعتاد ، والسنة ترك ذلك كله فإنه لم يرد في ذلك شيء يعتمد عليه ولا أثر صحيح يرجع اليه 0 إلى أن قال : " فصار هؤلاء لجهلهم يتخذون يوم عاشوراء موسماً كموسم الأعياد والأفراح وأولئك يتخذون مأتماً يقيمون فيه الأحزان والأتراح ، وكلا الطائفتين مخطئة خارجة عن السنة متعرضة للحرم والجناح " انتهى 0

 

وقال ابن القيم  : " وأما أحاديث الإكتحال والادهان والتطيب يوم عاشوراء فمن وضع الكذابين وقابلهم الآخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن ، والطائفتان مبتدعتان خارجتان عن السنة ، وأما ما يحكى عن الرافضة من تحريم لحوم الحيوانات المأكولة يوم عاشوراء حتى يقرأوا كتاب مصرع الحسين رضي الله عنه فمن الجهالات والأضحوكات لا يفتقر في إبطالها إلى دليل حسبنا الله ونعم الوكيل 0 انتهى كلام الشيخ بنوع إختصار ، وقبائح هذه الرافضة أكثر من تذكر وفضائحهم أشهر من أن تشهر وفي هذا القدر كفاية في معرفة مذهبهم الكاسد وقولهم الفاسد 0

 

 

 

 

 

مطلب الخاتمة رزقنا الله حسنها

 

خاتمة : جاء في المطالب العالية عن نوف البكالي أن علياً رضي الله عنه خرج يوماً للمسجد وقد أقبل اليه جندب بن نصير والربيع بن خيثم وإبن أخيه وكان من أصحاب البرانس المتعبدين فأفضى علي وهم معه إلى نفر فأسرعوا اليه قياماً وسلموا عليه التحية ثم قال : من القوم ؟ فقالوا : أناس من شيعتك يا أمير المؤمنين 0 فقال : لهم خيراً ، ثم قال : يا هؤلاء مالي لا أرى فيكم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا 0 فأمسك القوم حياء ، فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له : ما سمة شيعتكم يا أمير المؤمنين ؟ فسكت ، فقام همام وكان عابداً مجتهداً وقال : أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة شيعتكم 0 قال : فسأنبئكم جميعاً ووضع يده على منكب همام وقال : شيعتكم العارفون بالله العاملون بأمر الله ، أهل الفضائل ، الناطقون بالصواب ، مأكولهم القوة ، ملبوسهم الإقتصاد ، وشيمهم التواضع لله بطاعته وخضعوا البه بعبادته مضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم موقفين أسماعهم على العلم بدينهم نزلت أنفسهم منهم بالبلاء كالذي نزلت منهم في الرخا رضاً عن الله بالقضاء ، فلولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى لقاء الله تعالى والثواب وخوفاً من أليم العقاب ، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دون في أعينهم ، فهم والجنة كمن رآها فيهم على أرائكها متكئون والنار من رآها فهم فيها معذبون ، صبروا أياماً قليلاً فأعقبهم راحة طويلة أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها ، أما الليل فصافون أقدامهم تالون لأجزاء القرآن ترتيلاً يعظون أنفسهم بأمثاله يستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم يمجدون جباراً عظيماً ويجأرون اليه في فكاك رقابهم هذا ليلهم ، وأما نهارهم فحلماء علماء بررة أتقياء براهم خوف باريهم كالقداح تحسبهم مرضى وقد خولطوا وما هم بذلك بل خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم وذهلت عنه عقولهم فإذا أشفقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالأعمال الزكية لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل ، فهم لأنفسهم متهمون زمن أعمالهم مشفقون ، ترى لأحدهم قوة في دين وحزماً في لين وإيماناً في يقين وحرصاً على علم وفهماً في فقه وعلماً في حلم وكيساً في قصد ، وقصداً في غناء ، وتجملاً في فاقة وصبراً في شدة وخشوعاً في عبادة ورحمة لمجهود وإطاء في حق ورفقاً في كسب وطلباً في حلال ونشاطاً في هدوء وإعتصاماً في شهوة لا يغره ما

 

أجهله ولا يدع إحصاء ما عمله يستبطىء نفسه في العمل وهومن صالح عمل على وجل يصبح وشغله الذكر ويمسي وهمه الشك ، يبيت حذراً سنة النفل ويصبح فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة ورحمته فيما يبقى وزهادة فيما يفنى وقد قرن العلم بالعمل والحلم بالعلم ، دائماً نشاطه بعيداً كسله قريباً أمله زلله متوقعاً أجله خاشعاً قلبه ذاكراً ربه قانعة نفسه محرزاً دينه كاظماً غيظه آمناً منه جاره سهلاً أمره معدوماً كبره بيناً صبره كثيراً ذكره لا يعمل شيئاً من الخير رياء ولا يتركه حياء أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا ألا شوقاً اليهم ، فصاح همام صيحة فوقع مغشياً عليه فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا فغسل وصلى عليه أمير المؤمنين رضي الله عنه ومن معه " () قال الشيخ() : " فهذه صفة شيعة أهل البيت النبوي التي وصفهم بها إمامهم وهي صفة خواص المؤمنين لا من إشتغل بالتعصبات والترهات ، لأن بتلك الصفات تظهر علامة المحبة وهوطاعة المحبوب وإيثار محابه() ومرضاته والتأدب بآدابه وأخلاقه وعن هذا قال علي رضي الله عنه : " لا يجتمع حبّي وبغض أبي بكر وعمر " لأن التحقيق بالمحبة يستوجب التخلق بخلق المحبوب والأخذ بهديه وحب من أحبه ، ومن هدي علي رضي الله عنه حب أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، منحنا الله وإياكم ذلك ، وجعلنا من الفائزين برسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل وأصحابه أجمعين آمين آمين آمين  


  محمد عبد الحليم محمد لرد المبين

  على الشيخ الترابي   في ما أنكره من الدين

بسم الله الرحمن الرحيم الإهداء 

إلى من تلقى آراء الشيخ بإعجاب وانبهار.. 

  و إلى من تلقاها باستنكار و احتقار..

     و إلى من وقف بين الفريقين كالمحتار.. أهدي هذا الكتاب . 

مقدمة الطبعة الأولى (شوال 1430 هـ / أكتوبر 2009م)

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهـده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هـادى له وأشهـد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهـد أنّ محمداً r عبده ورسوله .

) يا أيهـا الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتُنّ إلا وأنتم مسلمون( [آل عمران : 102] .

)يا أيهـا الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منهـا زوجهـا وبث منهـما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيباً( [النساء : 1].

)يا أيهـا الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً *  يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً( [الأحزاب : 70-71].

أما بعد

فإنّ خير الكلام كلام الله وأحسن الهدي هـدي محمد صلى الله عليه وسلّم وشر الأمور محدثاتهـا وكلّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار.

بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ، تم إصدار هـذا الكتاب ردّاً على الشيخ الدكتور حسن عبد الله الترابي ، في جملة من آرائه التي بثهـا عبر محاضراته وندواته ولقاءاته الصحفية والخاصة ؛ وهـي آراء أثارت كثيراً من وجهـات النظر المتباينة .. فالذين علموا بها كانوا بين قادح ومادح. وثالث حائر لا يعرف أين الحقيقة التي ضاعت عند تقييم الآراء بين التقديس والتبخيس والتلبيس.

آملاً أن يكون الكتاب خير إضافة ، تسهـم في إثراء الجانب المعرفي ، وإزالة التشويش والتشكيك الذي حدث عند بعضهم ، وتثقيفاً للجميع.

ولقد حاولت بأقصى جهـد أن ألتزم فيه بالعلمية, والموضوعية, والنظرة المتجردة, المبنية على النصح والموعظة, في تناول المواضيع والاستناد على منهـجية تعتمد على البيان والبرهـان تصحيحاً وتصويباً ؛ لأنّ النصيحة في الدين واجبة وحتمية على كل مسلم. كتاب أقدمه هـدية للراغبين في معرفة الحقيقة ناصعة جلية. سائلاً الله تعالى أن يجعلني مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر وأن يجعل لما أكتب أثراً وقبولاً ، وفائدة يجنى ثمارهـا كل قارئ ، وعسى أن تكون كلماتي نبراساً يضئ لي ولغيري طريقاً إلى الهداية وإلى الجنّة ، وأن يطهـر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء ؛ إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

] قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين[ [يوسف :108]. 

مقدمة الطبعة الثانية

(محرم 1431هـ / يناير 2010م) 

الحمد لله رب العالمين ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، على نعمه و آلائه التي لا أحصيها ، و منها هذا الكتاب ؛ الذي نفدت طبعته الأولي في أقل من شهر ، دون أن أحرك ولا كتاباً واحداً إلى دور التوزيع! .

الأكثرية قابلت الكتاب بحفاوة بالغة ، وترحاب واضح ، وفيهم علماء أجلاء - من داخل وخارج السودان – نهلوا من ينابيع العلوم الشرعية ، ونالوا أرفع الدرجات العلمية ؛ فكانت شهادتهم وتقريظهم لي بمثابة من صاغ تاجاً من كلمات مضيئة ثم وضعه على رأسي.. ، و أنا أعلم تمام العلم بأن الفضل في كل هذا التوفيق يرجع لله سبحانه وتعالى من قبل ومن بعد .

أما الغالبية من أتباع (شيخ حسن)  ، والذين التقيت بهم كانوا على العكس من أولئك .. اعتبروا أنني  قد تجرأت  على شيخ هو أكثر مني  علماً و فقهاً ودراية ، وكنت قاسياً عليه في ردودي ، وهم لا يعلمون أن المجاملة  لا تصلح مع من يقومون بهدم ثوابت من الدين.. ولا يعلمون أن الدواء المر قد يفيد لعلاج كثير من الأدواء !!..

قلبوا لي ظهر المجن فجأة !  ؛ وهم الذين كانوا يحتفون بي في كل محفل ولقاء ! .. فأصبحت في نظرهم بين عشية وضحاها لا أزن شيئاً وكنت عندهم سابقاً ملء السمع وملء البصر!! .

رفض بعضهم حتى مجرد توزيع الكتاب في المركز العام للحزب الذي كنا فيه جميعاً.

و المبالغة والتطرف يتضحان في قبولهم لآراء (شيخ حسن) التي هاجم فيها علماء الأمة وسلفها الصالح ؛ و رفضهم الآراء مهما كانت قيمتها إن صوبت تجاهه ! ؛ فـ(شيخ حسن) عندهم أهم من الصحابة رضوان الله عليهم ؛ والدليل على ذلك أن أحد المقربين من (شيخ حسن) و من أشد أنصاره ، ومن أقدم القيادات قد قال لمن أرسلتهم ليهدوه كتابي : إن (محمد عبد الحليم ) قد غضب من رأي الشيخ في الإمام البخاري ؛ وحاول الانتصاف له .. قولوا له : دعك من الإمام البخاري ! فإننا قد (شطبنا!!) أباهريرة! .. أقول : والله إنه لا يساوي التراب الذي مشى عليه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه ، و أذكره بقول الله عز وجل في الحديث القدسي : ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب...)) ؛ و إن لم يكن سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه من الأولياء فمن يكون ؟! . و قال آخر من المتعصبين : إن حبي لـ(شيخ حسن) يصل لدرجة أنه لو دخل النار لدخلت معه !!! ، وكثيراً ما يرددها .

أقول : أعوذ بالله من النار ، ومن غضب العزيز الجبار ، وأما الثالث فكان كلامه أخف وطأة من صاحبيه السابقين ؛ إذ قال لي غاضبا : ما هذا الكتاب الذي أصدرته ؟  ؛ أ يصح منك ذلك ؟ ، فقلت له : ما الذي لم يعجبك فيه ؟ ، فقال : لم أقرأه ، ولن أقرأه!!! ، فتعجبت من مستواه و ضحالة فكره .

إنه التعصب الأعمى قادهم لتبجيل الشيوخ أكثر من الصحابة ، وتقديس آرائهم أكثر من الكتاب والسنة ، و العجب أنهم يدعون زوراً أنهم ضد التعصب ، وضد حجر الرأي الآخر .

و أستثني من أتباع الشيخ قلة لا يتجاوزون الأصابع ؛  أشادوا بالكتاب وقيمته العلمية ، وفقهوا ما فيه ، و اعتبروا أن من حقي إبداء ما أراه صواباً من رأي و إن كان ضد الشيخ ، لأنه ليس فوق النقد ، وقلة غيرهم  وقفوا محايدين  ، فجزاهم الله عني خير الجزاء .

أسأل الله عز وجل أن  يجعل هذا الكتاب خالصاً لوجهه الكريم ، و أن يبارك فيه ،   و يهدي به ، وأن ينصرني على من عاداني بسببه . و أن يجعل الطبعات القادمات أكثر رواجاً و أعظم نفعاً من الطبعة الأولى ؛ إنه نعم المولى ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم .


أسباب كتابة الرد :-

أكتب هـذا الرد على ما أثاره الشيخ حسن عبد الله الترابي في محاضرات مختلفة في الفترة السابقة ، فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .

والأسباب التي دعتني للكتابة أجملها في الآتي :-

1/ أنني عاهـدت الله عز وجل أن أدور مع الإسلام  حيث دار ومع الحق أينما سار.. دونما عصبية مذهـبية ؛ فالحق أبلج .. والحق أحق أن يتبع..ورحم الله ، من قالوا :

" الحق لا يعرف بالرجال ..اعرف الحق تعرف الرجال". "و اعرف الحق تعرف أهـله" ..  "والرجال يعرفون بالحق" .

2/ أنني لا أقلد شيوخي تقليداً أعمى ، فهـل إن رأيت شيخي – شيخ حسن – قد خالف و ردّ بعض الأحاديث الصحيحة ، أسكت كي أكسب رضاه ؟ وأغضب من أحبه أكثر من نفسي وولدي والناس أجمعين والذي هـو محمد رسول الله r  ؛ عن عمر رضي الله قال : ( وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ نَفْسِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ ». فَقَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ الآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الآنَ يَا عُمَرُ ») ([1]).

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » ([2])

و( كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ اكْتُبِي إِلَيَّ كِتَابًا تُوصِينِي فِيهِ وَلَا تُكْثِرِي عَلَيَّ فَكَتَبَتْ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ) ([3])

وقد قال الله تعالى : " وَالله وَرَسُوله أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ" [التوبة : 62 ].

3/ لا أريد أن أكتم علــماً قال رســـول الله r :« مَنْ كَتَمَ عِلْمَاً ألْجَمَهُ اللهُ يَوْمَ القِيامَةِ بِلِجامٍ مِنْ نارٍ » ([4])

وأريد أن أبرئ ساحتي أمام الله يوم الحشر العظيم .

4/ لو أن (شيخ حسن) أثار هـذا المواضيع في نطاق ضيق لناصحته في بيته دون إشهـار ، ولكنه قام بنشرها على رؤوس الأشهـاد في عدة ندوات ، وفي وسائل الإعلام المختلفة ، وفي مناسبات اجتماعية متعددة . وحضرت بعضهـا واستمعت لآرائه منه مباشرةً .

5/ ليس هـناك عالم معصوم من الخطأ مهـما بلغ من العلم ؛ فكل الناس في مراحلهم التعليمية المختلفة ؛ (طالب الخلوة – الأساس- الثانوي- الجامعي- الدكتور- البروفسير) يقرأون الآية : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [طه : 114] ، وبلا شك أن (شيخ حسن) منهـم ، قال الشاعر :

 

كلما ازددت علماً        زادني علماً بجهـلي

 

كما أن لكل جواد كبوة ، ولكل سيف نبوة ، ولكل شيخ صبوة ، ولكل عالم هـفوة  .

       قال رسول الله r : « إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ » ([5]) ،وقال سيدنا علي رضي الله عنه : ( من قال أعلم فقد جهل)

6/ لست من علماء السلطان ، وهـو السيف الذي أشهـر في وجه كل من ردّ و أنكر على  (شيخ حسن) ؛ فـ(شيخ حسن ) يعلم شخصياً ما أكنه له من مودة وتقدير و احترام . وكما يقال :  إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية- وأضيف :- إن رجع المخالف للجادة و الصواب ؛ إذ أن هناك بعض الأفكار التي تهدم ثوابت الدين ، أو تدعو إلى الإلحاد ، أو الإباحية ، وغيرها ؛ قد تستدعي التبرؤ ، أو الهجر ، أو المقاطعة لمن يدعون إليها.

7/ أن الأحاديث الصحيحة لا تعارض أو تضعف بالاستنباط العقلي المخالف ؛ فتضعيف الحديث له شروطه و وسائله . و لا يكون ذلك إلا بعد التأكد من أنه خالف شروط قبول الحديث ، وهـذا ما سأقوم بتفصيله في طيات البحث ؛ علماً بأن مِن الذين حكموا العقل في نصوص الشريعة  المعتزلة . فهـل(شيخ حسن) ممن تأثر بهم ؟ ؛ هـذا ما سنعرفه.

8/ لم يعترض على حجية السنة إلا فرق تحدث العلماء عن ضلالها منهـا :

أ/ الشيعة ( الروافض) .      ب/ الجهـمية .        ج/ الخوارج .

وجميعهـم ردوا الأحاديث الصحيحة لدوافع شخصية ، و لاتباع  الهوى والعياذ بالله  ، قال الله تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) [النساء : 59]

9/ إن التهـاون في كبح جماح من يردون السنة سيؤدي إلى مخاطر, وستكون عواقبه وخيمةً ؛ فقد نرفض اليوم أحاديث (عذاب القبر ، عجب الذنب ،  الدابة ، يأجوج و مأجوج ، المهـدي المنتظر ، نزول عيسى عليه السلام ، إلخ...) كما فعل (شيخ حسن) ، ويأتي غداً ضعفاء النفوس من المسلمين ومنتهـزي الفرص للطعن في الإسلام – ممن قلّ علمهـم –  ، ومقلدي المستشرقين ، فيرفضون الأحاديث الصحيحة الواردة في العقائد والعبادات والمعاملات ومكارم الأخلاق وغيرهـا ، وما أكثرهـم اليوم ، وهـذا عين ما لاحظه سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه عندما رفض أهـل الردة دفع الزكاة فحاربهم - أكرر!! حاربهم - ورد على سيدنا عمر رضي الله عنه بقوة وحزم عندما اندهـش من قرار إعلان الحرب :

( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لأَبِى بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ ) ([6])

وذكر الماوردي نحوه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لعمر:

" أَرَأَيْتَ لَوْ سَأَلُوا تَرْكَ الصَّلَاةِ ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ سَأَلُوا تَرْكَ الصِّيَامِ ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ سَأَلُوا تَرْكَ الْحَجِّ ؟ فَإِذًا لَا تَبْقَى عُرْوَةٌ مِنْ عُرَى الْإِسْلَامِ إلَّا انْحَلَّتْ " ([7]).

 

بعد ذلك أبدأ بالرد على المواضيع التي أثارهـا (شيخ حسن) .  

الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

أمرنا بالأدب التام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومع سنته.. وأمرنا بطاعته ، وتصديقه ، وتعظيمه ، وتوقيره ، و إجلال اسمه والصلاة عليه ، واتخاذه قدوة  ، وحب من أحبه الرسول صلى الله عليه وسلم ومعاداة من أبغضه  ؛ والآيات والأحاديث في ذلك لا تحصى ومنها:

الآيات :

1/ قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب : 56].

2/ قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون) [الأعراف : 157].

3/ قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) [الحجرات :1-2].

4/ قوله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب :21].

الأحاديث :

ومنها :

قوله عليه الصلاة والسلام : « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »   ([8])

قال الشاعر:

وُلد الهدى فالكائنات ضــياء    *  وفـــمُ الزمان تبسّم وثناءُ

وأجمل منك لم ترَ قَطُّ عيني    *   وأكملُ منك لم تلد النساءُ

ولدت مبرًأ من كـــلِّ عــيبٍ    *   كأنك قد خُلقتَ كمـا تشاءُ

*وقال آخر:

ومما زاد ني شرفاً وتيهــــاً   *    وكدتُ بأخمصي أطــأ الثريا 

دخولي تحت قولك(ياعبادي) *    و أن أرسلت (أحمد) لي نبيّا

 

’’ قالوا : ... وليكن المُسمِعُ على أكمل الهيئات، كما كان مالك رحمه الله: إذا حضر مجلس التحديث، توضأ، وربما اغتسل، وتطيب، ولبس أحسن ثيابه، وعلاه الوقار والهيبة، وتمكن في جلوسه، و زَبرَ من يرفع صوته ‘‘. ([9])

قال البخاري رحمه الله : ’’صنفت كتابي الجامع في المسجد الحرام وما أدخلت فيه حديثاً حتى استخرت الله تعالى وصليت ركعتين وتيقنت صحته ‘‘  . ([10])

هي قاعدة أساسية عند التعامل مع السنة النبوية التزم بها العلماء الأجلاء  ، فيأتي (شيخ حسن) في هذا العصر.. ويتحدث عن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم باستخفاف شديد ؟! ،  فمثلاً عند حديثه عن نزول سيدنا عيسى عليه السلام  يقول:

" قالوا توفاه الله.. يعني شالو ، رفعو لفوق.. قالوا عيسى سيقتل كل الخنازير.. ويكسر كل الصلائب" !!

من الذي قال ذلك ؟ ؛ إنها الآيات وإنها الأحاديث النبوية... لماذا إلقاء الكلام على عواهنه ؟ ؛

 فـالكلام سهم نافذ لا تملك ردّه  و  لا تبع هيبة السكوت بالرخيص من الكلام  .

 

عند ذكر المهدي يقول : ".. ما عندي وكِت -( وقت)- الآن كل الذي كتب (كلام ساكت) .. كلها ترجيات " !!

علماً بأن الذي وردت عنه أحاديث خروج المهدي هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام.. الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى.

من أنكر الأشياء دون تيقن     *       وتثبت فمعاند مفتون

وأقول له كما قال القائل :

آفة الرأي الهوى... من استبد برأيه زلّ ومن أطاع هواه ضلّ..

و أقول توضيحاً وتفسيراً للآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)[الصف:1]

ما جاء في :

1/  حجة الوداع :

عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن :  الشهر والبلد و اليوم ؛ لم يجيبوا على الرغم من أن السؤال إجابته من البديهيات :

عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ - ثُمَّ قَالَ - أَىُّ شَهْرٍ هَذَا ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ « أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ « فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ « أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ ». قُلْنَا بَلَى. قَالَ « فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قَالَ « أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا في شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ فَلاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِى كُفَّارًا - أَوْ ضُلاَّلاً - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ » ([11])

2/  حديث السيدة عائشة رضي الله عنها :

عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ : مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقَالَتْ :’’ أَحَرُورِيَّةٌ  أَنْتِ ؟ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ  ‘‘([12]  أقول لشيخ حسن عندما ما يسمع حديثاً صحيحاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تتنطع و دع الفلسفة  ؛ فهذا هو الذي نفهمه من حديث السيدة عائشة .

3/ إن معرفة الحكمة من الآيات والأحاديث لا تشترط فالإيمان بأمر الآمر واجب وإن لم تعرف الحكمة.. فالصحابة قد توقفوا عن الزنا وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير.. على الرغم من أن العصر الحديث ، بعد تقدمه قد اكتشف كثيراً من الأمراض والأضرار والآثار الخطيرة لكل ذلك – لو انتظروا الحكمة ولم يلتزموا لعطلّوا كثيراً من الأوامر والنواهي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مكانة السُنّة وحُجّيتهـا

 

أهـمية السُنّة :-

السنة هـي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن وهـي مكملة له .

فهـي مفسرة للقرآن ، مبينة للأحكام ، موضحة لما أشكل وأبهم فهـمه ، مخصصة لما عُمّم ، مقيدة لما أطلق فيه ، لذلك قال رسول الله r :« تركت فِيكُمْ شيئين لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِى وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ ». ([13]) .

لذلك قال الإمام أحمد رحمه الله : السنة مبينة للكتاب ، وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله : الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب .  ([14])

دعوة القرآن والأحاديث للتمسك بالسنة :-

إن هـناك العشرات من الآيات والأحاديث تناولت أهـمية التمسك بالسنة ؛ نكتفي منهـا بالآتي :-

أولاً : القرآن الكريم :

قوله تعالى :

(وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوه وَمَا نَهـاكُمْ عَنْه فَانْتَهـوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَاب) [الحشر :7] .

(يَا أَيُّهـا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِله وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبه وَأَنَّه إِلَيْه تُحْشَرُون) [الأنفال : 24]

(وَالنَّجْمِ إِذَا هـوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهوَى (3) إِنْ هـوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم : 1-4]

(يَا أَيُّهـا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوه إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء :59].

 

ثانياً : الأحاديث النبوية :

قال رسول الله r :-

" أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ " ) ([15])

" كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّة إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ الله وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَن عَصَانِي فَقَدْ أَبَى " . ([16])

"من رغب عن سنتي فليس مني " . ([17]) 

 

هـل السنة من الذكر المحفوظ ؟   :-

نعم ، السنة من الذكر وهـي محفوظة إلى يوم القيامة  ؛ فقد نبه العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله إلى أن السنة من الذكر ، وأنهـا محفوظة من الضياع ...إذ أن السنة هـي المصدر الثاني ولا يمكن أن نفهـم المصدر الأول إلا بالمصدر الثاني .

ومن الأدلة على حفظ السنة قوله تبارك وتعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر :9] ، فالذكر يشمل أول ما يشمل القرآن الكريم ، ولكنه عند التأمل والتدقيق يشمل أيضاً السنة النبوية الشريفة ، وإلى هـذا ذهـب عدد من العلماء المحققين منهـم الإمام أبو محمد على بن حزم في كتابه القيم : (الإحكام في أصول الأحكام) ؛ إذ أن كلام رسول اللهr  في الدين وحي من عند الله عز وجل .؛ وكل وحي نزل فهـو ذكر منزل ...فالوحي كله محفوظ بحفظ الله تعالى ... ولا سبيل البتة إلى أن يختلط به باطل موضوع اختلاطاً لا يمكن تمييزه ، إذ لو جاز ذلك لكان الذكر غير محفوظ ؛ ولكان قول الله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) كذباً  و وعداً مخلفاً ، وهـذا لا يقوله مسلم . وطالما أن السنة هـي المبينة للقرآن والشارحة له...؛ ولا يمكن فهـم القرآن ولا العمل به إلا بواسطتهـا كما قال سبحانه وتعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهـمْ وَلَعَلهمْ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل : 44] ؛ لذا فعلى هـذا تنطبق القاعدة الأصولية الصحيحة القائلة : (ما لا يتم الواجب إلا به فهـو واجب)أهــ.([18])

كلمات مباركات نيرات كتبها الشيخ الألباني رحمه الله تعالى تستحق أن تكتب بماء الذهـب ، وتصبح نبراساً لكل حادب يسير على طريق السنة .

- وجاء في أثر عَنِ الأَوْزَاعِىِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيّة - أحد التابعين من ثقات الشاميين - قَالَ : كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- بِالسُّنَّةِ كَمَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ. ([19])

 

التزام الصحابة عليهم الرضوان بالسنة :-

كان الصحابة رضي الله عنهـم لا يفرقون بين ما جاء في كتاب الله عز وجل وما جاء في سنة رسول الله r   ؛ فقد ثبت أنّ امرأة جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَتْ أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْوَاصِلَةِ. قَالَ نَعَمْ. فَقَالَتْ أَشَىْءٌ تَجِدُهُ فِى كِتَابِ اللَّهِ أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ أَجِدُهُ فِى كِتَابِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ . فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَىِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِى تَقُولُ. قَالَ فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنِ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلاَّ مِنْ دَاءٍ . قَالَتِ الْمَرْأَةُ فَلَعَلَّهُ فِى بَعْضِ نِسَائِكَ. قَالَ لَهَا ادْخُلِى. فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ بَأْساً. قَالَ مَا حَفِظْتِ إذاً وَصِيَّةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ ( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) ([20])

* قال رسول اللهr في وصفه لعبد الله بن عمر رضي الله عنهـما :  " إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِح ٌ لو كان يُكْثِرُ الصّلاةَ مِن اللَّيْلِ " فكان عبد الله يكثر الصلاة من الليل . ([21])

* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِى يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ « يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِى يَدِهِ ». فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ لاَ وَاللَّهِ لاَ آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- .([22])

* ( عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْعَنَزِىِّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلاَنِ يَخْتَصِمَانِ فِى رَأْسِ عَمَّارٍ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو لِيَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمَا نَفْساً لِصَاحِبِهِ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ».([23]) قَالَ مُعَاوِيَةُ فَمَا بَالُكَ مَعَنَا قَالَ إِنَّ أَبِى شَكَانِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا وَلاَ تَعْصِهِ ». فَأَنَا مَعَكُمْ وَلَسْتُ أُقَاتِلُ ) . ([24]) ؛ التزم بقول الرسول r برغم اقتناعه بصحة موقف سيدنا على رضي الله عنه في خلافه مع سيدنا معاوية رضي الله عنه .

* عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ إِنِّى لأُقَبِّلُكَ وَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ وَلَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُقَبِّلُكَ لَمْ أُقَبِّلْكَ.  ([25])

* عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ قَرِيبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ - قَالَ - فَنَهَاهُ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنِ الْخَذْفِ وَقَالَ « إِنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْدًا وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ ». قَالَ فَعَادَ. فَقَالَ أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْهُ ثُمَّ تَخْذِفُ لاَ أُكَلِّمُكَ أَبَدًا. ([26]) .

* عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَتْ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ تَشْهَدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهَا لِمَ تَخْرُجِينَ وَقَدْ تَعْلَمِينَ أَنَّ عُمَرَ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَغَارُ قَالَتْ وَمَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْهَانِي قَالَ يَمْنَعُهُ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ . ([27])

* عن سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا ». قَالَ فَقَالَ بِلاَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ. قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَتَقُولُ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ.([28])

* عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِى سَفَرٍ فَمَرَّ بِمَكَانٍ فَحَادَ عَنْهُ فَسُئِلَ لِمَ فَعَلْتَ فَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَعَلَ هَذَا فَفَعَلْتُ.([29])

حاد عنه : أي تنحى عنه وأخذ يميناً أو شمالاً . ويقال أن دابة الرسول r قد جفلت واستدارت لوحدهـا  ، وعلى الرغم من ذلك استدار ابن عمر بدابته متعمداً حرصاً على تقليد الرسول r  .

* وعن ابن عمر رضي الله عنهـما أنه كان يأتي شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتهـا ، ويخبر أن رسول الله r كان يفعل ذلك.([30])

 * أن عبد الله بن رواحة أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهـو يخطب، فسمعه وهـو يقول: " اجلسوا " فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ من خطبته ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " زادك الله حرصا على طواعية الله ورسوله " .([31])

- الشاهـد أن صوت رسول الله r قد سمعه عبد الله بن رواحة رضي الله عنه خارج المسجد ؛ وكان بإمكانه أن يقول أنني لست المعني بالأمر ، أو أن يدخل المسجد ثم يجلس ولكنه بمجرد سماعه لأمره r بالجلوس جلس خارجاً ، فأي حرص أعظم من هـذا؟!

 

عقوبة المخالفين للسنة :-

 

قال الله سبحانه وتعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه أَنْ تُصِيبهمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبهمْ عَذَابٌ أَلِيم) [النور : 63]

إن مخالفة السنة جحوداً أو إنكاراً أو تكبراً قد تعرض الإنسان للعقوبة والعياذ بالله ؛

* عن إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ أَبَاه حَدَّثَه أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بِشِمَاله فَقَالَ كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ لَا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَه إِلَّا الْكِبْرُ قَالَ فَمَا رَفَعَهـا إِلَى فِيه. ([32])

لاحظ أن اليد قد تعطلت(شلت) مع أنه قد استخدمهـا مخالفاً لسنة قد يرى بعضهم أنه لا شئ في مخالفتهـا ؛ كأن يأكل الإنسان بشماله دون الالتزام بالسنة .

* ويروى في أثر أن رجلاً دخل المسجد برجله اليسرى ناسياً فذكر قوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه...)[النور :63] ، فسقط مغشياً عليه من الخوف ، فسئل عن ذلك بعد أن أفاق فقال : خشيت من مخالفتي السنة أن تصيبني فتنة أو يصيبني عذاب أليم. ! ، كم من أناس لا يهـتمون أدخلوا بأيمانهـم أم بشمائلهم في المساجد !.

* عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ، يُكْثِرُ فِيهَا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَنَهَاهُ ، فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يُعَذِّبُنِى اللَّهُ عَلَى الصَّلاَةِ ؟ قَالَ : لاَ وَلَكِنْ يُعَذِّبُكَ عَلَى خِلاَفِ السُّنَّةِ.  ([33]) والشاهـد أن الرجل صلى ركعات سوى  ركعتي الفجر (الرغيبة) فقد قال رسول الله r :

« لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ لاَ تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلاَّ سَجْدَتَيْنِ ». ([34]) ؛  سجدتين : أي ركعتي الفجر.

- سيأتي يوم يندم فيه من لا يقتفي أثر الرسول r ولا يتبع سنته، يندم حيث لا ينفع الندم ؛ قال تعالى : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْه يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) [الفرقان : 27-29]

 

أمير المؤمنين في علم الحديث

الإمام البخاري

 

أرجو أن تتخيلوا شخصاً يجلس مسترخياً في جوٍّ من الأنس والحبور مع أخوة على سرر متقابلين  ، وفجأة ينتفض أحد أعز الأصدقاء ويضربه  دون مقدمات بمطرقة حديدية و بكلتي يديه وبكل قوة على أم رأسه .. هل يستطيع أحد أن يصف ما أصاب ذلك الشخص من ذهول .. هذا ما حدث لي (بالضبط) عندما تطاول (شيخ حسن) باستخفاف شديد - في جلسة سيأتي ذكرها في مبحث عجب الذنب- على الإمام الجليل الإمام البخاري .. وتأثرت وتمنيت حينها لو كنت غائباً عن تلك الجلسة ، إحساس لا أستطيع ترجمته مهما أوتيت من براعة في التعبير، وامتلاك لنواصي الكلام ، لا أستطيع التعبير ولو  عن ذرة مما جاش في صدري ، لأن المشاعر والأحاسيس تكابد وتعاش وهيهات لها أن توصف .

عدت إلى منزلي ليلاً وأنا في غاية الألم والمعاناة النفسية ... هل يعقل أن يكون من هو في مقام الإمام البخاري بهذه الضعة والعياذ بالله ... أحاديثه التي رواها " مجرد كلام " !

كما قال (شيخ حسن ) ، أترد أحاديثه بهذه السهولة ؟.

إن هذه الحادثة تعبر عما أصابني من ألم كان الدافع الأول لي للرد على (شيخ حسن) في آرائه التي استمعت إليها لسنوات, منذ استقطابي بالحركة الإسلامية في منتصف السبعينات, وقبل الإنشقاق الذي تم بعد المصالحة مع نظام (نميري) عام 1977م . والانقسام إلي جناحين جناح (شيخ حسن)  ، وجناح (الشيخ الصادق عبد الله عبد الماجد ) الانشقاق الأول الذي ملت فيه إلى جناح (شيخ حسن) .. ثم توالت السنوات وحدثت المفاصلة الثانية نهاية عام 1999م ملت فيها إلي جناحه أيضاً .

صدمة اسأل الله أن يزيلها عن صدري إنه نعم المولى ونعم النصير.

 

صلتي بالإمام البخاري :

إن أول كتاب أحاديث اقتنيته, هو مجلدي صحيح البخاري بحاشية السندي (طبعه البابي الحلبي ), زينت به مكتبتي منذ ثلاثين عاماً ، فكان نعم الرفيق ونعم الصديق ونعم الشفيق كان جليسي وأنيسي الذي أجده وقت الحاجة ، لم يصدني ولم يردني قط ... بعد كل هذه الصلة الحميمة أسمع فيه ما أسمع .

 

أقول لشيخ حسن :

جراحات السنان لها التئام    ولا يلتام ما جرح اللسان

 

ترجمة الإمام البخاري رحمه الله :

 

هو شيخ الإسلام إمام الحفاظ أبو عبد الله محمد بن أبي الحسن إسماعيل بن إبراهيم البخاري .

ولد ببخارى عام 194هـ ،  نشأ يتيماً  ، و قبل أن يناهز البلوغ حفظ القران الكريم ثم حفظ عشرات الألوف من الأحاديث.

كتب عن ألف وثمانين رجلاً ليس فيهم إلا صاحب حديث  ، وقد قال عن نفسه :" ما وضعت فيه ـ أي كتاب الصحيح ـ حديثاً إلا اغتسلت وصليت ركعتين ! " .

سؤال : كم عدد الركعات التي صلاها فقط عند كتابة الأحاديث ما أعظم هذا الإمام ! ، و الذي كان مجاب الدعوة .

حفظه :

كان نجيباً ، قويّ الذاكرة ، حفظ الأحاديث منذ صغره ، ومن الأدلة على حفظه وضبطه للنصوص والأسانيد ؛ القصة التالية :

قال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ : سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد هذا، وإسناد هذا المتن هذا، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس، فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم، فسأل البخاري عن حديث من عشرته، فقال: لا أعرفه ، وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه ، وكذلك حتى فرغ من عشرته ، فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم ، ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز، ثم انتدب آخر، ففعل كما فعل الأول ؛ والبخاري يقول: لا أعرفه.

ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه ، فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فكذا، والثاني كذا، والثالث كذا إلى العشرة، فرد كل متن إلى إسناده ؛ وفعل بالآخرين مثل ذلك ، فأقر له الناس بالحفظ. ([35])

 

بعض أقوال العلماء فيه :- ([36])

1/ الإمام مسلم :- كان الإمام مسلم ( صاحب الصحيح ) يقول - عندما يدخل على الإمام البخاري - : " دعني أقبّـل رجليك يا طبيب الحديث في علله ويا سيد المحدثين !".

وقال له أيضاً : لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك .

وقال الأخرم : " رأيت مسلم بن الحجاج بين يدي البخاري وهو يسأله سؤال الصبي المتعلم" .

2/ الإمام أحمد بن حنبل :- قال :" ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل " .

3/ الإمام ابن خزيمة الحافظ :- " ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري "

4/ أبو عمرو الخفاف :- كان يقول : حدثنا التقيّ النقيّ العالم الذي لم أرَ مثله !!  ؛ محمد بن إسماعيل البخاري وهو أعلم بالحديث من إسحاق وأحمد وغيرهما بعشرين درجة.

5/ عن أبي عمار الحسين بن حريث في ثنائه على البخاري ؛ أنه قال : لا أعلم أني رأيت مثله، كأنه لم يخلق إلا للحديث .

6/ قال رجاء الحافظ : هو آية من آيات الله يمشي على ظهر الأرض .

7/ قال محمد بن بشار : هذا أفقه خلق الله في زماننا.

8/ قال الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل .

9/ قال موسى بن هارون الحافظ : لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا آخر مثل محمد بن إسماعيل ما قدروا عليه.

10/ عن عبد الله بن سعيد بن جعفر أنه قال: سمعت العلماء بالبصرة يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح .

11/ قال النووي رحمه الله : اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول  ، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة  ، وقد صح أن مسلما كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث...

 

مؤلفاته :-

كان مختصاً في علم الحديث ورجال الحديث ومن أهم مؤلفاته :-

1/الجامع الصحيح  2/ الأدب المفرد في الحديث 3/ التاريخ الصغير والكبير في رجال الحديث.

4/ خلق أفعال العباد 5/ كتاب الضعفاء الصغير.

وفاته :

توفي رحمة الله عليه عام 256 هـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ردّ الأحاديث الصحيحة

 

إن أكبر مشكلة يعاني منهـا (شيخ حسن) هـي ردّه للأحاديث الصحيحة دون منهـجية, أو أثارة من علم ، وإنما لمجرد مخالفتهـا لعقله و أحياناً لتوهـمه بأن هـناك استشكالاً في النص ، و استشكال النص وعدم فهـمه لا يعني بطلان النص .

ومن ملاحظاتي عليه :-

أنه لا يستشهـد لا في ندواته ولا لقاءاته بالأحاديث النبوية  ، و إن استشهـد بها في مواضع نادرة نجده يرويهـا بالمعنى .

أنه يتكلف البحث عن أي ثغرات في فهـم النص ليرد بها السنة ؛ و إن كانت في الصحيحين .

لا يحتكم إلى السنة بحجة تعارضهـا مع بعض الآيات ؛ إذ يدعو دائماً إلى أهـمية الاحتكام  إلى القرآن فقط ! ؛ والمعروف أن القرآن حمّال أوجه والسنة واضحة ؛

وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّهُ سَيَأْتِى نَاسٌ يُجَادِلُونَكُمْ بِشُبُهَاتِ الْقُرْآنِ فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ ، فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ. ([37])

وقد تقدم قوله r : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله"

أنه غير مختص في علم الحديث الذي له رجاله .

يردّ الأحاديث الصحيحة بحجة أن ذلك من دواعي التجديد بزعمه . والتجديد لا يعني إلغاء الأحكام الشرعية والثوابت المتأصلة من الكتاب والسنة .

يدعي التجديد ، وهو في الحقيقة ؛ ينفض الغبار عن آراء شاذة سبقه بها آخرون ، ومنها : نقله لرأي الشيخ محمود شلتوت في (نزول عيسى عليه السلام) ، ونقله لرأي الشيخ محمد أبي زهرة في (عقوبة الرجم) ، ونقله لرأي سيد أمير علي ؛ الذي أحل فيه زواج المسلمة من الكتابي ([38])

 

من هـو المجدد ؟:-

المجددون الحقيقيون هـم الموصوفون في الحديث الآتي :

عن إبراهـيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمل هـذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهـلين . ([39])

هـم الذين سخرهـم الله لحفظ الدين  ، ولحفظ السنة  ؛ علماء أتقنوا علم مصطلح الحديث وربطوه بعلم الفقه . اعتنوا بالسنة عناية عظيمة ، ولهم معرفة بها (رواية ودراية) ، ومعرفة خاصة بعلم الجرح والتعديل لرواتهـا ؛ يعرفون أن الأحاديث الصحيحة لا تعارض بالاستنباط العقلي المخالف ؛ إنما يضعون شروطاً لتضعيف الحديث ، ووسائل للتأكد من أنه لا يصح (سنداً ومتناً) ، وللمزيد من الشرح أوضح الآتي :-

1- صحة السند :

هـو المعرفة التامة برجال الحديث الذين لا بد أن تتوفر فيهـم شروط الصحة ، أي اتصاف رجاله بالضبط والعدالة (أمانة الأداء) ، والاتصال وقوة الذاكرة في الحفظ ، وأن لا يكون فيه شذوذ أو علة . رجاله هـم الرواة الثقات العدول ؛ وهـو أيضاً المعرفة التامة للرواة المجروحين والمتروكين .

والعالم الذي لا يعرف السند كطريق موصل إلى المتن ؛ عليه ألا يغوص في بحار علم الحديث دون إتقان للعوم . لذلك قال عبد الله بن المبارك رحمه الله :" الإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ وَلَوْلاَ الإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ " .([40])

2- صحة المتن :

المقصود بذلك صحة ألفاظ الحديث التي تقدّم بها المعاني ، ولا تقبل ابتداءاً إلا بعد التأكد من السند لضمان صحة مضمون الحديث .

ولقد وضع العلماء قواعد علمية قيّمة لقبول المتن ، نقداً هـادفاً للنصوص ، ومناقشة مستنيرة للروايات لتتكامل مع مبادئ الإسلام الأساسية ومنهـجه المتميز .

 

السنة من حيث القبول والرد :

 

قسم العلماء السنة من حيث القبول والرد إلى الآتي :

 

أولاً : الحديث المقبول :-

وينقسم إلى :

1/ الحديث الصحيح  .                                  2/ الحديث الحسن .

 

ثانياً : الحديث المردود :-

و ينقسم إلى :

1/ الحديث الضعيف  .                                  2/ الحديث الموضوع .

الحديث المقبول :

هو الحديث الذي رواه الثقات متصلاً من غير شذوذ ولا علة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

و الثقة :  هو العدل الضابط .

والعدل : هو المسلم الذي لا يتصف بإحدى الصفات التالية ؛ فلا يكون :-

1/ مجهول الحال .                    2/ مجهول العين .                 3/ مبهما .

4/ فاسقا .                             5/ مبتدعا .                         6/ متهما.    

7/ كذابا (و حديثه هو الحديث المختلق الموضوع) .

و الضابط : هو المسلم الذي لا يتصف بإحدى الصفات التالية ؛ فلا يكون :-

1/ سيئ الحفظ .                          2/ فاحش الغلط .                3/  عنده وهم .

4/ مغفلا .                                5/ مخالفا (الحديث الشاذ أو المنكر).

6/ جاهلاً باللغة العربية .                 7/ غيرصائن كتابه (و هو مطابقة الراوي لكتابه بكتاب شيخه إذا حدث من كتابه لا من حفظه )  .

والاتصال في الحديث المقبول ؛ يقصد به عدم الاتصاف بصفة من الصفات الآتية :

1/ الانقطاع .                                   2/ الإعضال .                   3/ الإرسال .

4/ التدليس .                                     5/ التعليق .

و العلة :

هي العلة الخفية التي تقدح في الحديث ، ومن أمثلتها الإدراج .

و الإدراج : هو أن تزاد لفظة في متن الحديث من كلام الراوي ، فيحسبها من يسمعها أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى الكتب المصنفة في علم مصطلح الحديث ، الذي له رجاله وعلماؤه ، و من هذه الكتب :

1/ مقدمة ابن الصلاح .            2/ الكفاية في علم الرواية .

و من أشهر العلماء في هذا العصر :

الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله ، و الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله  ، والشيخ حماد الأنصاري رحمه الله  ، ويمكن الرجوع إلى كتبهم للاستزادة .          

 

دقة العلماء في كتابة الأحاديث ونقلها وضبطها :

1ـ الرحلة في طلب الحديث: من النماذج : سفر شعبة بن الحجاج إلى ثلاث مدن للتأكد من صحة حدي واحد :

قال الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله - في خاتمة تحقيقه للإلزامات و التتبع - :

"...  فهذا شعبة بن الحجاج لما حدثه شيخه أبو إسحاق بحديث  عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر في فضل الوضوء ، فقال شعبة لأبي إسحاق : أسمعه عبد الله بن عطاء من عقبة بن عامر ؟ فغضب أبو إسحاق ، ثم رحل شعبة إلى عبد الله بن عطاء بمكة ، فقال عبد الله بن عطاء : حدثني به سعد بن إبراهيم؛ وسعد مدني فرحل  شعبة إلى المدينة فقال سعد : حدثني به زياد بن مخراق وهو بصري فرجع  شعبة إلى البصرة ، ثم قال زياد : حدثني به شهر بن حوشب عن أبي ريحانة عن عقبة بن عامر ، فقال شعبة : أفسده عليّ شهرٌ ، ولو صح لكان أحب إليّ من أهلي ومالي وولدي ، ذكر هذه القصة الخطيب في الرحلة وفي الكفاية ، وابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل في ترجمة شعبة والذهبي في الميزان في ترجمة عبد الله بن عطاء مع أن الحديث ثابت في صحيح مسلم من غير هذه الطريق ". ([41])

2ـ عدم المحاباة في جرح وتعديل الرواة :

ـ قال علي بن المديني في والده عندما سئل عنه : "اسألوا غيري" ، فقالوا سألناك ، فأطرق ، ثم رفع رأسه ، وقال : "هذا هو الدين ، أبي ضعيف" 

ـ قال أبو داود في ابنه عبد الله : "ابني عبد الله كذاب"

ـ قال يزيد بن أبي أنيسة في أخيه يحيى : "أخي يحيى يكذب فلا تخبروا به أحداً"  ([42])

3ـ من شروط صحة الحديث : اتصال الإسناد ؛ وللعلماء - للتحقق من اتصال السند - قواعد مهمة منها :

ـ جهودهم في تقسيم الرواة لطبقات (طبقة الصحابة ، طبقة التابعين ، طبقة تابعي التابعين ، ...)المعاصرة

ـ حصرهم لرواة الأحاديث ومعرفة تواريخ مواليدهم ووفياتهم وغير ذلك.

ـ حصرهم للرواة الذين يروون عمن عاصروهم ولكن لم يلقوهم ولم يسمعوا منهم لكونهم في مكان بعيد مثلاً (المرسل الخفي)

ـ حصرهم للرواة الذين يروون عمن عاصروهم وسمعوا منهم ـ ما لم يسمعوه منهم  ؛ بصيغة توهم السماع منهم (تدليس الإسناد)

4ـ ومن شروط صحة الحديث : ضبط الراوي لما سمعه وثباته في صدره (إذا حدث من حفظه) ، وللتحقق من ذلك لهم جهود منها :

ـ حصرهم للحفاظ والضابطين ومعرفتهم ، وحصر غير الضابطين والضعفاء ومعرفتهم ؛ ومن المصنفات في ذلك (طبقات الحفاظ للسيوطي ، و الكامل في الضعفاء لابن عدي)

ـ حصرهم لمن اختلط في آخر عمره واختل ضبطه لكبر سنه ، أو كان يحدث من كتبه فاحترقت أو ضاعت أو نحو ذلك وتحديد مكان وزمان اختلاطه وتمييز ما رواه قبل الاختلاط وبعده ، ومعرفة من روى عنه قبل الاختلاط ومن روى عنه بعده (مثل عبد الله بن لهيعة) .

5ـ معرفة المدرج من الحديث : ومن جهودهم تمييزهم للألفاظ أو الجمل التي أدخلها بعض الرواة في أول الأحاديث أو في ثناياها أو في أواخرها وهي ليست من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتصنيف المصنفات في ذلك ومثال ذلك : "ما رواه الخطيب ... عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار" فقوله : " أسبغوا الوضوء " مدرج من قول أبي هريرة..." ([43])

6ـ معرفة الموضوع من الحديث: ومن جهودهم:

ـ حصرهم للرواة الكذابين الذين يختلقون الأحاديث ويضعون متونها.

ـ تمييزهم للحديث الموضوع بملاحظة قرائن مختلفة ؛ منها مخالفة اللغة الصحيحة والفصيحة مع ملاحظة الرواة في الإسناد.

7ـ ومن جهودهم في تمييز الراوي الثقة عن غيره :

ـ معرفة المتفق والمفترق : وهم الرواة الذين اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم فصاعداً واختلفت أشخاصهم ، وصنفوا المصنفات في حصرهم ، مثل (المتفق والمفترق/ للخطيب البغدادي)، قال ابن الصلاح رحمه الله : مثاله : "الخليل بن أحمد ؛ ستة..." ([44]) ؛ أي هنالك ستة أشخاص باسم الخليل بن أحمد .

     

   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أحكام وردت بالسنة ولم ترد بالقرآن

 

أخي القارئ ، أحببت أن أختم هـذا المبحث في موضوع السنة بموضوع العنوان أعلاه لدلالته على أن كثيراً من الأحكام قد وردت بالسنة ولم ترد بالقرآن ولو قمنا برد السنة لهدمنا الدين .

وقد سبق ذكر الحديث :" ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه" .

من هذه الأحكام : ترتيباً على الأبواب الفقهـية

أولاً : الطهـارة :

أنواع المياه .

النجاسات .

الوضوء : (المضمضة ، الاستنشاق، الاستنثار، مسح الأذنين).

كيفية التيمم.

ثانياً : الأذان :

الأذان وصيغته .

الإقامة وصيغتهـا .

ثالثاً : الصلاة :

7-  الصلوات المفروضة :(الفجر ،الظهـر، العصر، المغرب ، العشاء).

8-  مواقيت الصلاة : (حددت السنة وقت كل صلاة ).

9-  أعداد ركعات الصلوات .(الفجر ركعتان ، الظهـر أربع ،...)

10-  أفعال الصلاة (تكبيرة الإحرام ، والتكبيرات ، دعاء الاستفتاح، الركوع و السجود، وكيفيتهـما وأدعيتهـما، وأدعية ما بين السجدتين ، والتشهـد  ، والسلام)

11- السنن القبلية والبعدية (ركعتي الفجر، الوتر،...)

12- الأدعية والأذكار بعد الصلاة (منهـا سبحان الله 33 ، الحمد لله33،الله أكبر33،... )

13- صلاة السفر ، وكيفية القصر، والجمع تقديماً وتأخيراً.

14- الصلاة في السفينة وعلى الدابة ([45]).

15- صلاة الكسوف والخسوف .

16- صلاة الاستسقاء .

17- صلاة الجنازة.

رابعاً : الزكاة :

الأموال الخاضعة للزكاة والتي فصلتهـا السنة (النقدين ، عروض التجارة، الزروع والثمار ، الإبل ، البقر ، الغنم) .

أنصبة الزكاة .

الحول .

خامساً :الصيام :

مبطلات ومفسدات الصيام .

الكفارات ،...

صيام أصحاب الأعذار (الحائض ، الحامل ، المرضع ،...).

سادساً  : الحج :

مناسك الحج (الإحرام ، الطواف ، عدد الأشواط ، السعي،الوقوف بعرفة ،...).

أنواع الحج  ، و كيفية  :( الإفراد ، التمتع ، القران) .

مفسدات الإحرام والكفارات ،...

سابعا : الحدود :

رجم الزاني المحصن .

تغريب الزاني غير المحصن .

لا يقتل أب بابنه.

لا يقتل مؤمن بكافر .

لا يقتل مالك بمملوكه .

الديات وقيمهـا.

دية الجنين (السقط).

نصاب السرقة .

القطع من مفصل الكف في السرقة.

حد الخمر .

 

ثامنا : الأطعمة والأشربة :

تحريم الحمر الأهـلية .

تحليل لحوم الخيل .

تحليل ميتة السمك والجراد .

تحليل الكبد والطحال .

تحريم كل ذي مخلب من الطير وذي ناب من السباع .

تاسعا : الزينة :

تحليل الذهـب والحرير للإناث ، وتحريمه على الذكور.

لعن الواصلة و النامصة والواشرة والواشمة والمتفلجات للحسن .

 

عاشرا : النكاح :

عدد الرضعات المحرمة .

تحريم الجمع بين الزوجة وعمتهـا أو خالتها (القرآن نهـى عن الجمع بين الأختين).

حادي عشر : الفرائض :

لا وصية لوارث .

حرمان القاتل عمداً من الميراث .

ميراث الجدة للسدس .

ثاني عشر: أخرى :

أخذ الجزية من المجوس .

المزارعة والمساقاة .

الختام : أما في مجال العقيدة فهـناك أمور كثيرة لم تذكر إلا في السنة (مثل نواقض التوحيد  ومنها : النهـي عن الحلف بغير الله ، اتخاذ التمائم ، البناء على القبور ، اتخاذ القبور مساجد،...).

سؤال مباشر لـ(شيخ حسن) : ماذا بقي من الدين إن لم نقبل ما جاء من السنة في الأحكام أعلاه ؟! ؛ إذاً لا تبقى عروة من عرى الإسلام إلا انحلت .


البدعة

 

في محاضرته تجديد الفكر الإسلامي بجامعة الخرطوم (بتاريخ 22/4/2006م)  ذكر (شيخ حسن) بالنص الآتي : " الاجتهاد أوقفوه  ، وأوقفوا العقل ؛ أي كلام جديد يسمى بدعة ، كلفونا بالتجديد ، ما بجيبوا  نبي جديد ،  قال ما تتجمدوا القوة الرمي ! – (ويشير بيديه كالنشاب)- جيبو حصين [ويقصد جمع حصان].. جيبو حصين.. دبابات لا.. طيارات لا.. غواصة لا ؛ بدع  ، دي  بدع  ما أمر بها الرسول( وقالها باللهجة السعودية ) !!

 

أبدا الرد عليه بالنقاط التالية فأقول :  

أولاً : وبضدها تتمايز الأشياء :

 الليل والنهار، الذكر والأنثى ، الثواب والعقاب ، الجنة والنار ، العدل والظلم ،الدنيا الآخرة، وهكذا...

 

ثانياً : مصطلحات مهمة في مجال العقيدة :

الإيمان ضده الكفر. والتوحيد ضده الشرك. والسنة ضدها البدعة.

- وقد ورد تعريف البدعة في مختار الصحاح بالآتي :

  البدعة : الحدث في الدين بعد الإكمال .

ومن ذلك نفهم أن البدعة هي : طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه .      ([46])

 

ثالثاً : الأدلة على التحذير من البدعة :

حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من البدعة في أقواله ومنها :

1- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ »([47])

2- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ : ’’مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ‘‘ ([48])

3- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَة اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً » ([49])

 

- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- :’’ اتَّبِعُوا وَلاَ تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُم ‘‘ ([50])

 

 

والتحذير من البدعة جاء مشدداً لأنّ من زاد في هذا الدين شيئا ليس منه يقع في أمور خطيرة ؛ منها :

1- كأنه يقول : إن الدين لم يكتمل! ؛ وبذلك يخالف الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة :3]           

2- كأنه يقول أن الله قد نسي - تعالى الله عن ذلك وتنزه - وبذلك يخالف الآية :

(وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا )  [مريم : 64] ، وقوله تعالى :( قَال عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى) [ طه : 52]  .

فهو بكل شيء محيط ؛ فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها "  .([51])

 

3- كأنه يقول أن زيادته من الدين! ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ كل ما أنزل إليه، وبذلك يخالف الآية : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس) [المائدة :67]

4-أن الزيادة منه لأمر لم يفطن إليه الرسول، صلى الله عليه وسلم ! ، فيكون والعياذ بالله قد جعل نفسه أفضل مرتبة من خاتم الأنبياء والمرسلين سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام .

5- أن الزيادة ليست من الدين ولكنه يستحسنها -وهنا يكون قد نصب نفسه مشرعاً يشرع لنفسه ما شاء  ؛ قال الإمام مالك رحمه الله : ’’ مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )، فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً ‘‘ ([52])

- قال الإمام الشافعي رحمه الله : "من استحسن فقد شرع "  ([53])

6-   أن صاحب البدعة لا يتوب منها ، إلا من رحمه الله وهداه ، بينما نجد أن أصحاب المعاصي والموبقات يتوبون ، فكم من قاتل أو زان أو شارب للخمر قد تاب وحسن عمله ، لأنه يعرف أن ما يفعله معصية ، ولكن صاحب البدعة يظن انه على حق ويظن انه لا يفعل معصية لان في ظاهر معصيته حسنة ونيته قد تكون حسنة وقد سبق ذكر من قال :" يعذبني الله على الصلاة ؟ قال : لا و لكن يعذبك على خلافك السنة" ([54])

قال الشيخ الألباني رحمه الله :" ( فائدة ) : روى البيهقي بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه فقال : يا أبا محمد ! أيعذبني الله على الصلاة ؟ ! قال : لا ولكن يعذبك على خلاف السنة . وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة ! ! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك ". ([55])

وقال سفيان الثوري : " البدعة أحب إلى إبليس من المعصية فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها "  ([56])

 ونختم  بقوله صلى الله عليه وسلم  :  ’’ إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ‘‘ ([57])

7- أن صاحب البدعة يطرد من حوض النبي صلى الله عليه سلم :

عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى المقبرة فقال « السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا ». قالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله قال « أنتم أصحابى وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ». فقالوا كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله فقال « أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهرى خيل دهم بهم ألا يعرف خيله ». قالوا بلى يا رسول الله. قال « فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض ألا ليذادن رجال عن حوضى كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم. فيقال إنهم قد بدلوا بعدك. فأقول سحقا سحقا ». ([58])

رابعاً : البدعة في العبادات :

 البدعة في العبادات لا العادات ولا الصناعات:- مما سبق نفهم أن البدعة "ترجع في واقعها إلى اختراع عبادة لم تكن معروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد بها نقل صحيح ولا تدل عليها أدلة شرعية معتبرة، فهي أولا خاصة بما يتعبد به، إذا فلا ابتداع في العادات ولا في الصناعات ولا في وسائل الحياة العامة " ([59]) ؛ وأقول  : ( العادات بعضها قد تصبح بدعة ).

 

*الرد على (شيخ حسن):-

أنني في كل الكتب التي قرأتها من علماء السلف (خاصة علماء السعودية ) ، وفي كل ما سمعته أو شاهدته عبر الوسائل السمعية والبصرية، لم أجد ولا عالماً واحداً قد قال بمنع استخدام الوسائل الحديثة، ولا أظن أن واحداً هناك لا يستخدمها، و يستخدم الدواب في تنقله.

أن السعودية قد استفادت من كل وسائل التكنولوجيا الحديثة من أجهزة حاسوب ، ووسائل اتصالات ، وأجهزة كهر بائية (ثلاجات /غسالات ) ، ووسائل نقل (طائرات /سيارات )وغيرها ولم يعترض احد.

أن السعودية الآن لها جيش نظامي، مسلح بأحدث الأسلحة، من الدبابات والطائرات الحربية والراجمات والأسلحة الأخرى، ولم اسمع أن عالماً أيضا قد اعترض على ذلك.

 

خامسا: أشكال الوقوع في البدعة:-

المخالفة في بعض الأمور تصبح بدعة، وتأخذ أشكالا متعددة في النواحي التالية:-

الأزمنة:-

مثال: حددت الشريعة عبادات مرتبطة بأزمنة معينة (الحج، الصيام، صيام ست من شوال، صيام يوم عرفة، صيام يوم عاشوراء، الأيام البيض ، وصيام الاثنين والخميس ) ومن الأزمنة المعينة أيضا: (أيام العدة للزوجة المتوفى زوجها، عدة المطلقة، الإحداد على الميت) ثم يأتي شخص فيخالف ذلك باختراع أزمنة جديدة ومن أمثلتها:-

ا/ إحياء ليلة النصف من شعبان، وصوم نهارها.

ب/ عبادات تختص بأول جمعه من رجب.

ج/ إقامة احتفالات الأربعين، والحوليات خاصة عند شيوخ المتصوفة ، والوقوف دقيقة حداداً على الأموات .

د/ التوسعة على العيال يوم عاشوراء.

 

 

 

الأمكنة:-

 بخلاف ما جاء في الشريعة من تعظيم أماكن محددة، كمكة، والمدينة، وغيرها وربطها بعبادات وآداب معينة، نجد من يخترع أيضاً ما لم ينزل به الله سلطاناً:

ا/ وجوب 40 صلاة في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ب/ الإتيان بتحية المسجد أو ركعتين في مصلى العيد وهي لم ترد إلا في المساجد.

ج/ تجصيص القبور، أو البناء عليها.

د/ قراءة سورة يس في المقابر، وعند رأس الميت في بيته.

هـ/ ومن البدع الشركية الطواف حول الأضرحة وتقبيلها (وهي عبادات تختص بالكعبة والحجر الأسود فقط )، ومن يفعلها فهو مشرك بالله لأنها اخطر من البدعة .

*هناك مكان في المملكة المغربية بنوا فيه بيتاً يشبه الكعبة يحجون أليه، ويطوفون حوله، ويلبون (لبيك اللهم لبيك...)لمن لا يتمكن من الحج وغير المقتدر!.

الأعداد:

 هناك أعداد معينة مرتبطة بالأذكار والأدعية، وقد ورد عن الرسول الأعداد ( 100،34،33،10،7،4،3،1)وغيرها.. فنجد من يزيد عليها، بأن يقول لك: قل سبحان الله بعدد أهل بدر 313 مرة.... أو أن تصلي على الرسول150 ألف مرة. ويجعل لذلك مسبحة ألفية. وكلها أمور لم ترد؟ رأيت أحدهم يضع في حقيبته مسبحة واحدة (لالوبة) قلت له لماذا هي كبيرة قال حباتها 5 ألف ثم قال: " ذكر تقيل " !!.

*الغريب أن الطبيب عندما يكتب لمريض (روشتة) بالدواء، ويقول :( ابلع الحبوب) كالأتي :

حبة في اليوم، أو حبتان صباح ومساء، أو ثلاث حبات يومياً، أو حبة كل 6 ساعات أي 4 مرات يومياً، وهكذا. نجد أن المريض يكون حريصاً و شديد الالتزام بتنفيذ ما طلب منه حتى وان كانت الجرعات قاسية (فمثلا حقنة السعر كانت 24 حقنة يومياً حول السرة ) وذكر لي زميل بأن ابنه مريض بالأزمة – الربو- فكتب له طبيب مصري (250 حقنة )، تأخذ يومياً دون توقف، عندما عاد للسودان بدأ يأخذ الحقن عند الحقنة (220 ) شفي الابن فاتصل تلفونياً بالطبيب المصري -(لاحظ حرص الزميل)- فأمره الطبيب بإكمال الجرعات، قال لي فأكملتها (250 حقنة) وقلبي يتقطع على ابني ،الذي كان يتألم يومياً بأشد الألم.

*الالتزام لأن المريض يعرف بأن الجرعة إن نقصت قد لا يشفى من مرضه، وان زادت فسوف تكون لها أثار جانبية.

*الالتزام لأن المرضى يعلمون أن الجرعات وضعت بعد دراسة معملية مختبرية.. وتجارب على حيوانات و أناس... أوصلت إلي الأعداد المحددة .

*إن الله سبحانه وتعالى الذي قال: ((ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)) عندما يحدد لك جرعات "أعداد" الذكر والأدعية، هو وحده سبحانه وتعالى الذي يعرف الحكمة.... لماذا لا نلتزم، عجبي ؟! لماذا لا نلتزم وفي الأدعية والأذكار شفاء للأبدان، والنفوس، والقلوب، و الأرواح.

* أمثلة من بعض الأعداد الصحيحة الواردة في الأذكار والأدعية :

ا/ الذكر مرة واحدة: (من صلى علي مرة صلى الله عليه عشراً)

ب/ثلاث مرات:(سبحان ربي العظيم في الركوع )(سبحان ربي الأعلى في السجود)

ج/ أربع مرات: (اللهم أني أصبحت أشهدك، واشهد حملة عرشك، وملائكتك، وجميع خلقك، انك أنت الله لا اله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وان محمدا عبدك ورسولك ) حين يصبح الإنسان أو يمسي.

د/سبع مرات ما من عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبع مرات اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي ).

هـ/ عشر مرات:(لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير ). بعد صلاتي المغرب والصبح.

و/ثلاثة وثلاثين : عقب الصلاة "سبحان الله "،"الحمد لله" ،"الله اكبر" تمام المائة لا إله إلا الله.....مجموعها (مائة)

ز/ أربعة وثلاثين:عند النوم (سبحان الله 33مرة )، (الحمد لله 33 مرة )، (الله اكبر34 مرة) مجموعها مائة، ملحوظة: لا تستطيع أن تجعل الله اكبر بعد الصلوات 34، ولا أن تجعل الله اكبر عند النوم33.

ع/مائة مرة:الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في أذكار اليوم.

 وهكذا... بالله ما هو الأيسر أن لا تزيد الأذكار عن مائة مرة في أقصى حالاتها، أم أن يشغل الناس أنفسهم بأذكار تتخطى العشرة ألاف.

4. المقادير:-

فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ) البخاري

(لا تستطيع أن تجعل الصاع نصف صاع.أو أكثر من صاع )

5. الجنس:-

في زكاة الإبل..."في خمس وعشرون بنت مخاض إلى خمس وثلاثين " فان زادت ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعون، وهكذا إلى آخر الحديث.

* بنت مخاض : أنثى الإبل التي أتمت سنة ودخلت في الثانية .

* بنت لبون : أنثى الإبل التي أتمت سنتان ودخلت في الثالثة .

(لا تستطيع أن تعكس الجنس فتدفع في 25 إلي 35 بنت لبون، أو من36 إلي 45 بنت مخاض، لأنك قد غيرت العمر، وان غيرت بنت مخاض إلى شاه من الغنم لا يجوز، لأنك قد غيرت الجنس.

          6.الألفاظ و التعابير:- هناك بدع متعددة.

ا/ الذكر بالاسم المفرد الله...الله...الله أو يا حي يا قيوم، أوحى قيوم، حي قيوم .

ب/ في الأذان يزيد الشيعة، بعد حي على الفلاح (حي على خير العمل ) وبعد اشهد أن محمدا رسول الله (اشهد أن علياً ولي الله)

ج/ يتفل بعض الناس على الإبهامين عند قول المؤذن، اشهد أن محمداً رسول الله...ثم يمسح على عينه قائلاً:

مرحباً بحبيبي، وقرة عيني، محمد صلى الله عليه وسلم.

د/ التلفظ بالنية في العبادات.

والسنة تلزم بما جاء في العبادات من ألفاظ ومما يستدل به على الحرص على الدقة في الألفاظ الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ؛الحديث:

 عن سعد بن عبيدة مرفوعاً : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم أسلمت نفسي إليك ، و وجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ؛ رغبة و رهبة إليك ، لا ملجأ ولا نجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت ، وقال صلى الله عليه وسلم : من قالهن ثم مات تحت ليلته مات على الفطرة ، قال فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت : " اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت " . قلت : و رسولك ! قال : " لا ، و نبيك الذي أرسلت "   . ([60])

فلا يستطيع كائن من كان أن يضيف مثلا للأذان كلمة سيدنا فيقول واشهد أن سيدنا محمدا رسول الله.

7. الطريقة والكيفية: هناك بدع تختص بالطريقة والكيفية ومن أمثلتها:-

ا/ قراءة القران في الركوع أو السجود

ب/ قراءة الفاتحة عند الميت بدلاً عن قول : (أحسن الله عزاءك )

ج/ شاهدت في بغداد في احد مساجد الشيعة (ولم أكن اعرف أنه مسجد للشيعة) أن احدهم قد دخل إلى المسجد ثم فتح المسجل (الريكوردر) ثم بث الأذان عبر (الميكروفون)...فقلت له : يا هذا لم لا تؤذن أنت قال لي : ما الفرق ؟!.. فخرجت ..فسألت أحدهم.. فقال هؤلاء هم الشيعة قلت له وكيف اعرف مسجد أهل السنة من مسجد الشيعة...فأشار إلى أعلى المئذنة..فقال لي المئذنة في الأعلى إذا كان مكتوب عليها (الله  ، محمد ،  الله ، محمد) فهو من مساجد السنة...وإن كان مكتوب عليها( الله ، محمد ، علي ، الله ، محمد ، علي) فهو من مساجد الشيعة .

د/ أن يتم الأذان بواسطة أربعة مؤذنين في شكل -(كورال)- جماعي وهذا يحدث في بعض المساجد السورية.

هـ/ طريقة الذكر الجماعي بـ( الطار ، والنوبات ) ، والدوران ، والتسبيح بالمسبحة لا اليد.

و/ الدعاء عند كل عضو يغسل في الوضوء[ لضعف ما ورد في ذلك ].

ز/ الإقامة في النوافل  ، وهي تقتصر على الصلوات المكتوبة  .

ح/ الإقامة في صلاتي الكسوف والخسوف؛إذ ينادى لها بـ( الصلاة جامعة ..الصلاة جامعة).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

السلف الصالح

 

في محاضرته ( تجديد الفكر الديني) التي أقيمت بجامعة الخرطوم سخِر (شيخ حسن ) - بلهجة دارجة - من السلف والسلفيين بقوله :

" كن سلفي ..السلف رضي الله عنهم ! .. السلف الصالح ..سلفي ..سلفي ...سلفي كل ما ترجع ورا إنت أحسن مما تمشي لي قدام !... ما تمشي لي قدام ...الدين يمشي لي ورا !!!) ،

وفي رده على أحد المعقبين عليه قال : " سلفي يعني مضى ، قد يكون صالحا وقد يكون سيئاً ورجعياً ! "  ، وفي جزء من المحاضرة قال :

" قول : قال فلان ، أي اسم يقبل كلامك ؛ قال أبو النور، حتى لو ما قلت ليهم عايش سنة كم " .

وفي جزء آخر :

" العلماء لا يتحدثون عن الجوع .. الطغيان الظلم .. أو الضرائب أو الطبقية ... لكن إن تحدثت عن الشنب [أي الشارب] ! (الدنيا تقوم) ... ديكور .. الجبة تطول أم تقصر ..اللحية ،..." .

وهكذا استمر (شيخ حسن ) مستهزئاً بالسلف والجماعات السلفية كأنهم عنوان للتخلف والرجعية .

 

الرد :-

أبدا بالرد فأقول :

إن السلف الصالح هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ، إن السلف الصالح هم – صفوة الأمة وينبوعها الصافي ، ومنهلها العذب ، ومصابيح الظلام ..

و للاستدلال على فضلهم أستشهد بالآتي :-

1/ أمر الله سبحانه وتعالى بالاقتداء بهم:-

أمر الله سبحانه وتعالى بعد أن ذكر بعض الأنبياء ومن أضيف إليهم من الآباء والذرية والأخوة ؛ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بأن يقتدي بهم  ؛ قال تعالى :( أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بها هؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بها قَوْمًا لَيْسُوا بها بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هدَى الله فَبهدَاهمُ اقْتَدِه قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عليه أَجْرًا إِنْ هوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) [الأنعام :89-90] .

2/شهادة المصطفي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم :-

- عَنْ عَبْدِ الله عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهمْ  ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهادَةُ أَحَدِهمْ يَمِينَه وَيَمِينُه شَهادَتَه » ([61])

-  عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : مَا مِنْ يَوْمٍ إِلا وَالَّذِي بَعْدَه شَرٌّ مِنْه ، سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه  

   وسلم([62])

لذلك فإن أفضل من مشى على الأرض بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد الأنبياء، صحابته الغر الميامين رضي الله عنهم  ، ثم التابعين .

وقد جاء ذكر أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم في أكثر من آية ؛

نذكر منها :

- قوله تعالى :( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ الله عَنْهمْ وَرَضُوا عَنْه وَأَعَدَّ لهمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَها الْأَنْهارُ خَالِدِينَ فِيها أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة :100] .

- وقوله تعالى : ( لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوه فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهمْ ثُمَّ تَابَ عليهمْ إِنَّه بهمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )[التوبة :117].

- وقوله تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَه أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهمْ تَرَاهمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ الله وَرِضْوَانًا سِيمَاهمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلهمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلهمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَه فَآزَرَه فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِه يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بهمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح :29] .

- وقوله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ  )

[الواقعة : 10-12] .

 

اقوال أخرى من رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم - تمجد السلف الصالح :-

 

1/ عَنْ أَبِى هرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَسُبُّوا أصحابي لاَ تَسُبُّوا أصحابي فَوَا الذي

نَفْسِى بِيَدِه لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهمْ وَلاَ نَصِيفَه » ([63])

2/  عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الْفَجْرَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا

مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ لها الأَعْيُنُ وَوَجِلَتْ مِنْها الْقُلُوبُ قُلْنَا أَوْ قَالُوا يَا رَسُولَ الله كَأَنَّ هذه مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ

فَأَوْصِنَا. قَالَ « أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيًّا فَإِنَّه مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِى

اخْتِلاَفاً كَثِيراً فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهدِيِّينَ وَعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ

الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ». ([64])

3/ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيه قَالَ رَفَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- رَأْسَه إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَرْفَعُ

رَأْسَه إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِى

فَإِذَا ذَهبْتُ أَتَى أَصْحَابِى مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِى أَمَنَةٌ لأُمَّتِى فَإِذَا ذَهبَ أَصْحَابِى أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ »([65])

4/  عَنْ عَدِىِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّه قَالَ فِى الأَنْصَارِ « لاَ يُحِبهمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضُهمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ مَنْ أَحَبهمْ أَحَبه الله وَمَنْ أَبْغَضَهمْ أَبْغَضَه الله »([66])

اقوال بعض الصحابه والصالحين :-

1/ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :-

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : " إِنَّ الله نَظَرَ فِى قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاه لِنَفْسِه فَابْتَعَثَه بِرِسَالَتِه ثُمَّ نَظَرَ فِى قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابه خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلهمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّه يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِه..."  ([67])

وعنه : " من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً و أعمقها علماً و أقلها تكلفاً و أقومها هدياً و أحسنها حالاً ، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم و إقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، و اتبعوهم في آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم " .([68])

2/ عمر بن عبد العزيز :-

( كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَله عَنْ الْقَدَرِ فَكَتَبَ أَمَّا بَعْدُ أُوصِيكَ بِتَقْوَى الله وَالِاقْتِصَادِ فِي أَمْرِه وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ بَعْدَ مَا جَرَتْ به سُنَّتُه وَكُفُوا مُؤْنَتَه فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ فَإِنَّها لَكَ بِإِذْنِ الله عِصْمَةٌ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّه لَمْ يَبْتَدِعْ النَّاسُ بِدْعَةً إِلَّا قَدْ مَضَى قَبْلها مَا هوَ دَلِيلٌ عليها أَوْ عِبْرَةٌ فِيها فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّها مَنْ قَدْ عَلِمَ مَا فِي خِلَافِها وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ كَثِيرٍ مَنْ قَدْ عَلِمَ مِنْ الْخَطَإِ وَالزَّلَلِ وَالْحُمْقِ وَالتَّعَمُّقِ فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ به الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهمْ فَإِنَّهمْ عَلَى عِلْمٍ وَقَفُوا وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا وَهمْ عَلَى كَشْفِ الْأُمُورِ كَانُوا أَقْوَى وَبِفَضْلِ مَا كَانُوا فِيه أَوْلَى فَإِنْ كَانَ الهدَى مَا أَنْتُمْ عليه لَقَدْ سَبَقْتُمُوهمْ إِلَيْه وَلَئِنْ قُلْتُمْ إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَهمْ مَا أَحْدَثَه إِلَّا مَنْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلهمْ وَرَغِبَ بِنَفْسِه عَنْهمْ فَإِنَّهمْ همْ السَّابِقُونَ فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيه بِمَا يَكْفِي وَوَصَفُوا مِنْه مَا يَشْفِي فَمَا دُونَهمْ مِنْ مَقْصَرٍ وَمَا فَوْقَهمْ مِنْ مَحْسَرٍ وَقَدْ قَصَّرَ قَوْمٌ دُونَهمْ فَجَفَوْا وَطَمَحَ عَنْهمْ أَقْوَامٌ فَغَلَوْا وَإِنَّهمْ بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَى هدًى مُسْتَقِيمٍ...) ([69])

3/ يحيي بن يحيي :-

عن يحيي بن يحيي أنه ذكر الأعراف وأهله فتوجع واسترجع ، ثم قال : قوم أرادوا وجهاً من الخير فلم يصيبوه ، فقيل له : يا أبا محمد ، أ فيرجى لهم مع ذلك لسعيهم ثواب ؟ فقال : ليس في خلاف السنة رجاء ثواب. ([70])

4/ الإمام احمد:-

قال : " أصول السنة عندنا التمسّك بما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " . ([71])

 

فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :-

إن حاولت تسجيل ما سطر عن الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين وبعض الصحابة من قياداتهم وعلمائهم في التفسير والحديث لاحتجت لمجلدات ... ودونك كتب السيرة والتراجم .. ولكنني سأكتفي بأمثلة محدودة وردت في تمجيد بعضهم ومن أولئك :

1/ السيدة خديجة رضي الله عنها:-

عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام  قال له : هذه خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيه طَعَامٌ أَوْ إِنَاءٍ فِيه شَرَابٌ فَأَقْرِئْها مِنْ رَبها السَّلَامَ وَبَشِّرْها بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيه وَلَا نَصَبَ . ([72])

2/ أبي بن كعب رضي الله عنه :-

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْه قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُبَيٍّ إِنَّ الله أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهلِ الْكِتَابِ قَالَ وَسَمَّانِي قَالَ نَعَمْ فَبَكَى. ([73])

3/ ماعز رضي الله عنه :-

جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ الله طَهرْنِى. فَقَالَ « وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ الله وَتُبْ إِلَيْه ». قَالَ فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله طَهرْنِى. فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- « وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ الله وَتُبْ إِلَيْه ». قَالَ فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله طَهرْنِى. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قَالَ له رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- « فِيمَ أُطَهرُكَ ». فَقَالَ مِنَ الزِّنَى. فَسَأَلَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- « أَبه جُنُونٌ ». فَأُخْبِرَ أَنَّه لَيْسَ بِمَجْنُونٍ. فَقَالَ « أَشَرِبَ خَمْرًا ». فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهه فَلَمْ يَجِدْ مِنْه رِيحَ خَمْرٍ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- « أَزَنَيْتَ ». فَقَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ به فَرُجِمَ فَكَانَ النَّاسُ فِيه فِرْقَتَيْنِ قَائِلٌ يَقُولُ لَقَدْ هلَكَ لَقَدْ أَحَاطَتْ به خَطِيئَتُه وَقَائِلٌ يَقُولُ مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ أَنَّه جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَضَعَ يَدَه فِى يَدِه ثُمَّ قَالَ اقْتُلْنِى بِالْحِجَارَةِ - قَالَ - فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَهمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ « اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ». قَالَ فَقَالُوا غَفَرَ الله لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. - قَالَ - فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- « لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهمْ ». ([74])

* أمة يتنازل فيها الأنصار عن زوجاتهم بعد الطلاق ايثاراً للمهاجرين ، أمة يمكث فيها القاضي لسنوات فلا يأتيه خصم ، أمة يذهبون إلي بعض قراها بالزكوات فتعاد لأن الله قد ملأ قلوبهم قناعة وصبراً .

لذلك أمرنا باتباعهم .. قال تعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ له الهدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَله مَا تَوَلَّى وَنُصْله جَهنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) [النساء: 115] .

* هم أعلم الناس بالكتاب والسنة .. وهاك واحداً منهم وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه والذي قال : "وَالله الَّذِي لَا إِله غَيْرُه مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ الله إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ الله إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ الله تُبَلِّغُه الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْه" ([75])

 

أمة عافيتها في أولها :-

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال :

" إِنَّه لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ حَقًّا عليه أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَه عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُه لهمْ وَيُنْذِرَهمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُه لهمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هذه جُعِلَ عَافِيَتُها فِى أَوَّلها وَسَيُصِيبُ آخِرَها بَلاَءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَها وَتَجِىءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُها بَعْضًا وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هذه مُهلِكَتِى. ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هذه هذه. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِه مَنِيَّتُه وَهوَ يُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْه وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاه صَفْقَةَ يَدِه وَثَمَرَةَ قَلْبه فَلْيُطِعْه إِنِ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُه فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَر"([76])

فان جاءتنا الفتن فممن نأخذ العلم الصحيح ؟

يجيب على ذلك ابنُ سيرين رحمه الله وهو من التابعين بقوله :-

" لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الإِسْنَادِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ قَالُوا سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ فَيُنْظَرُ إِلَى أَهلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهمْ وَيُنْظَرُ إِلَى أَهلِ الْبِدَعِ فَلاَ يُؤْخَذُ حَدِيثُهمْ "  وقوله : " إِنَّ هذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ ". ([77])

لذلك حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنصاف العلماء ، والكذابين والدجالين !!:

عَنْ أَبِى هرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أَنَّه قَالَ « يَكُونُ في آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهمْ لاَ يُضِلُّونَكُمْ وَلاَ يَفْتِنُونَكُمْ ». ([78])

وفي رواية له : « سَيَكُونُ في آخِرِ أمتي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ مَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهمْ ».

أ فبعد ذلك يأتي (شيخ حسن) بآرائه الشاذة فيمن أمرنا باتباعهم وأخذ الدين عنهم  ؟ ، ألا يستحقّ من مدحه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم التجلة والتقدير والاحترام بديلاً عن الاستخفاف والسخرية ؟! .

أقول لـ(شيخ حسن) ضع لبنة في بناء الإسلام الضخم ولا تحمل معولاً لهدم ما بناه من سبقكم من علماء الأمة الأجلاء !.. ولا تقل فيهم ما ليس فيهم :

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُه دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ ضَادَّ الله فِى أَمْرِه وَمَنْ مَاتَ وَعليه دَيْنٌ فَلَيْسَ بِالدِّينَارِ وَلاَ بِالدِّرْهمِ وَلَكِنَّها الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ وَمَنْ خَاصَمَ فِى بَاطِلٍ وَهوَ يَعْلَمُه لَمْ يَزَلْ فِى سَخَطِ الله حَتَّى يَنْزِعَ وَمَنْ قَالَ فِى مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيه أَسْكَنَه الله رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ » ([79])

أ رأيت حب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ؟ ، و يكفي وصفه لبعضهم :

عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَهلَ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً يُعَلِّمْنَا السُّنَّةَ وَالإِسْلاَمَ. قَالَ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِى عُبَيْدَةَ فَقَالَ « هذَا أَمِينُ هذه الأُمَّةِ ».([80])

ورُوي عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَرْحَمُ أُمَّتِى بِأُمَّتِى أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهمْ فِى أمْرِ الله عُمَرُ وَأَصْدَقُهمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَقْرَؤُهمْ لِكِتَابِ الله أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَفْرَضُهمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَعْلَمُهمْ بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيناً وَإِنَّ أَمِينَ هذه الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ».([81])

- قد تقول لي : أنا لم أقصد الصحابة إنما من جاء بعدهم ...فأقول لك لن تستطيع أن تتجرأ وتتحدث عن القرون الثلاثة الأولى ...وإن فعلتَ ذلك قلنا لك : أخطأت دون أن يهتزّ لنا جفنٌ !

 

الخيّرون في القرون الثلاثة الأولى ؛ من هم؟ :-

1/ قائدهم محمد صلى الله عليه وسلم .

2/ الخلفاء الراشدون (أبوبكر – عمر – عثمان – على ) رضي الله عنهم .

3/ بقيتهم الذين يكملون المبشرين بالجنة :

( الزبير بن العوام –طلحة بن عبيد الله – أبوعبيدة عامر بن الجراح – عبد الرحمن بن عوف ، سعد بن أبي وقاص ، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ) رضي الله عنهم .

4/ زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم- الطاهرات ، وآل البيت رضي الله عنهم .

5/ المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم .

6/ التابعون رحمهم الله .

 

* سأذكر أسماء بعض العلماء الأجلاء الذين أوصلوا لنا هذا الدين الناصع وهم من كانوا في القرون المذكورة :

مؤسسو مذاهب أهل السنة ( المذاهب الأربعة ) :

 

1/ الإمام أبو حنيفة رحمه الله ، (توفي سنة 150هـ ) .

2/ الإمام مالك رحمه الله  ، (توفي سنة 179 هـ ) .

3/ الإمام الشافعي رحمه الله ، (توفي سنة 204 هـ ).

4/ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، (توفي سنة 241 هـ ).

 

أصحاب كتب الحديث ؛ ومنهم :

 

1/ الإمام البخاري  ، (توفي سنة 256 هـ ) .

2/ الإمام مسلم ، (توفي سنة 261 هـ).

3/ الإمام أبوداود ، (توفي سنة 275هـ ) .

4/ الإمام الترمذي ، (توفي سنة 279 هـ ).

5/ الإمام النَّسائي ، (توفي سنة 303 هـ ) .

6/ الإمام ابن ماجه ، (توفي سنة 273 هـ ) .

7/ الإمام الطبراني ، (توفي سنة 360 هـ ) .

8/ الإمام أبو يعلى ، (توفي سنة 307 هـ ) .

9/ الإمام البزار ، (توفي سنة 292 هـ ) .

10/ الإمام ابن حبان ، (توفي سنة 354 هـ ) .

11/ الإمام الحاكم ، (توفي سنة 405 هـ ) .

 

وقد تقول : قد عنيت غيرهم  ، اقول لك لن تجد في أحد منهم مطعناً .. ؛ أذكر منهم ،  وأذكر ممن حملوا الراية بعدهم دون ترتيب :-

عبد الله بن المبارك – سفيان الثوري – سعيد بن جبير – عطاء بن أبي رباح – طاووس بن كيسان - إسحاق بن راهويه ( وهم من رجال الحديث )

الطبري – ابن الجوزي - ابن كثير – القرطبي - الشوكاني ( من مفسري القرآن العظيم )

العز بن عبد السلام – ابن تيمية – ابن القيم – ابن حزم – النووي -  العسقلاني - الشاطبي  .

 

- أتلاحظ أنني لم أذكر لك الأدباء والشعراء وعلماء اللغة والاجتماع والجغرافيا والرياضيات والطب .

أتريد أن تشطب كل هذه القائمة بجرة قلم وبجرأة لسان ؟

 

 

 

علماء منهج السلف الصالح :-

من تتبعي لكلماتك في المحاضرة المذكورة أرى أنك تقلد بنبرات صوتك علماء السعودية ومن سار على دربهم .. أقول لك : والله لقد زينت مكتبتي بكتب أهم العلماء في هذا العصر  ، وهم من هم إثراءً للفقه الإسلامي المستنبط من الكتاب والسنة ، وجدتهم قد بذلوا الجهد في تنقيح السنة من الشوائب [تصفية وتنقية] ، وجدتهم أكثر الناس حرصاً على محاربة الشرك والبدع ، أرادوا بمجهوداتهم إعادة الناس إلى صفاء الدين ونقاء العقيدة فجزاهم الله عن أمة الإسلام خيراً وأطال الله أعمار من بقي منهم ورحم الله من تُوفي منهم ..

 

علماء أفذاذ  ؛ منهم :-

1/ العلامة ومحدث هذا العصر بلا منازع :- محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .

اقتنيت أهم كتبه منذ وقت مبكر ؛ واستفدت منها فائدة عظيمة . وأصبحت زاداً لي ولزوجتي ولأبنائي .. ومن مؤلفاته :-

1- سلسلة الأحاديث الصحيحة  2- سلسلة الأحاديث الضعيفة   3- صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ) 4- جلباب المرأة المسلمة  5- تمام المنة في التعليق على فقه السنة 6- أحكام الجنائز 7- آداب الزفاف  8- تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد 9- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ، 10/صحيح و ضعيف السنن الأربعة (صحيح وضعيف أبي داود ، صحيح وضعيف الترمذي ، صحيح وضعيف النسائي ، صحيح وضعيف ابن ماجه ) ، وغيرها في مجموع كتب بلغت (231) كتاباً .

2/ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، والذي قام بالتركيز على محاربة الشرك والبدع وإعادة الناس إلي التوحيد ، ومحاربة الدجل والشعوذة ، و البناء على القبور  ، ودعاء المقبورين ، والتصدي لشطحات الصوفية ، والآن الدعوة من بعده مستمرة وأتباعها في تزايد قل نظيره في الحركات الإسلامية الأخري.

3/ سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ،  مفتي عام المملكة العربية السعودية سابقاً .

4/ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله .

5/ ابن جبرين رحمه الله .

6/ ربيع بن هادي عمير المدخلي .

7/ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله .

8/ سليم بن عيد الهلالي الأثري .

9/ على بن حسن بن على بن عبد الحميد الحلبي الأثري.

10/ أبو عبيدة مشهور بن حسن بن محمود آل سلمان .

 

سؤال برئ جداً ! ...هل قرأ  (شيخ حسن) لأولئك العلماء ؟ .

 

احتقار بعض أحكام الدين :-

عندما يصف (شيخ حسن) العلماء السلفيين الحاليين بأنهم علماء اللحى والشوارب والجلابيب

أتألم كثيراً ... خاصة أن هناك نبرة سائدة عند بعض الكتاب خاصة الصحفيين بوصف بعض العلماء بعلماء ( الحيض والنفاس )!! .

اتخاذ آيات الله وأحاديث الرسول هزواً :-

ذم الله سبحانه وتعالى من يتخذون آيات الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم هزوا ... :

1/ قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ  ) [التوبة : 65-66] .

2/ قال تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )   [ النساء :140].

3/ قال تعالى : (وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم) [ البقرة : 231] .

4/ قال تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [الجاثية :7-9].

 

- لماذا يستخف البعض بجزئية من الدين وردت في آيات الله أو في أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ؟ ... إذا ضربنا مثلاً بالحيض ... نجد أن هناك أحكاما كثيرة تترتب عليه وردت في الكتاب والسنة ومن ذلك :

قوله تعالى:

1/  (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) [البقرة : 222 ]

2/ (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق : 4 ] .

 

هذا بخلاف الأحاديث النبوية التي وردت في إحكام الحيض والنفاس وعلاقتها بالعبادات كالصلاة والصيام والحج والطلاق والعدة . والأحاديث التي وردت في صفات لباس الرجل المسلم والمرأة المسلمة ...والنهي عن التشبه بلباس الكفار ...والأحاديث التي وردت عن أحكام الشوارب واللحى ؛ إن لم تكن المواضيع مهمة لما اهتم بها الدين ، فهل من الحكمة أن تستخف بجزئية من الدين كما ذكرت سابقاً .

أ/ هل من الحكمة أن يحتقر الجراح ممرضاً لأن عمله اقتصر على طعن الحقن أو تضميد الجراح . أو يحتقر من يراقب الأجهزة أو يناوله المشارط .

ب/ قد تنجح محاضرة كاملة فقط لأن هناك من قام بصف الكراسي وترتيبها ...وقد تفشل لأن هناك من لم يهتم بالإضاءة وأجهزة الصوت  وقد يكون من يقوم بذلك عاملاً بسيطاً ،  أ يقلّ عامل التنظيم والكهرباء عن المحاضر ؟ ..لا والله  ؛

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

« لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ». ([82])

 

ضربت المثل للتقريب وليس هناك في الدين  قضية صغيرة وقضية كبيرة إنما نحن مطالبون بالإيمان بكل ما جاء به الدين ؛ قال تعالى : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة : 85 ] .

بعض من ينتسب للسلفين الآن يسيئون لمنهج السلف الصالح ... ومنهج السلف الصالح منهم براء .

منهم التكفيريون في السودان وخارجه وبعض الجماعات السلفية في العالمين العربي  والإسلامي فهناك مثلاً الجماعة السلفية للجهاد والدعوة  في المغرب والحركة السلفية الجهادية في الأردن وهي جماعات قامت بتفجيرات متعددة،وهناك بعضهم من الذين لم يتسلحوا بالعلم الشرعي ونالوا منه شبراً واحداً فتخيلوا أنهم قد بلغوا شأواً عظيماً في العلم فأخذوا يهاجمون من يخالفهم بلا علمية وبلا تروِّ  ؛ إنما يدفعهم الحماس ، وقد تكون نواياهم حسنة ، ولكن يفتقدون الصواب ... وعلى الداعية أن يلتزم بالاعتدال وعدم التطرف .

إن كان (شيخ حسن) يعني أمثال أولئك فأنا أؤيده تمام التأييد  ، وعليه إلا يتحدث بالحديث بإطلاقه, خاصة في الندوات الجماهيرية فعندما يقول السلف لابد من أن يحدد لأنني أحسب أنه يجل كل السلف الصالح ، الذين ذكرتهم وتجد الكثير من الأمثلة يستشهد بها في كتبه من أقوال الصحابة والتابعين .

وفي الختام لابد من أن أقول لبعض علماء السلفيين- وأكرر وأقول للبعض- ألا يشهروا سيوفهم في وجوه علماء بذلوا الغالي والنفيس في نصرة هذا الدين وألفوا الكتب النافعة ، لمجرد اختلافهم معهم في بعض القضايا الفقهية ومنهم الشيخ يوسف القرضاوي ، الشيخ الزنداني ، وغيرهما ،  فمثلاً في كتاب القرضاوي الحلال والحرام في الإسلام ذلك الكتاب القيم الشامل لكثير مما جاء في الكتاب والسنة يهاجمه البعض لأنّ له رأياً مخالفاً في الغناء فيقومون  بتبخيس الكتاب كله ؟ هذا لا يجوز .

و آخر قال : كنت أريد ان أسمي كتابي ( الرد على الكلب العاوي المسمي بالقرضاوي ) أليس ذلك  فجوراً في نقد الآخرين ؟  ، وقد ذكر المؤلف بأن شيخه قد عاب عليه ذلك العنوان وعدله بعنوان جديد ، فجزى الله ذلك الشيخ خير الجزاء لمعرفته بآداب الخلاف وفقهه .

وعلى بعض علماء السلفيين أن يحترموا آراء الآخرين  ، ويحصرونهم في مجال الخطأ والصواب لا مجال للكفر والإيمان . و إلا سيرتد عليهم السلاح فيهاجموا بعدم احترام وتقدير  : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ « نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ ». ([83])

ولنا في السلف الصالح القدوة كانت لهم آراء مخالفة لبعضهم البعض ولم يسئ أحد منهم للآخر  ، ولنا أن نأخذ المنهاج من ذلك : أدب العلماء وطهارة ألسنتهم وترفعهم عن المهاترات والتجريح ، وسقط القول .

يقول الله تعالى :

- ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين ) [النحل : 125]

- ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) [فصلت : 33-35]

وانظر لعظمة التربية  ، وآداب الدعوة  ؛ عندما أرسل موسى وهارون عليهما السلام ، إلى فرعون ، قال لهما الله تعالى : ( اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) [طه : 42-44]

وأختم بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  : " لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ ، وَلا اللَّعَّانِ ، وَلا الْفَاحِشِ ، وَلا الْبَذِيء " .([84])

ملحوظة :

لمنهجي ؛ في عدم تبخيس كل ما يقرأ ، فقد أوردت آراء بعض العلماء ؛ (محمود شلتوت ، سيد قطب ، محمد الغزالي ، محمد سليم العوّا ، و غيرهم) لأنهم من نفس المدرسة التي استظل بظلها (شيخ حسن) ، وهم كما يتضح يخالفونه في الرأي ، وكانوا أكثر فقهاً منه في المواضيع التي أثارها ، و وردت في هذا الكتاب .

 

 

 

 

 

 

فوضوية الفتاوى

وعدم التفرقة بين القطعيات والظنيات والمحكم والمتشابه

 

إن هـناك نصوصا قطعية يحمل بعض المفكرين معولهم لهدمهـا بحجة التجديد ، والتجديد منهـم براء ، وهـناك أمور محكمة يتركونهـا ويذهـبون للمتشابه . علما بأن التجديد لا يعني هـدم الثوابت والأصول . وهـي ظاهـرة قد انتشرت في هـذا العصر والعياذ بالله ، بل إن بعضهـم قد حوّل القطعيات إلي ظنيات ، والمحكم إلي متشابه ، استناداً على الهوى وضحالة الفقه عندهـم ، ومن أمثلة ذلك :-

1/ أن تؤم المرأة الرجال على الإطلاق .

2/ أن التعامل بالربا أصبح ضرورة .. ونحتاج لذلك عند بناء السدود والطرق فأباحوا الاقتراض بفوائد من دول الغرب.(هل بناء الطرق والسدود من الضروريات الخمس؟) .

3/ أن الحدود لم تصبح ضرورة الآن ، ولابد من استبدالها ( بالسجن والغرامة ) كحال الحكومات المدنية التي يعتبرونهـا مثال للحضارة . بل طالبوا بإلغاء عقوبة الإعدام  . والسؤال هـو هـل وقفت الجرائم في الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا وغيرهـا وهـي دول يعتبرهـا الناس في قمة المدنية والتحضّر ؟.وقال جمال البنا :العدل والمصلحة هما غرض الشريعة , وأركان الإيمان الستة هي الثوابت , أما الحدود فليست من الثوابت فيمكن أن تلغى حسب المصلحة أو الظروف.

4/ إباحة القبلات بين الناس كأن يقبل الموظف أو الزميل زميلته أو الصديق صديقته إذ أن ذلك ـ حسب ادعائهم ـ سيساهـم في التقليل من سعار الجنس بداخل الناس . بالله عليكم هـل ستقلل القبلة المحرمة من سعار الجنس أم ستزيده ؟ .. ما لكم كيف تحكمون .

5/ أن القبلات المحرمة وشرب السجائر أمور لا تفسد الصوم .

6/ التشجيع على استخدام الواقي الذكري لمنع انتشار الأيدز . والغريب أن هـناك إسلامي سوداني يدعو لذلك بحجة أن الأمراض الجنسية قد انتشرت وأن اللقطاء قد ازدادوا .. والغريب في الأمر أن هـذا الإسلامي له فرقة للرقص ـ مختلطة ـ يفتخر بها بقوله : أن معي أفضل الراقصين والراقصات لأغاني التراث ؛ وأن فرقته قد منحت شهـادة يعتز بها من قيادي عاد بعد اتفاق (نيفاشا) ، وهـي أول فرقة في السودان شاهـدهـا ورقص معهـا . ليتك أخي الكريم تفتخر بعدد من الذين قمت برعايتهـم من الحافظين والحافظات لكتاب الله ، والذاكرين والذاكرات, بدلا من افتخارك برعاية بعض من الراقصين والراقصات .

 

ملحوظة :-

أبيحت الخمر للضرورة .. وأكل لحم الخنزير للضرورة ؛ وتم تعطيل حد السرقة عام الرمادة ؛ ونجد في القتل العفو أو الدية أو القصاص . لكننا لم نسمع بعفو في الزنا ، أو تيسير في الوسائل المؤدية إليه, وعلاج هـذا الأمر هـو العلاج القرآني الحاسم ( ولا تقربوا الزنا ..... ) . أي منع كل ما يؤدي إلى الزنا و يبقى العلاج أيضا في تربية النشء على الالتزام والتدين و مكارم الأخلاق والعفة والفضيلة وتيسير الزواج هـذا هـو العلاج الحقيقي لا تيسير الحصول على الواقي الذكري وتوزيع حبوب منع الحمل .. فعلاج المشكلة يكون بعلاج أصلها لا بعلاج آثارهـا,وأذكر مثال توضيحي لذلك : إذا انفجر أنبوب للمياه وغطت المياه الأرض لا نستطيع أن نوقف تدفق المياه بالشفط أو التجفيف ولكن نستطيع إيقافهـا بأن نصلح الأنبوب وبمعالجة الكسر من منبعه ثم بعد ذلك نأتي لنجفف آثار المياه .

7/ هـناك حاكم عربي متقلب المزاج .. جعل تاريخ دولته من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هـجرته . لا أعرف كيف سيحج أو يصوم من يتبعونه من المواطنين المسلمين ؛ أو كيف سيأتي بالعبادات ذات المواقيت إن لم يرجع لتاريخ الهجرة . إنه التنطّع والشذوذ .

8/ حاكم عربي آخر قصمه الله ، قال أن الصيام يعطّل الإنتاج فأمر بعدم الصوم . وقبلها أتى بالنساء المنقبات في دولته ـ في احتفال رسمي ضخم ـ فخلع عنهـن النقاب بيديه ( وكان النقاب سائدا آنذاك ) .

9/ قال بعض أدعياء العلم : أن رمضان قد شُرع تخفيفاً للمسلمين لأنهـم كانوا جياعا فيقومون بتوفير القوت في رمضان وأيام صيام التطوع ، أما الآن فلا حاجة لذلك لأن الطعام أصبح متوفرا بالأسواق و البقالات الحديثة .

10/ حاكم عربي مات بعد سنوات قليلة من هـزيمة نكراء ، كان على خلاف مع السعودية ، فاختارت السعودية يوما لبداية ذي الحجة واختار هـو يوما آخر ؛ فقال الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله متندرا أن الخلاف في حساب شوال ليست فيه مشكلة لأن عيد الفطر يمكن أن يختلف من بلد لآخر . ولكن ذو الحجة لابد فيه من توافق الدول مع السعودية .. ثم أكمل الشيخ كشك ساخرا باللهجة المصرية الدارجة : يخرب بيتك يا ....... ، الناس وقفوا في جبل عرفة ونحن وقفنا في جبل المقطم !.

11/ هـناك من أباح أن يرضع الزميل من زميلته حتى تصبح له أختا  من الرضاعة .

12/ لا حاجة للإشهـاد والولي في الزواج إذ أن الزواج بين اثنين يكفي برضاهـما .

13/ أن المسلم المتزوج بإثنتين ـ في الغرب ـ يمكن أن يُبقي على زوجة واحدة ( خشية من القوانين ) على أن يتخذ من الثانية عشيقة فقط .

( من أكثر من نادوا بما جاء في الفقرات 13,12,5,4 المدعو جمال البنا .

14/ برلمان كردستان العراق أصدر قانونا يحظر التعدد في الزواج للمسلمين ، ومن يتزوج على زوجته الأولى يعاقب بعقوبات مشدّدة من السجن والغرامة ، لماذا العقوبة على الزوج المسكين وليست على الزوجة الثانية وقد تكون هي التي اغرته بالزواج منها!! .

15/ الزي الإسلامي للمرأة المسلمة لا يشترط في الحياة العامة إنما في الصلاة فقط . عليه أقول: إن لم يتصد للعلم من هـم عدوله لعمت فوضى الفتاوى الشاذة كل الأصقاع وتقبلها الناس ومن لايعلم من العوام .

 

 

 

كثيراً ما يردد (شيخ حسن) ؛ في مخاطبته للجماهير :

" الاجتهاد للناس كلهم ، الإجماع للناس كلهم ، وليس للعلماء والفقهاء ".

أقول :

عليه أن يراجع الشروط الواجب توفرها في المجتهد ، وعليه أن يعرف المعنى الشرعي للإجماع.

إن كنا نتخصص في الطب ، و الصيدلة ، والهندسة ، و ... الخط العربي ، و كرة القدم ،     وغيرها .. ؛ لماذا نجعل الدين في المرتبة الدون ، و نجعل كل (من هب ودب) يفتي ويجتهد فيه ، أ أصبح الدين أقل مرتبة من بقية التخصصات ؟! .

 

قال الله تعالى :-

(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهـبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله الْأَمْثَالَ) [الرعد : 17] .
وقال تعالى :-

(( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلها ثَابِتٌ وَفَرْعُهـا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبها .... )) [إبراهيم :24] .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

طلاقة القدرة الإلهية

 

مئات الآيات والأمثلة توضح طلاقة القدرة الإلهية نقرؤهـا حتى تقوى عقيدتنا بها ونزداد إيماناً بأن الله على كل شئ قدير.

1-  خلق الملائكة من نور ، والجان من نار ، والإنسان من طين :-

عن عائشة قَالَت قال رسول الله r : "خُلِقَتْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ " ([85])  .

2- خلق مخلوقات مختلفة بغير أرجل  وبأرجل :-

قال تعالى : (وَالله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهـمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِه وَمِنْهـمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهـمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ الله مَا يَشَاءُ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) [النور : 45] .

3- خلق الملائكة متعددي الأجنحة :-

قال تعالى : (الْحَمْدُ لِله فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[فاطر :1].

و جاء في السيرة أن لجبريل عليه السلام ستمائة جناح ، ورآه الرسول r ساداً بعظم خلقه الأفق  ؛ عن زِرّ بْنٍ حُبَيْشٍ - رضي الله عنه – أنه سُئل عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ) قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ ([86]) .

4- خلق الإنسان :-

خلق الله تعالى آدم عليه السلام بغير ذكر ولا أنثى ، وخلق حواء عليها السلام من ذكر بغير أنثى ،  وخلق عيسى عليه السلام من أنثى بغير ذكر ، وخلقنا نحن من ذكر وأنثى .

5- التنوع في الإخراج :-

شجرة واحدة يمكن أن تأكل منهـا الأنعام فتخرج (بعراً) . ويأكل منهـا النحل فتخرج (عسلاً) . وتأكل منهـا دودة القز فتخرج (حريراً)  . وتأكل منهـا الأيائل فتكوّن(مسكاً) .

6- تغيير الخواص :-

النار من خاصيتهـا الإحراق ، والله بقدرته يستطيع أن يغير من خاصيتهـا ويجعلها لا تحرق ، بل يحولها إلى العكس تماماً برداً وسلاماً ؛ قال تعالى : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهـيمَ)[الأنبياء :69] .

7-  البحر الآمن :-

طفل لا حول له ولا قوة ، وليس بربان ولا ملاح ، ويوضع في صندوق ويلقى في البحر ، ويأمر الله تعالى الرياح والأمواج والحيتان وغيرهـا بأن تحافظ عليه حتى  يصل إلى بر الأمان  ؛ لكي تطمئن أمه ذات الإيمان العميق ، التي ألقت بفلذة كبدهـا في الماء امتثالاً لأمر ربها حيث قال تعالى : (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيه فَإِذَا خِفْتِ عليه فَأَلْقِيه فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوه إِلَيْكِ وَجَاعِلُوه مِنَ الْمُرْسَلِينَ)[القصص:7] .

8- من نطقوا في المهـد:-

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَمْ يَتَكَلَّمْ فِى الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ... وَبَيْنَا صَبِىٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ فَقَالَتْ أُمُّهُ اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِى مِثْلَ هَذَا. فَتَرَكَ الثَّدْىَ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ... ([87]) .

9- مملكتان مختلفتان :-

العصا في يد سيدنا موسى عليه السلام ؛ تتحول من مملكة نباتية إلى مملكة حيوانية وهـما مختلفتان ؛ العصا تتحول إلى ثعبان . تتحول من شئ نافع إلى شئ ضار والعكس؛

قال تعالى : (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هـيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عليها وَأَهـشُّ بها عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهـا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهـا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهـا فَإِذَا هـيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهـا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهـا سِيرَتَهـا الْأُولَى) [طه :17-21]

اختلاف الألسنة والألوان :-

الأب والأم في الأصل واحد (آدم وحواء) ، ثم خرجنا جميعاً باختلاف الألسنة و الألوان (الأبيض- الأصفر- الأسمر – الأسود- الأحمر) ، (زرق العيون- سود العيون – خضر العيون - وغيرهـا) ، (شقر الشعر – سود الشعر – سبط الشعر – جعد الشعر ، وغيرهـا) ؛ كل هـذا التنوع من ربٍّ على كل شئ قدير ؛ قال تعالى : (وَمِنْ آَيَاتِه خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِين) [الروم :22].

الطواف :-

نطوف حول الكعبة وندور عبادة عكس عقارب الساعة ، وتدور الشمس والكواكب في مداراتهـا عكس عقارب الساعة ، وتدور جميع الكواكب حول الشمس عكس عقارب الساعة ، في عبادة دائمة لله تعالى تؤكد وحدانية الخالق ، وأن للمخلوقات خواص تؤكد أن الذي خلقهـا رب واحد ، لو اختلف لاختلفت المخلوقات في تركيبها ومسارهـا .

الفقارات :-

الفأر له سبع فقارات في رقبته ، والإنسان له سبع فقارات في رقبته ، والزرافة –برغم طول رقبتهـا - لها سبع فقارات أيضاً ؛ يؤكد ذلك أيضاً أن الخالق واحد .

أمثلة لا حصر لها ذكرناهـا تذكيراً ، لقوله تعالى (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِين) [الذاريات : 55] ؛ تبياناً لطلاقة قدرة الخالق عز وجل الذي لا يعجزه أن يحفظ عجب الذنب ، وإن حرق الهنود موتاهـم وذروا رمادهـم في البر والبحر ؛ قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاه مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هـوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَه قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهـيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهـا الَّذِي أَنْشَأَهـا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهـوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عليمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْه تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلهمْ بَلَى وَهـوَ الْخَلَّاقُ الْعليمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُه إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ له كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِه مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْه تُرْجَعُونَ) [يس :77-83] .     وقال تعالى : (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) أَبْصَارُهـا خَاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هـيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هـمْ بِالسَّاهـرَةِ)[النازعات : 8-14]

آيات سورة النازعات توضح أن هـنالك مكذبون ومنكرون للبعث ، أنكروا كيف يعودون بعد أن يصبحوا عظاماً (نخرة)  : أي بالية متفتتة . واعتبروا أن الرجعة كاذبة وباطلة (كرة خاسرة) . لكن بعد نفخة واحدة (زجرة واحدة) ؛ يصبحون بعدهـا جميعاً على وجه الأرض (الساهـرة) . أنظر إلى السهـولة واليسر في كلمة واحدة وما يماثلها من سهـولة في كلمة (كن فيكون) في سورة (يس) .

سؤال نوجهـه  لـ(شيخ حسن) : هـل الأهـون عقلياً أن يبعث الله عز وجل الإنسان من عدم (بغير عجب الذنب) ، أم أن يبعثه وهـناك ما يبقى ليتركب منه (عجب الذنب)؟! ؛ كل هـذا فيه تربية للناس للأخذ بالأسباب لأنه الله عز وجل (إِنَّمَا أَمْرُه إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ له كُنْ فَيَكُونُ) ، ومثل ذلك خلق السماوات والأرض قال تعالى : (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ  ) [الأعراف: 54] ، وكان يمكن أن يوجدهـا بقوله تعالى : (كن) فتكون ؛ ولكن الأيام الستة فيهـا أيضاً تربية للأخذ بالأسباب ؛ فاعتبروا يا أولي الألباب ! .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الغـــيب

 

كثيراً ما يعترض (شيخ حسن) بعقله على أمور غيبية ، ولا يستند في ذلك على ما جاء به الوحي في آيات الله عز وجل ، أو أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وحتى أدلل على خطأ منهـجه لا بد من مقدمة في بعض المواضيع :

أولاً : الأركان :-

قبل الدخول في تفاصيل الغيب لا بد من التطرق إلى أركان الإسلام وأركان الإيمان ؛ والتي هـي في مجموعهـا أحد عشر ركناً ، خمسة هـي أركان الإسلام ، وستة هـي أركان الإيمان .

1/ أركان الإسلام :-

ورد في الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قوله  صلى الله عليه وسلم : "...الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهـدَ أَنْ لَا إِله إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْه سَبِيلًا" . ([88])

نلاحظ أن أركان الإسلام أركان محسوسة ، نسمع من يتشهـد ، ونرى من يصلى ، ونعرف من يصوم ويزكي ، ونعلم بمن حجّ ؛ وهـكذا هـي أمور نحسهـا ونشاهـدهـا.

2/ أركان الإيمان :-

اختصرت الشرح في أركان الإسلام ، لكنني سأستفيض قليلاً في شرح أركان الإيمان ، لما لها من علاقة بالغيب :

ورد في نفس الحديث الوارد أعلاه قوله صلى الله عليه وسلم : " ...أَنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلَائِكَتِه وَكُتُبه وَرُسُله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِه وَشَرِّه " .

أركان الإيمان أركان غيبية ؛ لا نرهـا ولكن نؤمن بها ، فنحن لا نرى الله ، ولا نرى الملائكة ، والكتاب وإن كان محسوساً (كالقرآن) لكن نعلم أن ما بداخله غيب لأنه كلام الله وجاء عبر جبريل عليه السلام ، والرسل رآهـم البعض في عهـدهـم ولكن آمنوا بهم على الرغم من أنهـم يقولون أنهـم يأتيهـم وحي من السماء فما يقولونه غيب ، ونحن في عصرنا هـذا (مثلاً) لم نر الرسول صلى الله عليه وسلم ولكننا نؤمن به وهـو غيب عنا ، وهـكذا بالنسبة للقدر لأنّ القدر لا نعلمه إلا بعد حدوثه .

’’ فبين صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين ، أعلاهـما عبادة الله كأنك تراه ، وهـذا مقام المشاهـدة ، وهـو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهـدته لله تعالى   بقلبه وهـو أن يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في  العرفان حتى يصير الغيب كالعيان) [أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة لحافظ بن أحمد الحكيمي ، تحقيق حازم القاضي] الهامش] .

- عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ للهِ تَعَالَى مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ ، فإذا وَجَدُوا قَوْمَاً يَذْكُرُونَ اللهَ - عز وجل - ، تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ – وَهُوَ أعْلَم - : مَا يقولُ عِبَادي ؟ قَالَ : يقولون : يُسَبِّحُونَكَ ، ويُكبِّرُونَكَ ، وَيَحْمَدُونَكَ ، ويُمَجِّدُونَكَ ، فيقول : هَلْ رَأَوْنِي ؟ فيقولونَ : لا واللهِ مَا رَأَوْكَ . فيقولُ : كَيْفَ لَوْ رَأوْني ؟! قَالَ : يقُولُونَ : لَوْ رَأوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً ، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيداً ، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحاً . فَيقُولُ : فماذا يَسْألونَ ؟ قَالَ : يقُولُونَ : يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ . قَالَ : يقولُ : وَهل رَأَوْها ؟ قَالَ : يقولون : لا واللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا . قَالَ : يقول : فَكيفَ لَوْ رَأوْهَا ؟ قَالَ : يقولون : لَوْ أنَّهُمْ رَأوْهَا كَانُوا أشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصاً ، وأشدَّ لَهَا طَلَباً ، وأعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً . قَالَ : فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ قَالَ : يقولون : يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ ؛ قَالَ : فيقولُ : وَهَلْ رَأوْهَا ؟ قَالَ : يقولون : لا واللهِ مَا رَأوْهَا . فيقولُ : كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا ؟! قَالَ : يقولون : لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَاراً ، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً . قَالَ : فيقولُ : فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم ، قَالَ : يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ : فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ : هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ )) . ([89])

و روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أي الخلق أعجب إليكم إيماناً؟ قالوا: الملائكة، قال وكيف لا يؤمنون وهـم عند ربهم؟ وذكروا الأنبياء، فقال: وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم؟ قالوا: فنحن، قال: وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهـركم؟ قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: قوم يأتون من بعدكم، يجدون صحفاً يؤمنون بما فيهـا " . ([90]).

وأول ما يراه الإنسان من أمور الغيب ويصبح عياناً  ؛ نزول الملائكة للمحتضر وعندهـا لا تقبل التوبة لمن لم يكن قد آمن من قبل ، لم لا تقبل التوبة ؟ لأن الغيب أصبح مشاهـداً ، والإيمان بالغيب قبل أن يُرى ، ومدح الله به المتقين في قوله تعالى : ( ألم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيه هـدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهـمْ يُنْفِقُون) [البقرة :1-3] ، لذلك لم يقبل الله تعالى إيمان فرعون : (...حَتَّى إِذَا أَدْرَكَه الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّه لَا إِله إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ به بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس :90-91]

وقال تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهـمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهـمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لهمْ عَذَابًا أَلِيمًا)[النساء :18]

، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم قبول التوبة عند الاحتضار أو عند رؤية بعض علامات الساعة الكبرى الآتي :

: " إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" . ([91])

: " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهـار و يبسط يده بالنهـار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " . ([92])

 

ثانياً : عالم الغيب والشهـادة :-

آيات كثيرة من آيات القرآن الكريم تتحدث عن الله سبحانه وتعالى بأنه عالم الغيب والشهـادة  ؛ أكتفي منهـا بآية واحدة وهـي قوله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُوله وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهـادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون)[التوبة :105] .

ومن الحقائق " أن الكون كله ينقسم إلى غيب ، وشهـادة ؛ فالغيب ما غاب من الموجودات عن أعين الناظرين...، والشهـادة خلاف الغيب وهـي كل ما كان من الموجودات أمام نظر الإنسان يشاهـده ويراه ...، ويدركه بإحدى حواسه التي هـي السمع، والبصر ، واللمس ، والشم ،والذوق"  .([93])

 

ثالثاً : علم اليقين ، عين اليقين ، حق اليقين :-

هـناك أمور غيبية نعلمهـا عبر الوحي ، وهـناك أمور سنراهـا بأعيننا ، وهـناك أمور سنعلم حقيقتهـا ناصعةً كالشمس في رابعة النهـار.

 وردت عين اليقين وعلم اليقين في سورة واحدة ؛ قال الله تعالى : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهـا عَيْنَ الْيَقِين) [التكاثر: 5-7]  ، ووردت حق اليقين في قوله تعالى : ( إِنَّ هـذَا لهوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم )[الواقعة :95-96] وقوله تعالى : (وَإِنَّه لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)[الحاقة :51-52] ، وقوله تعالى : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْه تَحِيدُ)[ق :19] .

فالأمور الغيبية تمر بثلاث مراحل :-

نعلمهـا بواسطة الوحي (علم اليقين).

نراهـا (عين اليقين).

نعلم حقيقتهـا (حق اليقين) .

فأنت تسمع بالملائكة ، ثم ستراهـم ، ثم سيقبضون الروح فيصبح ما سمعته حقاً و "المعلومات دائماً حين يعلمنا معلم تأخذ صوراً ثلاث : الصورة الأولى : أن يخبرك بها المخبر ؛ فتوجد عندك صورة ذهـنية عن الخبر . صورة نظرية . صورة علمية ، ومعنى صورة ذهـنية أو صورة علمية : أن الشئ حقيقته بعيد عنك ، وأخذت حسب تصديقك للمخبر لك صورة يقينية ... وبعد ذلك تنتقل إلى يقين عيني...فإذا جاء إنسان من بلد من البلاد وقال : زرت البلد الفلاني فوجدت فاكهـة في حجم البطيخ، وفي لون البرتقال ،وفي طعم التفاح ، وفي رائحة الموز . فاكهـة غريبة ؛ إن كونه صادقاً أعطاك صورة ذهـنية نظرية... بعد ذلك تتعجب أنت من الفاكهـة. فيدخل بيته ويخرج هذه الفاكهـة ، جاء بحبة منهـا ويريهـا لك . انتقلت من الكلام النظري إلى الكلام العيني... فإذا جاء بالسكين وقطعهـا قطعاً وأعطى كل إنسان قطعة فأكلها يبقى وصل من عين اليقين إلى حقيقة اليقين " . ([94])

رابعاً : بين التعقل والتصور :-

هـناك في العلم ما يسمى بالتعقل من جهـة والتصور من جهـة فالغيب محجوب عنك ولو بجدار أنت لا تعرف كنهـه بعقلك ؛ كأن يطرق أحد الناس باب بيتك ، وأنت مفصول عنه بالجدار وبالباب ، إن تخيلته (أي الطارق) سنتدخل في احتمالات كثيرة :

الشكل ، وتراوحه بين الطول والقصر .

الجنس، هـل هـو رجل أو  امرأة ؟.

الغاية هـل هـو بشير أم نذير ؟.

وقبل كل ذلك وبعده ما اسم هـذا الطارق ؟

أما إذا وقفنا جميعاً عند معلومة أن طارقاً بالباب فقط ؛ ثم فتحنا الباب ، وسألناه بعد ذلك عن اسمه وهـدفه لكانت إجابته واضحة  ؛ إذاً إننا إذا بدأنا في إدخال عقولنا في تصور الطارق سندخل في مرحلة اختلاف في الاحتمالات أعلاه ، وبعد فتح الباب ندخل في مرحلة التعقل . ([95])

خامساً : الاعتماد على العقل :-

رد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على المعتزلة –لأن من مبادئهـم الاعتماد على العقل- رداً مفحماً في كتابه القيم : (درء تعارض العقل والنقل) ؛ لأن من انحرافات المعتزلة استعمالهم العقل في غير مجاله ... في أمور غيبية تقع خارج الحس ولا يمكن محاكمتهـا محاكمة عقلية صحيحة . ([96])

وأقول : إن العقل في الأمور الغيبية دون وحي يصبح ظناً ؛ قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لهمْ به مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا(28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهـمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هـوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله وَهـوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهـتَدَى)[النجم :27-30].

لماذا يصبح ظناً ؟ لأن الحواس قد تضللك وقد تضلل عقلك ، ومن الأمثلة على ذلك :-

تكون راكباً في قطار ، وتشاهـد الأعمدة والأشجار ، والمنازل متحركة ؛ بينما المتحرك هـو القطار ،والثابت هـو تلك الأشياء .

تكون في الطائرة ، وتنظر خارجاً في الجو ، فتتخيل أنهـا واقفة في مكانهـا ؛ بينما هـي في الحقيقة تطير بسرعة كبيرة .

يرى السراب في الصحراء فيحسبه الظمآن ماءاً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.

" إن الحواس تعطينا أحياناً صوراً كثيرة وهـمية... فالعصا المغمورة في الماء تبدو مكسورة ، والخطوط المتوازية التي تفصل بينهـا خطوط تبدو غير متوازية ، والأرقام البيضاء تبدو أكبر من الأرقام السوداء ، وشعورنا دائماً أننا نسير ورؤوسنا إلى أعلى ؛ سواء كنا في القطب الشمالي أو الجنوبي أو على خط الاستواء  ". ([97])

فالأمور المحسوسة قد يفيد فيهـا العقل وقد لا يفيد أحياناً إن ضللته الحواس ؛ فما بالك بالأمور الغيبية (غير المحسوسة) فإنه لا يفيد فيهـا العقل أبداً دون الوحي !.

إذن إن (شيخ حسن) عندما يناقش الأمور الغيبية بعقله ومن ذلك آراؤه في :-

 

عذاب القبر ، عجب الذنب ، الحور العين ، الدابة ، يأجوج و مأجوج ، نزول عيسى عليه السلام ، ظهـور المهـدي عليه السلام ، خروج المسيح الدجال ، وغيرهـا .

يكون قد وقع في محظورات كثيرة :-

تحدث عن أركان الإيمان بعقله .

وعن عالم الغيب بعقله .

وعن عين اليقين وحق اليقين بعقله .

وعن أمور محجوبة عنه بعقله . وهـو العاجز عن معرفة من يطرق باب بيته بالمنشية وهـو مغلق. أي وهـم أكبر من هـذا ، وأي توهـم أكبر من هـذا؟.

تلك واحدة ، الثانية : هـل مثل تلك الأمور تناقش في اللقاءات والندوات الجماهـيرية لنفتن بها الناس ؟  أم أن مكانهـا قاعات العلم والدرس والمساجد .

أربأ  بـ(شيخ حسن) بأن يكون من الذين في قلوبهم زيغ والذين عناهـم الله تعالى بقوله : (هـوَ الَّذِي أَنْزَلَ عليك الْكِتَابَ مِنْه آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هـنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابه مِنْه ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيله وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيله إِلَّا الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا به كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [آل عمران : 7] ، وتوضح الآية أن العقل السليم لا يتعارض مع نصوص الشريعة ؛ فالعقل الصحيح لا يخالف النقل الصحيح .

أسأل الله لي وله الهداية ، وأن ندعو الله تعالى بالدعاء الوارد بعد تلك الآية : (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هـدَيْتَنَا وَهـبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهـاب) [آل عمران : 8] .

ما خطورة هـذا المنهـج ؟

إن التعامل بالعقل في الأمور الغيبية وأحياناً في غير الغيبية بحجة طبيعة العصر، وأهـمية مواكبة تطوره المزعوم ،  أو فقه الواقع والضرورة ؛ قد يسقط كثيراً من ثوابت الدين وأساسياته ؛ فهـناك من طالبوا بإسقاط : الحجاب ، الجهـاد ، الربا ، وغيرهـا ، وقبلهم هـناك –ومن هـم موجودون الآن- من أنكر وجود الله ، ومن أنكر البعث أو الجنة أو النار، من الملاحدة والفرق الإسلامية الضالة كالجهـمية والمعتزلة والمشبهة ؛ فإن فتحنا مثل هـذا الباب فسيزيد الرتق على الراتق وتأتي الفتنة التي يقال عنهـا دائماً : الفتنة نائمة لعن الله من أيقظهـا! ، فأي فتنة أشد من الفتنة في الدين ؟

أما أن نجعل للعقل ضوابط تحكمه، وأن نعتمد عليه في قضايا العمل والتجربة والممارسة والتفكر في كل ما يفيد البشرية فهـذا عين ما دعا له الإسلام ، مثل قوله تعالى في مدح المتفكرين : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهـارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبهمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هـذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران : 190-191] .

لذا لم يحجر الإسلام على الناس استخدام عقولهم في الاهـتمام بالعلوم العصرية والمخترعات ، والمعادلات الرياضية ، والتجارب العلمية والعملية - الكيميائية ، والفيزيائية ، والهندسية ، والطبية ، والنووية ، وغيرهـا - شريطة استخدامهـا فيما لا يضر الناس ( أنت حر ما لم تضر) ؛ إذ أن الإنسان فيهـا يمكن أن يناقش ونصل فيهـا معه للخطأ والصواب ، والحل والحرمة ، ونعرف ما هـو مكروه ، وما هـو مباح .

أما أمور الغيب فيكتفى فيهـا بالإيمان والتصديق المحكومان بالوحي من الله سبحانه وتعالى .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عَجْب الذنب*

 

في جلسة في منزل أخي العزيز المهـندس (آدم الطاهـر حمدون) ، خاطب فيهـا (شيخ حسن) بعض أئمة المساجد مركزاً على أهـمية الالتزام بالقرآن والتمسك به ، لأن السنة لا تخلوا من الأحاديث الضعيفة ، وذكر منهـا أحاديث عذاب القبر و أن الإنسان يبلى كله فكيف يعذب ، فذكر له الأستاذ (محمد عبد الرحيم ماجد) بأن هـنالك أحاديث في صحيح البخاري من ضمنهـا حديث عجب الذنب الذي يؤكد أن الإنسان لا يبلى  كله .

فرد عليه ( شيخ حسن ) بقوله :  " إن هـناك جماعات في الهند تحرق موتاهـا حرقاً تاماً ، أي عجب للذنب بعد ذلك تقول أنه سيبقى ، الأحاديث في البخاري و غيره هـي مجرد قول ! - و أشار إليّ وكنت جالساً على يمينه قائلا - : إذا قلت لك كلمة و أمرتكم بأن تتناقلوهـا - وكنا في جلسة دائرية-  ستعود إلي  وقد تغيرت ألفاظهـا ! " .

هـكذا قالها (شيخ حسن) بكل بساطة ، و استمر النقاش إلى منتصف الليل في موضوع عذاب القبر, وعجب الذنب دون تراجع من (شيخ حسن).

أبدا بالرد عليه في موضوع عجب الذنب ؛ أما موضوع رده للأحاديث الصحيحة فقد سبق أن أفردت له مبحثاً آخر عنوانه ( مكانة السنة وحجيتهـا ) .

 

عجب الذنب : هـل وردت فيه أحاديث صحيحة ؟

إليكم بعض الأحاديث :-

أولاً : رواية الإمامين البخاري ومسلم :-

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ ». قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالُوا أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ. قَالُوا أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ « ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ ». قَالَ « وَلَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَىْءٌ إِلاَّ يَبْلَى إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».

ثانياً : رواية ثانية للإمام مسلم :-

عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : « إِنَّ في الإِنْسَانِ عَظْمًا لاَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ أَبَدًا فِيهِ يُرَكَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». قَالُوا أَىُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « عَجْبُ الذَّنَبِ ».

 

ثالثاً : رواية مالك وأحمد وأبو داود والنسائي :-

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ». ([98])

ونلاحظ أن هذه الأحاديث تتحدث عن أمور غيبية لا تعرف إلا بالوحي آنذاك والعلم الآن في هـذا العصر قد أثبت ذلك ؛ فالإنسان كما أوضح علم الأجنة " ينشأ من الشريط الأولي ، الذي يندثر إلا جزء يسير منه ، يبقى في المنطقة العصعصية التي يتكون منها عجب الذنب (عظم العصعص) ، و هو لا يتعرض للفناء مهما تعرض للظروف القاسية : كالنيران الشديدة ، أو المواد الحارقة مثل : حمض الكبريتيك المركز ، أو غيرها "([99])

قال (شيخ حسن) : إن من يحرق تماماً كيف يبقى منه شئ ؟،  وكيف يدّعي من يقول أن هـناك بعد الحريق عجباً للذنب يبقى ؟! .

السؤال الأول الذي أوجهـه  لـ (شيخ حسن) : لماذا تنكر ما أثبته رسول الله r هـنا ؛ وتقبله فيما لم يأت في القرآن مثل الصلاة وعدد ركعاتهـا ، لماذا تأتي بأربع ركعات في الظهـر مثلاً وبأي دليل ؟

السؤال الثاني : ما الصعوبة في ذلك – أي أن يبقي الله تعالى على عجب الذنب- ؟ وقد قال الله عز وجل :( وَهـوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُه وَهـوَ أَهـوَنُ عليه وَله الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهـوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[الروم : 27].

السؤال الثالث : هـل هـناك من بحث في مخلفات الحريق ، أو قام بغربلة الرماد وادعى أنه لم يجد عجب الذنب ؟ ، هـل سمع  (شيخ حسن) من أحد الهنود مثل ذلك القول ،  فوالله و بالله وتالله لو قال لي كل الهنود أنهم لم يجدوا عجباً للذنب لكذبتهم جميعاً ، وصدّقت رسول الله r  . (كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر). وهـو قول مأثور عن الإمام مالك رحمه الله بعد أن أشار إلى قبر المصطفى r.

إن الإنسان قد علمه الله تعالى صنع شئ لا يحترق ولا يتأثر بالحرارة الشديدة أو البرودة أو المياه (كالصندوق الأسود) في الطائرة ؛ فهـل تسهـل الأمور على الإنسان وتصعب على الله سبحانه وتعالى ؟ قال الله عز وجل في بيان قدرته : (وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَه مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّه كَانَ عليمًا قَدِيرًا) [فاطر : 44] .

- الماس : هل يعرف (شيخ حسن) شيئاً عن صلابة الماس؟ :

هل يعرف (شيخ حسن) أن الحفارات التي تعجز عن خرق الصخور الصلدة في أعماق الأرض تستبدل (بريمتها) المصنوعة من الصلب بـ(بريمة) من الماس .. لماذا ؟ " لأن الماس أصلب المعادن جميعاً ، و من ثم كان أشد الجواهر عناداً في صقله ، وتشكيله ؛ فالماسة التي وزنها قيراط واحد تظل ثمان ساعات تقاوم منشاراً ، بل قرصاً من النحاس المطعم بمسحوق الماس ؛ يدور بسرعة (2500-3000) لفة في الدقيقة حتى تقطع"([100])

السؤال الرابع : هل يعلم (شيخ حسن) أن الأرض لا تأكل بعض الأجساد ؛ قال عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "([101])

السؤال الخامس : هل يعلم (شيخ حسن) بأننا لو قمنا بدفن جثة لشخص ما ، ثم أخرجناها ؛ يمكن أن نعرف من هو بفحص (الحمض النووي) من خلال تربة القبر الفارغ ؟ .

أحياناً تعوّدنا من (شيخ حسن ) في منهـجيته رد الأحاديث الصحيحة بزعم أنهـا تتعارض مع آيات من القرآن .

فإن ردّ (شيخ حسن) أحاديث عجب الذنب ؛ مع أيّة آية وجد التعارض ؟! ، أرى أن الشيخ لم يحتكم إلا على افتراضات عقلية ، لم يدعمهـا ولو برأي علمي واحد ؛ إذ لم نسمع بأن هـنالك عالماً متخصصاً قد توصل بعد بحث إلى أنه لا وجود لعجب الذنب في الإنسان و أصبح رأيه حقيقة علمية ثابتة لا تقبل الرد . بل أقول : أن الأمر خلاف ذلك كما أشرت من قبل .

 

البعث والنشور:

كثيراً ما يركز (شيخ حسن) في أقواله أن القرآن محفوظ والسنة لا تسلم من التحريف ، عليه فسأركز هـنا على ما جاء في القرآن الكريم من أمثلة ونماذج متنوعة ذكرهـا الله تعالى كي نزداد يقيناً بالبعث والنشور ،وسهـولة ذلك على الله - وهـي بلا شك قد مرت على (شيخ حسن)- ولا يخفى أن هـنالك علاقة وثيقة لا تنفصم بين عجب الذنب والبعث والنشور .

ومن هذه النماذج الآتي :-

قتيل بني إسرائيل : قال عز وجل : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهـا وَالله مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوه بِبَعْضِهـا كَذَلِكَ يُحْيِي الله الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِه لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [البقرة :72-73] ، أحياه الله بضربة باستخدام جزء من أجزاء البقرة المذبوحة.

ألوف أحياهـم الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهـمْ وَهـمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لهمُ الله مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهـمْ إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) [البقرة : 243] ؛ قيل هـم جماعة من بني اسرائيل خرجوا خوفاً من الجهاد ؛ وعن ابن عباس كانوا أربعة آلاف خرجوا فرارا من الطاعون وقالوا : نأتي أرضا ليس بها موت فأماتهم الله تعالى فمر بهم نبي فدعا الله تعالى فأحياهم وقيل : إنهم ماتوا ثمانية أيام وقيل : سبعة والله أعلم ([102])  .

قصة العزير قال تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهـيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهـا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هذه الله بَعْدَ مَوْتِهـا فَأَمَاتَه الله مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَه قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّه وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهـا ثُمَّ نَكْسُوهـا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ له قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة :259] . أماته الله تعالى مائة عام ثم بعثه ، ورأى بأم عينيه أن حماره قد جمعت بقاياه من ذرات التراب ، و اكتمل الهيكل العظمي ، و وقف الهيكل العظمي منتصباً ، ثم اكتسي الهيكل باللحم .

فعلاً إن الله على كل شئ قدير . بالإضافة إلى حفظه تعالى للطعام والشراب دون تغيير أو تخمير، آيتان يختلف فيهما أثر الزمن وهما في مكان واحد فإحياء الحمار بمشاهدة عزير عليه السلام  يؤكد أنه قد بقي مائة عام ، فعلم عزير أن الطعام والشراب بقيا أيضاً مائة عام ، على الرغم من أنهما في الظاهر يوهمان من يراهما أنهما بقيا يوماً واحداً ، فالله وحده هو المتصرف في الزمن .

 

قصة سيدنا إبراهـيم عليه السلام واطمئنان قلبه قال تعالى :  (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهـيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهـنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهـنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهـنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيم) [البقرة:260] ؛ ذكر القرطبي " قيل : هـي الديك والطاووس والحمام والغراب ذكر ذلك ابن إسحاق عن بعض أهـل العلم وقاله مجاهـد و ابن جريج و عطاء بن يسار و ابن زيد ... فأخذ هذه الطير حسب ما أمر وذكاهـا [أي ذبحهـا ] ثم قطعهـا قطعا صغارا وخلط لحوم البعض إلى لحوم البعض مع الدم والريش حتى يكون أعجب ثم جعل من ذلك المجموع المختلط جزءا على كل جبل ووقف هـو من حيث يرى تلك الأجزاء وأمسك رؤوس الطير في يده ثم قال تعالين بإذن الله فتطايرت تلك الأجزاء وطار الدم إلى الدم والريش إلى الريش حتى التأمت مثل ما كانت أولاً وبقيت بلا رؤوس ثم كرر النداء فجاءته سعيا أي عدوا على أرجلهن ... وكان إبراهـيم إذا أشار إلى واحد منهـا بغير رأسه تباعد الطائر وإذا أشار إليه برأسه قرب حتى لقي كل طائر رأسه وطارت بإذن الله " ([103]) .

قصة أهـل الكهـف ، قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهـفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهـفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهـيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهـمْ فِي الْكَهـفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهـمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا)[الكهـف :9-12] ، ثم قال تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهـفِهـمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا له غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ به وَأَسْمِع مَا لهمْ مِنْ دُونِه مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِه أَحَدًا)[الكهـف :25-26] ؛ حفظهم الله تعالى أكثر من ثلاثمائة سنة .

فالله إن أراد حفظ  جسدك على هيأته مهـما طالت السنين ، وإن شاء حوله إلى تراب ثم أعاده ، و إن شاء حفظه ميتاً إلى يوم القيامة كما حدث مع فرعون ، قال تعالى : (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس :92] .

 

لطيفة :

نلاحظ أن كل (300) سنة شمسية ، تساوي (309) سنة قمرية ، وهذا من إعجاز القرآن .

 

هـناك حديث لرسول الله r عن رجل قال ما قال خشية من الله . لا إنكاراً ! كما فعل شيخ حسن :

قال رسول الله r : " عَنْ أَبِي هـرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لِأَهـله إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوه ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَه فِي الْبَرِّ وَنِصْفَه فِي الْبَحْرِ فَوَالله لَئِنْ قَدَرَ الله عليه لَيُعَذِّبَنَّه عَذَابًا لَا يُعَذِّبه أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهـمْ فَأَمَرَ الله الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيه وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيه ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ هـذَا قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ الله له " ([104]) ؛ جمع الله تعالى ذراته من البر والبحر . خالق السماوات والأرض الذي لم يعي بخلقهـن ؛ قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهـنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) [الأحقاف :33]

قال ابن القيم  :

 

ثمانية حكــــــــم البقـاء يعمهـــــــا   *   من الخلق والباقون في حيز العـدم

هـي العرش والكرسي ونار وجنة    *    وعجب و أرواح كذا اللوح والقلم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عذاب القبر

 

مناقشة الغيبيات بالعقل هـي مشكلة كبيرة يعاني منهـا (شيخ حسن) ، لأن العقل يمكن أن يوصلك إلى وجود الله تعالى ؛ كما قال الأعرابي بفطرته النقية : " البعرة تدل على البعير والروث يدل على الحمير وآثار الأقدام تدل على المسير فسماء ذات أبراج وبحار ذات أمواج أما يدل ذلك على العليم القدير " ، ولكن بعد أن تؤمن لا يمكن أن تعرف الأمور الخاصة بالغيب عبر العقل إنما عبر إعلام الله عز وجل  بالوحي . لذلك أعجبني جداً قول الدكتور محمد راتب النابلسي في برنامج تلفزيوني : " عقل بلا وحي كعين بلا ضوء ، فالأعمى في مكان مضئ لن يتمكن من الرؤية ؛ والمبصر في مكان مظلم لن يتمكن أيضاً من الرؤية " !! ، ولقد سبق أن قرأت نحو ذلك القول عن أحد العلماء القدامى الأجلاء .

فالعقل يتكامل مع الوحي فلا يمكن أن تستدل بالعقل وحده دون الوحي ومن ذلك أمور الغيب .

و للتدليل على بطلان آراء (شيخ حسن) في أن عذاب القبر لا يقع على الجسد إنما يقع على الروح فقط ،  لأن الجسد يفنى ويبلى تماماً حسب ادعائه ، وقد سبق ذكر رأيه هذا  في موضوع عجب الذنب .

أقول :  إن الغيب – وإن كان بعد لحظات -لا تعلمه ؛ فإن أردت أن تقابل إنساناً في وقت مستقبلي يجب أن تقول : إن شاء الله سأقابلك في المكان الفلاني... فقد تكون أنت غير موجود حينهـا ، وقد يكون من تريد مقابلته غير موجود ، وقد يكون المكان غير موجود (بخسف أو زلزال ..) لذلك قال الله تعالى : (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّه...)[الكهف : 23-24] ، فكيف بالغيب الأبعد إن كنا لا نتحكم في الأقرب .

كي نثبت أن هـناك عذاباً في القبر لابد أن نتطرق للحقائق التالية :

أولاً : المراحل المختلفة للإنسان :-

إن الإنسان مخلوق معزّز مكرّم ؛ قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء : 70] خلقه الله تعالى بيده ، ونفخ فيه من روحه ، و أسجد له الملائكة ، وعلى الرغم من ذلك يتخيل البعض–ومنهـم (شيخ حسن)- ظناً من عند أنفسهـم -(وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً) - أن هـناك حلقة مفقودة في مراحل مسيرة الإنسان ؛ هـي مرحلة القبر . مراحل مترابطة كمنظومة لا تنفصم ، ويكسر منهـا البعض حلقة لا أدري لماذا !

قبل الرد : ما هـي هذه المراحل المختلفة للإنسان من قبل الميلاد إلى الجزاء ؟ نبدأ في تتبعهـا على النحو الآتي :-

مرحلة عالم الذر :- قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهـورِهـمْ ذُرِّيَّتَهـمْ وَأَشْهـدَهـمْ عَلَى أَنْفُسِهـمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهـدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هـذَا غَافِلِين) [الأعراف : 172] ؛ سألنا الله جميعاً –وأنت منهـم يا (شيخ حسن)- فأين كنا حين ذاك؟

مرحلة الأجنة : -

قال تعالى : (هـوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهـاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هـوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) [النجم : 32].

وقال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاه نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاه خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون :14] .

 

لطيفة :

لإظهـار طلاقة القدرة الإلهية نلاحظ أن الطفل يمكث في بطن أمه ما يقارب التسعة أشهـر و أحياناً أقل ، فأين يقضي حاجته ؟ وبمجرد خروجه إلى الدنيا نجده قد تبول أو تغوط! ألا يدل ذلك على أن الله عز وجل قادر على أن يجعل الإنسان المتنعم في الجنة لا يقضي حاجته على الرغم من تلك الأطعمة والأشربة الشهـية .

قال رسول الله : " إِنَّ أَهـلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهـا وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ قَالُوا فَمَا بَالُ الطَّعَامِ قَالَ جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلهمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلهمُونَ النَّفَسَ " ([105])

مرحلة الميلاد:-

قال تعالى : ( يَا أَيُّهـا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هـامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عليها الْمَاءَ اهـتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بهيجٍ) [الحج : 5] .

مرحلة النزع :-

قال تعالى : (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا) [النازعات :1-2] .

مرحلة الموت :-

قال تعالى : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْه تَحِيد) [ق :19] .

 

 

مرحلة القبر وحياة البرزخ :-

قال تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهـمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعلى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهـا كَلِمَةٌ هـوَ قَائِلها وَمِنْ وَرَائِهـمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون :99-100]

مرحلة النفخ في الصور (النفخة) :-

قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيد) [ق :20]

و قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ)[الزمر : 68] .

مرحلة الانقلاب الكوني :-

قال تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَت) [التكوير:1-5]إلى آخر الآيات.

وقال تعالى : (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) [الانفطار : 1-5] .

مرحلة البعث والحشر :- قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هـذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هـمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)[يس : 51-53] .وقال تعالى : ( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ)[الزمر : 68] ، وقال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهـمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ علينَا يَسِيرٌ)[ق:43-44] .

 

مرحلة الحساب والميزان :-

قال تعالى :- (ثُمَّ إِنَّ علينَا حِسَابهمْ) [الغاشية :26] . وقال تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بها وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء :47].

مرحلة الصراط :- قال تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهـا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهـا جِثِيًّا) [مريم :71-72]

مرحلة الجزاء : (الجنة أو النار) :- قال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهـقُ وُجُوهـهـمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هـمْ فِيهـا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلها وَتَرْهـقُهـمْ ذِلَّةٌ مَا لهمْ مِنَ الله مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهـهـمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هـمْ فِيهـا خَالِدُونَ)[يونس :26-27]

حلقات مترابطة متداخلة لماذا يلغي منهـا (شيخ حسن) الحلقة السادسة وما فيها ؟  ؛ فالقبر مرحلة يكرم فيهـا المرء أو يهـان  ؛ يثاب بالطاعة ويعاقب بالمعصية . القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار .

( " لم يخلق الله بني آدم للفناء إنما خلقهـم للبقاء ؛ و إنما ينقلهم بعد خلقهـم من دار إلى دار" كما قال ذلك طائفة من السلف الأخيار منهـم : بلال بن سعد ، وعمر بن عبد العزيز ، فأسكنهـم في هذه الدار ليبلوهـم أيهـم أحسن عملاً، ثم ينقلهم إلى دار البرزخ" ).([106])

ثانياً : آية النوم :-

قال تعالى : (وَمِنْ آَيَاتِه مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهـارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْله إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)[الروم :23]

قال تعالى : (الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهـا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهـا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عليها الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الزمر :42]

و( عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِه قَالَ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ الْحَمْدُ لِله الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْه النُّشُورُ) ([107])

من الأدلة أعلاه نجد أن النوم سمي موتاً ، وهـناك تشابه في خواص النوم والموت ؛ فالإنسان في فراشه يتنعّم ويعذّب (في أحلامه) ، يتذوّق الأطعمة والأشربة  ،ويشمّ الروائح المنتنة والطيبة ، ويرى الألوان ، ويسافر من مكان إلى آخر . كيف أوصل له الله هذه الأحاسيس ؟ لا صعوبة ! من أوصلها له في نومه يستطيع أن يوصلها له في قبره نعيماً أو عذاباً ، نوراً أو ظلمةً.

ثالثاً : إحياء الأرض بعد موتهـا :-

قال تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هـامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عليها الْمَاءَ اهـتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بهيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ الله هـوَ الْحَقُّ وَأَنَّه يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهـا وَأَنَّ الله يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ)[الحج :5-7]

وقال  تعالى : (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا به جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لها طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا به بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) [ق :9-11]

قد تظن ظاهـرياً بأن الأرض البور ؛ البلقع ، ميتة ، ولكنهـا في الحقيقة تنبض بالحياة ؛ فكذلك القبر تراه ظاهـرياً كأنما قد بلي ودرس ؛ ولكنه في الحقيقة غير ذلك ! لذلك شبه الله تعالى إحياء البلدة الميتة بالخروج .

رابعاً : اتصال الروح بالجسم :-

إن الإنسان وهـو حي تتصل به حالتان : حالة اليقظة ولها قانون ، وحالة النوم ولها قانون ؛ فإذا ما جئت لقانون الروح مع الجسد في حالة المنام ؛ تجده يختلف عن قانون الروح مع الجسد في حالة اليقظة ، فالإنسان يرى في النوم الألوان وعينه مغمضة ؛ إذن فإن هـناك وسيلة من وسائل الإدراك قد ظهـرت في النوم مختلفة عن وسائل الإحساس بالأشياء في حالة اليقظة ؛ فالإنسان في اليقظة لا يرى وعينه مغمضة . ويترقى في مداركه ؛ فقانون النوم أشف من قانون اليقظة -[و قانون القبر أشف من النوم ، وقانون البعث أشف من القبر]-، وللروح اتصال بالجسم في حالة البرزخ وللروح اتصال بالجسم بعد البعث ؛ ذلك هـو الاتصال العلوي الاتصال النهـائي . إذاً فيجب أن نلاحظ أن كل حالة من حالات اتصال الروح بالجسم لها قانونهـا ، قانونهـا في اليقظة شئ ، ومع الموت شئ ، وبعد البعث شئ آخر ؛ فمثلاً الإنسان في حالة الغرغرة إذا بلغت الروح الحلقوم ... يرى الأشياء التي لم يكن يراهـا أبداً مع أنه لا يزال حياً . ([108]) ، يقول الله تعالى : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيد) [ق : 19-22].

ذكر ابن القيم في (كتاب الروح) : " أن الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :

أحدها : تعلقها به في بطن الأم جنيناً .

الثاني : تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .

الثالث : تعلقها به في حالة النوم ، فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .

الرابع : تعلقها به في البرزخ ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقاً كلياً حيث لا يبقى لها التفات إليه البتّة ،[فقد ورد في] الأحاديث والآثار ما يدل على ردها إليه وقت سلام المسلم ، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .

الخامس : تعلقها به يوم بعث الأجساد ؛ وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه ، إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتاً ولا نوماً ولا فساداً ". ([109])

خامساً: العذاب على الجسد والروح :-

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة ...قول من يقول أن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح وأن البدن لا ينعم ولا يعذب ؛ وهذا تقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان ، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين . ويقوله كثير من أهل الكلام والمعتزلة وغيرهم الذين يقرون بمعاد الأبدان لكن يقولون : لا يكون ذلك في البرزخ إنما يكون عند القيام من القبور...والقول الثالث الشاذ ؛ قول من يقول : إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب ، بل لا يكون ذلك حتى تقوم الساعة الكبرى كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة ونحوهم ممن ينكر عذاب القبر ونعيمه " . ([110]) ،  ولكي ألخص كلام ابن تيمية أقول :

العذاب على الروح والبدن : اتفق عليه  أهل السنة والجماعة  .

العذاب على الروح فقط : قال به المنكرون لمعاد الأبدان من الكفرة ،  وكثير من  أهل الكلام والمعتزلة (المقرون بمعاد الأبدان).

لا عذاب على الروح ولا على البدن ، قول شاذ قال به بعض المعتزلة .

قال ابن القيم : " فلتعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها : أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب ، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه ، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة ، و أنها تتصل بالبدن أحياناً ، ويحصل له معها النعيم أو العذاب ، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد ، وقاموا من قبورهم إلى رب العالمين ، ومعاد الأبدان متفق عليه بين المسلمين واليهود والنصارى" . ([111])

قال أبو بكر الجزائري : " بيد أن للأرواح ؛ و سواء كانت في عليين مستودع الأخيار ، أو في سجّين مستودع الأشرار اتصالاً مباشراً بالقبر الذي ضم رفات صاحبها ، وأودعت جثته فيه ، وهـو اتصال مباشر شبيه بالاتصال اللاسلكي الذي يتم اليوم بين محطتي الإرسال والاستقبال ، وبذلك يتم معرفة الزائر للقبر والمسلّم على صاحبه ".([112])

قال محمد الغزالي : " ونحن لا ندري عن كنه الجزاء في القبور شيئاً ولا حدود ما يصيب الأرواح والأبدان منه . نعم نحن نوقن بهذا الجزاء . أما كيف يقع ؟ وأما البحث في التفاصيل الواردة به؟ وأما التساؤل عن طرائقه بعد بلى اللحم والعظم فهـذا ما لا نستطيع الخوض فيه لأن أمر المادة كأمر الروح غريبٌ ، وما يتجلى للناس من خصائص الحياة وأسرارهـا يوماً بعد يوم ، يجعلنا نصدق ما خبرنا به الوحي ونكِل دقائقه للمستقبل ولا نحب أن نرجم فيه بغيب " . ([113])

أما أنا فأقول - عن السؤال عن كيفية وصول العذاب إلى الأجساد- :  أنهـا أمور غيبية لا نعرفهـا بعقولنا إنما نتيقنهـا بإيماننا ، وهـناك كثير من الأمور لا نجد لها تفسيراً منهـا :

1/الكهـرباء  ؛ تسري في سلك مصمت لا ترى فيه ما يتحرك ، كيف يجتمع فيها النفع والضر (الإنارة والموت الزؤام) ، على عكس ما نشاهده في أنبوب شفاف نرى فيه المياه متحركة .

2/ كيف يجذب المغنطيس برادة الحديد . هـل نشاهـد وسيلة جاذبة بالعين المجردة او غير المجردة .

3/ الجاذبية كيف تسقط الأجسام إلى الأرض؟ هـل الجاذبية محسوسة بالحواس الخمس ؟ .

4/ الأجرام السماوية كيف تدور في أفلاكهـا ؟ والسماوات كيف لا تسقط ؟ هـل تكون ثابتة بأمور محسوسة ؟ قال تعالى : (الله الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهـا)[الرعد :2]

5/ قال تعالى : (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَه رَبه قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَه فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبه لِلْجَبَلِ جَعَله دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِين)[الأعراف :143] ، كيف دُك الجبل بمجرد التجلي ؟ .

وقال تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهـا رَبِّي نَسْفًا)[طه :105] ، كيف تنسف والإنسان إذا أراد أن ينسف جبلاً يحتاج إلى ديناميت أو متفجرات !

6/ تسبيح السماوات والجمادات والأشجار وغيرهـا بأي لغة ؟   ؛ قال تعالى : (سَبَّحَ لِله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهـوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم)[الحديد :1]

7/ الانقلاب الكوني المذكور في سورتي التكوير والانفطار . كيف يحدث ؟ .

8/ حنين جذع النخلة عندما تركه الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تم؟ ، عن ابن عمر رضي الله عنهـما " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحنّ الجذع فأتاه  فمسح يده عليه"  ([114]) ،  وفي رواية أخرى له : " فنزل النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذهـا فضمهـا إليه ، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكّت حتى استقرت " .

9/ الذراع المسمومة كيف نطقت ( فلما اطمأن بها المقام أهـدت امرأة سلام بن مشكم للرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة وأكثرت من السم في ذراع الشاة لما عرفته أن الرسول يؤثرهـا وقد تناول النبي مضغة منهـا فلاكهـا ثم لفظهـا وهـو يقول :  إن هـذا العظم ليخبرني أنه مسموم وكان معه بشر بن البراء فأساغ اللحم وازدرده فجيء بالمرأة الجانية فاعترفت بما صنعت وقالت : بلغت من قومي ما لا يخفى عليك فقلت إن كان ملكا استرحت منه و إن كان نبيا فسيخبر فتجاوز عنهـا النبي ثم مات بشر بعد ما سرى السم في جسمه فقيل : اقتص له منهـا وقيل بل أسلمت وعفا عنهـا ) . ([115])

10/ تسليم الحجرعلى الرسول صلى الله عليه وسلم  كيف تم  ؟ وبأي لغة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إِنِّى لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّى لأَعْرِفُهُ الآنَ » ([116])

11/ نطق الجوارح يوم القيامة كيف يتم ؟ قال تعالى : ( يَوْمَ تَشْهـدُ عليهمْ أَلْسِنَتُهـمْ وَأَيْدِيهـمْ وَأَرْجُلهمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النور:24] وقال تعالى : (وَقَالُوا لِجُلُودِهـمْ لِمَ شَهـدْتُمْ علينَا قَالُوا أَنْطَقَنَا الله الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهـوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْه تُرْجَعُون)[فصلت :21]

12/ العين حق ، فكيف تصيب الإنسان ؟ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ :’’ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاه أَلا بَرَّكْتَ إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ‘‘ ([117]) لذلك أمرنا بالاستعاذة منهـا  ؛ عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول : " أَعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومن كل عَيْنٍ لامَّةٍ». ([118])

13/ شجرة الزقوم ، قال تعالى : ( إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ) [الصافات : 64-65] .

سؤال كيف تنبت وسط النيران والمعروف أن الأشجار تحتاج لتربة خاصة ، وإلى مياه ؟

بعد تلك الحقائق  ، لا يقول أحد من الناس كيف يتم عذاب القبر؟ لأن الله على كل شئ قدير، وأحب أن أوضح بأنه لا ينكر عذاب القبر إلا مكابر أو جاحد ؛ فقد أثبتت الآيات والأحاديث الصحيحة عذاب القبر ، والعلماء في تفاسيرهـم و شروحهـم لها قد بينوا ذلك ولم يختلفوا في حدوثه .

 

ملاحظة :

هناك اعتقاد لم أسمعه مباشرة من (شيخ حسن) - إنما ذكره لي بافتخار المهندس (عبد التواب مصطفى) – وهو إنكار(شيخ حسن)   لكل معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم بخلاف القرآن إذ يعتبرها من الإسرائيليات ! ، وقد دافع عنه المهندس بشدة قناعة برأيه ؛ وأقول :

أن القرآن هو من المعجزات الباقية ، ولكن هناك أيضاً كثير من المعجزات المذكورة في القرآن الكريم  والأحاديث الصحيحة ؛ ومنها ما ذكرت أعلاه (حنين الجذع ، ونطق الذراع المسمومة ، وتسليم الحجر) ، وغيرها كانشقاق القمر ، وتكثير الطعام ، ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم ، التنبؤ بالأمر المستقبلية ، وغيرها .

سؤال : كيف يوفق (شيخ حسن) بين قول : لا معجزة غير القرآن ، والقرآن أثبت معجزة انشقاق القمر ، وهي من معجزات الرسول ؛ فهل معجزة انشقاق القمر من الإسرائيليات ؟  ، مع ملاحظة أن من الذين أنكروا المعجزات بتأويلها أو تضعيفها المعتزلة وبعض المتأخرين من ذوي الأهواء .

 

الأدلة والبراهـين المؤكدة لعذاب القبر :-

أولاً : القرآن الكريم :

قال تعالى : (يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ الله الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاء)[إبراهـيم :27] عن البراء بن عازب، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلم إذا سئل في القبر، شهـد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: { يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } .([119]) وذكره الطبري و القرطبي وابن كثير وغيرهـم .

و قال البغوي :’’ قوله تعالى: { يُثَبِّتُ الله الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ } كلمة التوحيد، وهـي قول: لا إله إلا الله { فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } يعني قبل الموت، { وَفِي الآخِرَةِ } يعني في القبر. هـذا قول أكثر أهـل التفسير.

وقيل: "في الحياة الدنيا": عند السؤال في القبر، "وفي الآخرة": عند البعث. والأول أصح‘‘.([120])

وقال تعالى : (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عليها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب)[غافر :45-46] قال ابن الجوزي في تفسيره(زاد المسير) :"... وهذه الآية تدل على عذاب القبر ، لأنه بيَّن ما لهم في الآخرة فقال { ويومَ تقومُ الساعةُ ادخِلوا }..." ([121])

وقال تعالى : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهـمْ لَا يَعْلَمُون)[الطور :47] قال السيوطي في (الدر المنثور) : " وأخرج ابن جرير عن قتادة أن ابن عباس قال : إن عذاب القبر في القرآن ، ثم تلا { وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك }  ". ([122])

وقال تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهـمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلهمْ يَرْجِعُونَ)[السجدة :21]. ذكر القرطبي عن مجاهـد رحمهما الله " العذاب الأدنى عذاب القبر وقاله البراء بن عازب قالوا : والأكبر عذاب يوم القيامة ". ([123])

وقال تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهـلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهـمْ نَحْنُ نَعْلَمُهـمْ سَنُعَذِّبهمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ)[التوبة :101].

قال الطبري : " وقوله:(سنعذبهم مرتين)، يقول: سنعذب هـؤلاء المنافقين مرتين، إحداهـما في الدنيا، والأخرى في القبر" . ([124])

" وقال قتادة والربيع بن أنس في قوله عز وجل (سنعذبهم مرتين) أحداهـما في الدنيا والأخرى هـي عذاب القبر"   .([125])

وقال سيد طنطاوي : (وقوله: { سَنُعَذِّبهم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ } وعيد لهم بسوء المصير فى الدنيا والآخرة ؛  أى : هـؤلاء المنافقون الذين مردوا على النفاق ، سنعذبهم فى الدنيا مرتين ، مرة عن طريق فضحيتهـم وهـتك أستارهـم وجعلهم يعيشون فى قلب وهـم دائم ، والأخرى عن طريق ضرب الملائكة لوجوهـهـم وأدبارهـم عند قبض أرواحهـم وما يتبع ذلك من عذابهم فى قبورهـم إلى أن تقوم الساعة ، فيجدون العذاب الأكبر الذى عبر عنه - سبحانه - بقوله { ثُمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ } .) ([126])

وقال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ له مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)

[طه: 124] " عن أبي سعيد في قوله: { مَعِيشَةً ضَنْكًا } قال: يضيق عليه قبره، حتى تختلف أضلاعه فيه وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زُرْعة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: { فَإِنَّ له مَعِيشَةً ضَنْكًا } قال: "ضمة القبر" الموقوف أصح . وقال أيضًا(أي البزار): حدثنا أبو زُرْعَة، حدثنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هـريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: { فَإِنَّ له مَعِيشَةً ضَنْكًا } قال: "عذاب القبر". إسناد جيد " ([127])

وقال تعالى : (يَا أَيُّهـا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ الله عليهمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُور)[الممتحنة :13]

ورد في تفسير الطبري الآتي : "عن مجاهـد، في قوله:( قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ ) قال: من ثواب الآخرة حين تبين لهم عملهم، وعاينوا النار...

وقال الكلبي: قد يئسوا من الآخرة، يعني اليهـود والنصارى، يقول: قد يئسوا من ثواب الآخرة وكرامتهـا، كما يئس الكفار الذين قد ماتوا فهـم في القبور من الجنة حين رأوا مقعدهـم من النار". ([128])

وذكر ابن الجوزي في تفسيره : "كما يئس الكفار الذين ماتوا من ثواب الآخرة ، لأنهـم أيقنوا بالعذاب ، قاله مجاهـد " [8/248].

يلاحظ القارئ أنني لم أركز على تفسير واحد ؛ إنما أخذت من كل بستان زهـرة ، ومن كل محيط قطرة ، فالعلماء الأجلاء (الطبري ، القرطبي ،ابن كثير ، البغوي ، ابن الجوزي ، السيوطي ،ابن رجب ، سيد طنطاوي) ، قد أثبتوا عذاب القبر ، وهناك غيرهـم من الذين يذهـبون إلى نفس التفسير ، ولم أستشهـد بهم فليرجع إليهـم من يشاء.

ثانياً : الأحاديث النبوية :

( عنْ أَبِي هـرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إِذَا تَشَهـدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِالله مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهـنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ) . ([129])

(عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهـمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ بَلَى كَانَ أَحَدُهـمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْله وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهـا كِسْرَتَيْنِ فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهـمَا كِسْرَةً فَقِيلَ له يَا رَسُولَ الله لِمَ فَعَلْتَ هـذَا قَالَ لَعَله أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهـمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا أَوْ إِلَى أَنْ يَيْبَسَا) . ([130])

عن (زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ : بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ له وَنَحْنُ مَعَه إِذْ حَادَتْ به فَكَادَتْ تُلْقِيه وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ قَالَ كَذَا كَانَ يَقُولُ الْجُرَيْرِيُّ فَقَالَ مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هذه الْأَقْبُرِ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَالَ فَمَتَى مَاتَ هـؤُلَاءِ قَالَ مَاتُوا فِي الْإِشْرَاكِ فَقَالَ إِنَّ هذه الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهـا فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ الله أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْه ثُمَّ أَقْبَلَ علينَا بِوَجْهـه فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالُوا نَعُوذُ بِالله مِنْ عَذَابِ النَّارِ فَقَالَ تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ قَالُوا نَعُوذُ بِالله مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ) . ([131])

(عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ الله عَنْهـمْ قَالَ :خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَقَدْ وَجَبَتْ الشَّمْسُ فَسَمِعَ صَوْتًا فَقَالَ يَهـودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهـا) . ([132])

(عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَسْوَدَ كَانَ يُنَظِّفُ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ فَدُفِنَ لَيْلًا وَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَأُخْبِرَ فَقَالَ انْطَلِقُوا إِلَى قَبْرِه فَانْطَلَقُوا إِلَى قَبْرِه فَقَالَ إِنَّ هذه الْقُبُورَ مُمْتَلِئَةٌ عَلَى أَهـلها ظُلْمَةً وَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُنَوِّرُهـا بِصَلَاتِي عليها فَأَتَى الْقَبْرَ فَصَلَّى عليه)  . ([133])

( عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ فَقَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَداً فِى الْجَنَّةِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-  فَيَرَاهُمَا جَمِيعاً ويُفْسَحُ لَهُ فِى قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً وَيُمْلأُ عَلَيْهِ خُضْراً إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ وَأَمَّا الْكَافِرُ والْمُنَافِقُ فَيُقَالُ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ.

فَيُقَالُ لَهُ لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ. ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَاقٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً فَيَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ و يَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ » ) . ([134])

7- (  عَنْ هـانِئٍ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ : كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ يَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَه فَقِيلَ له تَذْكُرُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هـذَا قَالَ إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْه فَمَا بَعْدَه أَيْسَرُ مِنْه وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْه فَمَا بَعْدَه أَشَدُّ مِنْه قَالَ وَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْه)([135]) .

 

 

ثالثاً : أقوال مأثورة :-

هناك الكثير من الأقوال ، ولكنني سأكتفي بما قاله ثلاثة من العلماء الأجلاء :

قال الطحاوي رحمه الله : " ونؤمن بملك الموت، الموكل بقبض أرواح العالمين ، وبعذاب القبر لمن كان له أهلاً، وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعن الصحابة رضوان الله عليهم ، والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران..." ([136])

قال ابن تيمية رحمه الله : "  ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه و سلم مما يكون بعد الموت . فيؤمن بفتنة القبر وبعذاب القبر ونعيمه ." ([137])

أسئلة :-

هـل كل أولئك العلماء على خطأ و (شيخ حسن) على صواب؟!!!

هـل استعاذة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عذاب القبر كانت من شئ غير موجود؟!! . تخيل أنني قلت لابني ونحن جلوس في غرفة ليس فيهـا تلفاز :

يابني ، لا تنظر لهذا التلفاز وأشرت داخل الغرفة . ألن يشك في عقلي؟

نلاحظ أن الأحاديث تنسب العذاب للقبر ، فهـل يدفن في القبور إلا الأجساد؟!!

وهـل ما سمعه الرسول صلى الله عليه وسلم من أصوات عند مروره ببعض

القبور كانت تصدر من أرواح بلا أجساد؟ وألا تدل الجملة - في الحديث رقم

(6)- (و يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه)على أن العذاب يقع على الجسد.

أترك الإجابات لفطنة القارئ!!.

 

في الختام أقول  لـ(شيخ حسن): إن الله لا تخفى عليه خافية ؛ قال تعالى : (وَعِنْدَه مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهـا إِلَّا هـوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهـا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِين)[الأنعام :59]. هـل يضيع منه شئ في القبر ؟ ، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب إلا عبر الوحي فكيف تناقشه أنت  بعقلك ؛ قال تعالى : (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خزَائِنُ الله وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هـلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُون)[الأنعام : 50] لذلك أقول لك كما قال طرفة بن العبد :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهـلاً                   ويأتيك بالأخبار من لم تزود

و قال كعب بن زهـير :

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته                  يوماً على آلة حدباء محمول

 

وقال القحطاني :

وحياتنا في القبر بعد مماتنا                        حقا ويسألنا به الملكـــان   

  والقبر صـح نعيمه وعذابه                         وكلاهــما للناس مدخران

 

وكلنا سنصل إلى تلك المرحلة مرحلة القبر، والإيمان بها واجب قبل الوصول ؛ و إلا فالندم حيث لا ينفع الندم ؛

قال تعالى : (هـلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهـمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهـا لَمْ تَكُنْ آَمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهـا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)[الأنعام :158]

و قال تعالى : (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِله فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)[يونس:20]

أسأل الله أن يهـديني وإياك إلى سواء السبيل .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحور العين

 

لم استمع مباشرة لرأي (شيخ حسن) في الحور العين، إنما قرأت في صحيفة سطرًا أو سطرين، لم يشفيا غليلي ،  بعد أيام من ذلك تم اعتقالي نهاية عام 2004، وكان ذلك في الفترة من (27 رجب إلى 27 رمضان)... والتقيت في أحد المعتقلات الشيخ /خليفة الشيخ مكاوي.. ولمعرفتي بعلاقته الوطيدة بـ(شيخ حسن)، سألته عما قاله (شيخ حسن) في موضوع الحور العين، فقال لي لقد حضرتُ معه الندوة التي ذكر فيها كلامه، ففرحت وقلت له: ماذا قال؟ قال لي : (شيخ حسن) يعتبر أن المخلوقات الأساسية المعروفة ثلاثة (الملائكة / الجن/ الإنس) ، و الحور العين في رأيه هن نساء الدنيا، بعد أن يحولهن الله إلي مخلوقات جديدة ، إما أن يكون هناك حور عين مخلوقات أصلا فهو وهم !! . أهـ

فأبديتُ له وجهة نظري ،  ثم قلت له  : ما رأيك أنت؟ قال لي : هو رأيه، وليس رأيي . فاحترمت أنه قد لا يريد الحديث عن شيخه في غيابه ، فسكتّ.

 

أقول : هي عادة من عادات (شيخ حسن)، أن يلقي الكلام على عواهنه، ويستخدم أسلوب المجاملة أكثر من العلمية، إذ أن اللقاء كان خاصاً بالنساء. وسأستند في ردي على الآتي :

- أنه قد علم شيئاً ،  وغابت عنه أشياء مصداقاً لقول الشاعر:

 

قل لمن يدّعي في العلم معرفة   *   علمت شيئاً وغابت عنك أشياء

 

وللاستدلال على ذلك، سأرتكز على ما جاء في القران الكريم والسنة النبوية من حقائق:-

 

أولاً : القران الكريم:-

 

قال تعالى :

1- ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) [الدخان : 51-54] .

2- ( مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ )[الطور: 20]

3- ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) [الرحمن : 56-58]

4- (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) [الرحمن: 72-74]

5- (وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الواقعة : 22-24]

6- ( إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ) [الواقعة : 35-38]

7/ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) [الزمر :68]

 

ثانياً : الأحاديث النبوية :-

 

1/عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

« قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِىَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ؛  مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِى كِتَابِ اللَّهِ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [السجدة : 17] »  ([138])

2/ وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله : « إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتْفُلُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ أَخْلاَقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِى السَّمَاءِ ». ([139])

3/وفي رواية للبخاري ومسلم « آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ . وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سَاقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ، وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبُ وَاحِدٍ ، يُسَبِّحُونَ اللهَ بُكْرَةً وَعَشِيا».

4/عن أبي سعيد : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن أول زمرة يدخلون الجنة يوم القيامة ضوء وجوههم على مثل ضوء القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على مثل أحسن كوكب دري في السماء لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة مخ ساقها من ورائها "  ([140])

5/ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تُؤْذِى امْرَأَةٌ زَوْجَهَا في الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لاَ تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا »([141])

6/ عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الحور في الجنة يتغنين يقلن:

نحن الحور الحسان ، هدينا لأزواج كرام " ([142])

7/ عن أبي هريرة قال :قيل يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ فقال : " إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء . يعني في الجنة " ([143])

8/  عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سِتَّ خِصَالٍ : يُغْفَرَ لَهُ في أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُحَلَّى حِليةَ الإِيمَانِ ، وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ ، وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَيُشَفَّعَ في سَبْعِينَ إِنْسَاناً مِنْ أَقَارِبِهِ ». ([144])

9/ عن الحسن قال : أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! ادع الله أن يدخلني لجنة ، فقال : " يا أم فلان ! إن الجنة لا تدخلها عجوز " قال : فولت تبكي ، فقال : " أخبروها أنها لا تدخلها و هي عجوز ، إن الله تعالى يقول : ( إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً . فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا . عُرُبًا أَتْرَابًا )[الواقعة :35-37]".([145])

10/ عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، و لقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضع قيد يعني سوطه خير من الدنيا وما فيها ، ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً ولنصيفها على رأســها خير من الدنيا وما فيها "([146])

11/ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ –رضي الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلٍّ فَقَالَ أي رَبِّ قَدِّمْنِى إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ في ظِلِّهَا »...« وَيُذَكِّرُهُ اللَّهُ سَلْ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِىُّ قَالَ اللَّهُ هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ - قَالَ - ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَتَقُولاَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ - قَالَ - فَيَقُولُ مَا أُعْطِىَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ ». ([147])

12/ عن المقدام مرفوعاً : ’’ ما من أحد يموت سقطاً ولا هرماً وإنما الناس فيما بين ذلك إلا بعث ابن ثلاثين سنة فإن كان من أهل الجنة كان على نسخة آدم وصورة يوسف وقلب أيوب ومن كان من أهل النار عُظّموا أو فُخّموا كالجبال‘‘ ([148])

 

* مما سبق ومما جاء في وصفهن بالقران والسنة ، إضافة لمعاني اللغة العربية نصل للآتي :-

- (الحوَر) شدة بياض العين في شدة سوادها. فالحور العين " نساء بيض مخلوقات في الجنة " ([149]) ، نجل العيون أي واسعات الأعين حسانها (عين) ، كأمثال اللؤلؤ المكنون أي المصون في أصدافه مما يغيره. وتشبه أيضا (اللؤلؤة) التي لم تمسها الأيادي، رطبه في بياضها وصفائها، وهن أيضا في صفاء الياقوت وبياض المرجان، لذا جاء في وصفهن أيضا كأنهن (بيض مكنون) أي مترفات الأبدان بأحسن الألوان.غضيضات لا ينظرن لغير أزواجهن (قاصرات الطرف).

ولم يطأهن احد قبل أزواجهن من الإنس والجن (لم يطمثهن). وهن لا يرين في الجنة أحسن من أزواجهن، مقصورات مخدرات أي مستورات في خيام من اللؤلؤ. ولو أن امرأة منهن نظرت لأهل الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولا ترضى أن تؤذي زوجة الرجل في الدنيا زوجها المستقبلي.

* من كل ذلك نستنتج أن هناك نوعين من النساء:-

1- الحور العين: الحور العين بأوصافهن الواردة ، وهن مخلوقات في الجنة، منتظرات لأزواجهن الحديث رقم [5] .

وإن كان (شيخ حسن) يرى أن لا إمكانية لخلقهن ابتداءاً ؛  فليس في ذلك صعوبة لأنّ الله سبحانه وتعالى قد خلق آدم بلا أب ولا أم ؛ (راجع طلاقة القدرة الإلهية ) .

2-  نساء الدنيا المنشآت إنشاء : الآية رقم [6] ، والحديث رقم [9] ، والحديث رقم [12].

* ملاحظات إضافية:-

أ-  الحور العين لا يعلم أعدادهن إلا الله، إذ أن هناك من تصل زوجاته إلى مائة منهن، الحديث رقم [7] ، وهناك من يزوج سبعين من الحور العين (الشهداء) الحديث رقم [8] ،وهناك من زوج  باثنتين وهو أدنى أهل الجنة منزلاً الحديث رقم [11] .

ب- أن الأعزب المؤمن الذي لم يتزوج، وليست له امرأة في الدنيا يزوج من الحور العين في الجنة ،  الحديث رقم [11] .

* قال تعالى :( هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) [آل عمران : 66] .

* قال تعالى :(فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل : 74] .

العمـــــــــــل

 

 

أولاً :الإيمان :-

ربطت أكثر من خمسين آية الإيمان بالعمل ، وندلل على ذلك بسورة واحدة وهي :

قوله تعالى : ( وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ )[العصر] .

وكل ما تعمق الإسلام في قلب المسلم تدرج وارتقى لدرجة الإيمان ، وخير دليل على إيمان العبد هو قيامه بالأعمال الصالحة ، ولا تكون الأعمال صالحة إلا إذا كانت خالصة لوجه الله الكريم ، وموافقة لما شرع الله سبحانه وتعالى ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ’’ إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ؛ فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ‘‘ ([150])

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" متفق عليه  ، فالحديث الأول يركز على الإخلاص ، والثاني يركز على الالتزام بما شرع الله وموافقة الكتاب والسنة .

الإيمان اعتقاد وتصديق ، وتسليم وإذعان بالقلب ، وإقرار وقول باللسان ، وفعل ما أمر به الله ، وترك ما نهى عنه بالجوارح .

قلب نيته خالصة ، ومحب للأعمال الصالحة ، ولسان يشهد ويؤكد ذلك ، وجوارح تعمل بكل جدّ واجتهاد ؛ هو الفلاح بعينه .

الإيمان قد يذكر مجرداً ، وقد يذكر مقروناً بالعمل أو بالإسلام ؛ فإذا ذكر مجرداً تناول الأعمال الصالحة كلها ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ’’ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلها قَوْلُ لَا إِله إِلَّا الله وَأَدْنَاها إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَان ‘‘([151]) 

و إذا ذكر الإيمان مع لفظ الإسلام تميز أحدهما عن الآخر ؛ كما سبق في حديث جبريل -عليه السلام- (الإيمان أن تؤمن بالله...) . ويكون المعنى من ذلك الأمور العقدية ([152])

ثانياً : العمل :-

العمل أموره ترتبط بالممارسة والتطبيق ، وهي مشاهدة ومعلومة . والعالم أو الداعية إن ركز على المواضيع المتعلقة بالعمل  ، وربط كل ذلك بشمول الإسلام وتكامله في منهجه أفاد الجميع (ذكرهم وأنثاهم ، كبيرهم وصغيرهم ، غنيهم وفقيرهم ، حاكمهم ومحكومهم ، عالمهم وجاهلهم ، المسلم منهم وغير المسلم).

وبعد هذه المقدمة نلاحظ  أن (شيخ حسن) كثيراً ما يركز على مناقشة بعض الأمور الغيبية التي لا تعلق لها بالعمل ؛ تاركاً ما يحتاجونه في عباداتهم و معاملاتهم من أحكام.

لذلك ركز الفقهاء على أهمية تغليب جانب العمل على جانب الجدل ، و عدم الدخول في تفصيلات لا طائل منها ؛ وهو عين منهج القرآن و السنة .

 

أولاً : القرآن الكريم :-

قال تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهنَّ حَتَّى يَطْهرْنَ فَإِذَا تَطَهرْنَ فَأْتُوهنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهرِين) [البقرة :222] .

وقال تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة :228]

وقال تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ  وَ أُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلهنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلهنَّ وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ له مِنْ أَمْرِه يُسْرًا) [الطلاق :4] .

؛ ركز القرآن على الجانب العملي ، مثل ما يترتب على المحيض من أذى عند المباشرة الزوجية ، وعلى أهمية الاغتسال من الحيض ، وكيفية حساب المطلقة لعدتها ، إن كانت من ذوات الحيض ، أو يئست من المحيض ؛ لأنها أمور تحتاج لها في صلاتها وصيامها وحجها ووردت تفاصيل ذلك في السنة أيضاً ؛ ولم يركز القرآن والسنة على الجانب العلمي الذي لا يتعلق به حكم فقهي ، كأن يقال أن الحيض هو نتيجة لموت بويضة وسقوطها بسبب عدم التلقيح ؛ وهي أمور لا ينبني عليها عمل  ؛ إنما مكانها هو قاعات الدرس للمتخصصين في العلوم والمعامل والطب ، ووظائف الأعضاء وغيرها.

أما الأمور التي ينبني عليها عمل شرعي فهي أمور تهم عامة المسلمين ، ولا تفتن أحداً ، وتستوعبها عقولهم باختلاف ثقافاتهم وعلمهم .

ومن أعظم من كتب في تفاصيل ذلك الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه القيم الموافقات :

" كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي وأعنى بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح من حيث هو مطلوب شرعا... ففي القرآن الكريم يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فوقع الجواب بما يتعلق به العمل إعراضا عما قصده السائل من السؤال عن الهلال لم يبدو في أول الشهر دقيقا كالخيط ثم يمتلىء حتى يصير بدرا ثم يعود إلى حالته الأولى... وقال تعالى بعد سؤالهم عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها أي إن السؤال عن هذا سؤال عما لا يعنى إذ يكفى من علمها أنه لا بد منها ؛ ولذلك لما سئل عليه الصلاة والسلام عن الساعة قال للسائل ما أعددت لها بإسناد البخاري ومسلم إعراضا عن صريح سؤاله إلى ما يتعلق بها مما فيه فائدة ولم يجبه عما سأل... وقال ابن عباس في سؤال بنى إسرائيل عن صفات البقرة لو ذبحوا بقرة ما لأجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم وهذا يبين أن سؤالهم لم يكن فيه فائدة... ومن هنا نهى عليه السلام عن قيل وقال وكثرة السؤال... وقرأ عمر بن الخطاب وفاكهة وأبا وقال هذه الفاكهة فما الأب ثم قال نهينا عن التكلف وفى القرآن الكريم ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى الآية وهذا بحسب الظاهر يفيد أنهم لم يجابوا وأن هذا مما لا يحتاج إليه في التكليف... " ([153])

 

ثانياً : السنة :-

1- و روى الإمام الدارمي رحمه الله عن سليمان بن يسار : " أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة ، فجعل يسأل عن متشابه القرآن ، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال: من أنت؟ قال أنا عبد الله صبيغ ، فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه وقال: أنا عبد الله عمر ، فجعل له ضرباً حتى دمي رأسه ، فقال يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي " ([154])

(قال ابن كثير في مسند الفاروق(2/606) : "... فقصة صبيغ بن عسل التميمي مع عمر مشهورة ، وكأنه –والله أعلم- إنما ضربه لما ظهر له من حاله أن سؤاله سؤال استشكال ؛ لا سؤال استرشاد واستدلال ، كما قد يفعله كثير من المتفلسفة الجهال ، والمبتدعة الضُلال ، فنسأل الله العافية في هذه الحياة الدنيا وفي المآل")([155])

2- (عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ قَالَتْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ) ([156]) ،  قال النووي رحمه الله في شرحه للحديث : " فَمَعْنَى قَوْل عَائِشَة رَضِيَ الله عَنْها إِنَّ طَائِفَة مِنْ الْخَوَارِج يُوجِبُونَ عَلَى الْحَائِض قَضَاء الصَّلَاة الْفَائِتَة فِي زَمَن الْحَيْض ، وَهوَ خِلَاف إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ ، وَهذَا الِاسْتِفْهام الَّذِي اِسْتَفْهمَتْه عَائِشَة هوَ اِسْتِفْهام إِنْكَار أَيْ هذه طَرِيقَة الْحَرُورِيَّة ، وَبِئْسَ الطَّرِيقَة ".

3- (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ الله مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ قَالَ وَيْلَكَ وَمَا أَعْدَدْتَ لها قَالَ مَا أَعْدَدْتُ لها إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ الله وَرَسُوله قَالَ إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ...) ([157])

إن كان  (شيخ حسن) يريد بحق وحقيقة أن يفيد الناس ؛ عليه أن يركز على المواضيع العملية التالية التي يحتاج إليها الناس ، في معاشهم ، ومعادهم ، وعاداتهم وعباداتهم ، ويربطها بحكم الدين ومنها :

العقائد والتوحيد ومحاربة البدع  و الشركيات ؛ كالغلو  في الأولياء وزيارة الأضرحة والقباب واتخاذها مساجد والنذر لها و الذبح عندها والطواف بها .

المبادئ الإسلامية الناصعة وحقوق الإنسان (الشورى ، الحرية ، العدالة ، المساواة) . و (شيخ حسن ) للأمانة والتاريخ له فيها آراء قيمة وجديدة .

العبادات وأحكامها (الطهارة ، الصلاة ،الصيام ،الزكاة ، الحج ،...) .

الأحوال الشخصية : (الزواج ، الطلاق ، النفقة ، حقوق المرأة وكيف كرمها الإسلام ؛ خاصة وقد سادت بين الناس زيجات فاسدة ؛ كالزواج العرفي ، وزواج المتعة وغيرها).

المفاسد المترتبة على العلاقات غير الشرعية  ، الزنا ، الأمراض الجنسية كالإيدز ، اللقطاء ، الإجهاض.

قضايا عزوف الشباب عن الزواج ، و العنوسة ، غلاء المهور.

الانحرافات السلوكية والثقافات الوافدة (التبرج والسفور ، الاختلاط ، الأغاني الخليعة والمبتذلة ، الرقص ، المسلسلات غير الراشدة).

مواضيع ارتبطت بالشباب (أصدقاء السوء ، المسكرات ، المخدرات، البطالة ، مشكلات التوظيف).

الأفكار الهدامة (الماسونية ، الاستشراق ، القاديانية ، البهائية،...)

المعاملات المحرمة (الربا ، الاحتكار ، التطفيف في المكاييل والموازين ، الرشاوى ، الغش في الأطعمة ، واستخدام مواد ضارة كـ(بروميد البوتاسيوم) ،والغش في الأدوية، والمواد والمعدات والأجهزة) .

صيغ البنوك الحالية (المشاركة ، المضاربة ، المرابحة ، بيع السلم ، الحوالة ، الضمان ، الكفالة ، الرهن ، القرض ،وغيرها) ، والبيوع ، والسمسرة ، والعربون ، والدَين.

الضروريات من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ، و المحظورات منها ، والضروريات الخدمية (الصحة ، التعليم ، المواصلات).

مواضيع الحدود والجنايات ، وما انتشر من جرائم غريبة على المجتمعات ؛ كاغتصاب الأطفال ، والقتل مع التمثيل بالجثث ، والحرابة ، والنهب المسلح ، والسرقات وتطورها .

القضاء الراشد واستقلاليته ، وسرعة البت في القضايا ، وعدم ضياع حقوق الناس بتسويفها .

الفنون والرياضة ، وحكم الدين فيها ، وللأمانة لـ(شيخ حسن) آراء جديدة فيها مع خلافي معه في بعضها .

قضايا الفقر ، والمعوقين ، وذوي الحاجات الخاصة ، والتشرد ، والتسول وانتشاره كظاهرة .

قضايا البيئة والنظافة ، والمظهر العام في العمران وفي الساحات .

الآداب والأخلاق الحميدة (كالأدب مع الله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم والأدب مع الناس ؛ كبرّ الوالدين ، وحسن معاملة الزوجة ،والأبناء ،والأقارب والجيران ، وغير المسلمين ، والرفق بالحيوان ، والأخلاق الحميدة كالصدق والوفاء والصبر،... ، والأخلاق الذميمة كالظلم ، والكبر ، والحسد ، والكسل ، وضعف الهمة، ...).

ليتك شيخي الجليل ركزت على  المواضيع أعلاه أو بعضها ؛ إذ بها تعم الفائدة ، وبها تجيب على كثير من الأسئلة ؛ التي تدور في أذهان الناس ، وتهم المجتمع بدلاً من إثارة المواضيع التي تثير الفتنة ، والبلبلة والجدل والخلاف ، والتي تجعل كثير من الجماعات الإسلامية تبتعد عنك وعن آرائك وتهاجمها ، وكان من الحكمة ألا تستعديها لأن من مهام الداعية الأساسية هي : الدعوة إلى كلمة التوحيد و توحيد الكلمة ؛خاصة و إن لك في نفوس كثير من المسلمين مكانة داخل السودان وخارجه .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الإخبار عن الماضي والحاضر والمستقبل

 في الكتاب والسنة

 

 

أولاً : القرآن الكريم :

إن القرآن الكريم قد تحدث عن أمور وأحداث ماضية ، ومستقبلة ، وهذا جزء من إعجازه ؛ ومن ذلك :

الآيات التي تتحدث عن الأمم السابقة وأنبيائهم (قوم عاد ونبيهم هود ، وقوم ثمود ونبيهم صالح ، قوم مدين ونبيهم شعيب) ، وتفاصيل أخرى عن سيدنا نوح ، وسيدنا زكريا ، و سيدنا إبراهيم ، وسيدنا يوسف ، وسيدنا موسى عليهم السلام ، والأحداث التي حدثت بينهم وبين أقوامهم .

الأحداث التي أكدت العلوم الحديثة صدقها ، ومن أمثلتها :

مراحل تكوين الجنين : -

- بعد أن اكتشف علماء الطب ، وعلماء الأجنة مراحل تكوين الجنين في بطن أمه تفاجأوا بما جاء عن ذلك في القرآن من سبق ؛ قال تعالى : "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " [المؤمنون :12-14] . وقد فصل الرسول صلى الله عليه وسلم  الفترات بين كل مرحلة وأخرى في قوله : "  إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أم سعيد ثم ينفخ فيه الروح" ([158])

- إن القرآن تحدث عن بني إسرائيل مع فرعون مصر،  إلا نبيهم سيدنا يوسف عليه السلام ؛ فجاء بديلاً عن ذكر فرعون ذكر الملك في أكثر من آية ؛ قال تعالى : "وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ " [يوسف :43] ، وقوله تعالى : "وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ "[يوسف :50] ، وقوله تعالى : "وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِين"[يوسف :54] ، فجاء الآن علماء التاريخ ، وقالوا أن سيدنا يوسف عليه السلام ؛ ظهر في فترة تغلب ملوك الهكسوس على الفراعنة ؛ علماً بأن الفراعنة قد استردوا بعد ذلك ملكهم ، وكان ذلك في عهد الفرعون أحمس .

- قوله تعالى : " ألم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ " [الروم :1-3] ؛ فعلاً قد استطاع الروم هزيمة الفرس في بضع سنين ، وقال علماء الجغرافيا: ( إن المعركة تمت في أخفض منطقة في الكرة الأرضية ) ، لذا كان التعبير القرآني –" فِي أَدْنَى الْأَرْضِ "- دقيقاً  .

- قوله تعالى : " اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ " [القمر :1] ؛ رأى بعض رواد الفضاء ما يدل على أن القمر قد انشق ثم التأم ، وذكروا ذلك في مقابلاتهم ، وذلك بوضوح أثر الشق .

- قوله تعالى : "  يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ " [الأنعام :125] ؛ الآن عرفوا ذلك عند صعود الطائرات والمركبات الفضائية ، عند تسلق شواهق الجبال العالية  ؛ إذ أن ( الأوكسجين) يقل كلما صعد الإنسان إلى الأعلى . وغيرها ، وغيرها من الاكتشافات الواردة حديثاً عن مخاطر الزنا ، الميتة ، الدم  ، ولحم الخنزير ، وإتيان النساء أوقات المحيض .

وقد عرفوا أيضاً الحكمة من تحريم الربا ؛.. وأن الأسباب التي ذكرها القرآن لزوال الأمم حقائق تتكرر (نواميس) ومنها : الطغيان ، وتفشي الظلم ، والترف ، والإسراف ، والانحراف الجنسي ، وغيرها .

 

ثانياً : السنة النبوية :

تحدثت السنة النبوية عن أحداث وضعها العلماء في باب النبوءات ؛ وقد أثبت التاريخ حدوث بعضها ؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم  لا ينطق عن الهوى  إن هو إلا وحي يوحى ، وقد أكد القرآن صدقه ، ومن ذلك قوله تعالى : " فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ "[الحاقة :38-47] .

سأركز على بعض الأحداث التي وقعت كما تنبأ بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ أنها كثيرة ومبثوثة في كتب الأحاديث ومنها  :-

-     قوله عليه الصلاة والسلام : " اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان " ([159]) كانوا ثلاثة مع النبي  صلى الله عليه وسلم (أبوبكر وعمر وعثمان) فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن سيدنا عمر وسيدنا عثمان رضي الله عنهما  سيستشهدان .

 قوله صلى الله عليه وسلم : " ويح عمار تقتله الفئة الباغية " ([160])

-    عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا ذهب إلى قباء   يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت تحت عبادة بن الصامت فدخل يوما فأطعمته فنام رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم استيقظ يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله ؟ فقال : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو قال مثل الملوك على الأسرة ) . يشك إسحق . فقلت ادع الله أن يجعلني منهم فدعا ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ يضحك فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة ) . فقلت ادع الله أن يجعلني منهم قال : ( أنت من الأولين ) . فركبت البحر في زمان معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت . ([161])

-  قوله عليه الصلاة والسلام : " إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِىَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا "  ([162])

- قوله عليه الصلاة والسلام : " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال " بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن " فقال قائل يارسول الله وما الوهن ؟ قال " حب الدنيا وكراهية الموت "([163])

- ’’عن سفينة قال  : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك أو ملكه من يشاء "  قال سعيد قال لي سفينة أمسك عليك أبا بكر سنتين وعمر عشرا وعثمان اثنتي عشرة وعلي كذا ...‘‘([164])

- قال ابن القيم رحمه الله :" ... خِلَافَة الصِّدِّيق : سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَة أَشْهُر وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا , وَخِلَافَة عُمَر بْن الْخَطَّاب : عَشْر سِنِينَ وَسِتَّة أَشْهُر وَأَرْبَع لَيَالٍ وَخِلَافَة عُثْمَان : اِثْنَتَيْ عَشْر سَنَة إِلَّا اِثْنَيْ عَشَر يَوْمًا , وَخِلَافَة عَلِيّ : خَمْس سِنِينَ وَثَلَاثَة أَشْهُر إِلَّا أَرْبَعَة عَشَر يَوْمًا . وَقُتِلَ عَلِيّ سَنَة أَرْبَعِينَ . فَهَذِهِ خِلَافَة النُّبُوَّة ثَلَاثُونَ سَنَة . " ([165])

 

- ( عَن أَبِي قَبِيلٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى وَسُئِلَ أَىُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حِلَقٌ. قَالَ فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَاباً . قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَىُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةَُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً ». يَعْنِى قُسْطَنْطِينِيَّةَ)([166])

 

علامات الساعة الصغرى والكبرى :

 

إن الدين قد اكتمل... وما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً عن العلامات أعلاه ، إلا وتحدث عنها ، وقد جاءت في كتب الحديث في أبواب الفتن والملاحم :-

(عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَقَامًا مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِى مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ حَدَّثَ بِهِ حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِى هَؤُلاَءِ وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّىْءُ قَدْ نَسِيتُهُ فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ )  ([167])

أولاً :  العلامات الصغرى

 

في الحديث المشهور عن سؤال جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان ؛ جاء : (أخبرني عن الساعة ، قال عليه الصلاة والسلام : "ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، قال فأخبرني عن أماراتها") ([168])

عن بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد الأسلمي قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول : ’’يا هؤلاء ! إذا سمعتم بجيش قد خسف به قريباً ، فقد أظلت الساعة ‘‘([169])

 ملاحظة :

إن العلامة والإمارة والمعالم و الأشراط ؛ تأتي بمعنى واحد ؛ على عكس قول (شيخ حسن) .

( عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعوتهما واحدة . وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل . وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به . وحتى يتطاول الناس في البنيان . وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه . وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس - يعني - آمنوا أجمعون فذلك حين { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } . ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه . ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه . ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها) ([170])

(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَتَلَ وَلاَ يَدْرِى الْمَقْتُولُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ قُتِلَ ») ([171])

( عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَةِ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا ") ([172])

 ( عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ تِسْعَةٌ فَقَالَ إِنَّهُ سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ مَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ ) ([173]) 

 (  عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ « كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا ». قَالَ قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِى قَالَ « صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ ». وَلَمْ يَذْكُرْ خَلَفٌ عَنْ وَقْتِهَا ) ([174])

(  عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهَا سَتَأْتِى عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ». قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ « السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِى أَمْرِ الْعَامَّةِ ») ([175])

( عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ) ) ([176])

(عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه و سلم  : " لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر  الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض " ) ([177])

عن عوف بن مالك قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال : " اعدد ستا بين يدي الساعة موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا " ) ([178])

(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ  مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ») ([179])

(وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير" ، قلت : إن ذلك لكائن ؟ ، قال : "نعم ليكونن" ) ([180])

( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا " ) ([181])  ؛ وهو لم يحدث بعد .

 

 

 

 

 

ثانياً : العلامات الكبرى :

 

(عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : كنا قعودا نتحدث في ظل غرفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا الساعة فارتفعت أصواتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن تكون أو لن تقوم الساعة حتى يكون قبلها عشر آيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال وعيسى ابن مريم والدخان وثلاثة خسوف خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك تخرج نار من اليمن من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر " ) ([182])

 ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ رِيحًا مِنَ الْيَمَنِ أَلْيَنَ مِنَ الْحَرِيرِ فَلاَ تَدَعُ أَحَدًا فِى قَلْبِهِ - قَالَ أَبُو عَلْقَمَةَ مِثْقَالُ حَبَّةٍ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ - مِنْ إِيمَانٍ إِلاَّ قَبَضَتْهُ »)([183])

( عَن أَبي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أَوَّلُ الآيَاتِ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا") ([184])  

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « الآيَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ فِى سِلْكٍ فَإِنْ يُقْطَعِ السِّلْكُ يَتْبَعْ بَعْضُهَا بَعْضاً) ([185])

 (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ ") ([186])

(عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَتَخْرُجُ نَارٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ أَوْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ تَحْشُرُ النَّاسَ ». قَالُوا فَبِمَ تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ »)([187])

( عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَزُولَ الْجِبَالُ عَنْ أَمَاكِنِهَا، وَتَرَوْنَ الأُمُورَ الْعِظَامَ الَّتِي لَمْ تَكُونُوا تَرَوْنَهَا" ) ([188])

 

وما ذكرته من العلامات هو غيض من فيض ؛ والعلامات الصغرى أكثرها قد ظهر؛ فلماذا لا تظهر الكبرى ؟! (الدابة ، نزول عيسى عليه السلام ، يأجوج و مأجوج ،... ) لماذا ؟ مالكم كيف تحكمون؟ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

           خروج الدابة

 

 

في لقاء صحفي مع الأستاذ (صلاح عووضة) [السوداني /العدد178/الجمعة 5مايو2006م ، الموافق 7ربيع الثاني1427هـ] :-

قال (شيخ حسن) بالنص –في شرح قوله تعالى : " وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُون " [النمل :82] – الآتي - :

" إذا وقع القول فقد وقع ، هناك سورة الواقعة ، هنا الحديث عن التحول الفلكي في الجبال وفي السماوات ، وفي قوانين الطبيعة ، وفي الناس يخرجون من الأرض (دابة) ، ليست دابة واحدة تخرج لهم بآذانها كما تقرأ في بعض الكتب الغريبة ، الناس كلهم يخرجون أنسالاً من الأرض ، ويتكلمون : من أخرجنا من مرقدنا هذا ،.. الناس كلهم يمشون وينطقون والنطق هذا حدثنا به القرآن : "من بعثنا من مرقدنا هذا" فالناس كلهم خرجوا من الأرض يدبُّـون ، فالفعل الحركي هنا  لأن الظاهرة كلها دابة ، البشر كلهم دابة " .أهـ  

 

أولاً :-إن تفسير هذه الآية بخروج دابة لم يأت في  كتب غريبة - كما يبخسها (شيخ حسن) استخفافاً كعادته – و إنما وردت في أعظم كتب التفاسير بلا استثناء ؛ ومنها :-

جامع البيان في تأويل القرآن ، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري .

الجامع لأحكام القرآن ، لأبي عبد الله محمد بن محمد الأنصاري القرطبي .

تفسير القرآن العظيم ، للحافظ أبي الفداء عماد الدين إسماعيل  بن كثير الدمشقي .

معالم التنزيل ، لأبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي  .

الدر المنثور ، لعبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي .

تفسير الجلالين ، للإمامين ؛ جلال الدين محمد بن المحلى ، و عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي .

بالإضافة لكتب السنة المعتبرة (صحيح مسلم ، مسند أحمد ، وغيرهما )

 

ثانياً :-  وردت كلمة (دابة) و (دواب) في القرآن (18) مرة ، و نلا حظ  أن الآيات جاءت في معظمها تجعل الدواب بخلاف الإنسان ، وهو المعنى الأشمل والأعم ؛ ومن ذلك :-

 

قوله تعالى : "وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [العنكبوت :60].

قوله تعالى : "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" [الحج :18]

ج .  قوله تعالى : "وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ  

    الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ " [فاطر :28].

قوله تعالى : "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون" [الأنعام : 38] . (ووجه أن الدابة هنا هي غير الإنسان قوله تعالى "أمثالكم" فهو خطاب للناس .)

* ذكر القرطبي في تفسيره :

 قال مجاهد - في تفسير [ العنكبوت : 60] - : دابة : تعني الطير والبهائم .

 وقال ابن عباس رضي الله عنهما : الدواب هو كل ما دب من الحيوان .

قال القرطبي : لفظ (الدابة)... وليس مستعملاً في العرف إطلاقــها على  الآدمي .([189])

 

إذن نلاحظ أن ردود (شيخ حسن) غير مألوفة.. ولا ترتبط بصلة بما وضح في معاني اللغة العربية السليمة ؛ فالقرآن قد جاء بلسان عربي مبين ميسر لا إبهام فيه  ، كما قال تعالى " وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون " [الزمر :27- 28] .

 

ولا بد من الإلمام بعلوم اللغة العربية لمن يتصدى لتفسير القرآن الكريم وفقهه وبيان معانيه ؛ وقد جعل العلماء الإلمام باللغة العربية شرطاً من شروط الاجتهاد .

 

تفاسير لقوله تعالى : " وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُون "  وهي تفاسير إضافية لما ذكر أعلاه :-

 

تفسير الطبري ([190]) :  ذكر في كل أقواله أنها دابة تخرج فيراها الناس  ؛ ومن ذلك ما رواه عن حذيفة بن أسيد الغفاري : ’’... فإذا رآها الناس دخلوا المسجد يصلون...فتخطم الكافر وتمسح على جبين المسلم غرة ‘‘، وذكر أن : 

     " تُكَلِّمُهُمْ " (بضم التاء وتشديد اللام) ؛ بمعنى : تخبرهم وتحدثهم ، وهي قراءة 

      عامة قراء الأمصار ، وهناك قراءة (أبي زرعة ابن عمرو) : " تَكْلِمُهُم " (بفتح التاء وتخفيف اللام) ؛ بمعنى : تسِمُهم ، .. وعقب الطبري بأنه مع ما عليه قراء الأمصار .

تفسير القرطبي ([191]) : " وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ..." : ’’ إذا وجب الغضب عليهم ‘‘ ؛ قاله  قتادة  ، وقال مجاهد : ’’ أي حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون ‘‘ ، وقال ابن عمر وأبو سعيد رضي الله عنهم :  ’’ إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر وجب السخط عليهم ‘‘  وغير ذلك.

     فمن أين أتى (شيخ حسن) بتفسيره أعلاه : " إذا وقع القول فقد وقع ، هناك سورة الواقعة ".

و أقول :

قوله تعالى : " أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً " لهم أي : الناس ، من أين تخرج الدابة ؟ قال تعالى : " مِنَ الْأَرْضِ " ، " تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُون "  ؛  " تُكَلِّمُهُمْ " : أي تكلم الناس ، لم تقل الآية : أخرجناهم من الأرض دوابّ يتكلمون !! ؛ وهو عين ما فطن له الأستاذ (صلاح عووضة) جزاه الله خيراً ، ولماذا يحاول (شيخ حسن) أن يلغي عقولنا ، فكلمة (يدبُّـون) كلمة شاذة لم أسمع بها فيما قرأت من كتب الأدب شعراً أو نثراً ؛ ولكن جاء في القرآن الكريم كلمات أخرى تغني مثل : ينسلون ؛ كقوله تعالى : " وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ " [يس : 51]. ، و يحشرون كقوله تعالى : " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون " [الأنعام : 38] ، ومن بحثي في القرآن وجدت أن كلمة (حشر) ومشتقاتها وردت (43) مرة  ، وكلمة (يحشرون) وحدها وردت (3) مرات .

          و (ينسلون) وردت مرتين ، ولم أسمع بكلمة (يدبون) ولا مرة واحدة ! ، فمن أين أتى بها  (شيخ حسن)!! .

وسيتبين في هذا المبحث أن الدابة علامة من علامات قرب يوم القيامة ، وتكلم من هم أحياء على ظاهر الأرض  ، فلماذا حوّرها (شيخ حسن)  إلى أناس أموات يخرجون من باطن الأرض .

 

تفسير ابن كثير ([192]) :  " هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق يخرج الله لهم دابة من الأرض... فتكلم الناس على ذلك قال ابن عباس والحسن و قتادة ويروى عن علي رضي الله عنه : تكلمهم كلاما أي تخاطبهم مخاطبة ...وقال ابن عباس في رواية : تجرحهم "  .

 

*  كتب حديثة :-

في ظلال القرآن :  " وحسبنا أن نقف عند النص القرآني والحديث الصحيح الذي يفيد أن خروج الدابة من علامات الساعة ، وأنه إذا انتهى الأجل الذي تنفع فيه التوبة؛ وحق القول على الباقين فلم تقبل منهم توبة بعد ذلك؛ وإنما يقضى عليهم بما هم عليه . . عندئذ يخرج الله لهم دابة تكلمهم . والدواب لا تتكلم ، أولا يفهم عنها الناس . ولكنهم اليوم يفهمون ، ويعلمون أنها الخارقة المنبئة باقتراب الساعة . وقد كانوا لا يؤمنون بآيات الله ، ولا يصدقون باليوم الموعود ومما يلاحظ أن المشاهد في سورة النمل مشاهد حوار وأحاديث بين طائفة من الحشرات والطير والجن وسليمان عليه السلام . فجاء ذكر « الدابة » وتكليمها الناس متناسقاً مع مشاهد السورة وجوها ، محققاً لتناسق التصوير في القرآن ، وتوحيد الجزئيات التي يتألف منها المشهد العام .

ويعبر السياق من هذه العلامة الدالة على اقتراب الساعة ، إلى مشهد الحشر!

{ ويوم نحشر من كل أمة فوجاً ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون } . . " ([193])

  ، وأقول أن هذه ملاحظة طيبة في ربط  (سيد قطب) - رحمه الله – البديع بين آيات النمل بصورة متكاملة  (حديث النملة ، والهدهد ، والعفريت مع سليمان عليه السلام ، ومن بعد ذلك آية الدابة ،

وكلها تحدثت وهي ليست من جنس البشر).

كتاب (عقيدة المسلم) لمحمد الغزالي: " من علامات الساعة خروج الدابة  وعندي أن هذه العلامة نوع من العتاب والتقريع لبني آدم الذين جهلوا ربهم وجحدوا حقه ، مع ما آتاهم من عقل وفكر ، فلا بأس أن تخرج سلالة من البغال أو الحمير لتضرب بحوافرها جباه الساسة والقادة وتقول لهم : أما لكم رأي يصلكم بالله رب العالمين ؟ أين الذكاء والفهم ؟! كيف تلحدون ؟ " ([194]

     وأقول أن حديثه على أن الدابة من سلالة  البغال والحمير بلا دليل ، وحصره لكلام الدابة أنه 

     مع الساسة والقادة حصر بلا دليل إذ أنها تكلم الناس جميعاً .

أبوبكر الجزائري : " ... ومن تلك الظواهر أيضاً ظهور دابة عجيبة الخلق ، تخرج إلى الناس ، فتكلمهم ، فيفتنون بها أيما افتتان..." ([195])

 

 

 

 

ما ورد من الأحاديث الصحيحة في ذكر الدابة -  إضافة لأحاديث العلامات الكبرى -:- 

 

صحيح مسلم :

-  عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثٌ إِذَا خَرَجْنَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْرًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الأَرْضِ » .

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بادروا بالأعمال ستاً : الدجال ، والدخان ، ودابة الأرض ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأمر العامة ، وخويصة أحدكم ».

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَ أَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا »

2- ما رواه غير مسلم :

- عَن أَبِى أُمَامَةَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « تَخْرُجُ الدَّابَّةُ فَتَسِمُ النَّاسَ عَلَى خَرَاطِيمِهِمْ ثُمَّ يُعمَّرونَ فِيكُمْ حَتَّى يَشْتَرِىَ الرَّجُلُ الْبَعِيرَ فَيَقُولُ مِمَّنِ اشْتَرَيْتَهُ فَيَقُولُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ أَحَدِ الْمُخَطَّمِينَ » ([196])

- عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : كنا نتحدث في ظل غرفة...(حديث سبق ذكره).

 

 

صفة الدابة :


1-  أقوال غير صحيحة : و هي من علماء استندوا فيها إما على أحاديث أو آثار ضعيفة من السابقين ، أو بعض المتأخرين الذين استندوا على عقولهم :-

 

 

 

 

القول الأول : ’’ أنها فصيل ناقة صالح  :

واستدلوا بحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن حذيفة قال : « ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة فقال : " لها ثلاث خرجات من الدهر ، ... وهي ترغو بين الركن والمقام. . . ») ([197])

 

القول الثاني : أنها دابة جمعت من خلق كل حيوان :

روى عن أبي الزبير- وهو من التابعين-  بإسناد ضعيف :« أنه وصف الدابة فقال : رأسها رأس ثور وعيناها عينا خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن أيل ، وعنقها عنق نعامة ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة  هر ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير  بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعا تخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليه السلام ،... » ([198])

وأذكر أن (شيخ حسن) قال لي في جلسة معه : " هل يعقل أن تكون بهذه الصفات ، .. ده تأليف " وقالها ضاحكاً باستهزاء كعادته .

أقول : هناك فرق بين صفة الدابة ، وبين وجودها أصلاً  ؛ فـ(شيخ حسن) ردّ أصل وجود الدابة اعتراضا على ما ذكر عنها من صفات غريبة ، وهذا منهج غريب ، فهل إن وصف بعض الملاحدة بأن الله هو الطبيعة فهل يلغي قولهم هذا وجود الله سبحانه وتعالى ؟ !!! .

القول الثالث : أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة  :

وقد ذكره القرطبي نقلاً عن كتاب النقاش عن ابن عباس رضي الله عنهما ([199])

القول الرابع : أنها إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر :

ذكر ذلك القرطبي عن بعض المتأخرين من المفسرين ، وقد ردّ القرطبي عليهم بردّ قوي مبهر فقال :  " وحكى الماوردي عن محمد بن كعب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عن الدابة فقال : أما والله ما لها ذنب وإن لها للحية  ، قال الماوردي : وفي هذا القول منه إشارة إلى أنها من الإنس وإن لم يصرح به . قلت : ولهذا - والله أعلم - قال بعض المتأخرين من المفسرين : إن الأقرب أن تكون هذا الدابة إنسانا متكلما يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم لينقطعوا فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة قال شيخنا الإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي في كتاب المفهم له :

وإنما كان هذا القائل الأقرب لقوله تعالى : { تُكَلِّمُهُمْ } ، وعلى هذا فلا يكون في هذه الدابة آية خاصة خارقة للعادة ، ولا تكون من العشر آيات المذكورة في الحديث ؛ لأن وجود المناظرين والمحتجين على أهل البدع كثير ، فلا آية خاصة بها ، فلا ينبغي أن تذكر مع العشر ، وترتفع خصوصية وجودها إذا وقع القول ، ثم فيه العدول عن تسمية هذا الإنسان المناظر الفاضل العالم الذي على أهل الأرض أن يسموه باسم الإنسان أو بالعالم أو بالإمام إلى أن يسمى بدابة ، وهذا خروج عن عادة الفصحاء ، وعن تعظيم العلماء ، وليس ذلك دأب العقلاء ، فالأولى ما قاله أهل التفسير ، والله أعلم بحقائق الأمور" ([200])

القول الخامس : أنها الجساسة:-

وهي المذكورة في حديث تميم الداري رضي الله عنه والذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (راجع مبحث خروج المسيح الدجال من هذا الكتاب) .

* واستندوا في ذلك على ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : ’’ الدَّابَّة الهَلْباء التي كلَّمَتْ تَميماً الدَّاري هي دَابّة الأَرض التي تُكلِّم النَّاس ‘‘([201]).

القول السادس : أنّ الدابة ، اسم جنس لكل ما يدب وليست حيوانا مشخصا معينا يحوي العجائب والغرائب :
" ولعل المقصود من هذا ما ذهب إليه بعض المتأخرين من أن الدابة نوع من الحشرات الموجودة الآن ، وأنها ستكثر لأي سبب من الأسباب ، فيكون هجومها على الناس على ضعفها وصغر حجمها وتحميلهم الأذى الكبير وعجزهم عن مقاومتها مع ما أوتوه من بسطة العلم والحيلة ، آية من آيات الله ، وبعضهم قال إنها الجراثيم الخطيرة التي تفتك بالإنسان ، وهذه لا شك أنها تأويلات فاسدة وباطلة ؛ لأنها تكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به عن هذه الدابة  " ([202])

و هذا القول الأخير أقرب إلى رأي (شيخ حسن) ؛ فالمتأخرون جعلوها من الحشرات ،و(شيخ حسن ) جعلها من البشر .

وممن بينوا بطلان هذا الرأي الشيخ المحدث أحمد محمد شاكر رحمه الله في تحقيقه لمسند أحمد إذ قال :

" والآية صريحة بالقول العربي أنها ( دابة ) ، ومعنى الدابة في لغة العرب معروف واضح ، لا يحتاج إلى تأويل ، وقد بين الحديث بعض فعلها ، ووردت أحاديث كثيرة في الصحاح وغيرها بخروج هذه الدابة الآية ، وأنها تخرج آخر الزمان ، ووردت آثار أخر في صفتها لم تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه والمبين آيات كتابه ، فلا علينا أن ندعها .
ولكن بعض أهل عصرنا من المنتسبين إلى الإسلام ، الذين فشا فيهم المنكر من القول ، والباطل من الرأي ، الذين لا يريدون أن يؤمنوا بالغيب ، ولا يريدون إلا أن يقفوا عند حدود المادة التي رسمها لهم معلموهم وقدوتهم من ملحدي أوربا الوثنيين الإباحيين ، المتحللين من كل خلق ودين ، فهؤلاء لا يستطيعون أن يؤمنوا بما نؤمن به ، ولا يستطيعون أن ينكروا إنكاراً صريحاً ، فيجمجمون ويحاورون ويداورون ، ثم يتأولون فيخرجون الكلام عن معناه الوضعي الصحيح للألفاظ في لغة العرب ، يجعلونه أشبه بالرموز ، لما وقر في أنفسهم من الإنكار الذي يبطنون! بل إن بعضهم لينقل التأويل عن رجل هندي معروف أنه من طائفة تنتسب للإسلام ، وهي له عدو مبين ، وعبيد لأعدائه المستعمرين !! فانظر إليهم أنى يترددون ويصرفون ؟ وأي نار يقتحمون ؟ ذلك بأنهم بآيات الله لا يوقنون " ([203])

 

نلاحظ  أن الأقوال من الأول حتى الخامس تعتمد على روايات ضعيفة ، أما القول السادس فهو شاذ لأنه اعتمد على العقل فقط.

 

** يقول العلامة عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - : " وهذه الدابة هي الدابة المشهورة التي تخرج في آخر الزمان وتكون من أشراط الساعة ، كما تكاثرت بذلك الأحاديث ولم يذكر الله ورسوله كيفية هذه الدابة ، وإنما ذكر أثرها والمقصود منها ، وأنها من آيات الله تكلم الناس كلاما خارقا للعادة حين يقع القول على الناس ، وحين يمترون بآيات الله فتكون حجة وبرهانا للمؤمنين وحجة على المعاندين " ([204])

 

ختاماً :-

 هل من المنطق السديد أن نتجاوز كل الآراء السديدة من أولئك العلماء الكبار والمفسرين - الذين جعلوا الدابة من غير الإنسان، تكلم الناس وتخطمهم ، وهي من العلامات الكبرى ، بعدها لا ينفع الناس إيمانهم إن لم يكونوا آمنوا من قبل – ونضرب بها عرض الحائط ونتصيد بعض الآراء الشاذة ونعممها كمثل الغواص الذي  ينزل إلى قاع البحار ثم يأتي بالأحجار ويترك الأصداف التي بها اللؤلؤ !! .

قال تعالى : " ...فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ  " [الزمر : 17- 18]

 

 

يأجوج و مأجوج

 

قال (شيخ حسن)-في جريدة السوداني/الجمعة 5/5/2006م/العدد 178- : " نعم ؛ (إن يأجوج و مأجوج ) وردوا في قصة ذي القرنين – في سورة الكهف – وفي سورة الأنبياء (فإذا اقترب الوعد الحق... و يأجوج و مأجوج ليسوا من علامات الساعة. إنما هي أحداث ستحدث في العالم تحدث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ، والناس يستدلون بقول القرآن : (فقد جاء أشراطها )[محمد : 18]. الأشراط : هي أن الله لا يحاسب أحدا ولا يضرب أحدا, إلا إذا بعث رسولا. فجاء فعل ماضي ! ، و لم يقل : سيجيء.."

 الرد....هناك عدة أخطاء وقع فيها شيخ حسن وألقى فيها الكلام على عواهنه دون منطق أو حفظ أو فقه أو تفسير منها :

 

ليست هناك آية من الأنبياء تقرأ " فإذا اقترب الوعد الحق " إنما هناك الآية (97 الأنبياء) وهي قوله تعالى : "وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ "  ، والآية التي ذكر فيها خروج يأجوج و مأجوج ...هي الآية التي قبلها (96) وليست (97) .

 

أيهما نصدق ؟ ؛ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أم (شيخ حسن)؟ ؛...ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (يأجوج و مأجوج) من علامات الساعة ؛ فمن نصدق ومن نكذب؟!

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى :-

 

- عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطَّلَعَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ : « مَا تَذَاكَرُونَ » قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ  قَالَ « إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ » فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ -صلى الله عليه وسلم- وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ ) ([205])

 

ورد شرح ذكر خروج يأجوج و مأجوج في كل كتب التفسير ولا خلاف بينها واكتفي بما جاء في تفسير القرطبي في سورتي الكهف والأنبياء بعد تلخيصه بتصرف للتبسيط  :-

 

إن أمة صالحة من الإنس قالت لذي القرنين :  أن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض ، واختلف في إفسادهم فقال البعض أن إفسادهم هو الظلم و الغشم والقتل ، وسائر وجوه الإفساد من البشر ... وهي امة كثيرة العدد لا يعلم عددها إلا الله  فبنى ذو القرنين سدا بين جبلين بحديد ونحاس ذابا بعد صهرهما  ، فما استطاع يأجوج و مأجوج أن يعلوه ويصعدوا فيه (فما اسطاعوا أن يظهروه)[الكهف :97] لأنه أملس مستو مع الجبل ، عال لا يرام ، وما استطاعوا أن يخرقوه لبعد عرضه وقوته (وما استطاعوا له نقباً ) [الكهف :97] .فإذا جاء وقت خروجهم دكه الله وجعله مستوياً بالأرض : ( قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا )[الكهف : 98]    فإذا فتح سد يأجوج و مأجوج (حتى إذا فتحت يأجوج و مأجوج )..يخرجون من كل ناحية لكثرتهم (وهم من كل حدب ينسلون).(واقترب الوعد الحق) يعني القيامة ، أي : حتى إذا فتح السد اقترب الوعد الحق ... أي أن (واقترب) جواب (إذا)

- بعد ربط الآيات وشرحها مع الأحاديث ، نتأكد أن يأجوج و مأجوج ؛ من الآيات الخارقة للعادة أي غير المألوفة ، والتي ستظهر قبل قيام الساعة ، مقترنة بآيات أخرى عددها عشركما وردت في الحديث أعلاه :-

 

الدخان

الدجال

الدابة

طلوع الشمس من مغربها

نزول عيسى ابن مريم عليه السلام

يأجوج و مأجوج

خسف بالمشرق

خسف بالمغرب

خسف جزيرة العرب

نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم

 

* حتى الآن حمل (شيخ حسن) معولاً ليهدم بعضها : الدجال، الدابة ، نزول عيسى، يأجوج و مأجوج، ولن يمكنه الله تعالى من ذلك ؛ لأن هذه الأحاديث الصحيحة هي كالجبال التي تتكسر عندها كل المحاولات  ؛ محاولات من يتبعون الظن وما تهوى الأنفس ؛ الذين ينطبق عليهم قول الشاعر:

كناطح صخرة يوما ليوهنها               فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

 

 

نزول سيدنا عيسى(المسيح)عليه السلام

 

أول عنوان(مانشيت بارز) في صحيفة كان (المسيح ما جاي ) !! كلمه قالها شيخ حسن في ندوه في أحدى ولايات السودان.

ثم استمعت لمحاضرة تجديد الفكر الديني/ جامعة الخرطوم فقال فيها بالنص: " سيدنا عيسى توفاه الله سبحانه وتعالى.... بعض الناس قالو توفاه الله يعني شالو رفعوا لى فوق...قالو عيسى سيقتل كل الخنازير، ويكسر كل الصلائب...وتوفاه الله اذا لم تأت في السياق في استيفاء دين او نوم تعني الموت(لما توفيتني)كنت أنت الشهيد عليهم (هكذا) ...قال من بعدي احمد ما معاي وأنا فوق...أشراطها (الشروط)العلامات، شكلو كده، اسود ابيض، الشروط تعني ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ".

ثم جاء في صحيفة السوداني الجمعة 5مايو 2006 / ربيع ثاني 1427 العدد 178 :    "  هذه ليست علامات ساعة (فقد جاء أشراطها).... الأشراط هي أن الله لا يحاسب أحدا، ولا يضرب أحدا إلا إذا بعث رسول...... فجاء فعل ماض... لم يقل سيجيء " وفي لقاء آخر قال: إن المسيح مات كهلا فكيف سيكون عمره بعد آلاف السنين؟!

*وفي لقاء معي قال لي : " معنى أن المسيح سيكسر الصليب ويقتل الخنزير، هو افتراض ! ؛ يقوله الله  إذا افترضنا أن المسيح سينزل فانه كان سيكسر الصليب ويقتل الخنزير"... وقال : إن الناس يقولون : إذا نزل، إذا نزل... " .أهـ

*ماذا أقول لشيخ ظللت اعرفه منذ أكثر من ثلاثين عاما، فيه من الصفات الطيبة والشمائل الكريمة الكثير.أأقول كما قال الله في بعضهم  ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التوبة : 102].

لقد جاء في قول ما : " تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وتستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت".

وأقول لشيخي أن العلم الشرعي الآن أصبح منتشرا أكثر من السابق، والأمة الإسلامية أصبحت زاخرة بالعلماء الأفذاذ، والقنوات الفضائية، التي بها برامج دينية، والقنوات الدينية المتخصصة في شتى العلوم الإسلامية – قنوات خاصة بالقران الكريم وقنوات خاصة بالسنة النبوية –والكتب والأشرطة و السيديهات ( (c.dالتي دخلت كل البيوت وأصبحت سهلة الامتلاك بكل يسر وفي متناول الجميع.

فالزمان الآن ليس هو زمان ( حديث الذبابة )([206]) فقد تفقه الآن اغلب أهل الإسلام، وهناك آلاف الألسن والأقلام التي أصبحت تتصدى لمن يأتي بالآراء دون دليل أو برهان، فأصبح الحذر والتثبت أكثر وجوبا قبل إصدار أي فتوى أو رأي، قد نكسب سياسيا من بعض أفكار الشيخ، ولكننا خسرنا كثيرا دينيا، كثير من علماء السودان المختصين في علوم الشرع، أصبحوا يناقشوننا بجدية، وما زالت هناك غشاوة تغطي أعين من هم من أتباع الشيخ، والغريب أن فيهم بعض الفقهاء، لماذا السكوت لا ادري، هل هي العصبية السياسية أم ماذا؟! إن السهام كلها قد وجهت ضدنا أكثر من ذي قبل بعد الآراء الأخيرة...اسأل الله أن يهدينا جميعا إلى سواء لبسبيل.

تلك مقدمه لابد منها قبل الرد..الذي نبدأ فيه بما جاء في القران والسنة  :

 

أولا القران الكريم:-

 

( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) [النساء : 157- 158]

 ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [آل عمران : 55]

( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) [مريم : 34]

( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) [الزخرف : 61]

 

ثانيا السنة النبوية:-

 

تواترت السنة بعدة تعبيرات تؤكد نزول عيسى عليه السلام وقد أكد ذلك أهل الاختصاص, منهم ابن حجر العسقلاني من المتأخرين, والألباني من المعاصرين وغيرهم .

 

1-  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أَحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ  " ([207])

2-  عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا )) " ([208])

3-  عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ  " ([209])

4- عن عَبْد ِاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو –رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ ... " ([210])

5- عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى ابن مريم ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله لهذه الأمة " . ([211])

6- عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِىٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلاً مَرْبُوعاً إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطِرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِسْلاَمَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِى زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَتَقَعُ الأَمَنَةُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِلِ وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لاَ تَضُرُّهُمْ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ »  ([212])

7-  عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" والذي نفس أبي القاسم بيده لينزلن عيسى ابن مريم إماما مقسطا و حكما عدلا ، فليكسرن الصليب و ليقتلن الخنزير و ليصلحن ذات البين و ليذهبن الشحناء و ليعرضن عليه المال فلا يقبله ، ثم لئن قام على قبري فقال : يا محمد لأجبته " . ([213])

عن أبي هريرة مرفوعا " طوبى لعيش بعد المسيح ، طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر و يؤذن للأرض في النبات ، فلو بذرت حبك على الصفا لنبت ، و لا تشاح و لا تحاسد و لا تباغض ، حتى يمر الرجل على الأسد و لا يضره ، و يطأ على الحية فلا تضره و لا تشاح و لا تحاسد و لا تباغض " .([214])

 عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال -في قوله تعالى :( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ) [الزخرف:61]- : " هو خروج ( وفي رواية : نزول ) عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة " ([215])

من كل ذلك نستخلص الآتي :-

أن المسيح عليه السلام ما قتلوه ولكن شبه لهم، ورفعه الله سبحانه.

أن قوله تعالى: (إني متوفيك) قال فيها الأكثرون : المراد بالوفاة هنا النوم ([216])

أن البعض قد فسر قوله تعالى (إني متوفيك ورافعك إليّ ) ؛ بقوله " هذا من المقدم والمؤخر أني رافعك إلي و متوفيك بعد ذلك " ([217])

*وأقول موضحا: أن التفسير بالنوم أو التقديم بمعنى رافعك اليّوم و متوفيك بعد ذلك يحملان نفس المعنى لماذا؟

ا/ لأن الواو في لغة العرب لا تقتضي ترتيباً، إنما الواو لمطلق الجمع، نقول حضر محمد وعلى واحمد إلى الدرس و لا نعني بذلك ترتيب الحضور إلى الدرس.أما ثم فتفيد الترتيب كأن تقول حضر محمد ثم علي ثم أحمد.

ب/ أن الوفاة تعني النوم أحيانا ووردت في أكثر من آية وحديث.

قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأنعام : 60]

قال تعالى : (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الزمر:42] .

الحديث:

حذيفة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام قال : " باسمك اللهم أموت و أحيا وإذا استيقظ من منامه قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا  وإليه النشور ". ([218])

 

وإنه (لعِلمٌ للساعة ) ، وفي قراءة : (لعَلَمٌ للساعة) (بفتح العين واللام) أي أمارة ، لأنه يدل على قرب مجيء الساعة، أو به تعلم الساعة وأحوالها وأهوالها ؛ كما ورد في الحديث رقم (9).

من عقيدة أهل السنة والجماعة خروج المسيح الدجال ونزول سيدنا عيسى عليه السلام، وقال الإمام احمد من أصول السنة عندنا... الإيمان أن المسيح الدجال خارج... وأن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل فيقتله بباب لد  ([219])

لم ينكر خروج الدجال و بأن عيسى سوف يقتله إلا الخوارج و الجهمية و بعض المعتزلة ([220])

 

إلغاء (شيخ حسن) للسنة المتواترة:-

استشهد شيخ حسن بالقران الكريم وألغى السنة تماما:-

*قال الله عز وجل مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم: ( وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم ) ؛ وبيان النبي صلّى الله علبه وسلم هو سنته القوليّة والفعليّة والتقريريّة ؛ فالسنّة تفسر القرآن .

فإذا جاء لفظُ في القرآن له معانٍ مختلفة يُنظر إلى السنة لترجيح أحدها ومثال ذلك لفظ ( متوفيك ) و ( توفيتني ) ؛ فإذا نظرنا إلى السنّة وجدنا أنّه ثبت بالتواتر أن عيسى عليه السلام سينزل آخر الزمان ؛ فينصرف معنى الوفاة إلى ما يوافق السنّة ( وهو غير الموت المعروف الذي يكون مرّةً واحدة ) .

 

* أما قول شيخ حسن بأن المسيح عليه السلام  قد مات كهلاً فكيف سيكون عمره بعد آلاف السنين من رفعه إلى نزوله.. !!

أقول- وأنا في أشدّ الأسف -  :  إنّ هذا سؤال ساذج, لأننا نعرف أن قدرة الله لا تحدها حدود ( راجع موضوع  :  طلاقة القدرة الالهية).

- فأهل الكهف بعد(303)سنة رجعوا بنفس أعمارهم وكذلك العزير عليه السلام  بعد(100)عام ! .

- وإن الله سبحانه وتعالى سوف يعيد الناس يوم القيامة إلى(33)سنة ؛

فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين بني ثلاث وثلاثين". ([221])

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع" . ([222])

 

- إذاً ؛ يفهم من الأحاديث -  أن من بلغ عمر سيدنا نوح عليه السلام ؛ أكثر من ألف عام يعود إلى عمر (33) سنة؛ لماذا يفكر شيخ حسن ويعطي القيمة لعقله ويتناسى القدرة الإلهية ؟.

لذلك ورد في تفسير قوله تعالى (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ)[آل عمران : 46] الآتي :-

’’ وقال أبو العباس : كلمهم في المهد حين برأ أمه فقال : إني عبد الله وأما كلامه وهو كهل فإذا أنزله الله تعالى من السماء أنزله على صورة ابن ثلاث وثلاثين سنة وهو الكهل فيقول لهم : إني عبدالله كما قال في المهد فهاتان آيتان وحجتان‘‘ ([223])

- أما قول (شيخ حسن) : إذا افترضنا أنه نزل فأنه كان سيفعل كذا وكذا !!.

عن الحديث « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ -صلى الله عليه وسلم- حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ » ([224]) ، ورواه أحمد وغيره بلفظ (يوشك أن...)

فأقول :  (يوشك) من أفعال المقاربة ، فتعني أن عيسى عليه السلام هو أحد أفراد هذه الأمة لقرب نزوله. و"ليوشكنّ أن ينزل فيكم" يسمي هذه النون علماء اللغة نون التوكيد ، واللام لام التوكيد.

فعندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأُكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا ». قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ « أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ ». قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهَنُ قَالَ « حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ »  ([225])  ؛ وهذا ما حدث لقد تداعت علينا الأمم.

وعندما قال عليه الصلاة والسلام : "... أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ..." ([226]) ؛  فقد حدث , فكم من شخص من القرآنيين قال ذلك ومن بينهم (شيخ حسن).

*يقول (شيخ حسن) : إنهم يقولون إذا نزل ، ويقولون إذا نزل .. أقول : من هم ؟..

      أ لم يقل القرآن ذلك ألم تقل الأحاديث ذلك ! ألم يقل العلماء في شروحهم ذلك!

       أما تفسيره لكلمة أشراط  - من قوله تعالى : ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا)[محمد :18] -  فتفسير ( من عنده ) وليس له صلة بالعلم و لا باللغة ؛

كل كتب اللغة شرحت (أشرا طها) بمعنى : علاماتها  ، وسأكتفي بما جاء في مختار الصحاح :

" والشرط بفتحتين العلامة ، و أشراط الساعة : علاماتها... ومنه سمي (الشُرَط)لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها الواحد (شُرْطة) و(شُرْطي) بسكون الراء فيها .

_ إن العلامة والإمارة والمعالم و الأشراط تأتي بمعنى واحد في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، راجع أحاديث العلامات الصغرى في هذا الكتاب .  

*  أما قوله عن (جَاءَ أَشْرَاطُهَا)  : جاء فعل ماضي ، ولم يقل سيجئ , فهو جهل منه في الأسلوب القرآني  ؛  إذ أن الله وهو أصدق القائلين عندما يتحدث عن أمر مستقبلي سيجئ فإنه يستخدم تعبير قد (جاء) لحتمية مجيئه.. وشبيه لذلك قوله تعالى :

1/ (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ) [أول النحل]  ، قال ابن كثير : يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها  معبراً بصيغة الماضي الدال على التحقيق والوقوع لا محالة .أهـ ، وقال القرطبي في تفسيره : قيل أتى بمعنى يأتي كقولك: إن أكرمتني أكرمتك , ثم قال : نزلت (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) : فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وخافوا فنزلت (فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ) فاطمأنوا .. فقال النبي  صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين" ، ويقرن بين إصبعيه السبابة و الوسطى ([227]) ،  أقول:  الإنسان لا يستعجل إلا ما لم يأت بعد .

2/ (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) [أول الأنبياء ].

3/ (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [أول القمر] .

5/ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ)[أول الفيل]  ؛ ولد الرسول صلى الله عليه وسلم  في عام الفيل , وكان يمكن أن يقول تعالى ألم تسمع/ ألم تعلم/ألم تخبر؟  ولكن عندما يحدث الله عن أمر لم تشاهده  فكأنك تشاهده.

لذلك ، وختاماً لذلك  ؛ نحن نصدق كل قصص القرآن عن الأمم السابقة وإن قال علماء التأريخ والآثار خلافها.

وأما أن يقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء فكيف يأتي من بعده سيدنا عيسى ؟! علما بأن كثيراً ممن يدعون العلم غير (شيخ حسن) قد قال ذلك. فأقول إن سيدنا عيسى عليه السلام لن يأت برسالة جديدة ، إنما سيأتي للإقرار بالرسالة المحمدية ، وتأكيدها ، وتجديدها ، ومحاربة التحريف والخرافات التي شوهت الديانة النصرانية ، فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويقضي على عقيدة التثليث . لذلك ورد أنه سيصلي مأموماً لا إماماً تكرمة لهذه الأمة .(راجع الأحاديث أعلاه) .

سؤال للتحدي :

*إن الأمم تحافظ على تراثها وآثارها ومعالمها ، خاصة إن ارتبطت بأنبيائها وعلمائها وقادتها.

فمثلاً منذ (5000) سنة ؛ ما زالت بعض عجائب الدنيا السبع باقية ، و منها أهرامات الجيزة التي دفن فيها (خوفو ، خفرع ، منقرع ).

 و قبور الأنبياء معلومة  ومنهم :

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، سيدنا إبراهيم عليه السلام بفلسطين ، سيدنا موسى عليه السلام بسيناء ، سيدنا يونس عليه السلام بنينوى بالعراق ،...

بل أن قبور الصحابة رضي الله عنهم معلومة حتى من دفن في اسطنبول كأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، وفي قبرص  كأم حرام بنت ملحان رضي الله عنها .

كما أن هناك قبور لبعض الصالحين موجودة لآلاف السنوات بالدول الإسلامية .

 فإن كان الدين المسيحي هو أكبر الديانات أتباعاً وعدداً [مليارات] ، و سيدنا المسيح عليه السلام قد ظهر قبل رسولنا صلى الله عليه وسلم بأقل من (600) عام  ؛ لماذا لم تتم المحافظة على قبر المسيح عليه السلام ؛ إن كان قد مات في الأرض و دفن فيها ؟!

سؤال أتحدى به (شيخ حسن) : أين هو قبر السيد المسيح عليه السلام ؟

 

أختم بقول الله سبحانه وتعالى- في الذين يمترون ( يشكون) في سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام - : (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) [مريم : 34]صدق الله العظيم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خروج المهدي عليه السلام

 

قال (شيخ حسن) في محاضرة جامعة الخرطوم المذكورة سابقاً :" التعلق بعيسى . التعلق بالأولياء , لا يتعلقون بالله , ينتظرون المهدي لأن الأرض بها جبارين , سيملأ الأرض عدلاً ونوراً, ما عندي وقت الآن .. أحاديث المهدي ..كل الذي كتب عنه ترجيات , كلام ساكت ,علامة في ظهره..كم مهدي ظهر.. أعداد " انتهى كلام (شيخ حسن) العجيب . و أقول :هناك ارتباط كبير بين نزول عيسى عليه السلام، وخروج المهدي عليه السلام ،فمما جاء في أصول عقيدة أهل السنة والجماعة "والإيمان بنزول عيسى ابن مريم عليه السلام ، ينزل فيقتل الدجال ، ويتزوج ويصلى خلف القائم من آل محمد صلى الله عليه وسلم ، ويموت ويدفنه المسلمون" . ([228])

والقائم من آل محمد صلى الله عليه وسلم ، هو المهدي عليه السلام. وعندما يصلى سيدنا عيسى خلفه ( أي مأموماً والمهدي إماماً) يعني أن عيسى عليه السلام لن يأتي برسالة جديدة إنما هو يلتزم بالرسالة المحمدية, وينصرها ، ويؤكد للنصارى أن الإسلام هو الدين الحق, ولا صليب, ولا خنازير, و لا عقائد باطلة.

 

الأحاديث النبوية ؛ منها :-

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث و تخرج الأرض نباتها و يعطي المال صحاحا و تكثر الماشية و تعظم الأمة يعيش سبعا أو ثمانيا ، يعني حجة " . ([229])

عن علي مرفوعاً : " المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة ". ([230])

عن معاوية بن قرة عن أبيه مرفوعاً : " لتملأن الأرض جورا و ظلما ، فإذا ملئت جورا و ظلما ، بعث الله رجلا مني ، اسمه اسمي ، فيملؤها قسطا و عدلا ، كما ملئت جورا و ظلما " ([231])

راجع الأحاديث الواردة في مبحث نزول عيسى عليه السلام .

 

 

إذاً تؤكد الأحاديث النبوية  ما يأتي:-    

1/ أنه سيخرج في آخر الزمان ، وأنه من آل البيت, واسمه يواطئ اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم واسم أبيه.

     2/ أنه سيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.

3/ أنه سيصلى بسيدنا عيسى عليه السلام وبالمسلمين إماماً.

     4/ أنه ليس الإمام المهدي الذي يدعيه الرافضة الإمامية (الشيعة), والذي يسمونه (محمد بن الحسن العسكري).. لأنه من ولد الحسين وليس من ولد الحسن كمهدي أهل السنة.

لذلك لا يعتد بكلام شيخ حسن بأن كلام أحاديث المهدي (كلام ساكت) , ولكن أدلل على أن كلام شيخ حسن هو الكلام الساكت.

* سأكتفي بما جاء في كتاب(المهدي المنتظر) للشيخ  العلامة عبد المحسن بن حمد العباد ([232])، لما فيه من حشد مقدر لأدلة مفحمة ، وبراهين ساطعة ؛ ومما ذكره:

1/ أسماء الصحابة الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث المهدي :

- عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، طلحة بن عبيد الله ، عبد الرحمن بن عوف ، الحسين بن علي ، أم سلمة ، أم حبيبة ، عبد الله بن عباس ، عبد الله بن مسعود ، عبد الله بن عمر ، عبد الله بن عمرو ، أبو سعيد الخدري ،جابر بن عبد الله ، أبو هريرة ، أنس بن مالك ، عمار بن ياسر ، عوف بن مالك ، ثوبان ، قرة بن إياس ، علي الهلالي ، حذيفة بن اليمان ، عبد الله بن الحارث بن جزء ، عمران بن حصين ، أبو الطفيل ، و جابر الصدفي رضي الله عنهم أجمعين ؛  (ستة وعشرون صحابياً ).

2/ أسماء الائمة الذين خرجوا الأحاديث والآثار -الواردة في المهدي- في كتبهم :

أبو داود في سننه .

الترمذي في جامعه .

ابن ماجه في سننه .

النسائي... لعله في الكبرى .

أحمد في مسنده .

ابن حبان في صحيحه .

الحاكم في المستدرك .

أبوبكر بن أبي شيبة في المصنف .

نعيم بن حماد في كتاب الفتن .

الحافظ  أبو نعيم في كتاب المهدي ، وفي الحلية .

الطبراني في معاجمه ؛ الكبير والأوسط والصغير .

الدارقطني في الأفراد .

الباوردي في معرفة الصحابة .

أبو يعلى الموصلي في مسنده .

البزار في مسنده .

الحارث بن أبي أسامة في مسنده .

الخطيب في تلخيص المتشابه ، وفي المتفق والمفترق .

ابن عساكر في تاريخه .

ابن منده في تاريخ أصبهان .

أبو الحسن الحربي في الأول من الحربيات .

تمام الرازي في فوائده .

ابن جرير في تهذيب الآثار .

أبوبكر بن المقرئ في معجمه .

أبو عمرو الداني في سننه .

أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن .

الديلمي في مسند الفردوس .

أبو الحسين بن المنادى في كتاب الملاحم .

البيهقي في دلائل النبوة .

ابن الجوزي في تاريخه .

يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده .

الروياني في مسنده .

ابن سعد في الطبقات .

ابن خزيمة .

الحسن بن سفيان .

عمر بن شبة .

أبو عوانة . (ستة وثلاثون مؤلفا)ً .

3/ بعض أسماء الذين ألفوا كتباً في شأن المهدي:

أبوبكر بن أبي خيثمة زهير بن حرب .

الحافظ أبو نعيم .

السيوطي : العرف الوردي في أخبار المهدي .

الحافظ عماد الدين ابن كثير : الفتن والملاحم .

الفقيه ابن حجر المكي : القول المختصر في علامات المهدي المنتظر .

علي المتقي الهندي

ملا علي القاري : المشرب الوردي في مذهب المهدي .

علي المتقي الهندي .

مرعى بن يوسف الحنبلي : فوائد الفكر في ظهور المنتظر .

القاضي محمد بن علي الشوكاني : التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح .

الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني (عشرة).

4/ بعض الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي :

الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري السجزي .

محمد البرزنجي : الإشاعة لأشراط الساعة .

الشيخ محمد السفاريني : لوامع الأنوار البهية .

القاضي محمد بن علي الشوكاني : التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح .

الشيخ صديق حسن القنوجي : الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة .

الشيخ محمد بن جعفر الكتاني : نظم المتناثر من الحديث المتواتر . (ستة)

5/ ذكر بعض العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي واعتقدوا موجبها  :

الحافظ أبوجعفر العقيلي .

الإمام ابن حبان البستي .

الخطابي .

الإمام البيهقي .

القاضي عياض .

الإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي .

شيخ الإسلام ابن تيمية .

ابن القبم .

أبو الحسن السمهودي .

ابن حجر المكي .

الحافظ عماد الدين ابن كثير .

ملا علي القاري الحنفي .

الشيخ عبد الرؤوف المناوي .

الشيخ محمد السفاريني .

الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي .

الشيخ شمس الحق العظيم أبادي .

الشيخ محمد أنور شاه الكشميري .

الشيخ عبد الرحمن المباركفوري .(ثمانية عشر عالماً) . ([233])

المجموع 96 صحابياً وعالماً . أيعقل أن نلغي كل ما جاءوا به من علم واضح, لكي نستمع لفرد, أو أفراد ينكرون هذه العقيدة الراسخة ( خروج المهدي). والله إن ذلك لن يكون.

أما قول شيخ حسن بأن هناك أكثر من مهدي قد ظهر فليس بالدليل ؛

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

’’ و اعلم أيها الأخ المؤمن ! أن كثيرا من الناس تطيش قلوبهم عن حدوث بعض الفتن ، و لا بصيرة عندهم تجاهها ،بحيث إنها توضح لهم السبيل الوسط الذي يجب عليهم أن يسلكوه إبانها ، فيضلون عنه ضلالا بعيدا ، فمنهم مثلا من يتبع من ادعى أنه المهدي أو عيسى ، كالقاديانيين الذين اتبعوا ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ادعى المهدوية أولا ، ثم العيسوية ، ثم النبوة ، و مثل جماعة ( جهيمان ) السعودي الذي قام بفتنة الحرم المكي على رأس سنة ( 1400 ) هجرية ، و زعم أن معه المهدي المنتظر ، و طلب من الحاضرين في الحرم أن يبايعوه ، و كان قد اتبعه بعض البسطاء و المغفلين و الأشرار من أتباعه ، ثم قضى الله على فتنتهم بعد أن سفكوا كثيرا من دماء المسلمين ، و أراح الله تعالى العباد من شرهم ، و منهم من يشاركنا في النقمة على هؤلاء المدعين للمهدوية ، و لكنه يبادر إلى إنكار الأحاديث الصحيحة الواردة في خروج المهدي في آخر الزمان ، و يدعي بكل جرأة أنها موضوعة و خرافة !! و يسفه أحلام العلماء الذين قالوا بصحتها ، يزعم أنه بذلك يقطع دابر أولئك المدعين الأشرار ! و ما علم هذا و أمثاله أن هذا الأسلوب قد يؤدي بهم إلى إنكار أحاديث نزول عيسى عليه الصلاة و السلام أيضا ، مع كونها متواترة ! و هذا ما وقع لبعضهم ، كالأستاذ فريد وجدي و الشيخ رشيد رضا ، و غيرهما ، فهل يؤدي ذلك بهم إلى إنكار ألوهية الرب سبحانه و تعالى لأن بعض البشر ادعوها كما هو معلوم ؟! نسأل الله السلامة من فتن أولئك المدعين ، و هؤلاء المنكرين للأحاديث الصحيحة الثابتة عن سيد المرسلين ، عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم ‘‘ ([234])

 

إمامة المرأة

 

 

توطئة :

الإمامة تدريب للمؤمن خمس مرات في اليوم على طاعة واحترام وتقدير ومتابعة من يقوده " إنما جعل الإمام ليؤتم به ..." ([235]) الحديث . يصلى الناس جماعة لإظهـار الوحدة والتماسك .. ويتجهـون جميعا لقبلة واحدة ، فتترابط كل الأهـداف في تناغم وانسجام ووحدة . أمة واحدة ، ربها واحد ، ونبيهـا واحد ، وكتابها واحد ، وإمامهـا واحد ، وقبلتهـا واحدة ؛ خمس مرات حتى تترسخ هذه المعاني  ، ومن بعد تنداح على الوظائف المختلفة في المجتمع}تعوّداً{ ومن ذلك :-

ائتمار الرعية لولاة الأمور .

ائتمار أفراد الأسرة لرب الأسرة واحترام كلمته وقراراته لما يتمتع به من قوامة .

ائتمار المرؤوس لرئيسه في العمل لأنه صاحب القرار .

إحترام قرارات مدير الجامعة .. والمدرسة .. وعميد الكلية وغيرهـا من أماكن الدراسة .

ائتمار الجنود لأوامر قائدهـم .

حتى أن من يلعبون الكرة ، يجعلون شخص يأتمرون بأمره داخل الميدان هـو (الكابتن) .. فتنتظم الحياة .. وتستقر .. وتستمر وبخلاف ذلك تسود الفوضى جميع نواحي الحياة.

 

* فقط هـناك شروط لابد من توفرهـا :-

الطاعة للجميع تكون في المعروف إذ ( لإطاعة لمخلوق في معصية الخالق ) .

أن يتصف من يقود الناس بصفة الرحمة والحلم وأن يلتزم بمشاورة الناس  ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ... ) الآية [آل عمران :159].

أن يتقبل القائد ملاحظات من هـو دونه إن كان على صواب ( الإستفتاح في الصلاة)

أن تكون الملاحظات من الجميع بالحسنى وبآداب المناصحة ؛

قال تعالى : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلهمْ بِالَّتِي هـيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هـوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيله وَهـوَ أَعْلَمُ بِالْمُهـتَدِينَ )(النحل : 125) ..

وقوله تعالى : ({ فَقُولا له قَوْلا لَيِّنًا لَعَله يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } [طه : 44]

 

 

( رأي شيخ حسن الشاذ في إمامة المرأة )

 

كثيراً ما يدعو (شيخ حسن) في ندواته ومحاضراته ، ولقاءاته الخاصة بجواز أن تؤم المرأة الرجال على الإطلاق مستنداً على حديث أم ورقة رضي الله عنها الذي سيأتي ذكره ، وعلى تبريرات أخرى هي أوهن من بيت العنكبوت سيرد تفصيلها في نهايات المبحث .

و قبل أن أرد على شيخ حسن في رأيه (الشاذ) على جواز إمامة المرأة للرجال ، أستعرض آراء العلماء واختلافاتهـم في إمامة الرجال للنساء والعكس.

 

اختلاف العلماء :

 

أولاً إمامة الرجل للنساء:

 

الرأي الأول :

جواز أن يؤم الرجل النساء في المسجد مع الرجال :

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا »  . ([236])

أجاز العلماء ذلك لما ثبت أن النساء كن يصلين في المسجد مع الرجال.. وكما ورد من أحاديث أجازت ذلك ولكن بضوابط وشروط نذكرهـا :

أن يلتزمن باللباس الشرعي .

ألا يخرجن متعطرات.

أن يحترمن آداب الطريق .

 

الرأي الثاني:

جواز أن يؤم الرجل زوجته بالمنزل :

عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات . ([237])

 

الرأي الثالث:

جواز إمامة المرأة ومعهـا محرم:

وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : { صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُمْت أَنَا وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا } . ([238]) ،  وفي رواية للبخاري:

عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ مِنْهُ فَقَالَ : " قُومُوا فَلِأُصَلِّيَ بِكُمْ فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لَبِثَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْيَتِيمُ مَعِي وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ .

الرأي الرابع:

إمامة الرجل للمرأة المنفردة التي ليست من محارمه : لا تصح على الإطلاق .

قال الطحاوي : " لا تصح إمامة الرجل للمرأة ... بالاتفاق " .([239])

 

ثانياً: إمامة المرأة للرجال

 

الرأي الأول: أن لا تؤمهـم مطلقاً :

سواء كان ذلك في الفرض أو النافلة وبهذا قال المالكية والشافعية والاحناف والحنابلة ؛

قال أبو جعفر الطحاوي (لا تصح إمامة الرجل للمرأة ، ولا امامة المرأة للرجال في الفرائض بالاتفاق) . ([240])

قال الصنعاني : "...أن المرأة لا تؤم الرجل ، وهو مذهب الهادوية والحنفية والشافعية وغيرهم "  . ([241])

قال المالكية : " لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ عِنْدَنَا وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ مَنْ صَلَّى وَرَاءَهَا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ . ([242])

قال ابن رشد : " اختلفوا في إمامة المرأة فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء فأجاز ذلك الشافعي ومنع ذلك مالك " . ([243])

قال الشافعية : " واتفق اصحابنا علي انه لا تجوز صلاة رجل بالغ ولا صبي خلف امرأة حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدرى ، ولا خنثى خلف امرأة ولا خنثى لما ذكره المصنف وتصح صلاة المرأة خلف الخنثي . وسواء في منع امامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح وسائر النوافل هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف رحمهم الله وحكاه البيهقى عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وسفيان واحمد وداود " . ([244])

قال ابن عثيمين : ’’ لا تصح [صلاة الرجال ] خلف امرأة ، والدليل ما روي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لا تؤمنّ امرأة رجلاً " ، وهذا الحديث ضعيف ، لكن يؤيده في الحكم قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " ، والجماعة قد ولوا أمرهم الإمام فلا يصح أن تكون المرأة إماماً لهم . ودليل آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير صفوف النساء آخرها " ، وهذا دليل على أنه لا موقع لهن في الأمام ، والإمام لا يكون إلا في الأمام ، فلو قلنا بصحة إمامتهن بالرجال لانقلب الوضع فصارت هي متقدمة على الرجل ، وهذا لا تؤيده الشريعة ‘‘ .([245])

 

من فسر حديث أم ورقة بأنها أمت النساء وليس الرجال :

 

قال الإمام الحاكم رحمه الله -عن حديث أم ورقة- : وهذه سنة غريبة لا أعرف في الباب حديثا مسندا غير هذا » . وقد روينا « عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت تؤذن ، وتقيم ، وتؤم النساء » . ([246])

     أقول : كأنما أراد الحاكم أن يقول أن أم ورقة صلت بالنساء لإتيانه بحديث إمامة 

     عائشة - رضي الله عنها - للنساء.

ذكر الإمام البيهقي حديث أم ورقة في ( باب إمامة المرأة النساء دون الرجال) ثم  استشهد بعد ذلك بروايتي إمامة السيدة عائشة رضي الله عنها والسيدة أم سلمة رضي الله عنها للنساء . ([247])

روى الدارقطني بإسناده عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَذِنَ لَهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ وَتَؤُمَّ نِسَاءَهَا. ([248])

وغيرهم ، و رواية الدارقطني بلفظ (نسائها) إضافة لمجموع التفاسير ، يمكن أن توضح أن أم ورقة قد أمت النساء.

 

 

 

 

الرأي الثاني :  الإختلاف في جواز إمامتهـا للرجال في النافلة وصلاة التراويح:

ملاحظة :

لاحظت في أغلب كتب السنة أن أم ورقة رضي الله عنها لا تذكر إلا و أنها كانت من الحافظات, لذلك أذن لها أن تؤم أهل دارها ، مما يعني أن هذه السنة وإن لم تتكرر لا يجوز تطبيقها في وجود الرجال الحفظة ، وممن ذكر أن إمامة المرأة للرجال خاص بأم ورقة الإمام ابن قدامة في (المغني)  بقوله : " ولو قدر ثبوت ذلك لأم ورقة لكان خاصاً بها ..." ([249])

اختلف في ذلك  ، ومن أجاز اشترط أن تكون متأخرة.. تكون متأخرة تعني أن تصلي بهم والرجال أمامهـا .. وهـي (كإمامة ) تقف من خلفهـم :

قال الطحاوي : " واختلف في جواز إمامتها بهم في صلاة التراويح خاصة ؛ فقيل : جائزة ؛ بشرط أن تكون متأخرة ، ومنعه الباقون " . ([250])

استدلوا  على  أن تكون متأخرة لأن كل الأحاديث تتحدث عن تأخر المرآة ومنها ما ذكرناه في بداية هذا المبحث  :-

أحاديث إمامة الرجل للرجال والنساء(النساء خلف الرجال).

حديث إمامة الرجل لزوجته بالمنزل(خلفه) .

حديث إمامة الرجل للمرأة  ومعها محرم(خلفه والمحرم على يمينه) .

 

الرأي الثالث : جواز إمامة المرأة للرجال في الفرض والنفل :-

استندوا في ذلك على الحديث الآتي :

عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بهذا الحديث والأول أتم قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها قال عبد الرحمن فأنا رأيت مؤذنها شيخا كبيرا ([251])

وهـو رأى شاذ قال به أبو ثور والطبري كما جاء في بداية المجتهـد لابن رشد " وشذ أبو ثور والطبري فأجازا إمامتهـا على الإطلاق " . ([252])

و ذكر الصنعاني في سبل السلام أن من أجاز إمامتها أبو ثور والمزني والطبري ، واشترط الطبري إمامتها في التراويح إذا لم يحضر من يحفظ القرآن . ([253])

 

ثالثاً : إمامة المرأة للنساء

ورد في السنة جواز إمامة المرأة للنساء ، شريطة أن تقف وسطهنّ  ؛ ومما ورد في ذلك:

عن عائشة كانت تؤم النساء في التطوع تقوم معهن في الصف [رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ]

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَمَّتْهُنَّ فَكَانَتْ بَيْنَهُنَّ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ .[ رواه من طَرِيقِ عبد الرزاق الدَّار َقُطْنِيُّ ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ رَائِطَةَ الْحَنَفِيَّةَ] .

عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّهَا كَانَتْ تَؤُمُّ النِّسَاءَ ، تَقُومُ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ [رَواه ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، ثُمَّ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَطَاءٍ]

عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَذِّنُ وَتُقِيمُ ، وَتَؤُمُّ النِّسَاءَ ، وتَقِفُ وَسَطَهُنَّ [رواه الحاكم في المستدرك ، وعنه البيهقي في السنن الكبرى] .

عَنْ رَائِطَةَ الْحَنَفِيَّةِ : أَنَّ عَائِشَةَ أَمَّتْ نِسْوَةً فِى الْمَكْتُوبَةِ فَأَمَّتْهُنَّ بَيْنَهُنَّ وَسَطًا [البيهقي].

عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ قَوْمِهِ ، يُقَالُ لَهَا : حُجَيْرَةُ بِنْتُ حُصَيْنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَمَّتْهُنَّ ، فَقَامَتْ وَسَطًا . [رواه الشَّافِعِيُّ ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ] وَلَفْظُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ :

قَالَتْ : أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ ، فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ ، فَقَامَتْ بَيْنَنَا .[رواه عبدالرزاق وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ] .

8-     عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ أَنَّهَا رَأَتْ أُمَّ سَلَمَةَ تَؤُمُّ النِّسَاءَ ،  تَقُومُ مَعَهُنَّ فِي صَفِّهِنَّ .[ َأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ] .

 

هذه روايات متعددة يقوي بعضها بعضاً ، نلاحظ فيها أن المرأة تقف في إمامتها للنساء وسط النساء ، والتعبيرات في ذلك مختلفة (معهن في الصف ، فَكَانَتْ بَيْنَهُنَّ ، وتَقِفُ وَسَطَهُنَّ ، بَيْنَهُنَّ وَسَطًا ، فَقَامَتْ وَسَطًا ، فَقَامَتْ بَيْنَنَا ، مَعَهُنَّ فِي صَفِّهِنَّ ).

فكيف تتقدم المرأة على الرجال ! ، وهي لا تتقدم حتى على بنات جنسها من النساء؟ّ! .

 

الراجح:- لقد أتضح أن الراجح من إجماع أصحاب المذاهـب الأربعة وغيرهـم عدم جواز امامة المرأة للرجال على الإطلاق .

 

تبريرات (شيخ حسن) الأخرى :

رأي (شيخ حسن) :- شذ في رأيه مقلداً آراء أبي ثور والطبري والمزني ، وهو يزعم أنه لا يحب التقليد!! .. واعتبره بعض أتباعه أنه قد جاء برأي جديد ، وهـو في الحقيقة لم يأت بجديد إنما نفض الغبار عن رأي شاذ ضارباً  بإجماع الجمهـور عرض الحائط .. وكم نفض شيخ حسن من آراء شاذة غيرهـا لفتا للأنظار .. ولا أعرف سر هـذا الاهتمام بما يثير البلبلة .. إلا من باب خالف تعرف .. وأذكر أنه قال  في أكثر من مكان ،  وفي قناة الجزيرة (برنامج الشريعة والحياة) ؛ عندما قيل له قد يفتن المأمومون عندما ينظرون إلى امرأة تركع وتسجد أمامهم قال : ’’ لماذا تنظرون إلى عجيزة المرأة ّ ، ولا تهتمون بصلاتكم ؟! ، هل أنتم تنظرون إلى عجيزة الإمام( الرجل) ؟! ‘‘

أقول : هذا قياس فاسد ، ورأي مفسد ، وليس فيه ورع ؛ لأن (شيخ حسن) بمقولته هذه يريد أن يختلط الحابل بالنابل - كما يقولون - ،  فالمصلون ليسوا من الملائكة ، ولا أظن أن (شيخ حسن ) يعرف مبدأ سد الذرائع ، وهل يا ترى يؤمن بالحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا »  ([254]) ؟؟ ..أم يؤمن فقط برأيه الشاذ – عن الشاذ – والخاطئ ، ويدعوا إليه الناس ؟

لماذا قلت : شاذ عن الشاذ ؟ : لأن الطبري وأبو ثور والمزني كانوا ورعين ؛ إذ قالوا أنها إذا أمت الرجال تكون خلفهم !!.

خارج النص :

ذكر أحدهم بأنه رأى امرأة متبرجة في مركبة عامة ، فنصحها ، فهاجمه الركاب وزجروه ! ، وقالوا له : لما تنظر إليها أصلاً ؟! .

أقول : هذه فطرة منكوسة وصورة مقلوبة ؛ أمر الله المرأة بالستر ، والالتزام بالزي الشرعي ، ثم أمرنا جميعاً نساءاً ورجالاً بغض البصر ؛ أ نشجع التبرج ونهاجم الناصحين ؟! هذا عين ما نادى به (شيخ حسن) إذ قال : لما تنظرون إلى المرأة (الإمام) ، وكان الأجدر به أن يمنعها ابتداءاً من الإمامة !.

ومما ذكره شيخ حسن أيضاً تأكيداً لكلامه ( أنهـا أمت أهـل دارهـا) .. قال : أهـل دارهـا أى جميع من في منطقتهـا واستدل على ذلك بقوله أننا نقول ( دار فور- دار مساليت ) , فهـى لم تصلى في بيتهـا وإنما أمّت  كل أهـل المنطقة !! ، وهذا الكلام سمعته منه أكثر من مرة ، وكان آخرها في وفاة والد الأخ الصديق الدكتور (جمال مجذوب).

أرد عليه فأقول:

1/ قال الصنعاني : أنهـا أمت مؤذنهـا وجاريتهـا وغلامهـا ، و سبق أن ذكرنا أحاديث صرحت بإمامتها للنساء؛ فمن أين أتى شيخ حسن برأي أنهـا أمت جميع أهـل المنطقة ؟!... إنهـا المبالغة واستعراض آرائه لمن لا يعرف أو لا يقرأ أو لمن يصفقون له بغوغائية في اللقاءات الجماهـيرية.

2/ هـل أصبح الاستشهـاد بدلاً عن لغة العرب باللهجات المحلية ؛ (دار) فور،و(دار) مساليت عجباً !

أين هـو من اللغة الصحيحة .. التي تقول أن الدار تعني البيت , دارهـا أي بيتهـا .. أين هـو من الأمثلة التي يعرفها طلاب الابتدائية ومنهـا :

- دار الأرقم : التي اجتمع فيهـا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سراً ليزكيهـم ويعلمهـم الكتاب والحكمة وهـي بيت للأرقم بن أبي الأرقم .

- دار أبي سفيان : قال العباس رضي الله عنه للرسول صلى الله علبه وسلم يوم الفتح إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً ,قال :(نعم من دخل دار أبي سفيان فهـو آمن,ومن أغلق عليه داره فهـو آمن , ومن دخل المسجد الحرام فهـو آمن) .  ألا تعني دار أبي سفيان بيته أم يا ترى تعني كل المنطقة .. منطقة مكة ؟

دار الندوة : البيت الذي تآمر فيه أهـل مكة لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم. ؟؟ .

لا أدري لماذا ذكرني استشهـاد شيخ حسن بدار فور ودار مساليت بمقدم برنامج للمدائح يدّعي العلم .. عندما أراد أن يؤصل لكلمة ( النوبة) – وهي طبلة يرقص المتصوفة على إيقاعهـا -  قال : النوبة جاءت من قوله تعالى : ( وأنيبوا إلي ربكم )[الزمر :54] لأن أنيبوا تعني الرجوع إلى الله, والنوبة - حسب ادعائه - تعيد الناس بإيقاعها لله لأنهـا تجعلهم ينفعلوا بالذكر !!.

أخشي أن يؤصل آخر (للطار) كآلة تستخدم في الإيقاع أيضاً عند المداح بقوله : أن الطار جاء من قول الشاعر:

                                   ما طار طير وارتفع * إلا كما طار وقع                                              

 

لأن إيقاعات الطار تجعل الإنسان يحلق بروحه في سماوات المديح والذكر.!!

والله لا أدري هـل مثل هذه الاستشهـادات تكون من المضحكات أم المبكيات.

3/هـل قرأ شيخ حسن - وهـو القارئ النهـم - عن امرأة أمت الرجال طوال 1430 عاماً بخلاف أم ورقة , هـل شاهـد في كل أسفاره خارج السودان وداخله امرأة أمت الرجال ؟؟ أقول : لم أسمع إلا بامرأتين أمتا الرجال قديماً : غزالة وكانت من الخوارج ، و حديثاً : أمينة ودود .

 

 

ملحوظات:

سؤال للعلماء المتبحرين في العلم لا من يبحثون عن الآراء الشاذة .. هـل حديث أم ورقة من (أحاديث الأعيان ) كما فُهم من رأي ابن قدامة الذي سبق ذكره ؟.

ألا  يمكن أن نفهم من الحديث أن هناك احتمالات أخرى ؟ ؛ مثل : أن يكون مؤذنها من محارمها ، أو أنه يؤذن لها ولا يصلي معها- وقد قرأت ذلك في كتاب ما لا أذكر اسمه - ؟ ، أو أنه يصلي معها متقدماً عليها ، بعد كل ذلك أقول : الله أعلم .

تزامن رأي (شيخ حسن) في إمامة المرأة ؛ مع إمامة ( أمينة ودود) للنساء في أمريكا  ، هـل أراد أن يكسب الغرب برأيه ولإثبات أنه عصري التوجه وغير (متزمت). علماً  بـأن (أمينة)هذه كما كتبوا عنهـا امرأة فاجرة.. لا تفرق بين الأديان ( الإسلام والمسيحية واليهـودية) .. و تدعوا لحرية التصرفات الإنسانية ، وتدعوا لإباحة الشذوذ الجنسي والمثلية.. وعندما أمت الناس وقفت أمامهـم .. وجعلت الصفوف من خلفهـا مختلطة  رجالاً و نساءاً ، و لم تجعل صفوفاً للرجال و صفوفاً للنساء .. ، ولم تجعل نفسهـا خلفهـم كما قال من أباح إمامتهـا من العلماء السابقين الأجلاء الذين ما قصدوا من فتواهـم لفت الأنظار إنما اجتهـدوا ولهم أجر الاجتهاد الواحد , وتأكد أن (أمينة ودود) أرادت أن تؤم الناس للمرة الثانية في مسجد فرفض المسلمون ؛ فصلت بهم في باحة كنيسة مهجورة ؛ وتم تصويرها. !!

* الغريب أن الغرب الآن أصبح ينادي بأهـمية فصل الرجال عن النساء في الجامعات ، والمدارس ، ووسائل المواصلات ؛ لما اكتووا به من نيران الاختلاط ونتائجه ( تناقص الزواج , واتخاذ الأخدان , و الإجهاض , و اللقطاء , والأمراض الجنسية ؛ كالإيدز وغيرهـا ) ، و دولة كالمكسيك مثلاً جعلت بصات خاصة للنساء وأخرى للرجال ، بعد شكاوى النساء بتعرضهن للتحرشات من الرجال في البصات المختلطة !!!  ؛ أ يعود الغرب إلى الفطرة ويدعوا  (شيخ حسن) إلى ضدها ؟!

* من الذين أشادوا بأمينة ودود ؛ الدكتور : (جمال البنا) ؛ إذ قال : جزاها الله خيراً إذ أزالت الصورة القاتمة التي كان يضعها الغرب للمسلمين بأنهم يحتقرون المرأة . أقول: لاجزاها الله خيراً.

يقول الله تعالى : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) [الأنبياء : 18]

 


الشطحة الكبرى للشيخ حسن الترابي

                                (زواج الكتابي من المسلمة )

 

في طرفة أسمعها منذ القدم , أن أهل قرية خرجوا رجالا ونساء لمشاهدة ورؤية هلال رمضان, وعجزت أعينهم جميعاً ولم تتمكن من ذلك إلي أن شاهده واحدا منهم ،وأشار بيده إليه, فرأوه، فامتلأ الفضاء بزغاريد النساء فرحةً واستحساناً وإشادةً , فما كان من الرجل إلا وان رفع يده إلي جهة أخري قائلا :- وهاهو ذاك هلال آخر!! .

لا أدري لماذا ذكرتني هذه القصة بـ(شيخ حسن) بعد ظهور رأيه الأخير. فـ(شيخ حسن) قبل حوالي 30 عاماً .. أفتى بأن تبقى المرأة الكتابية التي أسلمت مع زوجها النصراني, إن خشيت محاربة الدولة لها ، وخشيت حرمانها من أبنائها ومنزلها وحقوق التأمين ، لأنها في دولة ذات أغلبية نصرانية ، وستصبح مهيضة الجناح لأنها لن تجد نصرة من أهل عقيدتها ، وكان الحدث موضوع الفتوى في (أمريكا). بعد أن استحسن الناس فتواه, أشار بيده لهلال آخر غير موجود قائلا : يمكن أيضا أن يتزوج (الكتابيُّ) المسلمة .

و أنقل - نص ما قاله (شيخ حسن) في ذلك - من صحيفة (رأي الشعب – العدد81-بتاريخ 8/4/2006م) : " إن من حق المرأة أن تتزوج كتابياً مسيحياً كان أو يهودياً... منع التزاوج بين المسلمات و الكتابيين أقاويل ! لا أساس لها من الدين !! ،  ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف !! ، إنما هي أوهام  ، وتضليل ، و تجهيل ، و إغلاق ، وتحنيط ، و خداع للعقول ، و الإسلام منها براء!! " انتهى كلامه العجيب ! ، وهو رأي لم نسمع به لا في الأولين ولا في الآخرين, أما رأيه الأول فله سنده من السنة والسيرة الصحيحتين .

وقع في هذا الخطأ لأنه يعتبر أن المشركين الممنوعون من الزواج بالمسلمة يختلفون عن أهل الكتاب وذلك في قوله سبحانه وتعالى : (وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [البقرة:221].

الخطأ جاء بسبب أن (شيخ حسن) لم يستنبط أنه لا فرق بين الكفار والمشركين وأهل الكتاب في صفاتهم  ( الكفرية والشركية ), وذلك للأسباب الآتية :-

1/ أن التفريق بينهم في المعنى الاصطلاحي ..أما صفاتهم فواحدة .

2/ الدليل على ذلك آية الممتحنة جعلت المشركين كفاراً ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) [الممتحنة :10] ؛ فالآية واضحة بأنها تختص بالمسلمات المتزوجات من مشركي مكة .

3/ إن الآية ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [المائدة : 73] , وصفت النصارى بالكفار .

بل إن هناك من النصارى من قال إن عيسي هو الله ؛ قال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة :72] .([255])

4/ أن الآيات :- (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ) [ آل عمران:86-88] ؛ قد جعلت اليهود كفاراً .

’’ وقال الحسن : نزلت في اليهود لأنهم كانوا يبشرون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستفتحون على الذين كفروا فلما بعث عاندوا وكفروا فأنزل الله عز وجل { أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين }‘‘([256])

*ومما يؤكد ذلك قوله تعالى : (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِين )[البقرة : 89 ]

5/ أن من يشرك بالله لا يدخل الجنة (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [المائدة:72] ؛ وأي شرك أكبر من الأمثلة الآتية التي ذكرها القرآن :

أ/ (وَقَالَتِ الْيَهودُ عُزَيْرٌ ابْنُ الله) [التوبة :30] .

ب/( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ   ) [التوبة :30] ؛ إذاً

صفات مشتركة:

6/جاء في تفسير سورة البينة ’’ وقيل : المشركون وصف أهل الكتاب أيضا لأنهم لم ينتفعوا بكتابهم وتركوا التوحيد فالنصارى مثلثة وعامة اليهود مشبهة والكل شرك وهو كقولك : جاءني العقلاء والظرفاء وأنت تريد أقواما بأعيانهم تصفهم بالأمرين فالمعنى : من أهل الكتاب المشركين ‘‘ .([257])

7/ أيّ شرك أعظم من ذلك ؟ : ( إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)[النساء : 48] ، (إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) [النساء : 116] .

8/أمرنا الله بأن لا نتخذ المشركين أولياء ..( يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ الله عليهمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) [الممتحنة :13].

’’ يعني: اليهود والنصارى وسائر الكفار، ممن غضب الله عليه ولعنه واستحق من الله الطرد والإبعاد، فكيف توالونهم وتتخذونهم أصدقاء و أخلاء ‘‘  .([258])

 ؛ يمكن أن أبر الكتابي وأقسط إليه بشروط: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين )[الممتحنة : 8] ؛

عودة لآية الممتحنة:                                                                                                                                 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم) [الممتحنة : 10] ؛ و طالما أن كل كافر لا يتزوج مسلمة ولا ترجع المسلمة إلى الكافر ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ؛ والآية فعلاً تناولت قضية المسلمات الآيبات من أزواجهن المشركين ؛ ولكن كما هو معلوم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ... فإذا نظرنا إلى الحكمة من منع زواج الكفار من المسلمة لقررنا بداهة منع زواجها من أهل الكتاب .. فالكافر لا يتزوج بمسلمة لكن من سماحة الإسلام أنه لا يمنع أن نبرهم ونقسط إليهم , وقد سبق ذكر قوله تعالى :(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ...)الآية

والبر والإحسان لا يعنيان البتة أن نزوجهم من المسلمات فكم من مسلم تربطني به العقيدة والدين ، وقد أبره ، ولكن لا يشترط أن أزوجه ابنتي ؛ لأن هناك شروطاً أخرى لاتنطبق عليه :

قال صلى الله عليه وسلم : " إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ  عَرِيضٌ "  ([259])

     ؛ فإذا كنت أمنع من يتصف بضعف الالتزام والتدين وسوء الخلق ، رغم إسلامه ؛ فكيف بغير المسلم  نصرانياً   كان ، أو يهودياً ، أو مشركاً  .

2- ولأن  النسب والمصاهرة - كما هو معلوم - أقوى من الصداقة والخلة ، أ بعد ذلك يتخذ المسلم منهم (أي اليهود والنصارى) زوجاً لابنته ؛ وقد قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) [المائدة : 51] ..

 

ولله در الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي الذي قال في رده على الترابي فقرات أنقلها كما هي .." ولست أشك في أن الترابي مخطئ خطأ جسيماً في فهم آية الممتحنة ، وهو خطأ تترتب عليه أمور جسام لها صلة بالأسرة المسلمة ، وتربية النشء على الإسلام ..." ويواصل فيقول: " أما محاولة الترابي تبرير زواج المسلمة من الكتابي بالمصلحة في قوله : علينا أن نترك للأقليات المسلمة التي تعيش مع الكتابيين ، والذين تهمهم هذه القضية أن يقدّروا الأمر حق قدره ، وأن يزوجوا بناتهم للكتابيين ، لعل هؤلاء البنات يأتين بالكتابيين من خلال العلاقة الزوجية إلى الإسلام.. فالوقائع لا تعضده كذلك . ولأني أقمت ولا أزال أقيم في الولايات المتحدة منذ أعوام مديدة ، فقد عرفت عن كثب ما يعرفه كل المسلمين في هذه البلاد من أن المصلحة تكمن في منع زواج المسلمة من الكتابي . فقد رأينا رجالا كتابيين كثرا دخلوا إلى الإسلام بإقناع من نساء عزيزات الأنفس ، رفضن الزواج منهم من دون ذلك . وقد أسلم في مركزنا الإسلامي بولاية تكساس الأمريكية صحفي أمريكي شاب منذ شهور ، بعد أن أقنعته بذلك فتاة تركية مسلمة أراد الزواج منها . أما المسلمات اللاتي تزوجن كتابيين من غير أن يسلموا ـ وهي حالات نادرة جدا ـ فقد ضيعن دينهن وأطفالهن ، وذبن في الثقافة السائدة ذوبان الجليد في النار.".([260])

وهنالك مثال من السنة يؤكد ما أشار إليه الشنقيطي فقد تقدم أبو طلحة لأم سليم وكان مشركا ولكنه يتصف بكل صفات الفروسية من أخلاق وشجاعة وكرم فقالت له : ( يا أبا طلحة إن مثلك لا يرد ولكن إن أسلمت فذلك مهري ..) .

قال الدكتور الفاتح علي حسنين محمد : " و من خلال احتكاكنا مع المسلمين في بولندا ؛ وجدنا أن اختلاطهم مع غير المسلمين [يعد] اختلاطاً واسعاً وعميقاً ، فالمرأة المسلمة متزوجة من نصراني ، والمسلم متزوج من نصرانية ؛ [فـ]أدى إلى انحراف عدد كبير من أبناء المسلمين ، خاصة و أن نسبة تمسك التتار بالإسلام  انحسرت إلى نسبة (الصفر) بدون مبالغة ؛ و لذلك ففي 70%  -  75% من حالات الزواج المختلط جاءت النتائج ضد مصلحة المسلمين ؛ حيث انسلخ الأبناء عن الإسلام وتحولوا إلى النصرانية ، وحتى الذين بقوا مسلمين ظلوا يحملون أسماء نصرانية ، إضافة إلى ذلك فقد نتج عن هذا الزواج المختلط تخلي التتار البولنديين عن تتريتهم التي تعني حب الفروسية والقتال والصفات الرجولية الأخرى ، و ذابوا في المجتمع البولندي الذي لا يختلف عن أي مجتمع آخر تسوده الرذيلة ، وحب المسكنة والعيش الرغيد...و هذه المشكلة كما ذكرت تعود إلى جهل المسلمين [مما]جعل قضية الدين قضية شكلية تقليدية ، وهذا أدى إلى زواج المسلم بنصرانية أو لا دينية ، و زواج النصراني أو الشيوعي بمسلمة ، وعلى ذلك فغالبية المسلمين اليوم هم من كبار السن من مواليد 1910م – 1930م – 1940م . أما الجيل الذي يليه فقد تعرض لعملية ذوبان شنيعة ..." ([261])

فالأعز للمسلمة الملتزمة أن تقنع الكتابي بالإسلام ابتداءاً ، فإذا أسلم تزوجت به لا أن تدّعي بأنها ستقنعه بالإسلام بعد زواجها منه ..

قال محمود شلتوت : " إن أفضل أنواع الزواج ما تلاقت عليه الرغبات ، وخلصت له القلوب وتناجت به الأرواح . ومن ضرورة ذلك أن تتفق العقيدة وتتناسب الأخلاق وتتحد الأهداف . وفي ظل ذلك التناسب يبسط الزواج على الحياة الزوجية نسيج السكن والمودة والرحمة ، فتطيب الحياة ، وتسعد الأبناء والأسرة . ولا يتحقق ذلك على الوجه الأكمل في نظر الإسلام إلا إذا اتفق الزوجان في الدين والعقيدة ، وكانا مسلمين يأتمران بأمر الإسلام ، وينتهيان بنهيه ، ويشد الإسلام ما بين قلبيهما من رباط . أما إذا كان الزوج غير مسلم والزوجة مسلمة ، أو كانت الزوجة غير مسلمة والزوج مسلما ، فإن حكم الإسلام  له وجه آخر . فهو بالنسبة للفرض الأول، وهو أن يكون الزوج غير مسلم والزوجة مسلمة ، الحرمة القطعية والمنع البات ، وهو من الأحكام التي أجمعت عليها الأمة من عهد الرسول إلى يومنا هذا." . ([262])

 وقال أيضاً رحمه الله: " أما إذا انسلخ الرجل المسلم عن حقه في القوامة ، وألقى بمقاليد نفسه وأسرته وأبنائه إلى زوجته الكتابية ، فتصرفت فيه وفي أبنائه بمقتضى عقيدتها وعاداتها ، ووضع نفسه تحت رأيها واتخذها قدوة له يتبعها ، وقائدا يسير خلفها ، ولا يرى نفسه إلا تابعا لها ، مسايرا لرأيها ومشورتها ، فإن ذلك سيكون عكسا للقضية وقلبا للحكمة التي أحل لله لأجلها التزوج من الكتابيات .

وهذا ما نراه اليوم في بعض المسلمين الذين يرغبون التزوج بنساء الإفرنج ، لا لغاية سوى أنها إفرنجية تنتمي إلى شعب أوروبي ، بزعم أن له رقيا فوق رقي المسلمين الذين ينتسب هو إليهم ، ويعد نفسه واحدا منهم . فيتركها تذهب بأولاده إلى الكنيسة كما تشاء ، وتسميهم بأسماء قومها كما تشاء ، وتربط في صدورهم شعار اليهودية أو النصرانية ، وترسم في حجر منزلها وأمام أعين أولادها ما نعلم وما لا نعلم ، ثم بعد ذلك كله تنشئهم على ما لها من عادات في المأكل والمشرب والاختلاط ، وغير ذلك مما لا يعرفه الإسلام ولا يرضاه . أو مما يعتبر الرضا به والسكوت عليه كفرا وخروجا عن الملة والدين ."  ([263])

 

 

الحكمة من تحريم زواج الكتابي من المسلمة:

أما إذا تناولنا موضوع زواج الكتابي من المسلمة  من جهة تعارضه مع مقاصد الشريعة ، نجد أن الحكمة كل الحكمة في منع ذلك الزواج بل تحريمه تحريما قاطعا ..

إن من الضروريات(حفظ الدين) ولحفظ الدين لا بد من محاربة العقائد الفاسدة [ الديانات المحرفة والمنحرفة النصرانية واليهودية ] لعداوتها الواضحة للإسلام ومحاربتها له منذ الحروب الصليبية الأولى والحالية ، ولأن الغرب يعج بالفرق المناوئة للإسلام والحاقدة عليه كالماسونية والصهيونية والفرق الإلحادية وغيرها .. وهي من صميم ما طالبت به الشريعة في مقاصدها بدرئها .. ألا يقتضي ذلك أن نمنع زواج المسلمة من كتابي حفظا لدينها ودين أبنائها من الارتداد, وسلامة عقلها وعقول أبنائها من تلك الأفكار الهدامة, فهذا هو صمام الأمان للمسلمين والمسلمات ؛ أن نحافظ على الضروريات الخمس (*)

وإن أردنا النظر في هذا الموضوع من جانب آخر ، من جهة حفظ العقل وحفظ العرض (النسل) فمعلوم لدينا الآن ما ارتبط به الغرب عامة من عقائد فاسدة, وانهيار أخلاقي. والإباحية والتي تتمثل في المثلية ، وتبادل الزوجات ، واتخاذ الخليلات ، وإباحة الإجهاض ، والإنجاب دون رباط زوجي والأخلاق المتدنية الأخرى كأندية العراة وأماكن المجون والفسق والاختلاط وتعاطي المخدرات بأنواعها وتفشي القتل والجريمة بأتفه الأسباب ؛ هل بعد ذلك كله نفتي بأن تتزوج مسلمة بمن يأخذها إلى ذلك الجحيم الذي لن تستطيع منه فكاكاً ، وإن عصمت نفسها, لا تستطيع أن تُأمّن أبناءها ؛ وإن كنا نحن هنا نخشى على أبنائنا من الثقافات الوافدة فكيف إذا أدخلناهم إلى ذلك المكان الآسن.

في محاضرة للدكتور محمد سليم العوّا  - في الخرطوم أواخر الثمانينات- عرضها في مؤتمر الفكر الإسلامي بالخرطوم (طبعت) ذكر:"ونكاح نسائهم جائز, وإن منع الإسلام رجالهم من التزويج بنساء المسلمين فما ذلك إلا فرع لأصل قرره الإسلام في تنظيم الحياة الزوجية. إن القوامة والرئاسة فيها للرجل وهو لا يؤمن بالإسلام , فكيف يؤمن على المسلمة أن تكون له زوجاً , وأن تقيم شعائر دينها , وتطيع ربها , وبعض الطاعات وبعض المنهيات متصل أوثق اتصال بالحياة الزوجية , وبعضها متعلق بأخص خصائص العلاقات بين الزوجين.أما المسلم حين يتزوج بالكتابية , فهو مؤمن بدينها , مصدق بكتابها , موقر لنبيها , لا يتم إيمانه إلا بذلك كله , فأي خشية على دينها تكون منه؟ ([264])

 

تجارب سودانية:

وهنا في السودان وفي عهد الاستلاب الثقافي عشنا تجارب زواج بعض المستنيرين بأجنبيات بحجة رقيّهن حضارياَ ، وبعد الإنجاب وبلوغ الأبناء رشدهم ، عادت الزوجات بأبنائهن إلى بلادهن ، وعاش الأزواج هنا كالأيتام الكبار ، يبكون بدموع الدم ، وضاع هنالك الأبناء ونعرف من تنصّر منهم .. وأثق تماما أن شيخ حسن يعرف كثيرا من الأمثلة التي عاصرها .. وهذه أمثلة لزواج مسلمين ضعيفي التدين والإرادة ـ فقدوا القوامة ـ بأجنبيات ، فكيف بمسلمة تتزوج بأجنبي ..؟

 

* لا بد أن أختم بالآتي :-

سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين  :

منع الإسلام لخصوصيته بعض المعاملات والعلاقات مع أهل الكتاب ، ولكنه أمرنا بحسن معاملتهم ؛ خاصة النصارى و من ذلك :

1/ الإيمان بسيدنا عيسى عليه السلام : إذ لا يكتمل إيمان المسلم إلا بذلك .. فهو نبي كريم ، ومن أولي العزم من الرسل .

2/ توقير السيدة مريم البتول ؛ الصدّيقة ، فهي سيدة من سيدات نساء أهل الجنة .. وسميت سورة كريمة في القرآن باسمها ؛ (سورة مريم) .

    3/ قال عليه الصلاة والسلام : " من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها  

            توجد من مسيرة  أربعين عاما" ([265])

 

4/ أعطاهم الإسلام حقوق المواطنة كاملة  ؛ و من ذلك :

             الدفاع عنهم  ، المتاجرة بالبيع والشراء معهم  ، تأليف قلوبهم للإسلام ، إعفاء 

           بعضهم  من الجزية  : النساء ، الصبيان ، المساكين وذوي العاهات الذين لا 

           يقدرون على الكسب كالأعمى والمقعد والمجنون ، و كبار السن ، والعجزة  . و 

           يعفى منها أيضاً الرهبان  ، و أهل الصوامع ، والأديرة وإن كانوا قادرين .

    5/ إباحة أكل طعامهم مع بعض الاستنثاءات لقوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ... ) [المائدة :5] .

    6/ إباحة الزواج من المحصنات من أهل الكتاب ؛ كما ورد في الآية أعلاه ، وجاء 

         في تفسير المحصنات :

         الحرائر،العفيفات ، العاقلات ، الممتنعات عن الفسق والزنا .

         ونلاحظ أن هذا استثناء أو تخصيص للنهي عن الزواج بالمشركات والمشركين  

         كما في الآية [221] من سورة البقرة ؛ في بداية هذا المبحث.

7/ مجادلتهم بالحسنى ؛ (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ)[العنكبوت :46].

كل ذلك من صميم ديننا ، و من الأمثلة على التزامنا بذلك هو عدم إساءتنا طوال التاريخ للسيد المسيح عليه السلام ، والسيدة مريم عليها السلام . بينما نجد كثيراً من الدول الغربية يسيئون لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في رسومهم و أفلامهم ، ولا يعاملوننا بالمثل في توقيرنا لأنبيائهم .

اللهم أرنا الحق حقاَ وارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاَ وارزقنا اجتنابه .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الشيعة .. أباطيلهم وترهـاتهـم

 

 

كثيراً ما يردد (شيخ حسن) في لقاءاته وندواته  بأنه  ليس  شيعياً ولا سنياً !  ؛ كان يمكن أن نعد قوله صحيحاً وصواباً, إن لم تكن الأمة الإسلامية قد تمزقت إلي فرق وجماعات وطوائف وأحزاب تدّعي حتى الضالة منها إلتزامها الإسلام ؛ عليه فإن التمايز الآن أصبح ضرورة لنفرق بين الحق والباطل ، والخبيث والطيب ..

قال تعالى (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّب) [ آل عمران : 179 ] .

وقال تعالى (( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلهمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهمْ وَمَمَاتُهمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )) [الجاثية : 21]

فالأمة الإسلامية بعد فترة مثالية عاشها المسلمون على المحجة البيضاء ، في وحدة وانسجام ، انحرف عنها البعض في فترة من فتراتها عن المنهج الصحيح ، وعن طريق الحق ، فظهرت كثير من الفرق الضالة التي ادعت زوراً وبهتاناً الانتساب إلى الإسلام الحق .

*بدأت الفتن في أواخر خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه ، وبداية خلافة سيدنا على رضي الله عنه ، وانقسم المسلمون إلي :-

1/ أهل السنة والجماعة وهم من ثبتوا على الحق .

2/ الخوارج وهم أول من خرجوا عن جماعة المسلمين .

3/ الشيعة .

توالت بعدها الفرق قديما وحديثا نذكرها دون ترتيب تاريخي :- المرجئة - الجهمية – الباطنية – الروافض – الإباضية – المعتزلة – الإسماعلية – الشيطانية ( اتباع شيطان الطاق ) - النصيرية - القرامطة - الحشاشون – القاديانية – البهائية .. وغيرها مما تعج به كتب التاريخ والفرق .

*تكالبت الأمم على أهل الإسلام وعلى دولهم ونشروا ثقافاتهم وتوافدت أفكارهم على المسلمين ، وانبهر بعض ضعفاء العقيدة بما فيها ، والتزموا بها منهجاً .. فانتشرت أفكار الإمبريالية ، والإشتراكية ، والشيوعية والماسونية العالمية .. وغيرها وغيرها . فأصبحت الضرورة الآن أكبرللتمايز وإظهار الولاء للإسلام الصحيح ( منهجاً وسلوكاً ) ..والبراء من الأباطيل والأفكار الهدّامة .

* وعندما ظهرت في السودان الحركة الإسلامية بقياداتها ـ وكان أهمهم وأبرزهم الشيخ حسن عبد الله الترابي ـ للوقوف ضد تيار الشيوعية الجارف في الجامعات والنقابات ؛ كان أدعى دواعي الضرورة التمايز عن ذلك التيار بالدعوة إلى الإنتماء إلى الإسلام .وتمايزت الحركة الإسلامية بأكثر من اسم :-  ( الإخوان المسلمون – جبهة الميثاق – الجبهة الإسلامية القومية – المؤتمر الوطني – المؤتمر الشعبي ) كل هذه المسميات جاءت لإظهار الاختلاف عن أفكار أخرى بعينها ، ولبيان الإلتزام بمناهج معينة مخالفة لآخرين ؛ فما المانع اليوم من إظهار التميز والافتخار بذلك في مواجهة الشيعة . ما الذي يمنع شيخ حسن من أن ينسب نفسة لأهل السنة والجماعة بدلاً عن ادعائه بأنه ليس بالسنيّ ولا الشيعيّ  ؛ خاصة إن كانت الشيعة الآن تحمل كثيراً من المعتقدات المنحرفة والأفكار الضالة والأباطيل والترهات .. ألا يستدعي ذلك التمايز ؟ .

للإستدلال على أباطيل الشيعة ؛ سأذكر بعض معتقداتهم الفاسدة والتي تعج بها كتبهم ، ومن أهمها :-

1/ الكافي في علم الدين : محمد بن يعقوب الكليني الرازي .

2/ وسائل الشيعة إلى أحاديث الشريعة : محمد بن الحسن ( الحر العاملي ) .

3/ فصل الكتاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب : الحاج ميرزا حسين بن محمد النوري الطبرسي .

4/ تنقيح المقال في أحوال الرجال : آية الله المامقاني .

5/ الإحتجاج : منصورأحمد بن أبي طالب الطبرسي .

6 / التحفة الإثني عشرية : الشاه عبد العزيز الإمام الدهلوي .

7/ مختصر التحفة الإثني عشرية : محمود الآلوسي .

8/ المختصر النافع : نجم الدين الحلي .

9/ الروضة البهية : زين الدين الجعبي العاملي .

10/ الأنوار النعمانية : نعمة الله الجزائري .

كما قمت بالاستدلال على أباطيلهم بشهادة بعض علماء الشيعة الذين هداهم الله سبحانه وتعالى للجادة والصواب من الذين سطروا كتباً تفضح ترهات الشيعة وتبرأوا منها (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [النور:35] ،  (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا)[ يوسف: 26] .

ومن أولئك العلامة الدكتور موسي الموسوي صاحب كتاب ( الشيعة والتصحيح : الصراع بين الشيعة والتشيع ) ؛ وهو حفيد الإمام أبو الحسن الموسوي الأصبهاني من أكبر علماء الشيعة ..

ولي مع هذا الكتاب ذكرى حبيبة ، إذ كنت أعمل بمعهد البحوث وتدريب الدعاة ( التابع لمنظمة الدعوة الإسلامية ) في وظيفة المسجل ،عندما كان الداعية ( مبارك قسم الله زايد ) عليه رحمة الله عميداً للمعهد فاهتممنا بطباعة بعض الكتب وهي :-

1/  النبوءة والسياسة لجريس هالسل 2/  الاعتدال في التدين لمحمد مصطفى الزحيلي 3/ الشيعة والتصحيح للموسوي (المذكور أعلاه) .

وذلك لأهميتها ، وكان ذلك في أوائل التسعينات ، وتسهيلاً لاقتنائه من العامة وضعنا للكتب قيمة رمزية لا تذكر .. ولا أنسى فضل مدير دار هايل للطباعة والنشر آنذاك الأستاذ عبد الله الطيب ودوره في تيسير طباعة الكتاب وتقليل تكاليفه . أسال الله أن يجعل كل ذلك في ميزان الحسنات .

ومنهم أيضا الأستاذ حسين الموسوي صاحب كتاب ( لله ثم للتاريخ ) . وهو من كبار علماء الشيعة ، وكان من المقربين للخميني ومن خواصه ، قُتل بعد أن شك الشيعة في مخالفته لمذهبهم .

ملخص لبعض أباطيل وترهات الشيعة :-

1/ سب الله سبحانه وتعالى وسب الرسول :

قال نعمة الله الجزائري : ’’ إننا لا نجتمع مع أهل السنة على إله ولا على نبيّ ولا على إمام .. إن الرب الذي خليفة نبيه أبوبكر ليس ربنا ، ولا ذلك النبي نبينا !!!‘‘. ([266])

2/ سب الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم عدا على بن أبي طالب رضي الله عنه :

يبدأون صباح كل يوم بلعن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بقولهم : ’’ اللهم العن صنمي قريش ـ أبوبكر وعمر ـ وجبتيهما و طاغوتيهما وابنتيهما ـ عائشة وحفصة ـ ‘‘ ([267]).

 أما سبهم لسيدنا عثمان رضي الله عنه فأربأ بنفسي وبقلمي أن أسطر ما قالوه من كلام فاحش في حقه. كذلك أتجنب كتابة ما قيل في سيدنا عمر رضي الله عنه من بذاءة في إحدى رواياتهم .

ومن أكاذيبهم أن محمد بن أبي بكر الصديق بايع إمامهم ـ أبو عبد الله جعفر الصادق ـ بقوله :- ( أشهد أنك إمام مفترض طاعته وأن أبي في النار ) أي أبوبكر الصديق رضي الله عنه! .. هل يصدق أحد الآن أن ابناً من أبناء هذا الزمان ولو كان عاقاً لوالده يقول في والده أنه في النار ؟.

يقدّسون نصباً تذكارياً في مدينة (كاشان) الإيرانية بُني لأبي لؤلوة المجوسي ـ لعنه الله  ـ قاتل سيدنا عمر رضي الله عنه.. ويلقّبون أبا لؤلوة بلقب ( بابا شجاع الدين !) ويحتفلون به في يوم عيد عندهم يوافق التاسع من ربيع الأول ([268])

3/ سب زوجات الرسول r  ؛ خاصة السيدة عائشة والسيدة حفصة

رضي الله عنهما :

كما ورد في الفقرة (2) .. وهناك سبٌّ بتعبيرات بذيئة لا تكتب والعياذ بالله, ويزعمون أن مهديهم عندما يخرج سيقوم بإحياء السيدة عائشة رضي الله عنها ،  ويقيم عليها الحد –إشارة لحادثة الإفك-كما سيجلدها حد القذف لافترائها على ماريا القبطية رضي الله عنها ؛ ونسبوا ما قالوه لإمامهم ( محمد الباقر ) بن على زين العابدين وهو من قولهم برئ ([269]) .

وقصة افتراء السيدة عائشة على السيدة ماريا - رضي الله عنهما- قصة ملفقة لا وجود لها في كتب السيرة المعتمدة لأنهم يعتبرون أن آية سورة النور : (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ)[النور : 11] نزلت في براءة السيدة ماريا القبطية رضي الله عنها .. وجميعنا يعرف أن الآية نزلت في تبرئة السيدة عائشة رضي الله عنها .

4/ سب الصحابة :

يقولون أن كل الصحابة مرتدون عدا ثلاثة :- أبو ذر الغفاري ،المقداد بن الأسود ، سلمان الفارسي رضي الله عنهم ( لماذا ؟ لا أدري ) . ذلك هو الإفك المبين .

والنصيرية من غلاة الشيعة يعتقدون أن عليّاً رضي الله عنه خلق محمداً r ، وأن محمدا ًr خلق سلمان الفارسي رضي الله عنه ، وأن سلمان الفارسي رضي الله عنه قد خلق الأيتام الخمسة والذين هم :-

1/ المقداد بن الأسود : ويعدونه رب الناس و خالقهم والموكل بالرعود. 

2/ أبو ذر الغفاري : الموكل بدوران الكواكب والنجوم.       

3/ عبد الله بن رواحة : الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر.

4/ عثمان بن مظعون : الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان.

5/ قنبر بن كادان : الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام (من هو؟؟) . ([270])

 

5/ تحريف القرآن الكريم :

أ/ يزعمون أن آيات سورة النور قد نزلت في براءة ماريا ( راجع الفقرة 3 )

ب/ يزعمون أن سورة (الانشراح) قد حُذفت منها آية ! هي ( وجعلنا عليّا صهرك )

ج/ يفسّرون قوله سبحانه وتعالى :- ( إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون )[النحل :90]  بالآتي :-

الفحشاء : أبوبكر، والمنكر: عمر ، والبغي : عثمان .

د/ مصحف فاطمة رضي الله عنها :- يعتقدون بوجود مصحف اسمه مصحف فاطمة ؛ وهو حسب ادعائهم : ’’ مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات .. والله ما فيه حرف واحد من قرآنكم ‘‘.([271]) ؛ وهو قول منسوب لإمامهم جعفر الصادق ، وهو منه بريء .

ملحوظة :- هم ينكرون تماماً ( تقية ) وجود مصحف لفاطمة ، ويقولون لزوار إيران من قادة الرأي والصحفيين لم نقل بوجود مصحف لها أبداً .

6/ السنيون :

إن الشيعة يسمون أهل السنة ( العامة ) أو (النواصب ) ويعتبرونهم العدو الأول للشيعة ، ويصفونهم بصفات غريبة عجيبة ([272]):-

أ/ أن لكل سني ذيل في دبره .

ب/ أنهم أنجاس ؛ ولو اغتسل السني ألف مرة لن يطهر من نجاسته ! وساووهم بالأنجاس في فقههم وهم ( الكافر والمشرك والخنزير ) وجميعهم أكثر شراً من اليهود والنصارى .

ج/ أن جميع الناس عدا الشيعة أولاد زنا أو بغايا .

د/ وجوب مخالفتهم إذ قالوا : ( ما خالف العامة ففيه الرشاد )

ه/ ما بقي لأهل السنة من حق إلّا استقبال القبلة .

7/مكة والمدينة :

في اعتقادهم أن مزاراتهم ومشاهدهم خاصة (كربلاء) أفضل من الكعبة !! ..

قال شاعرهم :-

وفي حديث كربلاء والكعبة ... لكربلاء بان علو الرتبة . ([273])

وذكر حسين الموسوي في كتابه ( لله ثم التاريخ ) أن الخميني قال له :- " سيد حسين ، آن الأوان لتنفيذ وصايا الأئمة ... وسنمحو مكة والمدينة من وجه الأرض! " ([274])

تربة كربلاء : يتخذون منها قرصا يسجدون عليه وجاء في أحاديثهم عن أئمة العترة الطاهرة عليهم السلام ( أن السجود عليها ينوّر إلى الأرض السابعة !! ) .. وفي آخر : ( أنه يخرق الحجب السبعة !) وفي آخر : ( يقبل الله صلاة من يسجد عليها ما لم يقبله من غيرها !) . وفي آخر : ( السجود على قبر الحسين ينوّر الأرضين !! ) . ([275])

8/ الجمعة والأعياد([276]) :

الجعفرية يحكمون بترك الجمعة في غيبة الإمام ,ولكن بعد مجئ الخميني بدأ شيعة إيران وأتباعهم   بأداء صلاة الجمعة .. وما ذلك إلا لمخالفة السنيين .

ولهم أعياد يمجدونها ويعظمونها ، منها :

أ/ عيد النيروز :- وهو من أعياد الفرس ويقولون غسل يوم النيروز سنة .

ب/ عيد ( بابا شجاع ) الوارد ذكره في الفقرة (2)

ج/ عيد غدير خم  ؛ وهو من أهم أعيادهم ...(18ذي الحجة) , وهو اليوم الذي يدَعون فيه بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى فيه بالخلافة لعلي من بعده.

9/ ترهات أخرى :

أ/ أن الأرض يورثها الله لمن يشاء من عباده, وقد أورثها لسيدنا علي رضي الله عنه ، الذي قال حسب زعمهم : " أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض والعاقبة للمتقين "إشارة للآية : ( إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين) [الأعراف : 128]

والزكاة والخراج كلها لآل البيت ؛ يضعها الإمام حيث يشاء .

ب/ التقية : وهم يعدونها أصلاً من أصول الدين , ومن تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة , وينسبون إلى أبي جعفر الإمام الخامس قوله :’’التقية ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له ‘‘([277])

والتقية تعني إظهار الود وإبطان الحقد على غير الشيعيّ خاصة السنيّ .

 

 

ج/  نكاح المتعة:

عندهم من تمتع بمؤمنة كان كمن زار الكعبة (70) مرة !!! .. عجبي أ أنتم تعرفون للكعبة مكانة    وقدسية .. سبحان الله ؛ يقول المثل :- ( إذا كنت كذوبا فكن ذكوراً ) .. راجع الفقرة (7)

د/ المغالاة : 

بعضهم غالى في شخصية علي رضي الله عنه ،والمغالون من الشيعة رفعوه إلى مرتبة الألوهية , وبعضهم قالوا بأن جبريل قد أخطأ الرسالة فنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بدلاَ من أن ينزل على علي , لأن علياً يشبه النبي كما يشبه الغراب الغراب ، ولذلك سموا بالشيعة الغرابية ([278]).

 أقول : لماذا شبهوهما بالغراب , ألم يكن الأفضل أن يقولوا بدلاً عن الغراب الكروان أو العندليب.

وغيرها من الأباطيل الغريبة التي لا أريد أن أسود به هذه الصفحات . هل بعد ذلك يقول (شيخ حسن) بأنني لست شيعياً ولا سنياً ؟ .. اللهم إني أبرأ إليك وزوجتي وأبنائي من الفكر الشيعيّ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المرتد وحكمه

 

قال الشيخ (حسن الترابي) : " أما حريات النظر والرأي والمذهب والتعبير ، فلا بدّ من أن تحيي الدين اعتقاداً بالخيار ، لا انتماءًا بالميراث مقدّراً ، ولذلك من ارتدّ عن دينه فلا إكراه في الدين ، ولا استتابة ، أو عقوبة بالسلطان ، وإنما التكليف على المؤمنين أن يلاحقوا المرتد بالدعوة والمجادلة حتى يتوب ويستقر أشدّ أيمانا ، ويخلص صدقا لا مراءاة وخوفا من العقاب العاجل ،  ... وهم يرون المسلم الحرام دمه إلا قصاصا يرتد فيفارق الجماعة ويقاتل في صف الكفر، ... فيبيّن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يرتد هذا يفارق إخوانه وينقلب خارجاً مقاتلاً يحل إهدار دمه دفاعاً ، والآيات محكمة واضحة ألا إكراه في الدين " . ([279])

      المسألة أعلاه أيضاً من غرائب  (شيخ حسن) التي يخالف فيها إجماع المسلمين وهي مسألة واضحة تتعلّق بـ(قتل المرتد) ؛ وأسأل الله أن لا يكون كغيره من العلماء العصريّين الذين يتشدّقون بحقوق الإنسان ، وهم في الحقيقة يحبون أن يهدموا بعض الأساسيات ومن أهمّها ( حد القتل - رجم الزاني – قتل المرتد ) خوفاً من السهام التي توجّه إليهم من الغربيّين ، ومن على شاكلتهم من المسلمين ، كما يخشون أن يوصفوا بالرجعيّة ، والتخلّف  ، وعدم المواكبة لقوانين الغرب المتحضر-حسب زعمهم- . وكان لزاماً عليهم أن يلتمسوا رضا الله ولو بسخط الناس  ، فالله وحده هو الأحقُّ بالخشية .

* سأبدأ بالرد عليه بإبراز بعض الحقائق والتي ألخصها في الآتي :

أولاً : إن الدين عند الله الإسلام :-

يقول الله سبحانه وتعالى :

( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) . [ آل عمران : 19]

( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) . 

     [ آل عمران : 85]

(وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة : 217] .

(وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) . [ التوبة : 84]

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) . [ المائدة :54]

ثانياً : الأحاديث الموجبة لقتل المرتد :-

عَن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ». ([280])

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود-رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ ». ([281])

عن عثمانَ بن عَفَّان رضي الله عنه قالَ : قالََ رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ : "لاَ يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مُسْلم إلا بإحْدى ثَلاثٍ ؛ كُفْرٍ بعد إِسْلامٍ أو زِناً بعد إحصانٍ أوْ قتل نفسٍ بغير نَفْسٍ " ([282])

عن عائشة - رضي الله عنها - : أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قال : « لا يَحِلُّ دَمُ امرئ مسلم يشهد أن لا إِله إِلا الله ، وأن محمدا رسول الله، إِلا في إِحدى ثلاث : زِنا بعد إِحْصَان ، فإنَّهُ يُرجَمُ ، ورجل خَرَجَ محارباً لله ورسوله ، فإنَّهُ يقتَلُ أو يصلَبُ ، أو يُنفى من الأرض، أو يَقتُلُ نَفساً ، فيقتَلُ بها » ([283])

عَن أبِي مُوْسَى الأشْعَرِي - رضي الله عنه - أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ انْزِلْ وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ قَالَ مَا هَذَا قَالَ هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ قَالَ لاَ أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ اجْلِسْ نَعَمْ. قَالَ لاَ أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ . ([284]) ؛  وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: ’’ قَالَ أَحَدُهُمَا وَكَانَ قَدِ اسْتُتِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ ‘‘ ([285])

عَن ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ قَالَ فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا ... فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ ". ([286])

 

ثالثاً : من ذكر من الصحابة أن المرتد يقتل بعد الاستتابة ثلاثاً :

 

1/ نقل عن ثلاثة من الخلفاء الراشدين ؛ أنهم نادوا بقتل المرتد بعد استتابته ثلاثة أيام ، وهم : سيدنا عمر بن الخطاب ، سيدنا عثمان بن عفان , سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.([287])

 

 2/ معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما في ثانيا أعلاه .

 

رابعاً : من ذكر من التابعين أن المرتد يقتل بعد الاستتابة ثلاثا :

 

النخعي ، الثوري ، الأوزاعي ، إسحق  ([288]) ؛ وممن ذكر ذلك أصحاب الرأي من غير التابعين .

 

خامساً : من قال - من التابعين وغيرهم - بأن المرتد يقتل في الحال دون استتابة :

 

الحسن البصري ، طاووس ، أهل الظاهر، عبيد بن عمير ، عبد العزيز بن أبي  سلمة الماجشون ، أبو يوسف  . ([289])

عطاء بن أبي رباح : "قال : يقتل في الحال إن كان مولوداً في الإسلام على الإسلام وارتد  ، أما إن كان كافراً فاسلم ثم ارتد فإنه يستتاب" ([290])

 

سادساً : من ذكر من أئمة المذاهب الأربعة ؛ بأن المرتد يقتل بعد الاستتابة ثلاثاً :

اتفقوا جميعاً وأوجبوا قتل المرتد واختلفوا في مدة الاستتابة :  ([291])

1/ أبو حنيفة : لا تجب استتابته ، ويقتل في الحال ، إلا أن يطلب الإمهال فيمهل ثلاثاً .

2/ مالك : يجب استتابته ، فإن تاب في الحال قبلت توبته ، وإن لم يتب أمهل ثلاثاً ، فإن تاب و إلا قتل .

3/ الشافعي في أحد قوليه : لا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً .

4/ أحمد : لا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً .

نلاحظ أن (شيخ حسن) يفهم من كلامه ؛ أن من يحل دمه من المرتدين ، هو من تجتمع فيه ثلاث صفات :

أن يكون مرتداً ، يفارق الجماعة ، يقاتل في صف الكفر .

ولا أدري من أين أتى بذلك ؛ فمن يقرأ الأدلة السابقة التي استشهدت بها من الكتاب والسنة وأقوال العلماء ؛ يفهم منها وجوب القتل لمن وقع في الحالات الثلاث المختلفة ، لأنّ كل حالة قائمة بذاتها ، وجميعها توجب القتل .

فمثلاً :

أ/ حديث  : " من بدل دينه فاقتلوه" ، و حديث : " لا يحل دم امرئ مسلم... كفر بعد إسلام" ، و حديث الأعمى ، وحديث معاذ رضي الله عنه ؛ توجب جميعها القتل لمجرد الردة .

ب/ حديث : " ...التارك لدينه المفارق للجماعة " يتحدث عن المرتد الذي فارق الجماعة وقد لا يقاتلها؛ بل قد ينضم إلى جهة كافرة ، وذلك كقصة جبلة بن الأيهم الذي ارتد ثم لحق بالروم وتنصر هنالك .

ج/ الأحاديث الأخرى تتحدث عن جماعة ارتدت وقاتلت ، ومن أولئك من حاربهم أبوبكر الصديق رضي الله عنه ، ومن وردوا في حديث عائشة المذكور أعلاه .

 

سابعاً :

إن الأمر في أصله قتل المرتد على الفور ، ولكن منح مدة ثلاثة أيام للاستتابة عند البعض ، معذرة إلى ربهم ومنحاً للمستتاب فرصة للتفكير والعودة إلى الجادة والحق ، ومن أجمل ما قرأت ؛ قول الشيخ صديق حسن خان : ’’ أقول : الأدلة الصحيحة المصرحة بقتل المرتد لم يثبت في شئ منها الاستتابة بل فيها الأمر القتل للفور ، وما ورد عن بعض الصحابة من إنكار قتل المرتدين قبل الاستتابة فليس بحجة ، ولا يصلح لتقييد ما ثبت عن الشارع ودعوى أن ذلك إجماع بواسطة عدم الإنكار دعوى باطلة ، فالحق أن المرتد يقال له ارجع إلى الإسلام  ، فإن أجاب وجب حقن دمه ، وإن لم يجب تعين قتله في ذلك الوقت ، وقد حصل الدعاء المشروع بمجرد قولنا له ارجع إلى الإسلام‘‘([292])

أسئلة :-

قوله تعالى : ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) [البقرة : 256] ماذا تعني ؟

سأحاول أن استند في تفسير الآية على أقوال أعجبتني لبعض العلماء المعاصرين :

1/ السيد سابق : الإكراه في اللغة : هو حمل الإنسان على أمر لا يريده طبعاً أو شرعاً ، وفي الشرع : حمل الغير على ما يكره ، بالوعيد بالقتل ، أو التهديد بالضرب ، أو السجن أو إتلاف المال ، أو الأذى الشديد ، أو الإيلام القوي ([293]) وقال أيضاً :  ’’ الإسلام منهج كامل للحياة فهو: دين ودولة، وعبادة، وقيادة، ومصحف وسيف، وروح ومادة، ودنيا وآخرة، وهو مبني على العقل والمنطق، وقائم على الدليل والبرهان، وليس في عقيدته ولا شريعته ما يصادم فطرة الإنسان أو يقف حائلا دون الوصول إلى كماله المادي والأدبي - ومن دخل فيه عرف حقيقته، وذاق حلاوته، فإذا خرج منه وارتد عنه بعد دخوله فيه وإدراكه له، كان في الواقع خارجا على الحق والمنطق، ومتنكرا للدليل والبرهان، وحائدا عن العقل السليم، والفطرة المستقيمة.‘‘ ([294])

2/ الشعراوي : هو ما لا يجوز في الدين لأن (لا إكراه في الدين) لا تعني لا إكراه في تطبيق جزئيات الدين ، ولكن لا إكراه في أصل الدين ؛ إذاً أنت حر في أن تؤمن أو لا تؤمن فإذا آمنت يجب عليك أن تلتزم. ([295]) ،  وقال : فالإسلام لا يريد قوالب تخضع ولكنه يريد قلوباً تخشع ؛ فمن الممكن أن تكره إنساناً على عمل يعمله ، وأن تجبره على أن يقوم بهذا العمل بقالبه وبحركة عضلاته ؛ ولكن ليس من الممكن أبداً أن تقنع قلبه بأن يعتقد شيئاً ؛ لأن العقيدة هي الشيء الذي لا يمكن الإكراه عليه . أهـ ([296])

      * و أقول : لذلك جاءت الآية واضحة في قصة عمار بن ياسر رضي الله عنهما : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)  [النحل : 106] .

3/  سيد قطب - في شرحه للآية : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة : 217] - : " ... ومن يرتدد عن الإسلام وقد ذاقه وعرفه؛ تحت مطارق الأذى والفتنة - مهما بلغت - هذا مصيره الذي قرره الله له . . حبوط العمل في الدنيا والآخرة . ثم ملازمة العذاب في النار خلوداً .

إن القلب الذي يذوق الإسلام ويعرفه ، لا يمكن أن يرتد عنه ارتداداً حقيقياً أبداً . إلا إذا فسد فساداً لا صلاح له . وهذا أمر غير التقية من الأذى البالغ الذي يتجاوز الطاقة . فالله رحيم . رخص للمسلم - حين يتجاوز العذاب طاقته - أن يقي نفسه بالتظاهر ، مع بقاء قلبه ثابتاً على الإسلام مطمئناً بالإيمان . ولكنه لم يرخص له في الكفر الحقيقي ، وفي الارتداد الحقيقي ، بحيث يموت وهو كافر . . والعياذ بالله . . وهذا التحذير من الله قائم إلى آخر الزمان . . ليس لمسلم عذر في أن يخنع للعذاب والفتنة فيترك دينه ويقينه ، ويرتد عن إيمانه وإسلامه ، ويرجع عن الحق الذي ذاقه وعرفه . . " ([297])

4/ الغزالي : "الارتداد عن الإسلام يسلخ المرتد عن المجتمع ، ويسلبه حق الحياة!! ، وهذا الحكم شغب عليه بعض الناس ، ورأوه مصادرة لحرية الرأي ، ولحق كل امرئ أن يؤمن إذا شاء و أن يكفر إذا شاء . و نحن نحترم حق أي إنسان أن يؤمن و أن يكفر ، ولكن هذا الحق يتقرر لصاحبه و هو فرد لم تتضح له الأمور ، إن له أن يدرس ويوازن ويرجح ، وأن يبقى على ذلك طول عمره . فإذا آثر الوثنية أو اليهودية أو النصرانية لم يعترضه أحد ، وبقي له حقه كاملاً في حياة آمنة هادئة ؛  و إذا آثر الإسلام فعليه أن يخلص له ، يتجاوب معه في أمره ونهيه ، وسائر هديه ، وهنا نتساءل : هل من حرية الرأي عند اعتناق الإسلام أن نكسر قيوده ونهدم حدوده ؟ ، أو بتعبير آخر : هل حرية الرأي تعطي صاحبها في أي مجتمع إنساني حق الخروج على هذا المجتمع ، ونبذ قواعده ، و مشاقة أبنائه ؟ ، هل خيانة الوطن ، أو التجسس لحساب أعدائه من الحرية ؟ ، هل إشاعة الفوضى في جنباته ، والهزء بشعائره و مقدساته من الحرية ؟

إن قضية الارتداد تحتاج إلى إيضاح لتعرف أبعادها ، فالإسلام معروض للأغمار والعباقرة على أنه عقيدة وشريعة ، وكتابه ونهج نبيه صلى الله عليه وسلم يقرران مثلاً أن الله واحد ، و أن الآخرة حق ، و أن القصاص حق ، و أن الصيام حق ؛ و معنى ذلك أن الذي يدخل في الإسلام يرتضي كل هذه التعاليم وينفذها ؛ فإذا جاء من قال : أؤمن بالله وأرفض الإيمان بالآخرة ، أو أؤمن بهما وأرفض شريعة الصيام ، وشريعة القصاص ، و ما أشبه ذلك.. فهل يترك هذا الشخص ليعبث بدين الله على هذا النحو ؟ كلا  ، أما أن يثوب إلى رشده ويرجع إلى الجماعة  أو  لا  فالخلاص منه حتم ، ولا تُتّهم جماعة تؤمّن وجودها وتصون حقيقتها وتذود العبث عن كيانها .

لو أن إنساناً ثارت في صدره شبهة لوجب على الراسخين في العلم أن يزيلوها ، ولو بقي في نفسه هذه الشبهة فاعتزل بها ما أحس أحد خطره ولا خطورتها  ، أما أن تنبت في رأس أحد فكرة أن الرجل مثلاً لا يجوز أن يرأس البيت ، ولا أن يضاعف له الميراث ، أو تنبت في رأسه فكرة أن نظام الربا يجب أن يسود ويمتد ، ويوجه الاقتصاد كله ، ثم يتحول هذا الشخص إلى داعية لفكرته ويحاول تنفيذها بشتى الطرق فذاك ما لا يمكن قبوله باسم الإسلام .

و إقناع الإسلام بقبول هذا الوضع سفه ٌ ، ومطالبته بتوفير حق الحياة والحركة لمن يريد نقض بنائه وتنكيس لوائه أمر عجيب ، لا يوجد في الدنيا مجتمع ينتحر بهذه الطريقة السقيمة ، ولذلك لا نرى أي غرابة في أن يستتاب المرتد فإذا لم يتب قُتِل .

و القرآن الكريم لم يذكر حد الارتداد صراحة.. ولكن جاء في السنة  (من بدل دينه فاقتلوه) ، و (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : زنا بعد إحصان ، وقتل النفس التي حرم الله بغير حق ، والتارك لدينه المفارق للجماعة )([298]) ، و كشف القرآن الكريم أن اليهود جعلوا من حرية الارتداد وسيلة للطعن في الإسلام ، أعلنوا عن دخولهم فيه حتى ينفوا عن أنفسهم تهمة التعصب ، ثم قرروا الارتداد السريع كأنهم اكتشفوا فيه ما ينفر من البقاء عليه ، و الأمر كله لعب بالدين و استهانة بحقه . و ما يقبل ذلك مبدأ محترم يشق لنفسه طريقاً في الحياة .

على أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج من المدينة ويلحق بمكة من كره الإسلام ، و ذلك في معاهدة الحديبية ، وما نعلم أحداً ارتد عن دينه ، و لا نعرف شخصاً طبيعياً فضل الشرك على التوحيد ، أو أهواء الأرض على شريعة السماء!!  ؛ إلا ما روي عن جبلة بن الأيهم الذي كره أن يقتص منه لما لطم رجلاً من العامة ، وقال : كيف و أنا أمير و هو سوقة ؟ فلما قال له أمير المؤمنين : إن الإسلام سوّى بينكما ؛ احتال حتى خرج من سلطان الإسلام ، ولحق بالروم متنصِّراً ، وهذا الأرعن لم يفعل ذلك لأن التثليث أرجح في نفسه من التوحيد ؛ و لكنها حمية غبية أفقدته الرشد و أضلته عن سواء السبيل ، ويرون عنه أنه راجع أمره وذكر ما كان منه وقال :

 

تنصرت الأشراف من عار لطمة             فما كان فيها لو صبرت لها ضرر

تكلفني منهـــــا لجـــــاج وغيرة             وبعت لها العين الصحيحة بالعور

فيا ليت أمي لم تلــــدني وليتني   رجعت   إلى الأمــــــر الذي قالــــــه عمر

 

و نلفت النظر إلى أن قوى كثيرة تعمل الآن لنهش الكيان الإسلامي ، وتهين عراه ، و إثارة لغط مفتعل حول شعب الإيمان كلها ؛ أعلاها و أدناها .

وعلى المسلمين أن يدفعوا عن دينهم بالوسائل المشروعة كلها ، يثبتون القلِق ، ويقتلون الخائن ، ويحيون في جو من الوضوح والإخلاص .

إن سرقة العقائد والأخلاق أصبحت حرفة لعصابات من المنصرين الذين يكرهون الإسلام وكتابه ونبيه صلى الله عليه وسلم ، ويبعثرون أسباب الفتنة في كل ناحية حتى يقلبوا المجتمع كله رأساً على عقب .

و من حق المسؤولين عن هذه الأمة المظلومة أن يحموا عقائدها وشرائعها ،و يردوا عنها كيد المتربصين ، و مؤامرات الحاقدين  ، ويجب أن نتشبث بحدود الإسلام كلها ، مدركين أن الصحة العقلية و الاجتماعية في إقامتها ..."([299]).

* حدث معبر :

بعض أعضاء السفارة البريطانية(في السعودية) حكم عليهم بالجلد ، لأنهم تعاطوا الخمر ، وجاهروا بذلك.. ، فقال وزير الخارجية البريطاني- آنذاك- : أنه ضد جلد الإنسان ، ولكن من يذهب إلى دولة ما ؛ عليه أن يحترم قوانينها !.

 

أخيراً : هنالك جرائم أخرى ورد في الشرع أنها توجب على من ارتكبها القتل  ومنها :-

الزاني المحصن : [وقد سبق ذكر الدليل]

من أتى بفعل قوم لوط عليه السلام : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به .  ([300])

الساحر :  عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حد الساحر ضربة بالسيف " ؛  رواه الترمذي وغيره بسند ضعيف ([301]) ، ولكنه صح موقوفاً على جندب رضي الله عنه ؛ رواه  الحاكم  وغيره عن الحسن البصري-رحمه الله- : " أن أميراً من أمراء الكوفة دعا ساحرا يلعب بين يدي الناس فبلغ جندب ، فأقبل بسيفه ، و اشتمل عليه ، فلما رآه ضربه بسيفه ، فتفرق الناس عنه ، فقال :  أيها الناس لن  تراعوا ، إنما أردت الساحر - فأخذه الأمير فحبسه . فبلغ ذلك سلمان ، فقال : بئس ما صنعا ! لم  يكن ينبغي لهذا و هو إمام يؤتم به يدعو ساحرا يلعب بيد يديه ، و لا ينبغي لهذا أن يعاتب أميره بالسيف ([302]) " قال الألباني  : ’’ قلت : و هذا إسناد موقوف صحيح إلى  الحسن ، وقد توبع...‘‘ ([303])

و عن بجالة ؛ قال : ’’ كنت كاتباً لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس ، إذ جاءنا كتاب عمر-رضي الله عنه- قبل موته بسنة : اقتلوا كل ساحر...‘‘ ([304])

القاتل : [تقدم ذكر الدليل]

المحارب (من الحرابة) : [تقدم ذكر الدليل]

 

كل تلك الجرائم أوجب فيها القتل ؛ حرصاً من الشارع على طهارة المجتمع ، لأن الدين يدعو إلى الفضيلة ، ويحارب الرذيلة ، وقد أتى لحفظ مصالح ضرورية (الدين – العقل- النفس –النسل- المال) ؛ فعندما تحارب الأمة الدعارة  والخمور وسفك الدماء ؛ إنما تقصد أن تقضي على الفواحش قبل انتشارها واستفحالها ، فمعظم النار من مستصغر الشرر .

وقد يبتر طبيبٌ أصبعاً لإنسان حتى لا ينتشر المرض في باقي الجسد.

وأكبر دليل على أن السكوت على الرذائل قد يعدي كل المجتمع ؛ ما كنا نراه من انتشار بيوت الدعارة والبارات في السودان ، وكان الناس يرتكبون المعاصي دون استحياء ، ودون إنكار ؛ فصار المنكر معروفاً والمعروف منكراً.

ومن التاريخ : أن أمة كاملة قد شذت عن الفطرة ؛ فأتت الذكران دون الإناث وهم قوم لوط عليه السلام ؛ فدمرهم الله تعالى .

* فهل الإسلام الذي أوجب القتل في تلك المعاصي ،  تراه يسكت عن أهم قضية ؛ والتي هي حماية العقيدة .

أ حماية العقيدة أخطر أم حماية الأخلاق ؟ وهل حفظ الدين في ترتيبه قد قدمه العلماء على غيره من الضروريات أم العكس ؟

لقد جعلوا حفظ الدين في المقدمة  ، وأوجبوا قتل الكفرة والمرتدين  .

هل أن تهدم بيتاً كاملاً أخطر ، أم أن تنقب في جداره نقباً ؟

فالذي يرتكب المعاصي هو مسلم يحافظ على بناء الإسلام ، وينقب فيه نقباً ، في حين أن المرتد يهدم بناء الإسلام تماماً ويخرج منه بالكلية .

فهل يعقل أن توقع عقوبات على العاصي ، ويترك المرتد دون عقوبة ؟!!

علماً بأن المرتد قد يضر الناس أكثر فيفتنهم عن دينهم ، وقد يشجعهم على الخروج من الإسلام ، وقد يتبعه بعض ضعاف الإيمان ؛ لذا سداً لتلك الذرائع أوجب الإسلام قتله .

وأقول مضيفاً أن دين الإسلام ليس فيه عبثية أو فوضى ؛ فأنت لا تكره قبل الدخول فيه ، أما بعد دخولك فلابد  أن تأتمر بأوامره وتنتهي عن نواهيه و إلا طالتك العقوبة إن خالفت .

 

 قوله تعالى : ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )[الكهف :29] ماذا تعني؟

 

قال ابن كثير : ’’ يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا محمد للناس: هذا الذي جئتكم به من ربكم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } هذا من باب التهديد والوعيد الشديد؛ ولهذا قال: { إِنَّا أَعْتَدْنَا }أي : أرصدنا { لِلظَّالِمِينَ } وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه { نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } أي : سورها ‘‘ ([305])

وقال القرطبي : ’’ ومعنى الآية : قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس ! من ربكم الحق فإليه التوفيق والخذلان وبيده الهدى والضلال ويهدي من يشاء فيؤمن ويضل من يشاء فيكفر ليس إلى من ذلك شيء فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا ولست بطارد المؤمنين لهواكم فإن شئتم فآمنوا وإن شئتم فاكفروا وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر وأنا هو وعيد وتهديد أي إن كفرتم فقد أعد لكم النار وإن آمنتم فلكم الجنة ‘‘([306])

أقول :

يتضح أن القصد هو التهديد والوعيد ؛ لأن الله لا يرضى الكفر ولا يأذن به ، فمن يفهم أن في الآية ترخيصاً وتخييراً ؛ فقد افترى على الله ؛ كأنما يريد أن يقول أن الكفر يقره الله !! قال تعالى : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) [الزمر :7] .

أقول ل(شيخ حسن)-من كل قلبي- : لا تخرج عن إجماع العلماء الأجلاء في موضوع الردة وغيرها ، وكن معهم كحبة في عقدهم المنظوم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رجم الزاني المحصن

 

من عادات (شيخ حسن) أن يجمع الآراء الشاذة بعد نفض الغبار عنها ؛ ثم يدعي الفتوى لنفسه ، و لا ينسبها لغيره – حتى يوصف بالمجدد- ثم يطرحها من بعد ذلك كرأي جديد  ، ومن ذلك قوله في (موقع العربية نت) نقلاً من صحيفة آخر لحظة مارس 2007 : "عدم شرعية عقوبة الرجم في جريمة الزنا للمتزوجين... لأن الرجم من شريعة اليهود ، وأن عقوبة الزنا حسب الشريعة الإسلامية هي (الجلد فقط)... وأن الرجم لا محل له في الدين الإسلامي، وأن ما طبق منه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول تشريع الزنا " ؛ ويقصد آية النور .

وقد قال لي شخصياً : (الشيخ و الشيخة) ! ، ما معنى أن يقولوا أن هناك آية منسوخة، تقول : (الشيخ والشيخة) ؟ ؛ لماذا الشيخ والشيخة ؟ هل الشاب والشابة لا يرجمان ؟ ؛ هذا تأليف !!! أهـ .

 ملاحظة  : أن هذا الرأي نادى به الشيخ أبو زهرة في ندوة التشريع الإسلامي عام 1972 (ليبيا). إذ ذكر بأن آية النور نسخت حكم الرجم وأردف، قائلا ً للشيخ القرضاوي : يوسف هل معقول أن محمد بن عبد الله الرحمة المهداة ؛ يرمي الناس بالحجارة حتى الموت ؟ ؛  هذه شريعة يهودية!!! وهي أليق بقساوة اليهود!! ، وقد قال أبو زهرة في المؤتمر أن هذا الرأي كتمه في نفسه عشرين سنة؛ فيجئ (شيخ حسن) بعد أكثر من ثلاثين سنة  ينقل الرأي نقل مسطرة كما يقولون.

* الزنا فاحشة ممقوتة محتقرة،قال تعالى :(وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً)[الإسراء :32] .   لذا وضع العلماء (حفظ النسل والعرض) من الضروريات الخمس، وفي ترتيبه جاء بعد حفظ الدين وحفظ العقل (أي بعد الكفر والقتل) و الزنا من الأسباب المباشرة لإشاعة الفاحشة، وانتشار الرذيلة والفجور، والأمراض الجنسية الخطيرة والقتالة (الزهري السيلان الإيدز وغيرها). وقد لا تقتصر على الزناة إنما تنداح بالوراثة إلى الأبناء والأحفاد.

و الزنا أيضا يؤدي إلى انهيار بناء الأسرة المتماسكة، وإفساد العلاقات الزوجية، وتشرد الأبناء وازدياد اللقطاء، والانتقام غسلا للعار والفضيحة، كما أن فيه اختلاط الأنساب وتربية وتوريث من لا يستحق من أولاد الغير، فيظل الزوج مخدوعاً مغرراً به لأنه لم يعلم، وقد يصبح فريسة تفتك به الأمراض النفسية والعضوية إن اكتشف الحقيقة، أو يعيش في جو من الشك المميت بين الحالتين.

وللقضاء على الزنا جاءت مقاصد الشريعة السمحاء بالدعوة للآتي:-

 

تربية الأبناء على مكارم الأخلاق والعفة والإحصان.

الزواج لمن استطاع الباءة ، والتيسير،  وعدم المغالاة في المهور.

الصوم لمن لا يجد.

عدم اتخاذ الأخدان- اتخاذ صديق أو خليل للزنا سراً.

سد الذرائع بالابتعاد عن أماكن اللهو والاختلاط والغناء والرقص، والأفلام المثيرة للغرائز، ومنع الإطلاع على المجلات التي تدعو للسفور والانحراف والخلاعة والمجون.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم السكوت عن التصرفات القبيحة ومنكرات الأخلاق وهي من صفات الديوث : عن عمار بن ياسر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :’’ ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا الديوث والرجلة من النساء ومدمن الخمر قالوا يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث قال الذي لا يبالي من دخل على أهله ، قلنا فما الرجلة من النساء قال التي تشبه بالرجال ‘‘ ([307])

إقامة الحد.

*حد الزنا:-

لا بد من تحديد أقسام الزناة قبل إقامة الحد ؛ فالزاني قد يكون غير محصن(لم يسبق له الزواج – أو تزوج ولم يقم بوطء زوجته)وكذا غير المحصنة، أو محصناً(وهو المتزوج  ، أو سبق له الزواج).

1/حد البكر الحر:-

الجلد مائة جلدة والتغريب لمدة عام (النفي) عن بلده وهذا للزاني. أما الزانية فلا تغرب إن كان تغريبها يسبب مفسدة.

الأدلة على ذلك قال تعالى( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)[النور:2].

ب/ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُمَا قَالاَ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِى بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَائْذَنْ لِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :« قُلْ » قَالَ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّى أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّمَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا » ([308])

ج/ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كَانَ نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ لَهُ وَجْهُهُ - قَالَ - فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَلُقِىَ كَذَلِكَ فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْهُ قَالَ « خُذُوا عَنِّى فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ الثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ وَالْبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ نَفْىُ سَنَةٍ » ([309])

د/ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:« أَبِكَ جُنُونٌ » قَالَ لاَ  قَالَ « فَهَلْ أَحْصَنْتَ » قَالَ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ » ([310])

هـ/ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِىَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى فَقَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ فَدَعَا نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيَّهَا فَقَالَ « أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِى بِهَا » فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تُصَلِّى عَلَيْهَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ « لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى » ([311])

- التغريب [النفي] ؛ مما جاءت به السنة ، و ادعي فيه الإجماع ؛ لأن من ذهب إليه : الخلفاء الراشدين الأربعة ، و مالك والشافعي و أحمد ، و إسحاق وغيرهم .([312])

2/ حد المحصن:-

هو الرجم بالحجارة حتى الموت ومن الأدلة على ذلك الأحاديث الواردة أعلاه :  ب، ج، د،هـ .

- (اغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) .

- (الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة) ،(اذهبوا به فارجموه)،(ثم أمر بها فرجمت) .

إذا إن من ينكرون الرجم لا حجة لهم في ذلك ؛ فالأحاديث واضحة بل أن السنة العملية أكدت ذلك ، ... لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد رجم ماعزاً و الغامدية رضي الله عنهما، ورجم اليهوديين لعنة الله عليهما : عن جابر بن عبد الله قال : ’’ رجم النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من اليهود وامرأة زنيا‘‘ ([313]) ؛  ولم ينكر الرجم إلا الخوارج وبعض المعتزلة.

* عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال : كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرجا فأتاه فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه فعاد فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه فعاد فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله حتى قالها أربع مرار قال صلى الله عليه وسلم : ’’ إنك قد قلتها أربع مرات فبمن؟ ‘‘ قال : بفلانة ، فقال : ’’ هل ضاجعتها؟ ‘‘ قال : نعم ،  قال : ’’ هل باشرتها ؟ ‘‘  قال : نعم  ، قال : ’’ هل جامعتها ؟ ‘‘ قال : نعم  ، قال فأمر به أن يرجم فأخرج به إلى الحرة فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال : ’’ هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه ‘‘ ([314])هلا تركتموه..لا لترك الحد ، إنما للتثبت ، إذ قد يكون تراجعا عن اعترافه .

- أما الذين يقولون بأن الرجم قد نسخ ؛ فيكذبهم الأثر المتفق عليه ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ’’ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَإِنَّ الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الاِعْتِرَافُ ‘‘ ([315]) ؛ ألا ترون أن سيدنا عمر رضي الله عنه قد عنى - بقوله " إني خشيت إن طال بالناس زمان أن يقول قائل..."- (شيخ حسن)، و أمثاله ؟ ! .

- أما قولهم أنها شريعة يهودية ! فغير صحيح ؛ لأن الرجم كان فعلاً من شريعة اليهود ، فأخذوا يطبقونه على الضعيف دون الشريف ، و كان الأمر بالرجم ؛ في التوراة الصحيحة التي لم تحرف ، فأحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بعد أن أماتوه .

- " عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ مُرَّ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- بِيَهُودِىٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا فَدَعَاهُمْ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِى فِى كِتَابِكُمْ ».قَالُوا نَعَمْ. فَدَعَا رَجُلاً مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ « أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِى فِى كِتَابِكُمْ ». قَالَ لاَ وَلَوْلاَ أَنَّكَ نَشَدْتَنِى بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِى أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ قُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَىْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ إِنِّى أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ ». فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْكُفْرِ) إِلَى قَوْلِهِ (إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ) يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) فِى الْكُفَّارِ كُلُّهَا " ([316])

- " عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال  : إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : ’’ ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟ ‘‘ . فقالوا : نفضحهم ويجلدون  ، قال عبد الله بن سلام : كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم  ، قالوا  : صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم فرجما فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة " ([317])

 

3/حد من افتقد شرط الحرية(العبد أو الأمة):-

إن عقوبة العبد أو الأمة هي الجلد 50 جلدة فقط ؛ نصف العذاب (فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)[النساء:25]... وقد تم تفسير العذاب بالجلد(*) لأن الموت لا يتجزأ ولا ينصف ؛  لذا ليس على غير الحر رجم.

و من افتقد شرط الحرية لا يرجم وإن تكرر الزنا ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ’’ إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر ‘‘ ([318])

*على الرغم من وضوح جريمة الزنا ،ووضوح حدّها.. إلا أن هناك استهجاناً من بعض أنواع الزنا.. لما فيها من ذنب مضاعف وأعظم، ومما ذكر في ذلك:-

 

 

 

 

1/ الزنا بحليلة الجار:-

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : أَىُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ : « أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ». قَالَ قُلْتُ لَهُ : إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ .قَالَ قُلْتُ : ثُمَّ أَىٌّ قَالَ : « ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ ». قَالَ قُلْتُ :  ثُمَّ أَىٌّ قَالَ : « ثُمَّ أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ » ([319])

- عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ’’ ما تقولون في الزنا ؟‘‘قالوا : حرام حرمه الله عز وجل ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ’’ لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره ‘‘([320])

وذلك لما فيه من هدم جدار الثقة بين الجيران – فالجار له حرمة ، وتمت التوصية عليه من سيدنا جبريل عليه السلام ؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

’’ ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ‘‘ ([321])

2/الزنا بنساء المجاهدين : عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فى أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلاَّ وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ فَمَا ظَنُّكُمْ » ([322])

قال تعالى : ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) [الجاثية : 18-19]

 

 

 

 

 

 

 

 

التيامن

 

 

في حوار بصحيفة آخر لحظة ، بتاريخ السبت 3/11/2007 ، سألت الصحفية التي أجرت الحوار مع ( شيخ حسن) قائلة تحت عنوان خارج النص :-

" بعد الحوار سألت الشيخ أستعمل يدي اليسرى كثيراً  ، وأخشى أن يكون هذا خطأً دينياً ، إذ يقول الحديث الشريف : (تيامنوا فإن في اليمين بركة)([323]) ، قال لي الشيخ : هذه آراء سلفية قديمة  ! كانوا يقولونها في السابق ، لأن بلاد اليمن الغنية السعيدة  كانت يميناً ، وبلاد العرب الفقيرة كانت يساراً ، ولكن لابد علينا أن نستعمل اليدين ، فعدم استخدام اليد اليسرى يضعفها فلا بد من استعمالها حتى تقوى  " أهـ.

ملحوظة : لاحظت في اللقطة الفوتوغرافية أن الصحفية كانت تكتب بيمينها مما يعني أنها ليست عسراء .

    فكان عجبي أن الصحفية كانت أكثر حرصاً وفقهاً منه - جزاها الله خيراً – لقولها

  [ أخشى أن يكون هذا خطأً دينياً ] .. وكان رد الشيخ مجرد فزلكة تاريخية لا تمت للفقه بصلة ، ولم يفرق بين الآراء السلفية والأحاديث النبوية ؛ لأن الأحاديث النبوية كانت واضحة في تبيان ذلك ، وكان يمكن لشيخ حسن أن يثبتها على التدين الصحيح بحثها على استخدام اليمنى في ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و اليسرى في ما أمر ، كما أن الفطرة والجبلة توضحان أن أغلب الناس يستخدمون يدهم اليمنى  ، و أن الأعاسر نسبتهم قليلة ؛ مما جعل كثير من الصناعات مصممة على استخدام اليمين أكثر ، فإن أخذنا السيارة كمثال نجد :- أن مفتاح التشغيل يمين ، وعصا تغيير السرعة يمين ، و دواسة البنزين يمين . والسير بها على الجانب الأيمن من الطريق .

- سؤال : لماذا الالتزام بقوانين الحركة بالسير على اليمين ، أ قوانين البشر أعظم أم أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟ .

قبل الرد التفصيلي على حديث ( شيخ حسن) القصير المخل ؛ أقول :

اهتم الإسلام بمظهر وجوهر الإنسان ، وبطهارة الأنفس والقلوب ، وارتقى بالحواس الخمس في تعاليمه وأمرنا باستخدامها في الفضائل وإبعادها عن الرذائل .

ومما تفرد به الإسلام وتميز به سنة كان يحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذه السنة هي : سنة التيامن  ؛ والتي أصبحت سمة من سمات المسلمين ، نحبها لأنه أحبها صلى الله عليه وسلم ونحبها لأنه أمرنا بها ؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت : ’’ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع ؛ في ترجله وتنعله وطهوره ‘‘ ([324]) ،  أي حجة أكبر من ذلك فهذا الحديث روي في الكتب الستة .

 

 

 

التفاؤل باليمين :

 

واليمين يتفاءل بها لأنها ارتبطت بأهل الإيمان والجنة ، والشمال يتشاءم بها لأنها ارتبطت بأهل الكفر والنار ؛

(عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ») ([325])

 

من كمال صفات الله عز وجل:

 

قال تعالى : " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " [الزمر:67] .

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِى حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا » ([326])

 

وهي من سمات الأنبياء : -

 

قال تعالى : " وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى " [طه : 17- 18] .

و قال تعالى : " وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى " [طه : 69] .

وقال تعالى : " وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " [العنكبوت : 48]

-عن ابْنِ عَبَّاسٍ-رضي الله عنهما-قال : سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ " إِنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا بِتَعْجِيلِ فِطْرِنا، وَتَأْخِيرِ سُحُورِنا، وَوَضَعِ أيمَانِنَا عَلَى شمائِلِنا فِي الصَّلاةِ "  ([327])

و هي سمة ارتبطت بأهل الإيمان :

 

قال تعالى : " فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ " [الواقعة :8-9].

وقال تعالى : " وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ "  [الواقعة : 27- 28] ، وقال تعالى : " عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ " [الواقعة : 37 - 38] .

وقال تعالى : " وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ" [الواقعة : 90-91] .

وقال تعالى : " يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا " [الإسراء :71] .

و قال تعالى : " يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَه " [الحاقة  : 18- 19].

وقال تعالى : " كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ " [المدثر: 38-40].

وقال تعالى : " فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا " [الإنشقاق :7 - 8] .

 

 

أمثلة أخرى على التيامن

 

 

     اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيصال وصيته بالتيامن ، للصغير والكبير،  ومثال ذلك :

وصيته لعمر بن أبي سلمة رضي الله عنه كما سيأتي ، والأمثلة كثيرة سأحاول تفصيلها .

 فقد وردت كثير من الأحاديث الصحيحة في إبراز سنة التيامن ، والتي أصبحت تشريعاً يجب الالتزام به :-

 

عَنْ حَفْصَة - رضي الله عنها – ’’ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِك َ ‘‘  ([328])

 

 

1/ قضاء الحاجة :

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ’’ إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ ...‘‘ ([329])

 

2/ الطهارة ؛ الوضوء والاغتسال :

 - عن عائشة قالت : " إن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحب التيمُّن في طهوره إذا تطهر  وفي ترجله إذا ترجل وفي انتعاله إذا انتعل"  ([330])

- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ’’ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ بِهَا هَكَذَا أَضَافَهَا إِلَى يَدِهِ الْأُخْرَى فَغَسَلَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُمْنَى ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُسْرَى ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى حَتَّى غَسَلَهَا ثُمَّ أَخَذَ غَرْفَةً أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا رِجْلَهُ يَعْنِي الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ ‘‘ ([331])

- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ’’ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ فَأَخَذَ بِكَفِّهِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ ‘‘ ([332])

 

3/ الدخول والخروج من المسجد  :

- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : ’’ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُمْنَى ، وَإِذَا خَرَجْتَ أَنْ تَبْدَأَ بِرِجْلِكَ الْيُسْرَى ‘‘ ([333])

4/ السلام بعد الفراغ من الصلاة :

- عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : ’’ كُنْتُ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى أَرَى بَيَاضَ خَدِّه ‘‘ ([334])

5/ التسبيح :

- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : ’’ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَمِينِهِ ‘‘ ([335])

6/ البصق :

 - عَن أَبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ’’ إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَدْفِنُهَا ‘‘ ([336])

7/ الأكل والشرب :

عن عمر بن أبي سلمة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له "  أدنُ يا بنيَّ فسمِّ الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك " ([337])

- عَنْ عبدِ اللهِ بن عمرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ  :« لاَ يَأْكُلَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشِمَالِهِ وَلاَ يَشْرَبَنَّ بِهَا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِهَا ». قَالَ وَكَانَ نَافِعٌ يَزِيدُ فِيهَا « وَلاَ يَأْخُذُ بِهَا وَلاَ يُعْطِى بِهَا ». وَفِى رِوَايَةِ أَبِى الطَّاهِرِ « لاَ يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ »  ([338])

 

القاعدة الأصولية  تقول : ( الأمر للوجوب ،  والنهي للتحريم )  ، إذن فأمره صلى الله عليه وسلم بالأكل والشرب باليمين يجعل ذلك واجباً ، ومخالفة ذلك محرم .

وقد سبق ذكر قصة من عوقب لمخالفته أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك .[راجع صفحة    ]

8/ توزيع الطعام أو الشراب :

-    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ’’ دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى مَيْمُونَةَ ،  فَجَاءَتْنَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ ، فَشَرِبَ اللَّبَنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى يَمِينِهِ ، وَخَالِدٌ عَلَى شِمَالِهِ ، فَقَالَ لِي : الشَّرْبَةُ لَكَ ، فَإِنْ شِئْتَ ، آثَرْتَ بِهَا خَالِدًا ، فَقُلْتُ : مَا كُنْتُ لأُوثِرَ عَلَى سُؤْرِكَ أَحَدًا ،...‘‘ ([339])

-   عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  ’’ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُتِىَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ وَعَنْ  يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الأَعْرَابِىَّ وَقَالَ « الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ »‘‘ ([340])

 

 

 

9/ الخاتم :

 - عَنْ عَلِيِّ بن أبي طالب ’’ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِه ‘‘ ([341])

10/ الترجل :

تقدم قول عائشة رضي الله عنها : " إن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحب التيمُّن في... وفي ترجله إذا ترجل... " .

11/ الاكتحال :

 عَنْ أَنَسٍ ’’ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ يَكْتَحِلُ فِي عَيْنِهِ الْيُمْنَى ثَلاثًا ، وَفِي الْيُسْرَى اثْنَتَيْنِ ‘‘ ([342])

12/ الانتعال :

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ لِيَكُنْ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ  ([343])

13/ النوم على الشق الأيمن :

عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ : ’’كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ جَعَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الأَيْمَنِ ‘‘ ([344])

14/ مخالفة اليهود :

عَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ : ’’ مَرَّ بي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِى الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي فَقَالَ : « أَتَقْعُدُ قَعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ »‘‘ ([345])

و أكتفي بما ذكرت ، إذ أن الأمثلة أكثر من ذلك .

 

 

أقول :

 

هل لكل تلك الأمثلة علاقة باليمن أو البحرين ؟! .. مالكم كيف تحكمون !!

 

 

المعتزلة و المعتزلة الجدد

 

هل (شيخ حسن) من المعتزلة الجدد ؟؟ هذا ما سأجيب عليه :

 

تعريف المعتزلة :-

المعتزلة ؛ فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي، وازدهرت في العصر العباسي ، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية ؛ لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة ، مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة. ([346])

الفكر الاعتزالي الحديث :

 ’’ يحاول بعض الكتاب والمفكرين في الوقت الحاضر إحياء فكر المعتزلة من جديد ؛ بعد أن عفى عليه الزمن أو كاد ، فألبسوه ثوباً جديداً ، و أطلقوا عليه أسماء جديدة مثل : العقلانية ، أو التنوير أو التجديد ، أو التحرر الفكري أو التطور ، أو المعاصرة ، أو التيار الديني المستنير ، أو اليسار الإسلامي .

وقد قوى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادي ، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وفق العقل الإنساني ..فلجؤوا إلى التأويل كما لجأت المعتزلة من قبل ، ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم ، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم ، فأنكروا المعجزات المادية.. وما تفسير الشيخ (محمد عبده) لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل..إلا من هذا القبيل.

وأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجدد ؛هو ذاك الذي يزعم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة ، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية ، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة وكل فكر للعقل البشري القاصر.  

و أخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي .. محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص اليقيني من الكتاب والسنة  ؛ مثل عقوبة المرتد ، وفرضية الجهاد ، والحدود ، وغير ذلك.. فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات ، والطلاق والإرث ،..إلخ.  وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله ، وتحكيم العقل في هذه الموضوعات . ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر .

ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث ؛ (سعد زغلول) الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية ، و (قاسم أمين) مؤلف كتابي "تحرير المرأة" ، و "المرأة الجديدة" ، و (لطفي السيد) الذي أطلقوا عليه : "أستاذ الجيل" ، و (طه حسين) الذي أسموه : "عميد الأدب العربي" ، وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا ؛ هذا في البلاد العربية .

أما في القارة الهندية ؛ فظهر السير (أحمد خان) ، الذي منح لقب "سير" امن قبل الاستعمار البريطاني ؛ وهو يرى أن القرآن الكريم لا السنة النبوية ؛ هو أساس التشريع ، و أحل الربا البسيط في المعاملات التجارية ، ورفض عقوبة الرجم ، والحرابة ، و نفى شرعية الجهاد لنشر الدين ، وهذا الأخير ؛ قال به لإرضاء الإنجليز ، لأنهم عانوا كثيراً من جهاد المسلمين الهنود لهم .

و جاء تلميذه (سيد أمير علي ) ؛ الذي أحل زواج المسلمة بالكتابي ، وأحل الاختلاط بين الرجل و المرأة .

و من هؤلاء أيضاً ؛ مفكرون علمانيون ، لم يعرف عنهم الالتزام بالإسلام ؛ مثل (زكي نجيب محمود) ؛ صاحب نظرية "الوضعية المنطقية " ، وهي فرع من الفلسفة الوضعية الحديثة ، التي تنكر كل أمر غيبي ، فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ؛  يجب أن نحييه ، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة ... ومن هؤلاء (أحمد أمين) صاحب المؤلفات التاريخية ، والأدبية ؛ مثل "فجر الإسلام"،و"ضحى الإسلام"، و "ظهر الإسلام" ، فهو يتباكى على موت المعتزلة ، في التاريخ القديم ، و كأن من مصلحة الإسلام بقاؤهم ، ويقول في كتابه : "ضحى الإسلام" : ’’في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة‘‘.

و من المعاصرين الأحياء ؛ الذين يسيرون في ركب الدعوة الإسلامية ؛ من ينادي بالمنهج العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة ، مثل الدكتور (محمد فتحي عثمان) في كتابه "الفكر الإسلامي والتطور"..، و الدكتور حسن الترابي ، في دعوته إلى تجديد أصول الفقه ، إذ يقول : "إن إقامة أحكام الإسلام في عصرنا تحتاج إلى اجتهاد عقلي كبير ، و للعقل سبيل إلى ذلك ؛ لا يسع عاقلاً إنكاره ، و الاجتهاد الذي نحتاج إليه ليس اجتهاداً الفروع وحدها و إنما هو اجتهاد في الأصول أيضاً !!! " ...‘‘([347])

أقول :

إنّ (شيخ حسن) يتفق مع المعتزلة في كثير من أفكارهم ؛ و من ذلك :

1/ رده للأحاديث الصحيحة ، ومخالفتها ؛ استناداً على عقله .

2/ إنكاره لكثير من الغيبيات : (عذاب القبر ، الحور العين ، الدابة ، يأجوج و مأجوج ، نزول عيسى عليه السلام ، ظهور المهدي عليه السلام ، خروج المسيح الدجال ).

3/ إنكاره لمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم بخلاف القرآن.

4/ إنكاره لعقوبة الرجم في زنا المحصن ، وعقوبة المرتد .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

 

 

والقلم يستأذنني للختام ، كان لزاما على أن أنبه لبعض الأمور :

أن هناك إخوة أعزاء من المؤتمر الشعبي ، كانوا يقومون دائما بحثي على سرعة إصدار الكتاب للقراء ، لأن آراء (شيخ حسن) الأخيرة ، قد خلقت لديهم بلبلة في أفكارهم ، وبعضهم طالبني أن آخذ رأي شيخ حسن قبل الطباعة ، وبعضهم طالبني بعدم الرد ؛ لأن التوقيت الآن غير مناسب ، فقلت لهم أنني سأنشره ، دون استشارته ، حتى يفاجأ كالآخرين ، لأنني في كل حياتي ألتزم بقول الله سبحانه وتعالى : (( فإذا عزمت فتوكل على الله))[آل عمران :159].

وكثيرا ما استشهد بقول الشاعر:

         إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة       فإن فساد الرأي أن تترددا

ويقول الآخر الذي أضاف إليه

         وإن كنت ذا عزم فانفذه عاجلا        فإن فساد العزم أن يتقيدا

ولكن تأخرت الطباعة لأكثر من سبب منها : اعتقال (شيخ حسن) لأكثر من مرة ، إذ كنت أرى أن الأفضل أن يرى الكتاب النور وهو متمتع بحريته ، لا من وراء ظهره .

الأمر الثاني : يلاحظ إكثاري من الاستشهاد بآيات القرآن الكريم ، وما صح من السنة النبوية المطهرة ، والأقوال المأثورة عن علماء الأمة .. كل ذاك التطويل كان الغرض منه فائدة القارئ والمتلقي ، لذا فضلت الإسهاب على الاقتضاب .

           وكان يمكن في الغيبيات أن أكتفي بأقل الآيات والأحاديث لأن الإيمان من لوازمه التصديق ، وهو سمة المؤمنين بالله وبكتابه وبسنة رسوله .

  ومن يكابر في ذلك فالعيب فيه :

              وكم من عائب قولا صحيحا         وآفته من الفهم السقيم

الأمر الثالث : إن حبي لـ(شيخ حسن) ولأسرته وأبنائه هو الدافع الأساسي لي لنصحه ، لأنهم من الأقرب إلى نفسي ، و الأقربون أولى بالمعروف .

     هو لي بمثابة الأب ، وزوجه تلك الفاضلة لي بمثابة الأم ، أما الأبناء فينطبق 

     عليهم  المثل " رب أخ لك لم تلده أمك " لما أجده منهم من مودة صادقة واحترام 

     وتقدير .

     وما يؤكد ذلك أنني ملت إلى جناح (شيخ حسن) في الانقسام الأول عام 

     1977مقابل الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد .

      وفي الانقسام الثاني أواخر العام 1999 مقابل الأخ الرئيس ، وتنقلت بسبب 

      اختياري بين السجون والمعتقلات .

انضممت إليه لنشأتي في أسرة متدينة ، وكان والدي عليه رحمة الله من الحفظة لكتاب الله، وكان إماماً للناس يؤمهم في الجمع والأعياد .. انضممت للحركة الإسلامية وكانت تسمى حينها "الإخوان المسلمون" وكانت تمثل آنذاك حائط الصد الأول ضد التيارات المختلفة "الشيوعية ، الإلحاد ، القومية العربية ، الناصرية ، البعثية .....إلخ" وتم إبعادنا عنها وعن أفكارها ، كما تم تحصيننا بفضل الله من الرذيلة والدعارة والخمور ، وحببوا إلينا ارتياد المساجد وشهود الجمع والجماعات .

ولن أنكر فضل كتابات علماء عليّ [ الإمام حسن البنا ، والأساتذة (محمد قطب ، سيد قطب ، سعيد حوى ، محمد سعيد رمضان البوطي ، يوسف القرضاوي ، محمد الغزالي) ، فكانوا لنا أساسا واستزدنا من بعد ذلك من غيرهم من العلماء .

أختم بالعودة لأصل الموضوع وأقول لـ(شيخ حسن) من كل قلبي :

                 ولقد نصحتك إن قبلت نصيحتي      و النصح أغلى ما يباع ويوهب

دع ما يريبك إلى مالا يريبك  ، تجنب كل ما يعيبك وينقصك في أعين الناس ، وأقول له كما قال الشاعر :

                          فقلت له تجنب كل شيء        يعاب عليك إن الحُرَّ حُرٌّ

            ارجع إلى الجادة والصواب ، إذ أن بمحاربتك السنة وإلغاءك الثوابت لن تجني 

          شيئا ، ولن تفلح لأنك لن تجني من الشوك العنب ، وأقول لك  كما قال الحسن 

          البصري : " من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن نظر إلى 

          العواقب نجا ، ومن أطاع هواه ضل ، فإذا زللت فارجع ، وإذا ندمت فاقلع " .

            قال الشاعر :

                           ما إن ندمت على سكوتي مرة        حتى ندمت على الكلام مرارا

           

          وقال آخر :

                        ســلام على أهل الحديث فإنني نشأت على حب الأحاديث من مهـدي

                       هموا بذلوا في حفظ سنة أحمد       وتنقيحها من جهدهم غاية الجهد

                       أولئك أمثال البخاري ومســـلم         وأحمد أهل الجد في العلم والجد

                       أولئك أهدى في الطريقة منكم       فهم قدوتي حتى أوســد في لحدي

قواعد مهمة :

                     أقول لشيخ حسن .. هناك بعض القواعد المهمة التي وضعت حتى

            لا يتجرأ أحد فيحاول رد الأحاديث الصحيحة ، ومن تلك القواعد :

 

            1/ لا اجتهاد في مورد النص : إلا في فقه النص وتنزيله على الواقع .

            2/ صريح المنقول لا يتعارض مع صحيح المعقول ؛ وإذا تعارض العقل 

                 والنقل [في ذهن إنسان وهما لا يتعارضان ] قُدم النقل على العقل (النقل 

                يعني النص الصحيح المنقول) فكما هو معلوم ، فإن العقل الصحيح لا 

                 يخالف النقل الصحيح ، إلا عند ذوي الأهواء والبدع .

            3/ إذا ورد الأثر بطل النظر .. ويعنى هنا بالأثر : الأثر الصحيح الذي لا 

                 يخالف الأصل .

            4/ لا يحل القياس والخبر موجود.

              

  وهذه القواعد مبثوثة في كتب العلماء الأوائل فليرجع إليها من يشاء .

  نقل عن الإمام الشافعي قوله : آمنت بالله ، وبكلام الله على مراد الله ، وآمنت برسول الله ، وبكلام رسول الله على مراد رسول الله .

     وأخيراً وليس آخراً : بعد أن منّ الله بتوفيقه وتمكيني من إكمال هذا الكتاب أسأله سبحانه وتعالى أن يجعله عملا خالصا لوجهه الكريم ، وأن يبارك فيه وينفع به الإسلام والمسلمين ، وأن يديمه صدقة جارية أجدها في ميزان الحسنات ، مثوبة ومكرمات .

اللهم إني أسألك علما نافعا ، ورزقا طيبا ، وعملا متقبلا .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

 

القرآن الكريم .

كتب السنة النبوية.

أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية ،كتاب الروح(القاهرة، مكتبة الصفا    ، ط1/1422هـ).

ابن أبي العز الحنفي ، شرح العقيدة الطحاوية بتخريج الألباني .

ابن رجب الحنبلي ، أهـوال القبور .

أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ، الاعتصام(القاهرة،دار الحديث،2002م).

أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ، الموافقات(الرياض،دار ابن القيم/القاهرة،دار  ابن عفان ، ط2/1427هـ) .

أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ، العقيدة الواسطية.

أبو الفداء إسماعيل ابن كثير الدمشقي ، تفسير القرآن العظيم(بيروت ،دار المعرفة،1982م).

 أبو الوليد محمد بن أحمد ، ابن رشد الحفيد ، بداية المجتهد ونهايةالمقتصد(بيروت،دار صنين).

أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي ،معين الأمة في معرفة الوفاق والخلاف بين الأئمة.

أبو عبد الله العبدري ، المواق ، التاج والإكليل لمختصر خليل  .

أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري ، القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، (بيروت- مؤسسة مناهل  العرفان).

أبو عبيدة مشهور حسن آل سلمان ، السلسلة الصحيحة للألباني [مجردة عن التخريج](الرياض ،  مكتبة المعارف ، ط1/1425هـ) .

أبو عبيدة مشهور حسن آل سلمان ، القول المبين في أخطاء المصلين (الرياض ، دار ابن القيم ، ط2/2002م).

أبو محمد حسن بن علي بن خلف البربهاري ، شرح السنة (القاهرة ، المكتبة

 أبوبكر جابر الجزائري ، عقيدة المسلم.

أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ، الأعمال بالنيات (بيروت،دار الجيل/القاهرة،مكتبة التراث الإسلامي،  1406هـ). 

أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة (مكتبة مصر-بدون تاريخ) .

أحمد زين ، حوار مع الشيخ الشعراوي(القاهرة ، المختار الإسلامي ، ط1/ 1977م).

  أحمد محمد شاكر ، الباعث الحثيث(الرياض ، مكتبة المعارف ، ط1/1996م) .

   الإسلامية ، ط1/1426هـ).

إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي أبو الفداء ، تفسير القرآن العظيم  .

الإمام أحمد بن حنبل ، أصول السنة(القاهرة،دار السلام،ط2/1419هـ).

برنامج المكتبة الشاملة ، الإصدار 3.15.

برنامج مكتبة الألباني .

حسنين محمد مخلوف ، كلمات القرآن تفسير وبيان (القاهرة ، دار المعارف 1980م).

د. إبراهيم بن عامر الرحيلي ،  التكفير وضوابطه(القاهرة،دار الإمام أحمد،ط2/1429هـ) .

د. حسن عبد الله الترابي ، السياسة والحكم(بيروت ، دار الساقي ،ط2/2004م).

د. يوسف القرضاوي ، كيف نتعامل مع السنة.

سعيد حوى ، الله جل جلاله (بيروت ، دار الكتب العلمية ،ط3/1972م).

سليم بن عيد الهلالي ، البدعة وأثرها السيئ في الأمة(عمان- الأردن، دار الصواب، ط1/1427هـ-2006م).

سليم بن عيد الهلالي ، مطلع الفجر في فقه الزجر بالهجر(القاهرة،دار الإمام أحمد،ط1/2005م).

السيد سابق ، فقه السنة(بيروت ، دار الفكر ، ط4/1983م)  .

سيد قطب ، في ظلال القرآن .

صديق حسن خان ، الروضة الندية بتخريج الألباني.

عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي ،الدر المنثور، (دار الفكر- بيروت ، 1993م).

عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(الرياض، دارالسلام ، ط1/1422هـ ) .

عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ، المغني (بيروت،دار الكتاب العربي، 1403هـ).

عبد المحسن بن حمد العباد ، عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر (القاهرة ، مكتبة السنة ، ط1/ 1996م) .

كتب السنة النبوية و شروحها .

مانع بن حماد الجهني ، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (الرياض ،  دار الندوة العالمية، ط5/2003م).

محمد الغزالي ، عقيدة المسلم  .

محمد الغزالي ، فقه السيرة .

محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله ، سير أعلام النبلاء.

محمد بن إسماعيل الصنعاني ، سبل السلام شرح بلوغ المرام (الأردن ، المكتبة الإسلامية / بيروت  ، مؤسسة الريان،ط1/1426هـ).

محمد بن المختار الشنقيطي ، آراء الترابي من غير تشهير ولا تكفير.

محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري أبو جعفر ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، (دارالمعرفة/ بيروت-لبنان ، ط3 ، 1978م).

محمد بن عبد الرحمن الخميس ، اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث(السعودية ، وزارة الشؤون الإسلامية1419هـ).

محمد صالح العثيمين ، الشرح الممتع على زاد المستقنع.

  محمد متولي الشعراوي ،  تفسير سورتي القارعة و التكاثر(مكتبة القرآن).

محمد متولي الشعراوي ، الإسراء والمعراج(القاهرة ، دار الشروق،1975م).

محمد متولي الشعراوي ، أنت تسأل والإسلام يجيب(القاهرة ، دار المسلم1982م).

محمد متولي الشعراوي ، علم الغيب وطغيان الإنسان (مكتبة القرآن ،1980م).

محمد ناصر الدين الألباني ، الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام .

محمد ناصر الدين الألباني ، صحيح أبي داود ، (الرياض دار المعارف-ط2/1421هـ).

محمود شلتوت ، أسباب البدع ومضارها(بيروت،دار الجيل1988م) .

محمود شلتوت ،الفتاوى(دار القلم ، ط3)  .

محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ، المجموع في شرح المهذب .

مقبل بن هادي الوادعي ،الصحيح المسند في دلائل النبوة  .

موسى الموسوي ، الشيعة والتصحيح : الصراع بين الشيعة والتشيع   .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

الموضوع

الصفحة

الإهداء

1

المقدمة

2-4

أسباب كتابة الرد

5-7

 

الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

8-11

مكانة السنة وحجّيّتها

12-16

الإمام البخاري

17-19

رد الأحاديث الصحيحة

20-24

أحكام وردت بالسنة ولم ترد بالقرآن 

25-27

البدعة

28-35

السلف الصالح

36- 46

فوضوية الفتاوى

47 – 49

طلاقة القدرة الإلهية

50 – 52

 

الغيب

53- 58

عجب الذنب

59- 63

عذاب القبر

64- 77

الحور العين

78- 81

العمل

82- 86

 

علامات الساعة الصغرى

90- 92

علامات الساعة الكبرى

93- 94

الدابة

95- 102

يأجوج و مأجوج

103- 104

نزول عيسى عليه السلام

105- 113

خروج المهدي

114—118

 

إمامة المرأة

119- 127

زواج الكتابي من المسلمة

128- 135

الشيعة

136- 141

المرتد وحكمه

142- 151

رجم الزاني المحصن

152- 157

التيامن

158- 163

المعتزلة والمعتزلة الجدد

164- 165

الخاتمة

166- 168

المراجع

169- 172



([1])رواه البخاري وغيره .

([2] ) متفق عليه .

([3] ) صحيح [رواه الترمذي وغيره ، وانظر صحيح الترمذي برقم 2414].

([4] ) صحيح[رواه الحاكم وغيره ، وانظر صحيح الترغيب برقم 121].

([5] ) متفق عليه .

([6] ) متفق عليه .

([7] ) أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي،الأحكام السلطانية(بيروت،دار الكتب العلمية ،1978)،ص 58.

([8] ) متفق عليه .

([9] )  أحمد محمد شاكر ، الباعث الحثيث(الرياض ، مكتبة المعارف ، ط1/1996م) [ 2/ 427 – 428] .

([10] )  حاشية السندي على البخاري ، ص3 .

([11] ) متفق عليه، و اللفظ  لمسلم .

([12] ) سيأتي تخريجه .

([13] ) صحيح [رواه الحاكم وغيره ، وانظر صحيح الجامع برقم 5248] .

([14] ) يوسف القرضاوي ، كيف نتعامل مع السنة(القاهرة، دار الشروق ،2005م) ،  ص65 ، وانظر جامع بيان 

     العلم و فضله ، لابن عبد البر .

([15] )  صحيح [رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم 4604] .

([16] ) رواه البخاري .

([17] ) رواه مسلم وغيره .

([18] ) محمد ناصر الدين الألباني ، الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام(الرياض،مكتبة المعارف ،2005م) ،

     ص18-23.

([19] ) رواه الدارمي وغيره ، وصححه ابن حجر [فتح الباري 13/291] .

([20] ) صحيح [أخرجه النسائي وأحمد والسياق له ، ورواه غيرهما ، وانظر غاية المرام برقم 93 ] .

([21] ) متفق عليه .

([22] ) رواه مسلم و غيره .

([23] ) رواه البخاري وغيره .

([24] ) القصة رواها أحمد وغيره ؛ انظر : مقبل بن هادي ،الصحيح المسند في دلائل النبوة  : 320 .

([25] ) متفق عليه .

([26] ) متفق عليه .

([27] ) رواه البخاري .

([28] ) متفق عليه واللفظ لمسلم .

([29] )  صحيح[رواه أحمد وغيره ، وانظر صحيح الترغيب برقم 46 ] .

([30] ) حسن [رواه البزار وغيره ، وانظر صحيح الترغيب برقم 47 ] .

([31] ) رواه البيهقي في الدلائل من وجهين ، و صححه ابن حجر مرسلاً [الإصابة 2/411].

([32] ) رواه مسلم وغيره .

([33] ) صحيح [ رواه البيهـقي وغيره ، وانظرالإرواء برقم 478] .

([34] )  صحيح [رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم 1138] .

([35] ) محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله ، سير أعلام النبلاء ، [ 12/409] .

([36] ) انظر المرجع السابق ، ومقدمة السندي لصحيح البخاري ، ومقدمة النووي لشرحه لمسلم ، و مقدمة الترغيب والترهيب للمنذري.

([37] ) رواه الدارمي وغيره .

([38] ) مانع بن حماد الجهني ، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (الرياض ، دار الندوة 

     العالمية، ط5/2003م)ص73

([39] ) صحيح [ رواه البيهـقي وانظر صحيح المشكاة برقم 248].

 

([40] ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه.

([41]) أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ، الإلزامات والتتبع(بيروت ، دار الكتب العلمية،ط2/1405هـ)ص382.

([42])سليم بن عيد الهلالي ، مطلع الفجر في فقه الزجر بالهجر(القاهرة،دار الإمام أحمد،ط1/2005م) ،ص80-81.

([43]) أحمد محمد شاكر ، مرجع سابق ذكره ،[1/525] .

([44]) المرجع السابق ، [2/626] .

([45] ) غير الإنسان! ؛ و(شيخ حسن) يعتبر أن الدابة هي الإنسان فهل يا ترى الصلاة المقصودة هنا تكون على الإنسان إن اتخذ وسيلة للركوب ، عجباً!

([46] ) أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ، الاعتصام(القاهرة،دار الحديث،2002م) ص 28

([47] ) متفق عليه .

([48] ) صحيح [رواه النسائي وغيره ، وانظر صحيح النسائي برقم 1578] .

([49] ) متفق عليه .

([50] ) صحيح بمجموع طرقه[رواه وكيع في الزهد ، و من طريقه أحمد في الزهد ، والدارمي وغيرهم ، وانظر: البدعة و أثرها السيئ في الأمة ، لسليم الهلالي ، ص36-37 ] .

([51] ) حسن لغيره [رواه الدارقطني وغيره ، وانظر شرح الطحاوية بتحقيق الألباني ص 338] .

([52] ) الشاطبي، مرجع سابق ذكره [1/28] ، محمود شلتوت ، أسباب البدع ومضارها(بيروت،دار الجيل1988م) 

      ص10 .

([53] ) أبو حامد الغزالي ، المنخول ، (ص374)، والمحلي في "جمع الجوامع " ,[2/395 ].

([54] ) راجع الحديث الأخير في : عقوبة المخالفين للسنة ، ص13.

([55] ) محمد ناصر الدين الألباني ، إرواء الغليل(بيروت،المكتب الإسلامي1985م)  ، [2/236].

([56] ) سليم بن عيد الهلالي ، مطلع الفجر ، مرجع سابق ذكره ، ص 91 .

([57] ) صحيح [رواه الطبراني وغيره ، وانظر صحيح الترغيب و الترهيب برقم 54] .

([58] ) متفق عليه .

([59] ) محمود شلتوت ، مرجع سابق ذكره ، ص 17 .

([60] )  متفق عليه .

([61] ) متفق عليه .

([62] ) رواه البخاري وغيره .

([63] )  متفق عليه .

([64] ) صحيح[رواه أحمد ، وأبو داود و غيرهما ، وانظر صحيح أبي داود برقم 4607].

([65] ) رواه مسلم وغيره .

([66] ) متفق عليه .

([67] ) حسن[رواه أحمد وغيره] .

([68] ) رواه ابن عبد البر في (جامع بيان العلم) ، و رواه الآجري في (الشريعة) عن الحسن البصري .

([69] ) صحيح مقطوع [أخرجه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم 4612] .

([70] )  الشاطبي ، مرجع سابق ذكره [1/84] .

([71] ) الإمام أحمد بن حنبل ، أصول السنة(القاهرة،دار السلام،ط2/1419هـ) ،  ص 14 .

([72] ) البخاري وغيره .

([73] ) متفق عليه .

([74] ) رواه مسلم وغيره .

([75] ) متفق عليه .

([76] ) رواه مسلم و غيره .

([77] ) رواهما مسلم في مقدمة صحيحه .

([78] ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .

([79] ) صحيح [رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم 3597 ، و ردغة الخبال : عصارة أهل النار].

([80] ) متفق عليه .

([81] ) رواه الترمذي وغيره ، وصححه ربيع بن هادي في (دراسة أقوال العلماء في حديث " أرحم أمتي بأمتي 

     أبوبكر...") ، وصححه الألباني ثم تراجع كما ذكر الشيخ مشهور آل سلمان في الصحيحة .

([82] )  رواه مسلم وغيره .

([83] )  متفق عليه .

([84] ) صحيح[رواه الترمذي وغيره ، وانظر صحيح الترمذي برقم 1977] .

 

([85] ) رواه مسلم وغيره .

([86] ) متفق عليه .

([87] ) جزء من حديث متفق عليه .

([88] ) رواه البخاري ومسلم واللفظ له .

([89] ) متفق عليه .

([90] ) حسن لغيره[انظر الباعث الحثيث بتحقيق علي الحلبي ، 1/حاشية ص369 ] .

([91] )  حسن [رواه الترمذي وغيره  ، و انظر صحيح الترمذي برقم 2802] .

([92] ) صحيح [رواه أحمد وغيره  ، و انظر صحيح الجامع برقم 1871] .

([93] ) أبوبكر جابر الجزائري ، عقيدة المؤمن(القاهرة ، المكتب الثقافي) ، ص 186 .

([94] ) محمد متولي الشعراوي ،  تفسير سورتي القارعة و التكاثر(مكتبة القرآن) ، ص 67- 68  .

([95] ) محمد متولي الشعراوي ، علم الغيب وطغيان الإنسان (مكتبة القرآن ،1980م) ، ص7- 8 .

([96] ) مانع بن حماد الجهني ،مرجع سابق ذكره،[1/69-70 ] .

([97] ) سعيد حوى ، الله جل جلاله (بيروت ، دار الكتب العلمية ،ط3/1972م)، ص 9-10 .

* عجب الذنب : هـو العظم الحديد الذي يكون في أسفل الصلب.

 ([98] )  صحيح[وانظر صحيح الترغيب برقم 3574] .

 

([99]) أ.د. عبد الله المصلح- د. عبد الجواد الصاوي ، الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (جدة ، دار صياد، 

     ط1/2008م)ص74

([100]) د. محمد فتحي ، الإنسان والثروات المعدنية(الكويت،عالم المعرفة،1980م)ص250.

([101]) صحيح [رواه أحمد وغيره ، و انظر الصحيحة برقم 1527 ].

([102] )  أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري ، القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، (ج3 ، بيروت- 

     مؤسسة مناهل العرفان) ص230 .

([103] ) المرجع السابق ص300 ،301 .

([104] ) متفق عليه واللفظ لمسلم .

([105] ) أخرجه مسلم وغيره.

([106] )  ابن رجب الحنبلي ، أهـوال القبور(القاهرة ، مكتبة الصفا ، ط1/2001م ) ص5.

([107] ) رواه البخاري وغيره .

([108] ) محمد متولي الشعراوي ، الإسراء والمعراج(القاهرة ، دار الشروق،1975م) ،ص :114-117 .

([109] ) ابن قيم الجوزية ، الروح(القاهرة ، مكتبة الصفا ، ط1/2002م) ، ص : 59-60 .

([110] ) المرجع السابق ، ص67.

([111] ) المرجع السابق ، ص68 .

( [112] ) أبوبكر الجزائري ، مرجع سابق ذكره ، ص  114.

([113] ) محمد الغزالي ، عقيدة المسلم (دمشق ،دار القلم ،ط9/ 1998م) ، ص 220.

([114] ) أخرجه البخاري .

([115] ) صحيح [فقه السيرة للغزالي بتخربج الألباني : ص 247].

([116] ) رواه مسلم وغيره .

([117] ) صحيح[رواه مالك وغيره ، وانظر الصحيحة :2572] .

([118] )  رواه البخاري وغيره .

([119] ) متفق عليه .

([120] ) أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي ، معالم التنزيل(دار طيبة ، ط4/1417هـ)، [4/349]

([121] ) عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي ، زاد المسير في علم التفسير(بيروت،المكتب الإسلامي ، 

     ط3/1404هـ)، [7/229] .

([122] ) عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي ،الدر المنثور، (دار الفكر- بيروت ، 1993م)،[9/313] .

([123] ) القرطبي ، مرجع سابق ذكره ، [14/107] .

([124] ) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، (دار المعرفة/ بيروت-لبنان ، ط3 ، 

     1978م)[11/9] .

([125] ) ابن رجب ، مرجع سابق ذكره ، ص21 .

([126] ) سيد طنطاوي ، التفسير الوسيط ،  [1/2036] .

([127] ) أبو الفداء إسماعيل ابن كثير الدمشقي ، تفسير القرآن العظيم(بيروت ،دار المعرفة،1982م) ، 

     [3/169].

([128] ) الطبري ، مرجع سابق ذكره ، [23/348].

([129] ) رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي وأحمد ، وابن أبي شيبة في مصنفه ،  والبيهـقي في السنن الكبرى ، والحاكم في المستدرك ، والطبراني في معجمه الكبير والصغير ومسند الشاميين، الطبري في تهـذيب الآثار، وأبو عوانة في مستخرجه ، وأبو يعلى في مسنده ، وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهـما وغيرهـم وغيرهـم .

([130] ) متفق عليه .

([131] ) رواه مسلم وغيره .

([132] ) متفق عليه .

([133] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، وانظر صحيح الجامع برقم 2267].

 

([134] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، و انظر صحيح الجامع برقم 3555 ].

([135] ) رواه ابن ماجه وغيره  ، وحسنه الألباني وصححه أحمد محمد شاكر.

([136] ) ابن أبي العز الحنفي ،شرح العقيدة الطحاوية(مكتبة الدعوة الإسلامية-شباب الأزهر) ، ص 380-387 .

([137] ) أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ، العقيدة الواسطية(القاهرة،مكتبة الصفا،ط1/1421هـ) ،ص 35.

([138] ) متفق عليه .

([139] ) متفق عليه .

([140] ) صحيح [رواه الترمذي وغيره ،وانظر صحيح الترمذي برقم 2535].

([141] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، وانظر صحيح الجامع برقم 13148].

([142] ) صحيح [رواه الطبراني وغيره ، وانظر الصحيحة برقم3002].

([143] ) صحيح [رواه الطبراني وغيره ، وانظر الصحيحة برقم 367].

([144] ) صحيح [رواه الترمذي وغيره ، و انظر الصحيحة برقم3213 ] .

([145] ) صحيح لغيره [رواه الترمذي- في الشمائل- و غيره ، وانظر الصحيحة برقم2987] .

([146] ) متفق عليه .

([147] )  رواه مسلم وغيره .

([148] ) حسن لغيره [رواه الطبراني وغيره ، و انظر الصحيحة برقم 2512] .

([149] ) حسنين محمد مخلوف ، كلمات القرآن تفسير وبيان (القاهرة ، دار المعارف 1980م) ص314.

([150] ) متفق عليه .

([151] ) متفق عليه .

([152] ) أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ، الأعمال بالنيات (بيروت،دار الجيل/القاهرة،مكتبة التراث الإسلامي، 

   1406هـ،)  ، ص 40-47

([153] )  أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي ،الموافقات(الرياض،دار ابن القيم/القاهرة،دار ابن عفان ، 

      ط2/1427هـ)،[1/43-47]

([154] ) صحيح [رواه ابن أبي شيبة ، والدارمي ، وغيرهما ، وانظر: مشهور آل سلمان ، تحقيق

   الموافقات للشاطبي ( 1/52) ]

([155] ) نقلا عن : مشهور آل سلمان ، المرجع السابق ، بتصرف [ 1/52] .

([156] ) رواه مسلم وغيره واللفظ لمسلم .

([157] ) رواه البخاري ومسلم و غيرهما .

([158] )  متفق عليه .

([159] ) رواه البخاري وغيره .

([160] ) متفق عليه .

([161] ) متفق عليه .

([162] ) رواه مسلم وغيره .

([163] ) صحيح [رواه أبو داود وغيره ، و انظر صحيح أبي داود برقم 4297].

([164] ) صحيح [رواه أبو داود وغيره و انظر صحيح أبي داود برقم 4646]  . 

([165] ) ابن قيم الجوزية ، تهذيب سنن أبي داود  [2/292].

([166] ) صحيح [رواه أحمد وغيره  ، وانظر السلسلة الصحيحة برقم 4] .

([167] ) رواه مسلم وغيره .

([168] ) متفق عليه .

([169] ) حسن [ أخرجه أحمد وغيره ، وانظر السلسلة الصحيحة برقم 3156]

([170] ) متفق عليه .

([171] ) رواه مسلم .

([172] ) صحيح [رواه ابن ماجه وغيره ، وانظر صحيح ابن ماجه برقم 2865] .

([173] ) صحيح [رواه النسائي وغيره ، وانظر صحيح النسائي برقم 4207].

([174] ) رواه مسلم وغيره .

([175] ) صحيح [رواه أحمد و ابن ماجه و غيرهما ، و انظر صحيح ابن ماجه برقم 4036] .

([176] ) متفق عليه .

([177] ) رواه البخاري وغيره .

([178] ) رواه البخاري وغيره .

([179] ) رواه مسلم وغيره .

([180] ) صحيح [رواه البزار و ابن حبان وغيرهما ، و انظر الصحيحة برقم 481] .

([181] ) متفق عليه .

([182] ) صحيح [رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم 4311] .

([183] ) رواه مسلم وغيره .

([184] ) صحيح[رواه الطبراني و غيره ، وانظر الصحيحة برقم 3305] .

([185] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، وانظر الصحيحة برقم 1762] .

([186] ) صحيح [رواه ابن ماجه ، وانظر صحيح ابن ماجة برقم 3280] .

([187] ) صحيح [رواه ابن أبي شيبة و أحمد وغيرهما ، وانظر الصحيحة برقم 2768 ] .

([188] ) صحيح [رواه الطبراني  وغيره ، و انظر الصحيحة برقم3061] .

 

([189] ) القرطبي ، مرجع سابق ذكره ، [13/360]  .

([190] )الطبري  ، مرجع سابق ذكره ، [م10/ج20/10] .

([191] ) القرطبي ، مرجع سابق ذكره ،[13/234] .

([192] ) ابن كثير ، مرجع سابق ذكره ،[374].

([193] ) سيد قطب ، في ظلال القرآن(بيروت،دار الشروق،ط4/1977م) ، [5/2667] .

([194] ) محمد الغزالي ،مرجع سابق ذكره ، [ ص 224] .

([195] )  أبوبكر الجزائري ، مرجع سابق ذكره ،ص337.

([196] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، وانظر الصحيحة برقم 322] .

([197] ) عبد الله بن سليمان الغفيلي ،أشراط الساعة(السعودية،وزارة الشؤون الإسلامية ،ط1/1422هـ) وقال : [ منحة المعبود ترتيب مسند الطيالسي ( 2 / 220 ) ، وأخرجه الحاكم ( 4 / 484 ) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، وهو أبين حديث في ذكر دابة الأرض ولم يخرجاه ، وتعقبه الذهبي بقوله : ( تركه أحمد ) ، ويقصد الذهبي طلحة بن عمرو الحضرمي ، وهو رجل ضعيف في سند الطيالسي والحاكم ، قال عنه ابن معين : ليس بشيء ، ضعيف . انظر : تهذيب التهذيب ( 5 / 23 ، 54 )] ؛ ووجه الدلالة من هذا الحديث قوله : وهي ترغو والرغاء للإبل . ‘‘ ،[201-202] .

([198] ) عزاه غير واحد لابن أبي حاتم في تفسيره ، وانظر: ابن كثير ، مرجع سابق ذكره[3/376]

([199] ) القرطبي ، مرجع سابق ذكره ،[13/236] .

([200] ) القرطبي ، المرجع السابق[13/236].

([201] ) ذكره عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري أبو محمد في "غريب الحديث[2/604]" مطبعة العاني – بغداد ،ط1 ، 1397 ، والخطابي ؛ حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي أبو سليمان- بصيغة التمريض إشارة إلى ضعفه- في "غريب الحديث[1/153]"، جامعة أم القرى - مكة المكرمة ، 1402، والنووي في شرحه على مسلم .

([202] ) الغفيلي ، مرجع سابق ذكره ،ص 208.

([203] ) المرجع السابق ، ص 210 .

([204] ) عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان(الرياض، دار السلام، 

     ط1/1422هـ )[2/323].

([205] ) رواه مسلم .

([206] )  عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ فَإِنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً وَفِى الآخَرِ دَاءً » [رواه البخاري وغيره] و هذا ما أثبته العلم الحديث ! .

([207] ) متفق عليه .

([208] ) متفق عليه .

([209] ) متفق عليه .

([210] ) رواه مسلم وغيره .

([211] ) صحيح[أخرجه الحارث بن أبي أسامة في" مسنده "،انظر الصحيحة 2236] و أصله في مسلم .

([212] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، الصحيحة برقم 2182] و هو في الصحيحين باختصار.

([213] )  أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ، انظر الصحيحة 2733 ، وهو في الصحيحين باختصار.

([214] ) صحيح[رواه أبو بكر الأنباري في " حديثه " ، و من طريقه رواه الديلمي ، الصحيحة1926 ].

([215] ) السلسلة الصحيحة برقم [3208].

([216] ) ابن كثير ، مرجع سابق ذكره ، [ 1/ 366].

([217] ) المرجع السابق [ 1/ 366].

([218] ) رواه البخاري وغيره .

([219] ) الإمام أحمد بن حنبل ، مرجع سابق ، ص 72  .

([220] ) محمد بن عبد الرحمن الخميس ، اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث(السعودية،وزارة الشؤون

      الإسلامية1419هـ) ، ص 148.

([221] ) صحيح لغيره [رواه الترمذي  وغيره، صحيح الترغيب 3698] .

([222] ) حسن لغيره[رواه أحمد وغيره ، صحيح الترغيب3700] .

([223] ) القرطبي ، مرجع سابق ذكره ، [ م2/ 4 / 90].

([224] ) متفق عليه .

([225] ) صحيح[رواه أحمد وغيره ، وانظر صحيح الجامع برقم 14143] .

([226] ) صحيح [رواه أبوداود وغيره ، وانظر صحيح الجامع برقم 4408] .

([227] ) متفق عليه .

([228] ) أبو محمد حسن بن علي بن خلف البربهاري ،شرح السنة(القاهرة،المكتبة الإسلامية،ط1/1426هـ)،ص 11.

([229] ) صحيح [أخرجه الحاكم، الصحيحة 711].

([230] ) صحيح[رواه ابن ماجه وغيره ، الصحيحة2371] .

([231] ) صحيح [رواه البزار وغيره ، الصحيحة 1529].

([232] )عبد المحسن بن حمد العباد ، عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر (القاهرة ، مكتبة السنة ، ط1/

    1996م) ص 15،14،13.

([233] ) عبد المحسن بن حمد العباد ، المرجع السابق  ص 34 .

([234] ) السلسلة الصحيحة برقم (2236) .

([235] ) رواه البخاري وغيره .

([236] )  رواه مسلم وغيره .

([237] ) صحيح[رواه أبو داود وغيره، وانظر صحيح أبي داود برقم 1288] .

([238] ) متفق عليه  ، واللفظ للبخاري .

([239] ) أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي ،معين الأمة في معرفة الوفاق والخلاف بين الأئمة(المنصورة،دار اليقين 

      ،ط1/2007م) ، ص75.

([240] )  الطحاوي ، مرجع سابق ذكره ، ص 75 .

([241] )  محمد بن إسماعيل الصنعاني ، سبل السلام شرح بلوغ المرام(الأردن،المكتبة الإسلامية/بيروت،مؤسسة 

     الريان،ط1/1426هـ) ، ص330

([242] ) أبو عبد الله العبدري ، المواق ، التاج والإكليل لمختصر خليل [ 2/128].

([243] )   أبو الوليد محمد بن أحمد ، ابن رشد الحفيد ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد(بيروت،دار صنين) [1/227 ].

([244] ) محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ،المجموع في شرح المهذب [4/255] .

([245] ) محمد صالح العثيمين ، الشرح الممتع على زاد المستقنع [4/312-313] .

([246] ) المستدرك على الصحيحين : حديث 687 .

([247] ) السنن الصغرى : أحاديث رقم :557،556،555.

([248] ) السنن :حديث 1094 .

([249] )  عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ، المغني (بيروت،دار الكتاب العربي، 1403هـ) [2/33] .

([250] ) الطحاوي ، مرجع سابق ذكره ،ص75- 76 .

([251] ) حسن[رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم552].

([252] ) ابن رشد ، مرجع سابق ذكره ، [1/205] .

([253] ) الصنعاني ، مرجع سابق ذكره ، ص330-339 .

([254] ) رواه مسلم وغيره .

([255] ) انظر ، القرطبي ، مرجع سابق ذكره،[م10/141] .

([256] ) القرطبي [م2/ص129] ( 3-4 )

([257] ) المرجع السابق ، [م 10/20/141-142] .

([258] ) ابن كثير ، مرجع سابق ذكره ، [4/356] .

([259] ) حسن [رواه الترمذي وغيره ، وانظر صحيح الترمذي برقم 1084] .

([260] ) محمد بن المختار الشنقيطي ، آراء الترابي من غير تشهير ولا تكفير، ص20

([261] ) الفاتح علي حسنين محمد ، محنة الأقليات المسلمة في بولندا –بلغاريا- اليونان (الخرطوم ، شركة السودان

     لمطابع العملة، ط1/ 2007م) ، ص107 ،113.

([262] ) محمود شلتوت ،الفتاوى(دار القلم ، ط3)  ص276 .

([263] ) المرجع السابق ،  ص279 .

*  حفظ الدين وحفظ العقل وحفظ النفس وحفظ النسل (العرض) وحفظ المال .

([264] ) محمد سليم العوّا ، النظام الإسلامي و وضع غير المسلمين (الخرطوم ، شركة القرافك ، 1409هـ)ص5

([265] ) رواه البخاري وغيره .

([266] ) أبو إبراهيم الكتبي هشام بن محمد ، هل فرحت بالشيعة (القاهرة ، مكتبة أحمد بن حنبل ، ط1/ 

     2006م) ص14.

([267] ) ربيع بن هادي المدخلي ، من هم الإرهابيون أهم السلفيون أم الروافض (القاهرة ، دار الإمام أحمد ، ط1 /

     2007م) ،ص90 .

([268] ) مانع بن حماد الجهني ، مرجع سابق ذكره ، [1/55]

([269] ) ربيع بن هادي المدخلي ، مرجع سابق ذكره ، ص67-68 .

([270] ) مانع بن حماد الجهني ، مرجع سابق ذكره ، [1/392] .

([271] ) المرجع السابق ، [1/55].

([272] ) حسين الموسوي ، لله ثم للتاريخ ، ص 80-90 .

([273] ) موسى الموسوي ، الشيعة والتصحيح : الصراع بين الشيعة والتشيع(1978م)  ، ص93 .

([274] )  حسين الموسوي ، مرجع سابق ذكره ، ص 98 .

([275] ) أبو عبيدة مشهور حسن آل سلمان ، القول المبين في أخطاء المصلين (الرياض ، دار ابن القيم ، ط2/ 

    2002م) ،  ص60-61 .

([276] ) مانع بن حماد الجهني ، مرجع سابق ذكره[1/55،136] .

([277] ) المرجع السابق ،  ص 54.

([278] )  المرجع السابق ،  ص 54-55 ، بتصرف .

([279] ) د. حسن عبد الله الترابي ، السياسة والحكم(بيروت ، دار الساقي ،ط2/2004م) ، ص 176/ 177 .

([280] )  رواه البخاري وغيره .

([281] ) متفق عليه .

([282] ) صحيح [رواه أبو داود وغيره ،وانظر صحيح أبي داود برقم 4502] .

([283] ) صحيح[رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح الترغيب برقم 2389] . 

([284] ) متفق عليه .

([285] ) صحيح [انظر صحيح أبي داود برقم 4355].

([286] ) صحيح[رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم 4361].

 

([287] ) د. إبراهيم بن عامر الرحيلي ،  التكفير وضوابطه(القاهرة،دار الإمام أحمد،ط2/1429هـ) ، ص144 ، 

     القرطبي ، مرجع سابق[3/ 47].

([288] ) الرحيلي ، المرجع السابق .

([289] ) المرجع السابق ص144 / القرطبي ، المرجع السابق ص47.

([290] ) الرحيلي ،ص144 ، الطحاوي ، معين الأمة ، ص249

([291] ) المرجع السابق ، الرحيلي ، المرجع السابق .

([292] ) صديق حسن خان ، الروضة الندية شرح الدرر البهية(القاهرة ،دار العقيدة،ط1/1422هـ) ،[2/465].

([293] ) السيد سابق ، فقه السنة(بيروت ، دار الفكر ، ط4/1983م)  ،[3/355].

([294] ) المرجع السابق ،[ 2/387] .

([295] ) محمد متولي الشعراوي ، أنت تسأل والإسلام يجيب(القاهرة ، دار المسلم1982م) [2/52] .

([296] ) أحمد زين ، حوار مع الشيخ الشعراوي(القاهرة ، المختار الإسلامي ، ط1/ 1977م)ص82   .

([297] ) سيد قطب ، مرجع سابق ذكره ، [1/228].

([298] ) تقدم تخريجهما باللفظ .

([299] ) محمد الغزالي ، هذا ديننا(بيروت،الدار الشامية،ط1/1999م)، ص189-192.

([300] ) صحيح [ رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح الترغيب  برقم 2422]

([301]  ) ضعيف [ضعيف الترمذي برقم  244] .

([302] ) المستدرك على الصحيحين ، [4/401] .

([303] ) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، [3/641] .

([304] ) صحيح [رواه أبو داود وغيره ، وقد رواه البخاري مختصراً] .

([305] ) ابن كثير ، مرجع سابق ذكره [3/81] .

([306] ) القرطبي ، مرجع سابق ذكره ،[ 5/10/393] .

 

([307] ) صحيح لغيره [رواه الطبراني ، وانظر صحيح الترغيب برقم 2367] .

([308] ) متفق عليه .

([309] ) رواه مسلم .

([310] ) متفق عليه .

([311] ) رواه مسلم .

([312] ) الصنعاني ، مرجع سابق ذكره ، ص 983.

([313] ) رواه مسلم وغيره .

([314] ) صحيح دون " لعله..." [رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم492].

([315] ) متفق عليه .

([316] ) رواه مسلم وغيره .

([317] ) متفق عليه .

([318] ) متفق عليه .

(*) لأن سورة النور ورد فيها  (وليشهد عذابهما ) أي الجلد.

 

([319] ) متفق عليه .

([320] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، وانظر الصحيحة برقم  65].

([321] ) متفق عليه.

([322] ) رواه مسلم وغيره .

( [323] ) هناك حديث (تسحروا فإن في السحور بركة) ، والصحفية قد التبس عليها الأمر.

([324] ) البخاري ـ مسلم ـ أبو داود ـ الترمذي ـ النسائي ـ ابن ماجه .

([325] )  متفق عليه .

([326] ) رواه مسلم وغيره .

([327] ) صحيح [رواه الطيالسي وغيره ، وانظر صحيح الجامع برقم 4050] .

 

([328] ) صحيح[رواه أبو داود وغيره ، و انظر صحيح أبي داود برقم 25].  

([329] ) متفق عليه .

([330] ) متفق عليه .

([331] ) رواه البخاري وغيره .

([332] ) متفق عليه .

([333] ) حسن[رواه الحاكم وغيره ، وانظر الصحيحة برقم 2478].

([334] ) رواه مسلم وغيره .

([335] ) صحيح [رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح أبي داود برقم 1330].

 

([336] ) متفق عليه .

([337] ) متفق عليه .

([338] ) رواه مسلم وغيره .

([339] ) صحيح  [رواه الترمذي وغيره ، و انظر صحيح الترمذي برقم 2749] .

([340] ) متفق عليه .

([341] ) صحيح [أخرجه الترمذي في الشمائل ، وانظر مختصر الشمائل برقم 77].

([342] ) صحيح [رواه البغوي والطبراني ،و غيرهما ، وانظر الصحيحة برقم 633].

([343] ) رواه البخاري وغيره .

([344] ) صحيح [رواه أحمد وغيره ، وانظر صحيح الجامع برقم 8776] .

([345] ) صحيح[رواه أبو داود وغيره ، وانظر صحيح سنن أبي داود برقم 4848]

 

([346]) مانع بن حماد الجهني ، مرجع سابق ذكره ،[1/64]

([347]) مانع بن حماد الجهني ، مرجع سابق ذكره ، [1/72-73] بتصرف .

 

========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب جواهر القرآن {أبو حامد محمد بن محمد الغزالي}

  جواهر القرآن أبو حامد محمد بن محمد الغزالي بسم الله الرحمن الرحيم الفصل الأول في أن القرآن هو البحر المحيط وينطوي على أصناف الجوا...